Friday, December 28, 2007

لتوسيع "رقعة" المشاركة!

رأيت في مختتم هذا العام أن أنهيه بخبر "يضحَّك"!

مفاد الخبر.. اسمعوا وعوا .. أن الوزارة "وافقت" على نشر لعبة الشطرنج في المدارس.. وطبقاً لمتن الخبر فإن الوزارة ستتعهد بـ "توفير الأماكن اللازمة لممارسة اللعبة وتوفير الاجهزة والمعدات وإقامة الدورات التدريبية والمسابقات وتحمل نفقات ومكافآت الطاقة البشرية اللازمة لتنظيم البطولات الاقليمية والقارية والدولية"..

أسمع كلامك أصدقك..

بالفعل .. لعبة الشطرنج تساعد على زيادة التفكير المنطقي لدى الطلاب خصوصاً من لا يزال يهتم منهم بالتفكير خروجاً من دائرة الصم المميت ، كما أنه يجب أن يكون هناك دور للرياضة في حياة هذه المرحلة السنية بعد أن استأثرت السايبرات بوقت شريحة كبيرة منها.. ولكن..

ولكني كمصريين كثر ، لديهم "هُسهُس" من هذه النوعية من التصريحات والمشاريع ، لا يزال لدي شك أن الغرض من هذا كله هو مجرد البروباجاندا ، قد يحاول البعض التخلص من هذا "الهُسهُس" البطَّال لكنه لا يستطيع خاصةً وأنه لا يرى بأم عينه شيئاً يحدث على الأرض ، وربما يرجع ذلك إلى مشكلة في النظر تتطلب الذهاب إلى طبيب عيون امتياز ممن لا يزال يصدق أن كادراً خاصاً بانتظاره ، أو إلى مشكلة في التفكير قد تستلزم إجراء عملية "استئصال مخ".. وهي عملية مكلفة وموجعة لصعوبة إيجاد "مخ" بديل ماركة "الهلال والجمل".. حزبوطني التقفيل .. بهي الصورةِ والمنظر!

وخير دليل على إصابتي بهذا "الهُسهُس" هو هذه العفاريت التي يمكن تلخيصها في النقاط التالية:

1-كنت لأصدق فعلاً هذا الخبر ما دام هناك اتجاه حقيقي لدى الوزارة لحث طلاب هذه المرحلة على ممارسة أي فعل رياضي أو ثقافي يخرج هؤلاء الطلاب من الاستغلال "السيء" لـ"وقت الفراغ" - إن وجد طبعاً- خاصةً وأن محاولات الوزارة السابقة في مشاريع "الأبحاث" التي تقررها على الطلبة لم تثمر أي نتيجة (لأنها تتم بطريقة "كبه" الشهيرة)!

2-يبدو أنه داء متأصل في وزارة التعليم أن تمارس تفكيراً لا يمت للعلم بأدنى صلة ، فهم الذين تحدثوا إبان الحقبة السرورية المقبورة عن "التعليم الأساسي" بدون توفير بنية أساسية أو معامل ، وخرجت النتيجة النهائية مسخاً مشوهاً لا معالم له ، وهو ما ينطبق حرفياً على ما قيل في نفس الخبر عن "نشر الرياضات التقليدية".. (والرياضة في المدارس من الملفات التي سيتم فتحها هنا بإذن الله في العام القادم)..

3-لنفترض أن المعني بالفقرة الأخيرة هو "الشطرنج".. ما هي "الأماكن" المخصصة لممارسة الشطرنج ، وكذلك الأجهزة والمعدات؟

على أيامنا كانت هناك ممارسة فعلية للعبة الشطرنج ، ممارسة حقيقية وإن لم تكن على شكل نظامي أو بتعليمات من جناب الرابسو الأعظم ، أي "رقعة" شطرنج صغيرة على أي مسطح مستوي وعيش حياتك.. وكان في دفعتنا لاعبون متمرسون على حق.. وتقول مذكرات بعض أفراد الأجيال الأقدم من المعتقلين السياسيين أن لعبة الشطرنج حظيت بينهم بشعبية كبيرة لكسر "الملل" الذي عانوه داخل المعتقلات!

إذن .. يبدو أن الغرض من هذه الخطوة الجرئية قد يكون "كسر" حدة الملل داخل النظام التعليمي المدرسي المصري (والشطرنج قد يكون أقوى من "ميلودي" في تحدي الملل كما يرى البعض) ، أو لتوسيع "رقعة" المشاركة المجتمعية التي يحدثنا الرجل عنها منذ توليه إلى الآن..(ما توسعوهاش قوي لَحسن تتقطع زيادة)!

لاحظوا أن الحكومات المتعاقبة لم تفرض -إلى الآن- ضرائباً على الكلام .. خاصةً كلامها هي.. وسمعني سلام : كش ملك!

Monday, December 17, 2007

المهرجان السري لتطوير "المحروسة"!

قبل أسابيع دعا وزير التعليم لمؤتمر قومي حول المحروسة الننوسة الثانوية الغامة..

قد تكون الفكرة جيدة من حيث المبدأ ، فمعالجة الأمور في التعليم المصري أكبر من مجرد وزارة التربية والتعليم ، وتحتاج مشاركة مجتمعية - بحق وحقيق وليست ماركة الوزير- لكن ما يثير التشاؤم هو الخبرات المصرية السابقة حول المؤتمرات القومية .. فتلك المؤتمرات تحولت إلى ما يشبه هوس المهرجانات في مصر ، مهرجان الإعلام العربي ومهرجان المسرح التجريبي ومهرجان المش عارف إيه .. كل علاقة الرأي العام بهذه المهرجانات كام صورة وكام خبر "أهبل" تفيد بأن السيد فلان والسيد علان والخبراء والمتخصصون تجمعوا وناقشوا وجلسات ساخنة وجلسات باردة .. واتعشوا!

وقبل أن يثور الجدل حول جدية المؤتمر المزمع من عدمه ، نفاجأ بالمصري اليوم تنشر خبراً غريب الشكل مفاده أن وزير التعليم قد اجتمع سراً بوزير التعليم العالي لمناقشة مسودة تطوير قسم تاني حارسها.. أما مبرر ذلك فأنشره كما ورد بالصحيفة ..

سرية الاجتماعات ترجع إلي دقة الموضوع ومساسه بكل أسرة، ومن ثم فإن الحديث عنه، من جانب وسائل الإعلام دون دقة، يمكن أن يؤدي لحالة احتقان ورفض للمشروع، دون أن يأخذ حقه في المناقشة

يا حلاوة المولد .. ما دام الموضوع دقيق للغاية ويمس كل أسرة فلماذا أردتم أن يناقش في مؤتمر؟ وطالما أنكم من عشاق السرية فلماذا كل هذه الجعجعة والحنجرة الفارغة عن "المشاركة المجتمعية"؟ أم أن المشاركة المجتمعية لا تحلو إلا على طريقة "فتحي سرور" .. نفذ وبعدين اعترض؟ وما دامت وسائل الإعلام ليست ثقة فلماذا تم تسريب أخبار "الاجتماع السري" عن طريقها بهذا الشكل؟

توقعي الشخصي أن الوزير سيسير في الخطين معاً ، الخط السري والخط العلني ، وربما نسمعه في أي من البرامج السخيفة إياها وهو يقدم لنا مصطلحاً جديداً اسمه "المشاركة المجتمعية السرية" في تطوير الثانوية!

في ستين ألف داهية كل الشعارات ما دام لا شيء يحدث على الأرض .. ما دام أصحابها لا يحتفظون بها سراً لأنفسهم بدلاً من إزعاج الرأي العام بطحنٍ بلا طحين..

Thursday, December 13, 2007

يا مدعوم بالقوي يا انت!

عروستي..

هو شيء مدعوم ككل مدعوم في هذا البلد المسكين ، شيء يتم وضعه بـ"لكلكة" وكربسته بـ"كروتة" و"طلسأته" بذمة وضمير .. يقال دائماً أنه يصل لمستحقيه .. مثل كل ما هو مدعوم.. يصل آه .. لمستحقيه.. شوف انت بقى!

فمثلما يقف المئات كل يوم على طوابير الخبز ، ويا عالم إن كانوا حيعرفوا يجيبوا منه للأكل ولا لأ ..ونجد من يشتري بـ"الخمسة جنيه" ليطعم بها الدجاج ، نجد "هذا الشيء" وقد تم تفصيله إلى كتب خارجية ومذكرات وتوقعات وحمشتكانات ، مثلما خبز البني آدمين هو أرخص طعام للطيور ، هذا الشيء هو أبسط مصدر للدروس الخصوصية!

حقيقةً لهذا الشيء عشرات الاستخدامات الأخرى غير الدروس الخصوصية والمذكرات ، فهو وسيلة فعالة لتعليم النشء الصاعد رفع الأثقال، ووسيلة فعالة للتعبير عن الرأي عن طريق الشخبطة على الطريقة العجرمية ، ومعين لا ينضب لأوراق "قراطيس" اللب ، والطعمية!

هو ما يجب ألا تقرأ إلاه ، وما يجب ألا تحفظ إلاه.. هو حزبوطني بيروقراطي رابسوماتيكي بلا أخطاء من وجهة نظر ملكلكيه ومكروتيه ومطلسئيه حتى ولو وصلت منه نسخ مغلوطة بالآلاف، ودي مش مشكلة لأنه حيتطبع تاني على حساب "ساخيب الماخيل"!

هذه ليست فزورة ، أنتم تعرفون الشيء المذكور أكثر مما أعرفه..وتسكت الميديا عن سهو أو عن عمد أو عن استعباط على ما يحدث له دون محاولة لإصلاح حاله المدردر ومساره المدندر.. ولا يهم ساسة أو أحزاب أو أعضاء برطمان.. هية يعني كانت بلدهم يا خيّ.. وسك ع الـ BOOK!

Monday, December 03, 2007

لمن سأترك الدكان؟

أشهر من ورَّث "الكار" هم الحرفيون..ولهم أسبابهم المقنعة جداً .. فالفقر الذي لازم صغار الحرفيين لعقود حتى وقت أن كانت لهم "طوائف" ترعى مصالحهم (أو هكذا كانت تبدو) دفع الحرفي الأب للبحث عن شيء يختصر على أبنائه رحلة الشقاء -إن كان غنياً- أو عن شيء لا يتركهم فريسة للفقر المدقع-إن كان فقيراً.. كما أن "الكار" كان يبدو لهؤلاء على مدى فترات طويلة هو الشيء الوحيد الذي يستطيعون عمله لكسب العيش..كما أن الفكرة السائدة في مجتمعنا عن الإنجاب تؤكد على ضرورة أن يكون الابن سنداً ومعيناً لأبيه عندما يتقدم في السن وعليه فيكون من باب أولى أن يعمل الابن إلى جوار والده في نفس "الكار"..

ومع تغير الحال ، وتغير التوزيع الطبقي في مصر ، واندثار بعض الحرف ، وانتشار التعليم أحجم العديد من الحرفين عن توريث مهنهم بل نفروا من تلك العادة ، فمن اغتنى منهم أصبح معه من المال ما يجعله يفكر في تعليم "متميز" لأبنائه ليحصدوا به مكانة اجتماعية فشل الآباء في حصدها طوال حياتهم ، ومنهم من استنار فرأى أنه من حسن الفطن عدم توريث الكار .. وترك الاختيار لجيل الصغار..

هذا عن الحرفيين ، البسطاء في مستواهم التعليمي والثقافي وكل الاحترام لهم.. لكن ماذا عن أساتذة الجامعات الذين يورثون أقسامهم ، وكلياتهم ، وتخصصاتهم لأبنائهم توريثاً؟

ما هو الدكان الذي سيتركه هؤلاء لأبنائهم؟ وأي نوع من "المرمطة" التي سيوفرها هؤلاء عليهم؟ مرمطة الحفظ أم مرمطة الصم أم مرمطة البحث؟

أتفهم أن يكون ابن السباك سباكاً ، وابن النجار نجاراً ، للأسباب السابقة مضافاً إليها أن هذه المهن قد تتطلب مواصفات بدنية خاصة يمكن للوراثة أن تلعب فيها دوراً.. لكن ما هي المواصفات العقلية الاستثنائية التي يرثها "كل" أبناء أساتذة كليات الطب -على سبيل المثال لا الحصر- كي ينبغي عليهم أن يدخلوا نفس السلك؟

أعرف أن الحرفي الابن يدخل الورشة مع الوالد ويتعلم منه ويتلقن "أساسيات الصنعة" ويعمل في الورشة أو الدكان من سن صغيرة ، هل هذا يحدث بالنسبة للأكاديميين الجامعيين والمهنيين ذوي الأصول الجامعية؟ (يعني تروح عيادة دكتور سنان تلاقي المحروس ابن الدكتور هو اللي بيطهر "العدَّة" مكان التمرجي؟)

هل لا يكفي -لمن تمطع بالسلطة في الحرم الجامعي وخارجه-لأن يقال لابنه "ابن الدكتور فلان" "حاف" كدة.. بل يجب أن يكون "الدكتور ابن الدكتور فلان"؟

كيف ينظر المورِّثون في الجامعة ، ويُنَظِّرون للديمقراطية ، وحروق الإنسان ، وتداول السلطة والطحينة فيمَ -لولا بقية من حياء- يقسمون المناصب الجامعية كتركات لأبنائهم ويتقاتلون عليها تقاتل الأسود الجائعة على فريسة ميتة؟

Sunday, November 25, 2007

أعلى مستوى!

مائة عام تمر على إنشاء جامعة القاهرة .. وعلى هامش هذه الاحتفالية يحلو للعديد من قادتها التذكير بأنها -تحت إدارتهم طبعاً- على "أعلى مستوى" .. بدليل أنها ضمن أفضل خمسمائة جامعة على مستوى العالم .. والتصريح لرئيس الجامعة كما نشر بعدة وسائل إعلام..

وعبارة "أعلى مستوى" صارت تصيبني بالقرف ، فهي تطلق في كل قطاع تحدث فيه كارثة ، وصارت تستخدم اعتباطاً من قبل الفشلة والفاسدين واللصوص لإظهار أنفسهم بمظهر البطولة الزائفة .. ولم يعد يصدقها "عمياني" إلا السذج.. وعادة ترتبط بإكليشيهات مجاذيب الحسين من عينة "مصر مستهدفة" و "اتقوا الله في مصر"و "أيدي خبيثة" و...و....

سواء قالها مسئولو الجامعة صراحةً أو ضمناً ، المشكلة أعمق من ذلك .. فناهيك عن أن هذه الشهادة لأعرق الجامعات المصرية في العصر الحديث "فشنك"..لماذا يصر هؤلاء على استجداء أي شهادة من الخارج للتأكيد على جودة الخدمة الجامعية من عدمها؟

ربما لتذكيرنا أن الجامعة "على أعلى مستوى" .. وان احنا "اللي مبنعرفش نتعلم".. قد يكون النصف الأخير من العبارة صحيحاً بسبب معتقدات مجتمعية وجدت من يستفيد من إثرائها في الشارع وحتى في دوائر صنع القرار .. لكن من الصعب جداً في نفس الوقت أن أقتنع بنصف العبارة الأول..أبناء جامعة القاهرة يستطيعون توضيح تلك الجزئية بشكل أفضل مني بحكم كوني -حيالله- خريج لجامعة إقليمية تتبع الجامعة المصون!

يا فرحتي بجامعة تحتل ترتيباً متقدماً ضمن أحسن عشر جامعات في العالم (لو فرضنا) .. بينما تخرج إلى سوق العمل - كمثيلاتها في هذا البلد المسكين- آلافاً يضافون إلى طوابير العاطلين بسبب سوء التعليم والتأهيل والانشغال بانتخابات اتحاد الطلبة وانتخابات اتحاد الكرة وتسييس التعليم الجامعي وحزبوطنته..وتعيش في عزلة عن المجتمع المحيط لا تتناسب مع حجم النفقات التي تنفق عليها .. لا وإيه .. حالها يعتبر أفضل نسبياً من حال جامعات الأقاليم البعيدة عن عين الحكومة وعين العفريت حتى..

جلد الذات مرفوض ، وخداع الرأي العام مرفوض أيضاً وبشكل أشد.. وننتظر من هؤلاء ومن غيرهم فعل شيء يحرك المياه الراكدة ويجعل الناس تثق فيهم وفي تصريحاتهم قبل انتظار شهادة من هنا أو من هناك.. دمتم بألف خير..

Thursday, November 22, 2007

جدول "الضرب"

لكلمة "الضرب" عدة معان.. لكن في مصر لها معنى مميز يختلف عن أمثاله في كل بلد ينطق بلسان الضاد .. وهو التزييف.. فنقول : جواز سفر مضروب ، أي جواز سفر مزور وملعوب فيه..

والتعليم عندنا من أهم ساحات الضرب .. وكله طبعاً خاضع للفهلوة وفتح عينك تاكل ملبن وما إلى ذلك..

فضرب كتاب خارجي من أسهل ما يمكن .. كل ما عليك فعله هو تجميع عدد من أسئلة الامتحانات على مدى "السبعتاشر تمناشر" سنة الماضية ، بعد "كَبّ" كتاب الوزارة أو 90% منه .. وكان الله بالسر عليماً..ويدخل في ذلك أيضاً سبوبة الملاحق التعليمية في الصحف الحزبوطنية والمعارضة وربما المستقلة ..

وضرب مذكرات المدرسين أسهل بكثير.. إذ يمكن لأي مدرس عمل مذكرة متينة "مقلوظة" يبيعها بالشيء الفلاني عن طريق الضرب العشوائي لعدة كتب خارجية في الخلاط علقة موت!

وفي الجامعة لا تتوقف مسيرة الضرب المباركة ، فمسألة الملخصات تحولت إلى احتراف لدى بعض الطلبة والمعيدين وبعض الأسر الطلابية التي توفر لك خدمة المختصر المفيد من منهج الدكتور الفريد.. وقد صادفت منها ما صادفت بحكم المشاركة وبحكم العمل أيضاً.. ومع ظهور النت ظهرت موجة ضرب الأبحاث وكبها ، وكيف لا طالما أن رسائل الدكتوراة قد تتعرض هي الأخرى للضرب و"التمييز" .. فمن الطبيعي أن يرقص أهل البيت طالما أن ربة البيت فيفي عبده!

متى ستتوقف تلك "الشكلة" التي نعيش فيها؟

Saturday, November 17, 2007

المعلومات .. والمعلوم بالضرورة!

عبثية الإحصائيات في مصر تذكرني بهوجة أفلام المخدرات في الثمانينيات من القرن المنصرف ، حيث يعرف الجميع- باستثناء البوليس - أن "سيناً" من الناس يتاجر في "الصنف".. ما علينا..


لكي تتبعوا الخط إلى نهايته .. ستجدون أن السبب يعود إلى الطريقة التي يتم بها تدريس الإحصاء.. دعكم من الإحصاء في الثانوية السامة ، ففي تلك الشهادة الملعونة تكاد لا تشعر بوجودها (علماً بالقول المأثور لوردة "يوووووه يووووه هوة فيه حد النهاردة بيفتكر") حيث يمكن الحصول على درجات نهائية فيها بأقل مجهود ممكن وبمساعدة محدودة من المسيو حصص "قاهر الرياضيات بكافة أشكالها وجايب درفها"!


ستتعامل مع الإحصاء بشكل أكثر توسعاً بمجرد دخولك كلية التجارة ، وهي التي تصنف كإحدى كليات "قعر الحلة" .. أسوة بكليات الحقوق والعلوم والآداب والتربية والزراعة (الله يرحمها ويحسن إليها)..


وستستعيد حتماً في تلك الكلية كل الذكريات الكئيبة التي تولدت لديك قبل دخول الجامعة عن تدريس أي مادة رياضية ، فتدريس الرياضيات بكافة أشكالها في نظام التعليم المصري هو وسيلة فعالة من وسائل التعذيب طويل الأمد ، حيث "تسرح بخيالك" مع مجموعة من الأرقام والعلاقات المتراصة بلا هدف واضح أو ضرورة حياتية .. ومن الممكن أن ترى ذلك حتى في المواد التي لا تتمتع بطابع رياضي صرف كالمحاسبة مثلاً!


المفروض.. أكرر : المفروض.. أن الإحصاء مثل المحاسبة .. كلاهما يعتمد على إجراء عمليات على البيانات الأولية لتحويلها إلى معلومات ذات فائدة .. المحاسبة تتعامل مع أرقام العمليات التي تقوم بها المنشأة لتحولها لمعلومات تعين على معرفة مركزها المالي وآفاق توسعها ومجابهة التهديدات المالية التي تواجهها.. كذلك الإحصاء الذي يعتمد على تحليل ومعالجة البيانات الأولية من عمليات المسح والإحصائيات إلى معلومات مفيدة لصانعي القرار.. هذا الكلام نعرفه .. ولكنا لا نراه في الممارسة والتطبيق..


وذلك يذكرني بقصة درسناها في التعليم الرابسوماتيكي قبل سنوات ، عن أحمد بن طولون الذي ترك ابنه جائعاً للغاية ذات يوم ، ولما أحس جوعه أمر خَدَمه فأتوه بطعام متواضع فأكل منه الابن بكل ما أوتي من قوة ، ثم أمرهم بن طولون بعد فترة بإعطائه طعاماً من أكل علية القوم فصُدَّت شهية الابن عنه.. وخلاصة القصة أن التركيز على صغائر الأمور يلهي الإنسان عن أكثرها أهمية.. وفي حالتنا هذه كل التركيز يوجه التركيز كل التركيز للبيانات لا المعلومات ، للمسائل لا لموضوعها..


فلكي تنجح ، "بحلق" في الأرقام والعلاقات ، ثم احفظ ثم "كربس".. حتى تنهي فترة إقامتك في "الأوبرج" على خير.. كبَّر دماغك الليلة دي معاك أنا.. حتشتغل إيه يعني لما حتتخرج؟ محاسب والعياذ بالله ، ولا إحصائي لا سمح الله؟


في البداية كان العبث متعلقاً بفكرة أن الخريج سيضمن وظيفة في القطاع الحكومي، حيث تسري أعراف الجهاز البيروقراطي العفنة ومن بينها "اربط الحمار مطرح ما يقول لك صاحبه" وبالتالي ستترسخ اللامبالاة لديه أكثر وأكثر.. أما الآن فتضاعف العبث خاصةً بعد أن أصبحت كليات التجارة-وغيرها- تخرج ألوفاً "لا" يعملون في مجالات دراستهم الأصلية..


لا تسألوني بعد ذلك عن إحصائيات المركز القومي للكباب والكفتة من عينة 250 مليون حالة زواج عرفي في مصر في السنة ، فالكل "مكبر دماغه" ومديها "كوتشي قديم".. كم معلومة يعني بنت مستشفيات أو مدارس أو أسهمت في تنوير الرأي العام دون تهويل أو تهوين؟ كام معلومة وصلت صاحب المال لقرار صحيح بخصوص ماله؟


لا تسألوني عن "مجتمع المعلومات" .. العبارة التي انضمت إلى أخواتها في سجل الرطانات السمجة.. فمن المعلوم بالضرورة أنه لا قيمة للمعلومات لدينا.. ولا نعرف معلوماً إلا ذلك الذي في العبارة التاريخية "قب بالمعلوم".. وسيظل الحال لدينا هكذا ما لم يتدارك النظام التعليمي ، ونحن معه ، هذه المصيبة قبل أن يفوت الأوان مثل كل مرة..عذراً للإطالة..

Friday, November 09, 2007

الحالة اسباجيتي يا سادة!

لا أميل إلى الوصف "الغريب" الذي أطلقه لا فوض فوه السيد علي الدين هلال على مصر بقوله أنها "تشبه البالوظة في حالة رجرجة".. فهذه المصطلحات الغريبة لا تستغرب في الحزبوطني.. لكن يمكنني وصف الوضع الحالي بضمير مستريح أنه يشبه الاسباجيتي..

والاسباجيتي في مصطلحات قواعد البيانات تعني قاعدة البيانات سيئة التنظيم بشكل يجعلها متشابكة ومعقدة ويصعب إن لم يكن يستحيل السيطرة عليها..

صحيح أن هناك أولوية قد يراها البعض زائدة عن الحد تُعْطَى لفصل الدين عن السياسة سببها وجود قوة سياسية "ما" على أساس ديني ، ووجود تهليل لنماذج سياسية قائمة بالفعل على أساس ديني (حزب الله والنظام الإيراني على سبيل المثال).. إلا أنه يوجد داخل الاسباجيتي المصري ألف شيء يستحق "الفرز" و"التجنيب" كما يقول المصطلح القانوني الشهير..

ومن ضمن هذه الأشياء السياسة والتعليم..

التعليم هو خدمة ندفع ثمنها جميعاً .. الحزبوطني والإخواني واليساري واليميني والمستقل والمسلم والمسيحي .. هذه الخدمة يجب في رأيي ألا تسيس..

لمن يدافعون عن تسييس التعليم سواء في المناهج أو في حرية دخول الأحزاب السياسية داخل الجامعات .. أود توضيح نقطة بسيييطة جداً.. أنه منذ العهد الناصري وعداد التسييس في كل شيء في الطالع ، خصوصاً في الأشياء التي لا يصح ، أو لا يفضل ، أو لا يُحَبَذ ، أن تُسَيَّس مثل الفن والتعليم .. وسرعان ما طال هوس التسييس من كل جانب سواء من الجانب الحاكم أو من جانب التجمعات والجماعات المناوئة للجانب الحاكم النقابات المهنية والفنية والجمعيات الأهلية وسيشق طريقه -بكل أسف-قريباً إلى الاتحادات الرياضية والأندية الكبرى..

ماذا كانت النتيجة؟

هذا التسييس المقيت هو شريك للبيروقراطية السياسية في التخلف والتدني الذي وصلنا له.. أقول ذلك بنفس راحة الضمير الذي وصفت بها الحالة المصرية بأنها اسباجيتي..

مع احترامي لما قالته زميلتنا المميزة بيلا في تدوينتها الأخيرة.. أنا بكل قوتي مع عدم تسييس التعليم كله سواء ما قبل الجامعي أو الجامعي .. وأرى أنه على كل القوى السياسية الخروج من الحرم الجامعي وأولها الحزبوطني وتنظيماته السرية داخل الجامعة.. وإذا كانت هناك مساحة للتسييس والاستقطاب فلها أماكنها خارج الحياة العلمية والجامعية..فالسياسة حتى وإن كانت تمس حياتنا كلها فإن لها حجماً لا يجب أن تتجاوزه..والله تعالى أعلم..

Tuesday, October 23, 2007

خد الفلوس الفلوس.. خد الفلوس واسكت!

أعترف أنه مهما وصل خيالي لأعلى درجات الشر في مسائل الكوميديا السوداء ، فإنه يعجز ويضمحل أمام هذه الواقعة..

زميلنا "مهندس مسلم" نشر تقريراً نقلاً عن البي بي سي يتناول فيه أحدث صيحات الدعاية التي يروج لها المعلمون في مرحلة ما بعد الكادر.. فضلاً عن مساخر أخرى أترككم معها .. كل منها موجع أكثر من الآخر..

وبالتأكيد أشعر بأن كل من سيقرأ التقرير بالتفصيل سيشارك مهندس مسلم سؤاله : هوة الكادر دة معمول علشان ينقص الدروس ولا يزودها؟

هذا الكادر يا سادة هو مجرد علاج سطحي .. مسكن ضعيف يوهمكم من وصفه أنه الترياق الشافي والعلاج الكافي لحال التعليم في مصر..

تلخيص مشاكل المعلمين في مصر في مجرد المادة هو قمة التسطيح ، شارك فيه عدد من الرابسوهات ووسائل الإعلام والمجالس المتعاقبة لنقابة المعلمين وطبعاً الساسة ، حيث أوهموا المعلمين وأوهمونا جميعاً بأنه إذا زيدت مرتبات المعلمين فسيتحسن التعليم في مصر.. ولم نحتج لمزيد من الوقت عقب تطبيق "سي الكادر" لكي نكتشف أننا خُدِعنا -كالمعتاد!

المسألة أعمق بكثير.. وتستأهل منا أن نحاول فهمها ما دام أبناؤنا واخوتنا هم من يتعلمون .. وما دام منا من يعلمون .. وما دام الكل يدفع ثمن هذه الخدمة من أموال الضرائب..

لقد تحول المعلم بفعل أكثر من فاعل إلى ممثل بليد .. كل ما يعرفه من سيناريو الفيلم أو المسلسل هو جمل الحوار التي يتفوه بها.. مجرد متكلم لا ممثل .. وكيف يمثل والمخرج الأكثر بلادة يقره على ذلك؟

أشعر أن المعلم فقط يحصل على توجيهات وتوصيات من توجيه المادة لـ"قول الكلام".. المنهج والمنهج فقط .. نص حواره المكتوب فقط وليس حركاته وسكناته التي لا يتم الدور إلا بها.. وليس على طرق تعليم وشرح .. أو أساليب في إدارة الحصة والتعامل مع الأعداد الكبيرة في الفصل .. هناك معلمون مخلصون حقيقيون يستشعرون أنهم يعملون وهم معصوبو العينين ويطلبون ذلك ويطالبون به على طريقة "وقد ناديت إذ ناديت حياً".. ولكن لا حياة لمن تنادي .. وهناك "آخرون" لن يحركوا ساكناً ولو أُعْطوا كل ما سبق وزيادة معه..وقد يرى البعض - ولهم كل الحق-أن هذا الفريق الأخير قد فهم اللعبة .. فالكادر رغم هزاله المادي قياساً على ما يدخل جيب المعلم في الدروس الخصوصية هو مجرد ثمن لسكوته على عدم توفر المتطلبات المذكورة وعلى زيادة الأعداد وتدهور الفصول (مع أن بعض مراكز الدروس الخصوصية توجد في أماكن لا تختلف كثيراً عن العشوائيات)..وعليه فالمستفيدون من تسطيح مشاكل التعليم في نقص مرتبات المدرسين يهمهم فقط أن يحصل المعلمون على رواتب يسكتون فيها على كل عوامل تدهور "العملية" التعليمية.. وطالما مفيش صوت يبقى مفيش مشكلة .. ويصبح من يتكلم عن أي مشاكل في التعليم "مغرض" و "مروج شائعات" يستحق التعليق على "الفَلَقَة" والجلد في ميدان عام!

إن هي إلا بضع سنوات .. وستفاجأون جميعاً بالجزء الثاني من فيلم الكادر الخاص.. الذي يعرض بنجاح ساحق -لنا- على شاشة التعليم في المحروسة.. فبعد أن يضج البعض بالكادر الخاص في جزئه الأول سيقومون باعتصامات وتظاهرات كما هي الموضة في مصر هذه الأيام و/أو "يعشم" سدنة الحزبوطني المعلمين بكادر تاااااااني (هوة قلبي لسة طاب م الأولاني).. وسندور في تلك الحلقة جميعاً كقطة تحاول أن تلعق ذيلها..

كل كادر أنتم بخير..
* العنوان مستوحى بتصرف من مسرحية "خد الفلوس واجري" في ثمانينيات القرن الماضي..

Sunday, October 07, 2007

وزارة المعارف عايزاه يتكلم.. الأسد يعني!

سألت تلميذة طفلة "نجيب الريحاني" في فيلم "غزل البنات" عن سر الجمل الحوارية التي ترد على لسان الأسد في موضوع قراءة -تقريباً القراءة الرشيدة اللي كان شغال أيامها قائلةً : "هوة الأسد بيتكلم؟".. فباغتها بهذه العبارة.. "أيوة بيتكلم .. بيتكلم.. وزارة المعارف عايزاه يتكلم"!

حسب علمي لم يحضر "الريحاني" العرض الأول لـ"غزل البنات" لسبب بسيط جداً وهو أنه توفي قبله.. ولو عاش إلى الآن لعرف أنه إذا كان الأسد يتكلم في المناهج الدراسية وقت عرض الفيلم لأول مرة - ومش عاجبنا - فإن الغابة كلها تتكلم الآن!

السبب في ذلك هو أن العملية التعليمية تم استغلالها لفرض "ذوق سياسي عام" وثقافة بعينها على مدار العهود السابقة وربما إلى الآن.. بشكل مباشر وغير مباشر..من مواضيع كتب القراءة إلى مواضيع مقررات اللغة الفرنسية إلى مواضيع التعبير والنحو .. ولا ننسى التاريخ.. وما أدراكم ما التاريخ الذي يتم فيه رفع أناس لعنان السماء .. وخسف الأرض بآخرين..

أنا عن نفسي أرى أن التعليم المصري مُسيَّس..ولا يَلقَ ذلك أي انتقاد رغم خطورته!

نعم هناك قيم إيجابية ثابتة لكل وقت يجب على التعليم أن يسهم في نقلها للصغار .. لكن هل إلى الدرجة التي يفرض فيها كل نظام سياسي ، أو كل شلة تطفو على السطح داخل النظام السياسي الواحد ، مزاجها السياسي على الجميع؟

المزاج الليلة اشتراكية نديها كمان اشتراكية .. الميول ناصرية نلعن سلسفيل كل ما هو قبل الثورة .. اتكلمنا عن الديمقراطية و (...) الحراك السياسي نطلق على حقبة ما قبل الثورة اسم "الحقبة الليبرالية".. وما دام المود "فكر جديد وعبور إلى المستقبل" رش شوية شعارات على ما قُسُم على وش الصحن..وقَسِّم يا بتاع البسبوسة وادي كل واحد حقه..

الغرض طبعاً هو إرساء مبدأ (إوعى تعيشهم عليَّا ..إوعى عقلك يوزك).. حتى لا يفكر أي شخص على الإطلاق بعد أن يشب عن الطوق في الانضمام إلى أي تشكيل سياسي غير الحزبوطني ، حتى ولو كان حزباً سياسياً من الذين يسميهم إعلام الحزبوطني "أحزاب شرعية"..

ثم يحدثونك عن الحراك.. وربما يطلبون من الأطفال اليافعين كتابة مواضيع إنشاء سخيفة عن سي الحراك..

دكتور رابسو يا معلِّم .. خلِّي الغابة تتكلم .. والعبي يا ألعاب!
على جنب:قلبي مع كل اللي شاف مسلسل "الملك فاروق" أو قرأ مراجع عنه بعد كل اللي درسه عن الراجل في التعليم الرابسوماتيكي.. أنا عارف إن الـ shock حيبقى شديد شوية .. بس حنعمل إيه؟

Wednesday, October 03, 2007

بسيوني يا فاشل .. يا فاشل يا فاشل!

هاجم الدكتور أحمد فتحي سرور، رئيس مجلس الشعب، نظام التعليم في مصر، ووصفه بأنه فاشل وناقص وأنه السبب في قيامه بإلحاق أولاده وأحفاده بالتعليم الأجنبي، وقال: «سأفجر قنبلة لو قلت لكم، إن أبنائي وأحفادي اتجهوا للتعليم الأجنبي، وكذلك فعل الكثيرون من أبناء النخبة في مصر، ليس حباً في هذا التعليم، ولكن هروباً من نظام تعليمي دون المستوي»، وأشار سرور خلال ترأسه الاجتماع المشترك للجنتي التعليم والثقافة بمجلس الشعب أمس، والذي كان مخصصاً لمناقشة قضية سلامة اللغة العربية، واستعادة المجمع اللغوي لدوره، إلي أن اللغة العربية ليست مجرد تركيبات لغوية ولكنها وعاء لقيم ثقافية للشخصية العربية، وطالب سرور لجنة التعليم بإعداد تقرير حول اللغة العربية، وتقديم اقتراح بمشروع قانون لتعديل قانون المجمع اللغوي. ونصح سرور فاروق حسني وزير الثقافة، بأن يعمل من أجل اعتماد اللغة العربية في اليونسكو حينما يصبح أميناً عاماً للمنظمة الدولية.

السابق هو تصريح العام ، أقوى من محمد سعد ومحمد هنيدي وعادل إمام!

أول ما يمكن فهمه من التصريح أن النظام التعليمي - قسم تاني المنصورة حارسه- قد فشل من تلقاء نفسه .. على طريقة أغنية الحلزونة "تفط تنط لوحديههِ .. من غير ما شيء يلعب فيههِ*"..وربما يفسد إذا ما تعرض للشمس أو الرطوبة أو الزلزال!

إذا كان النظام في العظام وفاشل يا بسيوني يا فاشل يا فاشل .. فماذا كان الرجل يفعل طيلة سنواته على الكرسي الرابسوي؟ وما هي إنجازاته إن وجدت وأمكن رؤيتها بالعين المجردة وليس بالميكروسكوب الإلكتروني؟

دكتور سرور.. أستحلفك بمن رفع السماء بغير عمد .. أن تتوقف عن الحديث عن التعليم وسنينه إلى الأبد!
*الأغنية غناها الفنان محيي إسماعيل في مسرحية "بياعين الهوا".. والحلزونة -والله أعلم-هي الاسم الذي كان القرويون -وقت تفشي الأمية ووصول الفجوة في البنية التحتية بين الريف والمدينة إلى أقصاه-يطلقونه على القطار أو الترام..

Sunday, September 30, 2007

اعتذار ..حار

مدين لكم باعتذار حار..

اعتذار عن التأخير في الكتابة لمدة طويلة في هذه المدونة ..تأخير لم أكن أقصده ولا أريده.. فالفترة السابقة شهدت عدم انتظام في التدوين عموماً باستثناء تدوينات قليلة كتبت كلها "على دفعات" في "الدين والديناميت" و "فُرجة""..

عموماً.. عدت برغبة بالكتابة والفضفضة عن أحوال معوجة وغريبة في التعليم في مصر .. الذي يفترض أنه يشكل شخصيتنا وأفكارنا وتوجهاتنا وتصرفاتنا.. عدت بأفكار وتساؤلات أتمنى أن تشاركونني فيها في الفترة القادمة بإذن الله..

وكل الشكر لمن سأل عن "التعليم أهه" خلال الفترة السابقة..وأعدكم بأن الآتي بعون الله أقوى من الماضي.. واستعنَّا على الشقا بالله.. :-)

Saturday, September 01, 2007

لانعدام التكافؤ

شئنا أم أبينا .. التعليم هو جزء من الوجاهة الاجتماعية في مصر ، نيشان يضاف إلى قائمة النياشين المعلقة على الحيطان أو على "عربية الكشري" كما في فيلم الأيدي الناعمة.. حتى لو اضطر صاحبها للعمل في وظيفة متواضعة للغاية لا تتناسب مع مؤهل "طفح الدَّم" من أجل نيله!

وبما أن التعليم جزء من البرستيج ، فإن تعليم عن تعليم يفرق.. في البداية كان جل الجامعيين ينظرون نظرة دونية لطلبة وخريجي التعليم الفني ، وفيما بعد بدأ الجامعيون ينظرون لبعضهم من تحت لتحت .. والجديد أن خريجي الجامعة الأمريكية ينظرون - هم- لطلبة وخريجي الجامعات بنظرة لا تقل عما سبق.. وصل الأمر إلى أن خريجة جامعة أمريكية طلبت الخلع من زوجها فقط لأنه من خريجي الجامعات الحكومية .. كما نشرت الصحف قبل أسابيع!

أفضلية التعليم العالي الحكومي على التعليم الفني جاءت مع ازدياد فرصة خريجي الجامعات من الاقتراب من النظام البيروقراطي المصري ، الذي كان يمثل هو قمة البرستيج في مصر في وقتها بحكم توفيره لفرص عمل يحظى صاحبها باحترام من قبل المجتمع.. (أما الآخرون حيالله سكرتارية وفنيين ونقاشين..الكلام دة قبل السبعينيات طبعاً عندما انقلبت الصورة رأساً على عقب)..رغم أن المجتمع يحتاج لأولئك وهؤلاء..

وكما جاء القرب من السلطة والوجاهة سبباً لتفضيل التعليم الجامعي على التعليم الفني ، جاءت المادة والوجاهة كسببين وجيهين لأفضلية كليات "الكمة" على كليات "الكاع" .. ففضلاً عن أن خريج هذه الكليات في الأصل جامعي ، لديه من الفرص لعمل مشاريع خاصة به ، أو لنيل وظيفة مرموقة في بلاد النفط ما لا يتوفر لغيره من خريجي الكليات "اليع" الذين أصبحوا يُشاهدون في كل أرجاء سوق العمل عدا تلك التي تخص ما تعلموه.. رغم أن تلك الكليات التي كان يُنظَر لها باستخفاف-ولا زال-توفر عمالة لقطاعات هامة وحيوية في الدولة .. فقط "سوء" الإدارة و "سوق" العمل وأشياء أخرى كثيرة لم تسمح باستغلالهم الاستغلال الأمثل..

ولا تتناسب رداءة التعليم الجامعي التي اتفق الكل عليها مع تلك النفسنة التي ولدنا بها ونتنفسها ونعدي بها بعضنا البعض.. حتى في ظل الواقع الجديد الذي صار فيه التعليم الأجنبي - مرة أخرى - جامعاً لمن يعرفون بـ crème de la crème أو زبدة المجتمع..

في الماضي كان التعليم الجامعي المصري جيداً قياساً على ظروف الماضي ، لكنه أخلد إلى الجمود والبلادة إلى أن فقد ظله .. ودخل في منافسة مع التعليم الأجنبي الذي ليس - كما يزعم الدكتور نصار عبد الله- لأصحاب الأموال ضعيفي المواهب ، وإنما هو نظام تعليمي مختلف يوفر لطلابه ما كانت الجامعة توفره ذات يوم!

ولأن التعليم قبل الجامعي صار مكلفاً بطبيعته ، ولأنه ليس لأغلب المصريين من الثروة ما يدخل أبناءهم الإيه يو سي .. فالحل أن تصبح الخيارات المتاحة للسواد الأعظم من الشعب خيارات محترمة .. أن يكون هناك تعليم جامعي محترم وسوق عمل عادل ومحترم حتى تنعدم تلك الفوارق وحتى لا يصبح التعليم عامل تفرقة جديد بين أبناء بلد واحد..

Thursday, August 30, 2007

بلد أموات صحيح!

هناك نوعية من الأخبار تستطيع أن تفتي من مكانك بأنها حبظلم بظاظا .. مثل إحصائيات ما يسمى بالمركز القومي للبحوث والإرهاب ، وهناك نوعية من الأخبار أصنفها كـ"دخان له نار".. تصدق حدوثه وتعتقد في وجود ما هو أسوأ منه..

من ذلك ما نشرته الدستور قبل أيام عن طالب في كلية الإعلام يواجه مصيراً مظلماً .. لا لشيء إلا لأنه استشهد في بحث أو في مشروع برأي لـ"الجبرتي" "يبدو" مناهضاً لـ"محمد علي"!

أنا شخصياً أصدق الواقعة..رغم التأكيد اللبق للدكتورة ليلى عبد المجيد عميدة الكلية أنها "لا تعرف شيئاً عن الواقعة" و سوف تحقق فيها.. فالتهريج في مصر في تقدم مستمر ومطرد ..

كان يمكن فهم وتفهم تلك الواقعة لو كانت الآراء التي جمعها الطالب من أي مصدر كان تنتقد شخصيات من التاريخ المعاصر كالرئيس الراحل جمال عبد الناصر ، أقله كان يمكن القول بأن الأستاذة التي قررت حرمان الطالب من الامتحان ذات ميول ناصرية متعصبة ، بما أن التعصب السياسي والديني عندنا لا يختلف كثيراً عن التعصب لكرة القدم.. لكن ما هو مبرر ما حدث؟

محمد علي مات وشبع موت .. ولا يزال شخصية خلافية حتى هذه اللحظة ..ومن حسن حظنا -وسوء حظ الطالب- أنه يمكن تجميع كل آراء من عاصروه ومن لم يعاصروه في سياساته الداخلية والخارجية ، سواء من رفعه منها إلى مصاف التقديس أو من خسف به وبداره الأرض أو حتى ما تعامل معه كمجرد سياسي كان له مشروع خاص به حاول تحقيقه وفشل..

محمد علي لم يكن شيطاناً مريداً ولا ملاكاً هبط من السماء.. لكن تقول لمين؟

في حال ثبوت صحة تلك الواقعة التي لا أستبعدها يتضح لكل ذي عينين أننا نعود للخلف ، وأن هامش الحرية الذي نفضفض من خلاله يتم "عضعضته" على يد أشخاص لا يعرفون كثيراً عما يفعلون .. اليوم أصبح جمع آراء تنتقد حاكماً توفي منذ 150 عاماً فقط جريمة تستحق إنزال العقاب بصاحبها ، غداً سيتم نصب المشانق لمجموعة من الناس قررت عمل فيلم عن محمد علي إن ثبت "ثقل دم" التناول على دم أشخاص أكثر "علوية" من الأسرة "العلوية".. وبعده يمكن أن نرى واحداً من الشلة إياها يطالب بسحب الجنسية المصرية من شخص "يختلف سياسياً" مع رمسيس الثاني.. فلا يزال الأموات يحكمون أفكارنا وتفاسيرنا ويحكموننا من قبورهم في التعليم والسياسة وحتى الفن.. وإلا فبماذا تفسرون أن أشهر مباني مصر قبور وأضرحة وأهرامات؟

Friday, August 24, 2007

هل كانت الثانوية -الصعبة- أكثر عدالة؟

كنت أنوي الرد على موضوع الزميلة العزيزة Bella القيم عن المجاميع الهرمونية في الثانوية الخاصة كمداخلة ، ثم قررت نظراً لضخامة الرد أن أخصص له تدوينة مستقلة..

جعلتني السطور التي كتبتها Bella أطرح سؤالاً هاماً .. هل كانت الثانوية العامة في نظامها قبل الجديد رغم صعوبة الحصول على مجاميع مرتفعة أكثر عدالة من ثانوية عامة إكس لارج يحصل فيه أي طالب وبسهولة على العلامة الكاملة .. الـ 100%؟

لنعد بالذاكرة إلى الوراء لنفهم كيف سارت الأمور..

اعتقد حسين كامل بهاء الدين أن سبب شكوى الناس من الثانوية العامة وضغطها العصبي يتمثل في صعوبة الحصول على مجموع ، بما أن التنسيق لا يجيد إلا لغة المجاميع اللازمة لدخول "كليات القمة" و الوجاهة الاجتماعية.. فافتكس نظام الثانوية العامة الجديد الذي بدأ العمل به مع العام الدراسي 1996-1997.. أي من حوالي عشر مواسم بالتمام والكمال..

هذا النظام "قَسَّط" الثانوية على قسطين ، عامين هما الثاني والثالث من المرحلة الثانوية ، واختزل عدد المواد في عدد هو "المطلوب" لدخول الكلية المطلوبة..مع دمج و"تأييف" تلك المواد بما يتناسب والوضع الجديد..

حسابياً .. كان من الطبيعي للمجاميع أن تزيد .. بل أن تنتفخ .. فعدد المواد صار أقل .. تذكروا أن المواد نفسها بقيت على حالها كما هي ..

وعليه .. فإن الطريق صارت واضحة للمجموع العالي .. وممهدة للغاية : الصاد ..ميم .. ميم!

طالما أنك تحفظ فكل شيء تمام ، وكل ما حول الطالب يحرض على الحفظ ، بدءاً من الأهل والمجتمع ومروراً بالمدرسين في المدرسة وخارجها (ولي في ذلك كلام في تدوينة مستقلة بإذن الله) والميديا التي تحتفي بغرابة شديدة بـ(أوائل الثانوية العامة) .. حتى ولو كان "ضاربك السلك" فإن تسعين بالمائة على الأقل مضمونة .. تذكروا كم كان الحصول على تسعين بالمائة في ظل النظام القديم للثانوية الغامة يشبه حشو الضروس!

رابسو السابق "جه يكحلها عماها".. صحيح أن الحشو الذي يذكرنا بحشو غير المأسوف عليه رابسو الأكبر (صاحب بدعة وضلالة دمج الصفين الخامس والسادس) كان صارخاً وقت أن كنت طالباً بالثانوية العامة ، وكان عدد المواد مبالغاً فيه ، لكن بمقتضى النظام الحالي تحولت الأمور من ضد إلى ضد .. من الحشو المفرط إلى التسطيح المفرط أيضاً..

وفي كل الأمور لم ينظر واضعو تلك السياسات الخرقاء كلها أبعد من مواضع أقدامهم.. والنتيجة هي ما نرى الآن.. ارتفاع المجاميع حرم العديد من الطلاب من دخول الكليات..وهو ما لم يكن يحدث وقت أن كانت الثانوية العامة أصعب!

ليس من العيب أن نفكر في المستقبل .. نفكر جميعاً كأولياء أمور وصناع قرار ووسائل إعلام وبكل تجرد.. صحيح أن المستقبل بيد الله .. لكن "ومن يتوكل على الله فهو حسبه"..وعندما نفكر في المستقبل قد نصل لحلول تطمئنا جميعاً بدل من أن يدفع ثمنها غيرنا ..

تحديث : اهتمت الجمهورية بشكل مبالغ فيه كالمعتاد برحلتها لأوائل الثانوية العامة لألمانيا.. حمداً لله تعالى أن الألمان لا يعرفون العربية .. ولو كانوا يعرفونها لصرنا مضحكة خط الدانوب كله!

Tuesday, July 17, 2007

الثانوية الكالحة .. ووجهنا القبيح

لتتهمونني بالسذاجة ، أو بقلة الفهم ، أو بـ"الرومانسيكية" الزائدة عن المسموح والطيبة التي تفضي إلى العبط ، لكنني لا أفهم سر هذا الهوس الضخم الذي صاحب اليومين السابقين بخصوص المسماة الثانوية العامة..

أعتقد أن أي شخص من خارج بلادنا العجيبة سيصاب بحالة من الاستغراب عندما يرى الصحف القومية تخصص مانشيتاتها الرئيسية - أكرر : مانشيتاتها الرئيسية -لأخبار نتائج الثانوية العامة ، سيتطور استغرابه إلى ذهول عندما يرى أولياء الأمور في أنصاص الليالي متزاحمين على مقاهي النت التي تعرض خدمة النتيجة ، وسيتضاعف ذهوله عندما يفتح التليفزيون اليوم ، وسيصل لقمته عندما يخبره أي دارٍ بالشئون المصرية أن الثانوية العامة هي مجرد شهادة عامة كأي من مثيلاتها في العالم المتقدم والمتخلف على السواء!

عشرات المواقع تعرض خدماتها ، بمن فيها موقع وزارة التربية والتعليم نفسه ، في توصيل النتائج للمتلهفين عليها قبل الموعد المقرر لها.. أضف لذلك سباق الهمبكة المعتاد بين الحزب الوطني والآخرين على تقديم هذه الخدمة الجليلة..وربما يصل الأمر كما علمت للبحث عن "وسايط" لمعرفة النتيجة!

مبدأ الاستغلال الملعون الوغد يفرض نفسه ، حالة التوتر التي يصل إليها أولياء الأمور والطلبة تصل لذروتها يوم النتيجة فنجد ألف من يستغلها ويضاعفها وينفخ فيها لتحقيق مزيد من المال والمكاسب السياسية والدعائية..

كل هذا الاستغلال على حقارته نقطة في بحر استغلال الميديا ، فالصحافة أصبحت لعبتها الثانوية العامة خصوصاً الصحافة الحكومية ، ملاحق طوال العام ، وتوقعات مرئية ومسموعة ومشمومة ، ومانشيتات حمراء كبيرة زاعقة ، وتركيز مبالغ فيه على الأوائل والدرجات والمجاميع والتنسيق (اللي بقى "إلكتروني"-مسخرة!)..

كان الرعب في الشارع من الثانوية العامة قيراطاً ، فتحول إلى عشرة فدادين ، وأصبحت تلك الشهادة شيئاً لا يفوقه - مباشرة- إلا يوم القيامة الذي بعده خلود بلا موت ، خاصة بعد "بَروَزة" المجاميع العالية ومجاميع التنسيق ، والتي أصبح بعدها من يحصل على 95% "على باب الله" ولا يستطيع دخول كلية ، تخيلوا تأثير ذلك على أولياء الأمور والطلاب المتأثرين - أصلاً- بحسابات مجتمعية معقدة كانت تحتاج ليد الميديا والمسئولين لتساهم في تغييرها وإصلاحها..

الرعب لا يخضع يا سادة لقوانين نيوتن ، فلكل رعب رد رعب مساوي له في الاتجاه مضاعف له في المقدار، سيتضاعف الرعب من الثانوية العامة إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه إلى ما هو أبعد من الإغماء وحالات الانتحار والغش الجماعي واستخدام الوسائل غير المشروعة لاجتيازه وتخطيه..

صدقوني .. سيمصمص "الأشقاء" - وغير "الأشقاء" - الشفاة على ما آل إليه حال المجتمع المصري التي تقيمه شهادة وتقعده ، وعندما تسنح الفرصة يستغل (وربما -جداً- ينهش) بعض أفراده البعض الآخر.. ستصير الثانوية الكالحة اللبانة الجديدة التي تلوكها ألسنة أخرى في العالم العربي بعد فتيات الليل (رغم تواجد الدعارة بكل أنحاء البسيطة) وإحصائيات "المركز القومي للبحوث" (المشكوك في صحتها).. وربما تخرج نكت جديدة علينا كمصريين محورها تلك الشهادة!

متى يعرف من ينفخ في نار الثانوية العامة بهذه الطريقة أنها لن تحرقه وحده؟

متى نفيق؟

Friday, July 13, 2007

مودرن إنجليشي!

أعتقد أن برنامج "القاهرة اليوم" مدين باستفاقته الأخيرة إلى حد كبير إلى موقع طلاسم دوت كوم والذي دلني عليه صديقي شريف نجيب فضلاً عن مواقع أخرى .. الموقع يتضمن عدداً من الصور الطريفة والغريبة في العالم العربي ومنها بالتأكيد في مصر.. ومن أكثر الصور طرافة على الإطلاق هي الصور التي تتعلق باللغات الأجنبية في مصر..وبخاصة الإنجليزية..

من أطرف ما شاهدت من تلك الصور في القاهرة اليوم صورة لعبقري قرر وضع لافتة بعنوان "موقف صيدلية" ، وبأسفل منها كتب "Pharmacy Situation" على أساس أن شخصاً أكثر عبقرية قد أقنعه بأن ترجمة كلمة "موقَف" بفتح القاف هي "situation" !..

وما يمكنك أن تراه بعينيك في الشارع لا يقل غرابة عن ما نقله القاهرة اليوم عن طلاسم وأخواته ، أنا شخصياً شاهدت مطعماً للوجبات السريعة في طلخا مكتوب عليه بالإنجليزية "الفصحى المعدلة" كلمة naw بدلاً من now!

ويبدو أن الجيل الصاعد قرر في لاوعيه الانتقام من انجلترا التي احتلتنا لمدة اثنتين وسبعين سنة وأخرجتنا من كأس العالم ، فقرر اختراع إنجليزية جديدة يصعب على الإنجليز أنفسهم فهمها ، وقرر "البعبرة" عن نفسه بهذا الـ"Modern English" !

في الواقع ، هؤلاء يكتبون تلك الأشياء كما تعلموها تماماً .. نظرية "اسمع واكتب" ، كأنما لا توجد مناهج ولا يوجد مدرسون ولا يوجد تعليم بالمرة..

وفي التعليم المصري وربما في الثقافة المصرية حالة مستفزة من التساهل مع الخطأ الإملائي في تعليم أي لغة كانت حتى ولو كانت اللغة العربية ، اعتماداً على المقولة المصرية الشهيرة "هوة حد واخد باله" ، والنتيجة "الباهرة" هي ما نشاهده من أشياء عجيبة في الامتحانات وفي السير الذاتية وفي الجامعات وفي الأماكن السياحية ولافتات المحلات..

والطريف جداً أنه أمام هذا التساهل والاستهتار مع الخطأ الإملائي في أي لغة يتم تدريسها في مصر يتم التشدد وبشكل خانق مع القواعد النحوية ، فالـ grammar في الإنجليزية كابوس ويحتاج لخطة تتطلب حفظاً صاماً وتنفيذاً حرفياً دقيقاً كأنك في عملية انتحارية ، قواعد if والأزمنة المختلفة و...و...ويصاحب ذلك كله تجاهل حتى لاستخدام تلك الكلمات كلاماً ونطقاً ، فيصبح لدينا - ما شاء الله ما شاء الله - طلاب - ما شاء الله ما شاء الله - يعرفون كل أزمنة الإنجليزية - ما شاء الله ما شاء الله - ويحفظون آلاف الكلمات - ما شاء الله ما شاء الله - ولا يستطيعون نطقها ولا كتابتها بشكل صحيح - ما شاء الله ما شاء الله!

عن نفسي ، ومن أهم ما تعلمته في سنواتي التسع والعشرين أن التشدد في الأشياء الأقل أهمية بغرض منع الأخطاء الصغيرة من الحدوث يتسبب في حدوث الكوارث الكبرى .. كلمة تكتب بطريقة خاطئة في لافتة يقرأها الناس في الشوارع ليل نهار وربما يقرأها الأجانب بطريقة أو بأخرى .. أليست مسخرة؟

أتمنى أن يتعلم الناس اللغة لتعلم اللغة وليس لتخطي حاجز في سباق 100 كيلو تعليم حواجز ، وكذلك أن يعي القائمون على تدريس اللغة ووضع مناهجها شيئاً مما يفعلون وأن يعطوا لتعليم الطلاب الكتابة والقراءة والكلام باللغة اهتماماً كما يعطى لقواعد وتصاريف الأفعال ، قبل أن تخرج فضائح الـ Modern English عن السيطرة!

Friday, July 06, 2007

حكاية الجرس والفرافير

وإذا لم يكن ما كتبته في التدوينة السابقة يبدو غريباً ، دعوني أنقلكم إلى ما هو أغرب.. وهو يذكرني بقصة من حكايات أيسوب في التراث العربي..

قيل أنه كان هناك قط سمين يأكل في كل يوم عدداً من الفئران ، فلما استشعرت الفئران الخطر فكروا في فكرة تحد من خطر هذا القط المفترس .. فبادر أحدهم إلى فكرة تعليق جرس في رقبة القط ، ما أن يتحرك حتى يحدث الجرس صوتاً فيلزم كل فأر الحذر ويختبئ حتى يرحل، ولاقى الاقتراح الجديد قبولاً واسعاً ، إلا أنه كانت هناك مشكلة بسيطة واحدة .. من الذي سيتولى تركيب الجرس؟

ما هي علاقة ما سبق بما هو آت؟.. أقول لكم..

نشر أحد المواقع نقلاً عن صحيفة حكومية قبل أيام قليلة الأعداد التي سيتم قبولها من طلبة الثانوية الغامة في الكليات والمعاهد ، والأعداد نفسها تثير علامات استفهام ، فكليات الآداب ستستقبل طبقاً للصحيفة 55 ألفاً ، 53 ألفاً لكليات التجارة ، 7900 طالباً لكليات الطب..

والظريف في الموضوع أن الدكتور هاني هلال في نهاية الخبر قال أنه "بأنه سيتم استيعاب جميع الطلاب الناجحين في الثانوية العام هذا العام بالجامعات والمعاهد العليا".. الاكليشيه نفسه مكرر وربما كنا نسمعه كل عام منذ أيام توت عنخ آمون ، لكن الأرقام التي نشرت في ذاتها لغز كبير ، دعوكم من كليات التجارة والآداب التي خلفها النظام التعليمي ونساها ودفنها وتقبل فيها العزاء.. ولننظر لأعداد طلبة كلية الطب..

في الماضي كانت أعداد طلبة كلية الطب قليلة ومحددة ، لأن المجاميع لم تكن قد ارتفعت بهذا الشكل المخيف ، وكان هناك بعض الأريحية في إعدادهم وتجهيزهم لأن المعامل والإمكانيات كانت مناسبة لتلك الأعداد ، وعليه كان مستوى مهنة الطب أفضل بكثير..

وتزايدت الأعداد التي لم يعمل لها أحد حساباً ، وتزايد الضغط ، وكان على المجاميع أن تزيد حتى لا يغضب الشارع (وإن كانت وجهة نظره كما أراها تغيرت بعد ما رأى بعينه كم طوابير العاطلين نتيجة للسياسات الخرقاء ولأشياء أخرى)، وحتى "يدب" الرابسوماتيكيون أصابعهم في عين التخين مؤكدين على أن هذه المجاميع المحقونة بالهرمونات هي مؤشر على نجاح النظام التعليمي بأكمله ، وكان أمراً طبيعياً أن ينوب كليات الطب من الحب جانب..فارتفعت الأعداد لتتخطى إمكانيات الكليات جمعااااااء!

أولاد البطة البيضاء (أساتذة الجامعات) لاخوف عليهم ولا هم يحزنون ، فمستقبلهم مضمون مضمون مضمون ، أما أبناء البطة السوداء من غير حملة الوسائط فأمامهم التكليف واللف على العيادات وعدم التفرغ وعدم التركيز ، والنتيجة أشخاص يموتون في المستشفيات بإهمال طبي لا يهم أحداً مناقشته ، وأشخاص آخرون يلتقطون فيروس سي من مستشفيات أخرى .. ومسئولو النقابة لا يفلحون إلا في تكرار بعض الإكليشيهات الـ(....) من عينة : الطب في مصر على أعلى مستوى ومستهدف!

والكل عندما يثار موضوع انحطاط مستوى الطب في مصر يتعامل مع الأمر مثلما تعاملت الفرافير مع الجرس العجيب.. منطق "ماليش دعوة"..

الجامعات أساتذة وموظفين وإداريين يصبون جام غضبهم على النظام التعليمي الرابسوماتيكي الذي دفع بكل تلك الأعداد من الطلاب التي تفوق إمكانيات كليات الطب وربما حاجة المجتمع.. ويقولون "مالناش دعوة"..(أما نقابة هايديلينا فمالهاش دعوة هي الأخرى وتتمنى الأعداد تكتر والاشتراكات تكتر والخير يعم ويزيد ..همة خسرانين حاجة)..

والقائمون على التعليم قبل الجامعي يؤكدون أنهم بدورهم "مالهمش دعوة" .. هذه هي الأعداد التي دخلت مراحل التعليم كلها ويجب أن تواصل مسيرتها المظفرة من المنبع إلى المصب في الجامعات..ثم أن أهم أوراق اللعبة بيد مكتب التنسيق ، إذا ما ارتفع المجموع عن كذا "اشحن" الطلبة على الكلية الفلانية ، واللي مايجيبوش "اشحنوهم" على أي كلية من كليات القاع ودوري المظاليم!

المضحك أن كل هؤلاء يعرفون بضخامة الأعداد وبحجم المشكلة ، كما يعرف الفئران تماماً أن مشمش جاي (زي هراس جاي للي شافوا المسلسل الشهير) ، وكل هؤلاء يتهربون من المسئولية كما تهرب كل فرفور..

قد يقول بعض من سمعوا حكاية أيسوب أنه من الممكن أن يتعاون أكثر من فأر ، وربما الفئران كلهم ، في تعليق الجرس في رقبة القط ، وهذا هو ما لم يحدث ولن يحدث في حالتنا ، فلكل مصالحه ولكل هدفه ولكل رغبته في الهرب من المسئولية إن كانت وزارة التعليم أو كليات الطب أو النقابة.. ثم يمصمصون شفاههم هم والصحفيون على الحال المدندر لمهنة الطب في ربوع المحروسة ، قبل أن يصل العجز بالجميع إلى الدرجة التي يلقي فيها باللائمة على القوى الخارجية الغامضة وربما الشمس والزلزال ، كما يحدث في كل خيبة في مصر..

وسننتظر طويلاً ، وربما يؤنسنا أبناؤنا وأحفادنا لانتظار يوم يجتمع فيه الفرافير معاً لبحث مسألة تعليق الجرس!

هذا بالنسبة لطلبة كلية الخمسة عين سابقاً ، ولا تحدثوني -الآن على الأقل- في طلبة كليات التجارة والحقوق والآداب.. فهؤلاء عرفوا مصيرهم تماماً ، ولن يبالي مخلوق لـ"كربستهم" في الكليات بسبب المجموع على طريقة "خش رابع ورا" .. ولله الأمر من قبل ومن بعد ..

Friday, June 29, 2007

العيب في العملية ، والعملية في النملية

أهم الأشياء التي يضيفها العلم لحياتنا هو تنظيم التفكير ، والخروج به من دائرة العشوائية والفهلوة .. والعلم في حياتنا وحتى في دوائر صنع القرار وجوده مثل عدمه..

العلم اختزل في الشهادات التي تملاً "سيفيهات" البكوات في كل مصلحة حكومية وجامعة ووزارة ، والتعليم اختصر في "العملية" ، وهي اختراع مصري فيما يبدو لم يسبقنا به أحد من العالمين.. ولم يستقر أحد على تعريف العملية تلك ، ولا على الفرق بين "العملية التعليمية" والعملية الجراحية على سبيل المثال!

بل إن تلك العملية المعجزة تحتوي من الأسرار ما يستعصي على فهم "الدالات" الذين جلسوا على الكرسي الرابسوي ، وعلى "دالات" القهاوي الذين يملأون الصحف والمجالس النيابية كلاماً عن التعليم وسنينه في مصر..

استوقفني التصريح اللمبي الذي خرج من مجلس الشعب ، وقيل من رئيس مجلس الشعب وهو وزير تعليم أسبق تاريخه كان ناصع السواد طوال فترته في الوزارة ، بأن الدروس الخصوصية "عيب في العملية"..

هذا العيب كان ماثلاً أمام عدد من وزراء التعليم السابقين لعقود تفوق عمري أنا ، وأمام الوزير المذكور نفسه ، بل استشرى في ولايته ، ووقف الجميع يتفرج عليه ، ولم يناقش في الغرف المغلقة بما يحتمل من جدية ، وكأن الدروس الخصوصية ظاهرة طبيعية مثل إعصار جونو لا دخل للبشر به!

مفارقة غريبة .. القائمون على التعليم الذي من مهامه تخليص عقولنا من العشوائية عالقون حتى الآذان في مستنقع العشوائية ، والذي ينتهي بأصحابه إلى تحويل المشاكل إلى أمور طبيعية و "قضاء وقدر" بعد العجز عن التفكير فيها وعرضها على العقل..

مثلها في ذلك مثل الغش الجماعي ، القضاء والقدر الجديد طبقاً للتفكير الرابسوماتيكي..

كان أمام الوزير ، ومديري الإدارات التعليمية الذين يريد الوزير إعطاءهم سلطات أوسع ، عام كامل ، لوضع إجراءات مشددة لمنع الظاهرة قبل حدوثها .. ولتفادي مشاكل امتحان الثانوية العامة الذي يعد جزءاً لا يتجزأ من "العملية" .. لكن ما حدث هو فاصل من الفرجة والقرارات المتأخرة بعد اصطدام الطوبة بالمعطوبة ، وآخر المتمة اختيارات غريبة لمسئولي الكنترول في امتحانات الثانوية السامة ، ثم أزمة أوراق الإجابة المحترقة..

وطول ما المجاميع والعينات العشوائية (اختراع مصري جديد) في العالي ، فالعملية تمام التمام ، ولا مجال لمناقشة العملية أو عرضها على المخ والكبدة والطحال!

فيما يبدو سنبقى مع العملية المعجزة طويلاً ، وقد يلحق أحفادنا بذلك المصطلح ، وبكل الكوارث التي ستصبح قضاءاً وقدراً ، وبالاتكالية والعجز وفقر التفكير الذي لا يليق بأكاديميين في مواجتها..

بشر حمقى الخطا .. سحقت هاماتنا خطاهم!

Friday, June 22, 2007

ملاطيش الحكومة والصوت العالي!

مبروك مستحقة للمعلمين ، ليس على الكادر ، ولكن على إلغاء المادة التي جرمت الدروس الخصوصية من مشروع الكادر الخاص..إلغاء برره مخرب التعليم المصري ورئيس مجلس الشعب إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً بالقول بأن الدروس الخصوصية هي عيب في العملية التعليمية ، وهو كلام سأرد عليه في تدوينة قادمة إن شاء الله..

وقد وضح ما حدث لي حقيقة أن عبارة "صوتك العالي يدل على ضعف موقفك" وهي عبارة خرقاء وغبية وضعها رابسو سابق على كتب التلامذة الغلابة هي كلام فارغ لا يساوي ثمن الحبر الذي كتب به ، فالواقع يقول أنه لا يضيع حق ، ولا باطل ، في مصر لم يقف وراءه الصوت العالي والجعير ، وكلما أُحسِن التنسيق مع محترفي الجعجعة سواء الدينية أو القومية كلما وصل صوتك بشكل أقوى وأفضل..

نعم كان هناك زعيق ، وضجة ، وزن ، وإلحاح على الكادر ، وربما كان هناك زعيق أكثر على مادة الدروس الخصوصية ، والتي أعتبرها النصر الحقيقي للمعلمين وليست الكادر في ذاته.. لقد كان المشروع القديم يعتبرها جريمة .. والآن لم تعد كذلك .. فمهما كانت مساوئ الكادر التي تروج لها الصحف "المتغاظة" من النظام فهناك فرصة لتسليك الآلافات والملايين ، للتمتع بملاطيش الحكومة ولحاليح الأهالي ، والتحول إلى "عفاريت" كـ"عفريت اللغة الفرنسية" في إحدى الصور التي نشرت على النت وأذاعها عمرو أديب في برنامجه الشهير "القاهرة اليوم"..، فهؤلاء ليسوا أقل من "صفاء أبو السعود" التي كانت إلى وقت قريب موظفة في وزارة الثقافة رغم أنها المالك الفعلي لشبكة إيه آر طين!

لا أحد ينكر أهمية عمل المعلم ودوره ، لكن هناك آخرين لهم أعمال وأدوار هامة يعانون من رسوب وظيفي حقيقي ، كل مشكلتهم أنهم لا يملكون نقابات تجعجع وتصرخ من أجل وضعهم "على وش الدنيا" فما بالك بامتياز يجعلهم في كفة ومعظم موظفي الحكومة في كفة أخرى..

مبروك لحيتان الدروس ، واعلموا أننا استوعبنا "الدرس" جيداً ، فمن طلب العيش سهر الليالي ، ومن طلب الهامبرجر زعق بالعالي..

وآه يا ليل يا زمن!

Sunday, June 03, 2007

الثانوية "السرية" و"تصييح" الصحفيين!

مخازن سرية وإجراءات أمنية صارمة..أسئلة الثانوية وصلت المحافظات في سيارات الشرطة..لجان خاصة لـ 356 طالباً بالسجون والمستشفيات..خطابات ندب لـ 120 ألف مراقب وملاحظ ومصحح..

تسلم أمس مندوبو مراكز التوزيع بالمحافظات أسئلة امتحانات الثانوية العامة من المطبعة السرية التابعة للإدارة العامة للامتحانات بوزارة التربية والتعليم وسط إجراءات أمنية مشددة وفي حراسة سيارات الشرطة..وتم تخزين الأسئلة في خزائن حديدية محكمة الإغلاق يتم فتحها صباح يوم الامتحان 9 يونيه الحالي لإعادة توزيعها علي رؤساء اللجان بالمحافظات..

تولي عملية طبع وتظريف الأسئلة 20 موظفاً فقط من العاملين بالمطبعة تم انتقاؤهم بعناية فائقة من بين الحاصلين علي مؤهلات عليا وخضعوا لمراجعات أمنية شديدة علي مدي الشهور الماضية..

ما سبق هو خبر منقول عن جريدة الوسط عن "الجمهورية" ، أهديه شخصياً لمن كانوا يعترضون على اقتحام الشرطة لمدرسة تجريبية لمنع واقعة غش واصفين التصرف بأنه "استغلال مفرط للقوة"!

لا شك أن أي عمل من شأنه الحد من ظاهرة الغش الجماعي مطلوب ، لكن انظروا إلى الطريقة التي نشر بها وكتب بها هذا الخبر العجيب عن الثانوية العامة الحربية ، والتي قد يستعان بها بمراقبين من الأمم المتحدة ربما ، خاصةً بعد الفضيحة أم جلاجل التي كشفت عنها الدستور وكتب العبد لله عنها هنا قبل عام في تدوينة "يا صفايح الزبدة اللايحة"..

في البرمجة الحديثة يهم المبرمج أن ترى كمستخدم النتيجة دون الدخول لطريقة عمل البرنامج ، والناس يهمها أن ترى صرامة في وجه الغش دون أن تتحول اللجنة إلى ثكنة عسكرية ، ودون أن تشنف عيونها بمعرفة كل كبيرة وصغيرة عن الإجراءات السرية والخزينة السرية والمراقبين السريين والنتيجة السرية..ولا عن المتابعة الشخصية لفخامة الرابسو لكل كبيرة وصغيرة فيما يخص الحدث المرتقب الذي ستتابعه فيما يبدو كل وكالات الأنباء!

قد يرى البعض أن تلك الصياغات العجيبة هي خدمات يقدمها السادة الصحفيون الأكارم لوزير التعليم ، وبرأيي أنه لو عمل الوزير وغير الوزير في صمت بشكل حقيقي وبلا ضجة فلن يحتاج لخدمات البهوات الصحفيين .. الدببة الذين يقتلون أصحابهم بالتخصص!

Thursday, May 31, 2007

أم المعارك

قد تكون كرة القدم هي أشرف الحروب كما يراها أستاذنا الدكتور ياسر ثابت في سلسلة تدويناته الرائعة عن كأس العالم والتي نشرها قبل حوالي العام ، لكن كرة القدم ليست الحرب الوحيدة في حياتنا التي نخوضها بلا سلاح.. الامتحانات على سبيل المثال..

كل امتحان صار حالة رعب ، أياً كانت درجة أهمية الامتحان من عدمها..

رعب يبدأ مع أول امتحان يخوضه الشخص في حياته ، ويعلم الله وحده متى تكون المرة الأخيرة ..

رعب يصنعه الناس كرد فعل لضغط النظام التعليمي.. ويعرف من بلغ التاسعة والعشرين من العمر جيداً شعور من تنتظره المقصلة في نهاية كل مرحلة ثانوية ، فقانون العار الشهير بدمج السنتين في المرحلة الابتدائية تحول إلى فضيحة تشبه ما نشاهده في الأفلام ، يجب على أساسها من وجهة نظر النظام التعليمي الخنفشاري أن "نتاوي" الطلبة لكي نغسل العار بالرابسو بما أن الرائحة فاحت واكتشف العباقرة أن عدد طلاب الدفعة المزدوجة ينوء بحمله أي نظام جامعي وأي سوق عمل ..

رعب يصل إلى قمته في الثانوية الغامة التي ستبدأ امتحاناتها خلال أيام من كتابة هذه السطور..

ولا رعب في حياة الطالب المصري يعادل رعب الثانوية العامة ، فهو لا يبدأ قبل الامتحان ببضعة أيام بل يبدأ قبل بداية العام ، فالهدف ببساطة هو الوصول لكليات القمة و"برستيجها" ورونقها ، حتى لو أدت بالطالب إلى مصير مجهول بعد التخرج ، ولأن المجاميع ترتفع باستمرار فيجب أن يكون الهدف هو أن يتخطى الطالب حاجز المائة بالمائة (عملاً بعبارة لأحمد أمين ما معناها أنك عندما تنوي السباحة لمائة كيلومتر تستطيع الوصول لستين كيلومتر بلا تعب ، بينما لو خططت للسباحة لخمسين كيلومتراً ستتعب بعد الكيلومتر العاشر) ، فكليات القمة لا تنتظر ، والأقارب والغرباء لا يرحمون.. المجموع هو مقياس التفوق لدى النظام التعليمي ولدى المجتمع .. وطالب كليات القمة بريمو وما عداه فهو ترسو (وعلى رأي استعراض في فيلم إسماعيل يس في حديقة الحيوان : امشي يا ترسو امشي!)..

يجب أن تحفظ ، يجب أن "تمحط" ، يجب أن تواظب على حضور الدروس ، يجب أن تجري وتلهث بلا توقف ، فأنت أمام مهمة قومية، ولا تعرف كم أنفق أهلك حتى تصل إلى باب الكلية ، وغاية مناهم أن تحرز ترتيباً على الجمهورية ، كي تقابل الرابسو وتسافر أوروبا على حساب جريدة الجمهورية..

عندما يقترن التعليم المصري بتلك الكمية الرهيبة من الشد العصبي فإن النتيجة الطبيعية ستكون حتماً طلاباً يفرطون في التوتر ، فيصبحون أعضاءاً في أندية الضغط والسكر ، أو طلاباً مفرطين في اللامبالاة يضربون الدنيا بالأحذية القديمة ..

هناك حقائق كان يجب على النظام التعليمي وعلى المجتمع إدراكها قبل أن تتحول الثانوية العامة لحرب وسيرك ومهرجان إعلامي ودعائي سمج يثير سخرية شعوب الأرض من مصر والمصريين..

أولى تلك الحقائق أن هذا تعليم وليس حرباً ، على الطالب أن يتعلم ، وأن يدرك أن الامتحان مقياس لمدى تعلمه واستيعابه ..

وثانيها أن الجدية مطلوبة ولكن بكمية معتدلة ، فلن ينفعك رابسو إذا ارتفع ضغط دمك (مثلما الحال معي تقريباً) ولن ينفعك أحد إذا فشلت .. اعمل اللي عليك والباقي على ربنا..

وثالثها أن الحياة العملية هي الهدف ، ومن أجل النجاح فيها عليك استغلال ما تعلمته في المدرسة والكلية وتقوية ملاحظتك وتنمية مداركك..

ورابعها أنه وقت أن كانت الأمور طبيعية في الأمس البعيد كان المتفوق متفوقاً بحق وحقيق ، وكان من أوائل الثانوية على مستوى البلاد شخصيات أسهمت في صناعة تراث هذا البلد الفكري والعلمي ، أما بعد أن أصبحت حرب البسوس لم يسمع أحد عن أي متفوق في الثانوية العامة خلال الربع قرن الأخير .. وأتحدى!

وخامسها أن لكل كلية أهميتها لأنها بوابة لقطاع ما في سوق العمل ، وأننا نتعامل مع كل المهن الموجودة في حياتنا بشكل مباشر بمن فيها "السباك" الذي يعتبره فضيلة المفتي ووزير الأوقاف شتيمة!

هلا انتبهنا كأفراد وانتبه النظام التعليمي وانتبهت الميديا لكل ما سبق قبل أن تصبح الثانوية العامة منافساً لحوادث الطرق و (س.ح.م) في قتل المصريين؟

Thursday, May 24, 2007

حي..حي.. رابسو جاي

لماذا تحول الفلكلور السياسي في مصر إلى تابو لا يصح إطلاقاً نقاشه أو عرضه على العقل؟

لسنوات طويلة والمشهد الفولكلوري يتكرر ، رابسو شخصياً يقرر الخروج من المقر الرابسوماتيكي ليذهب - يا حرام - في عز الحر لكي يتفقد سير امتحانات الثانوية العامة كل عام ، ومثله في ذلك المحافظون في امتحانات الشهادات المختلفة؟

ليه؟

ما هي جدوى زيارة محافظ أو مسئول لطلبة صغار أثناء أدائهم للامتحانات؟ هل هي فقط من أجل الشو والظهور أمام الكاميرات بجميع أنواعها؟ هل هي من أجل جعل كل مواطن يشعر بأن أعلى دوائر السلطة تقف بجانبه؟ أم هي التقاليد البيروقراطية التي تضع صورة رئيس الجمهورية خلف كل موظف صغير في كل مكان من أرض المحروسة فقط ليشعر الموظف أن الرئيس يطلع عليه؟ أم أنه لا يسير شيء في مصر دون أن يرى أي مسئول صغير صورة حقيقية أو فوتوغرافية للمسئول الأكبر منه في الهرم الوظيفي؟

والأهم ، ما هو الفرق الذي سيصنعه وجود الوزير بجانبي وأناأؤدي امتحاناً؟ هل هذا سيسهم في "تعميك الشعور الوتني" لدي مثلاً؟

لأن "الوزير جاي" كما في رائعة أحمد رجب ، فيجب أن يكون كل شيء معداً وعلى سنجة عشرة حتى يرى الوزير أو المحافظ صورة جميلة وبراقة للمدرسة في مواجهة "هذا الاستحقاق الصعب" ، ولا مانع أن يتم عمل تشريفة يموت فيها من يموت من أجل أن "تطلع الصورة حلوة"..وإمعاناً في النفاق نرى من الصحفيين من يؤكد أن الوزير - أي وزير - رجل بسيط ولا تعجبه مثل تلك المشاهد.. طالما ما بيحبش المناظر دي بييجي ليه؟ ولماذا يجهد نفسه ويأتي هو أو أي مسئول آخر في أي محافظة ليزور مكاناً يعرف أن كل شيء فيه تمام في تمام مسبقاً؟

هذا هو ما يُفعل بأولادنا ، فهذه التقاليد الخرقاء ترسخ شيئاً في عقليات الصغار مفاده أن تبقى "بوروطة" وسلبي في انتظار السيد المسئول والسيد الوزير وكل من هو سيد في البلد حتى ولو كان سيد يا سيد (مع الاعتذار لبعرور)..

هكذا يتم توريث كل عيوب جيل لجيل آخر ، والبركة في الثقافة البيروقراطية وجنرالات التعليم..

أتمنى أن تشاركونني نفس السؤال ، وأن تشاركوا مجدي مهنا تساؤله هنا..

Sunday, April 29, 2007

وراء كل جدول معجزة .. معجزة!

أحدث طرائف رابسو كانت فيما يتصل بجدول امتحانات الثانوية العامة ، الجدول المعجزة الذي يفوق في صعوبته صعوبة إعداد جدول الدوري العام المصري لكرة القدم!

بذل الدكتور الجمل - كان الله في عونه الصراحة يعني - جهوداً رهيبة لإعداد الجدول المعجزة عن طريق شبكة الفيديو كونفرانس والفيديو كليب ، مفعلاً كل الفشحاطات الحنجورية التي شنف بها آذاننا منذ جلوسه واسترباعه على الكرسي الرابسوماتيكي من عينة المشاركة المجتمعية وأخواتها، ، وبعد أن أعده ، ونشرته الصحف ..اكتشف أخيراً - ولله الحمد - أن هناك انتخابات لمجلس الشورى كانت لتقام أثناء مواعيد الامتحانات!.. وبالتالي لم يكن أمامه للتبرير سوى القول بأن الجدول الذي نشرته الصحف .. كان "استرشادياً"!

أولاً.. لماذا أخذ جدول امتحانات الثانوية السامة كل هذه الضجة وهذا الضجيج؟ هل هذه أول ثانوية عامة في تاريخ مصر؟ لا .. ولا أعتقد أنها ستكون الأخيرة..

ثانياً.. لاحظوا الأسلوب الاستباقي الذي اتبعه الدكتور المبجل ، فهو يقول أنه ببساطة أخذ آراء الأهالي والطلاب ، وبالتالي فإن أي احتجاج ، قد يظهر من الجدول بالشكل الذي أوضحته في الرابط ، لن يكون له أي محل من الإعراب.. وهذا ينطبق على كل ما سيتخذه الوزير من قرارات خلال فترة جلوسه على الكرسي الوثير!

ثالثاً .. وهو الأهم : هل انتخابات مجلس الشورى ، المجلس النيابي الثاني في صمر ، حدث طارئ يتحدد قبلها بأسبوعين ، أم أن الحكومة تعرف توقيته منذ حوالي العام؟

من الصعب فيما يبدو أن نتحدث عن التعليم بمعزل عن تصورنا كأفراد له ، ومن الأصعب أن نتحدث عن التعليم بمعزل عن الرابسو.. ففي صميم ثقافتنا الإدارية في مصر أن تكون كل الأوراق في يد شخص واحد ، يؤلف ويخرج ويمثل ويقوم بالتصوير ويضع الموسيقى التصويرية فقط، وإن يتغير الرابسو يأتي غيره بسياسة أخرى تنسف ما قد سبق .. وهكذا..

صحيح أنه مر علينا رابسوهات خفيفو الظل ، كثيري الكلام ، قليلي الفعل ، محترفي الصراخ ، لكني لم أر من قبل تضخيماً للصغائر وتصويرها بأنها أعمال بطولية خارقة لا يقوم بها بنو البشر ، وعشوائية تصيب القاصي والداني بهيستيريا ضحك!

ويبدو أنه صار من مواصفات وزير التعليم المثالي في مصر أن يتحدث كثيراً ، وأن يرص أكبر كم من المصطلحات بجانب بعضها كما يرص البناء الريفي "حجارته" لبناء سور في قرية ما ، حتى وإن كانت عباراته تتناقض مع أفعاله .. فهم يصدعوننا بالحديث الطويل المكرر عن التفكير العلمي ومواكبة التحديات بينما ما نراه هو التعريف المثالي للعشوائية والتخبط..

عموماً اللي يعيش يا ما يشوف ، ونحن في انتظار معجزات جديدة تأتينا من مقر وزارة التربية والتعليم والكلام والحديث والحنجوري .. والمعجزات أيضاً!

Tuesday, April 03, 2007

التجاريون × الأرض!

وضع غريب من جملة أوضاع غير مفهومة ارتبطت بالتعليم ، وضع أتكلم عنه بحرقة بحكم كوني تجارياً ، من خريجي كلية التجارة يعني.. وربما يشاطرني من تخرجوا من تلك الكلية البائسة نفس الخواطر الشريرة التي أسردها في السطور القليلة القادمة..

من المعروف أن طلبة كلية التجارة يشكلون السواد الأعظم من تعداد طلاب أي جامعة ، بل ما يحلو لي تسميته "أرضية الجامعة" ، والسبب ليس لا سمح الله وزن وأهمية التخصصات التي تخدمها دراسة العلوم التجارية في مصر (فالوزن النسبي للكليات يحدده المجموع ومكتب "التسييق")، وإنما لأن "مِنْ هؤلاء" - وستعرفون سبب استخدامي لهذا التعبير بعد قليل - من فشلوا لسبب أو لآخر في الحصول على مجموع "محترم" في شهادة الثانوية السامة.. ما جبتش مجموع ، "احدف" على تجارة!

لماذا قلت "مِنْ هؤلاء" ولم أقل "كل هؤلاء"؟ لأن "مِنْ هؤلاء" أيضاً طلبة الدبلومات الفنية التجارية..

مفارقة غريبة .. أليست كذلك؟

يكافأ طالب الدبلوم الفني التجاري لكلية التجارة بمجرد إحرازه لمجموع عال في شهادة الدبلوم ، يعاقب طالب الثانوي العام بدخوله كلية التجارة لحصوله على مجموع (....) في الثانوية السامة!

طالب الدبلوم الفني التجاري يستحق دخول الكلية أكثر مني ، فهو تعب بشدة واجتهد ، كما أن لديه خلفية حقيقية عن العلوم المحاسبية وإمساك الدفاتر، وبالتالي فهو قادر على المرور في كل التخصصات المحاسبية والإدارية والسكرتارية كالسكين في قالب الزبد ، عكس طالب الثانوي العام الذي (جه م الدار للنار) ودرس مجالاً لا يفقه فيه أي شيء ، فقط لمجرد أنه لم يحرز مجموعاً يؤهله لدخول كليات القمة!

وبرغم كل ما يقال عن كليات التجارة بأنها كليات الشمس والهواء في الجامعات المختلفة (من حقنا نستمتع بالشمس والهواء في الجامعة قبل ما نستمتع بيهم على الرصيف) ، إلا أني أشعر أن القادم من التعليم الفني يدرس (في أغلب الأحوال) بحماس لأنه حقق جزءاً من حلمه ، وتساوى مع من فرق المجتمع وثقافته بينه وبينهم ، بينما يدرس أمثالي القادمون من التعليم العام بتثاؤب وبملل وبإحباط لأنه موجود في الكلية بسبب إخفاقه في الحصول على مجموع!

وتتحقق المساواة والعدالة الحقيقية (المساواة في الظلم عدل) عندما يتخرج الجميع إلى الشارع!..

لماذا يصبح الشارع هو المصب وليس سوق العمل؟ لأن عدد الطلاب أكثر من اللازم ، بلا ضابط ، والفضل لمكتب التسييق وإدارات الكليات التي تتعامل مع كليات التجارة ، والحقوق والآداب، وأحياناً التربية على أنها "كليات بنت الجارية" (ولا داعي لاستعمال المصطلح الأدق)، وتفرغ فيها -بلا ضابط واضح- من يعتبرون من "سقط المتاع" فقط لأنهم لم يحرزوا المجموع "اللائق"!

خريجو كليات التجارة ألوف مؤلفة ، أكبر من استيعاب قطاعات البنوك والتأمين والصرافة وحتى من قدرة القطاع الخاص على استيعاب محاسبين ومراجعين .. ومع ذلك نجد من يصوت ويولول على جودة التعليم الجامعي المهدرة وحالته المدندرة بسبب كثرة عدد الطلاب في الكليات النظرية ، كما لو كان المصوتون والمولولون - يا عيب إلشوووووم - لا يعرفون شيئاً عن أحوال تلك الكليات وتوزيع "وارد" التعليم الثانوي عليها..

صار من النادر أن تجد خريج قسم المحاسبة يعمل محاسباً ، فالقاعدة صارت مؤخراً أن من يدرس شيئاً لا ينتفع به!

مثل هذه الأوضاع تحرض على التعامل مع التعليم كله من أوله لآخره بلا مبالاة (كله محصل بعضه) ، لا كطريق يوصلك إلى سوق العمل والنجاح العملي ولا كوسيلة لتوسيع معارفك وجعلك مختلفاً عمن لا يعمل..

هذا مجرد وضع مسكوت عنه ، وغيره كثير ، والكرة في ملعب المتحنجرين في مكاتبهم المكيفة والذين يتعاملون باستخفاف مع هذا الوضع وغيره .. ويوهمون دافع الضرائب أنهم مسيطرون تماماً على الوضع ، إلى أن تأتي الطوبة في المعطوبة!

لا نريد أن يتكرر ما حدث معنا مع آخرين بعدنا ، ولا نريد أن ننتظر حدوث مصيبة سوداء حتى ينتبه المجتمع لأوضاع خريجي كليات وصمت جهلاً بأنها كليات القاع!

Sunday, April 01, 2007

دعوهم يكونوا أنفسهم!

بدايةً كل عام أنتم جميعاً بخير ، ما يصبرنا على تلك الأيام المشحونة إلا تصادف الأعياد والمناسبات السعيدة دينية كانت أم وطنية (باستثناء سيدي الاستفتاء) أو لكل المصريين كشم النسيم الاثنين القادم بإذن الله ، وأعتذر عن تأخير طويل عن التدوين هنا لمدة تزيد عن الشهر .. لندخل في عجالة في صلب الموضوع..

من الجميل أن يكون لدينا أطفال موهوبون في أي مجال (إيجابي طبعاً).. ومن الضروري في تلك الحالة أن يتعهد الموهوب أبواه والمدرسة بالرعاية.. لكن ..

لكن لم يسأل أحد منا نفسه : لماذا يحرص البيت والأسرة على تحويل الطفل إلى صورة طبق الأصل من الكبار في الشكل والمضمون أيضاً؟

في البرنامج الغريب "اتمسي بالخير الصبح يا مصر" كانت هناك طفلة وصفت بالمعجزة ، وفوجئت بإلقاء شعري تماماً كالكبار ، بدون شخصية مميزة ، وانسحب ذلك حتى على طريقة كلامها التي تشبه تماماً طريقة الكبار ، ربما ليكون ذلك عادياً إن كانت شخصيتها كذلك ، لكنها كما رأيت ممن يلقنون في البيت (وفي المدرسة) تلك الطريقة..النضج المصطنع والشعور بالنجومية ..

تذكرت فيها باختصار قصة كل طفل معجزة ظهر في عائلة فأرادت هي أن تجعل منه البيضة التي تبيض ذهباً بلا حساب.. ولهذا السبب لا يصمد هذا النوع من الموهوبين طويلاً.. يطير بسرعة ويقع بسرعة وينساه الناس بسرعة!

تذكرت شوقي الذي كتب أول بيت له في الثامنة من العمر ، "أفريقيا جزء من الوجود .. في شكله يشبه العنقود" ، لم يحوله أهله إلى نجم ولم يأمروه بأن يعيش طفولته كرجل في الثلاثين وعاش حياته بشكل طبيعي إلى أن حصل على شهادته في الحقوق وأصبح شاعر البلاط ثم شاعر الشعب فيما بعد..

ما نفعله في البيت والمدرسة من تضخيم وقتل للموهوبين بعنايتنا الزائدة بهم لا يحدث فقط مع الموهوبين ، بل مع من يمكن أن يكونوا موهوبين..

أتذكر في حصص الرسم أنه يكاد يكون يفرض علينا شكل معين للرسم ، يجب أن تكون الشجرة كبيرة الحجم وأن تكون كذا وكذا ، الجنود في المعركة يجب أن يكونوا كذا وكذا..وعاديك لو رسم شخص شيئاً ما بطريقة مختلفة ، فدة "مش حيييييلو علشاااااانك" مع الاعتذار لمحمد صبحي ، فهناك في نهاية العام امتحان يا سيدي الفاضل.. يكرم المرء فيه أو يهان .. ودول عشرين درجة نجاح وسقوط!

إننا في الحقيقة نفرض عليهم أيضاً معايير الكبار رغم أنهم ليسوا كباراً.. نكاد نلقنهم كل شيء في البيت والمدرسة ونعجل ونضغط عليهم بلا مبرر.. نريدهم أن يكونوا مثلنا بأخطائنا وحماقاتنا دون أن نتركهم ليكونوا أنفسهم لا اكثر ولا أقل..

إلى الآباء والمعلمين .. دعوا أبناءكم وتلامذتهم يكونوا أنفسهم لا الشخص الذي نريد .. قليل من التوجيه قد لا يضر .. لكن لا يجب أن نكون كالدبة التي قتلت صاحبها ثم نشتكي من فقر المواهب والموهوبين في مصر!

Monday, February 26, 2007

بنتعلم ليه؟

ألم تسأل نفسك هذا السؤال من قبل طوال مدتك في التعليم ، ابتدائي وإعدادي وثانوي وكلية؟

مكتوب على إحدى مواقع الهاكرز هذه العبارة : information is power.. عبارة تثبت في كل يوم صحتها وأهميتها ، وتذكرنا بقول الله تبارك وتعالى "هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون"..

التعليم كان ولا زال بوابة للكثيرين على مدى التاريخ لتحقيق أحلامهم المشروعة من سلطة وثروة ووجاهة اجتماعية ما كان ليبلغها إذا لم يكن قد تعلم شيئاً..

كان الاجتهاد في التعليم قديماً هو طريق الفقير للمجانية ، كليات بعينها ارتبط اسمها بالثروة ككليات الطب والصيدلة ، وبالسلطة ككليات الحقوق والاقتصاد والعلوم السياسية ، ولم يكن ذلك قاصراً على التعليم المدني فقط بل والديني أيضاً ، فكان فخراً لكل قرية أن يكون لها شاب "مجاور" في الأزهر ، بل إن حفظ القرآن كاملاً كان يتيح ما كان يعرف قديماً على أيام والدينا وأجدادنا بـ"البدلية"التي كانت تعفي من التجنيد الذي كان إبان الاحتلال شظفاً ما بعده شظف!

الآن .. ولنكن صرحاء .. لقد فهمنا كون المعرفة قوة خطأ..امتلاك المعرفة في حد ذاته ليس قوة ، بل فهمها والقدرة على استغلالها ، بدليل أن كثيرين خرجوا من خط التجميع التعليمي وقد فشلوا فشلاً ذريعاً في أعمالهم بينما لم يعرف طريقه للتألق إلا قليل..

لقد ركزنا وركز النظام الرابسوماتيكي على امتلاك المعلومة فقط ، امتلكها فقط لتقفز من على الحاجز (الامتحان) ، وألقها في البحر بعد ذلك أو افعل بها ما شئت ، قد يرى البعض النظام التعليمي "مش مغسل وضامن جنة" ودوره يتلخص في أن تدخل المعلومة جمجمتك وانتهى الأمر ، لكني أرى أنه لا يحفز الطالب على أن يعرف ويطبق ويفهم ، لا النظام ولا نحن كمواطنين..

اقفز مانع الإعدادية ، استعد لقفز الثانوية العامة ، اجر واقفز ، ما أن تصل إلى الكلية ينتهي كل شيء ، وسيخرج الكل سعيداً ، نحن الذين وصلنا للكلية التي نريد بالمجموع الحديد ، والرابسوماتيك الذي يتباهى بتخريجه للعباقرة من الثانوية العامة حتى يتم رصهم في الكليات ، ويبقى قفز حواجز الكلية مسألة وقت!

الكلية هي الغاية ، وليس ما بعد الكلية!

وكل يعمل على مكانته لنيل غايته..ولكل غاية عملها..

عملنا - طلبة وأولياء أمور- على مكانتنا ووصلنا لما نريد.. إحنا تلامذة شطار .. مش كدة؟

كدة .. لكن مش أكتر من كدة!

انقسم سوادنا الأعظم إلى أناس نجحوا في امتلاك المعلومة وفشلوا في توظيفها ، وأناس لم يمتلكوها أساساً ، وقليل امتلك واستفاد وتعلم..فقط لأننا لم نعمل حساب ما بعد الكلية أبداً..

كم كان التعليم ليصبح أكثر أهمية في حياتنا لو كان من تخرج منه ليس كمن لم يتخرج ، لو كان وسيلة لغاية أكبر كالنجاح العملي دون أن يكون نهاية المطاف..

كم كان التعليم في مصر ليتغير في حال كانت الوزارة ونحن ندرك تلك الحقائق ..كم كان ليتغير إلى الأفضل..

Saturday, February 24, 2007

لوغاتونا الجميييييلة!

أخطاء إملائية ونحوية بشعة فائقة السذاجة يتفوه بها السادة المذيعون ، وتزخر بها صفحات الجرائد التي يفترض ببعضها أنه كبير وعريق.. في لغة يفترض أنها لغتنا الأم ، في بلد أسهم في إعلاء بنيان ثقافتها ورفع ذكرها..

تطوير التعليم المزعوم وهوس الدرجة حول اللغة العربية إلى ما يشبه رالي الفراعنة ، مطبات وكثبان رملية وصحاري ومياه وعواصف ترابية يجب على الشخص توقيها وتحاشيها والتعامل معها بما يهدف غرضه الأصلي : التأهل إلى نهائيات كأس العالم لكليات القمة المصرية ، وفي سبيل تلك الغاية يهون كل شيء ..

عندما كنا طلبة وكان كذلك مَن دخلوا التعليم بعدنا كنا نعمل ألف ألف حساب للبلاغة وسؤالها "الرزل الكئيب" ، والفرق بين الاستعارة المكنية والاستعارة التصريحية والمناخ النفسي والوحدة العضوية ومدرسة أبوللو "وأشرب ميته" والقصيدة السخيفة - من وجهة نظري- لمحمد إبراهيم أبو سنة "النسور" (التي تم تدريسها ربما مجاملة لمدرسة الشعر الحديث وعنداً في الطلاب)، مع عمل ألف حساب لـ"مشيئة كتب الوزارة" وأفكار مؤلفيها ، وطبعاً لا ننسى النحو والاستخراجات واسم الفاعل واسم المفعول والممنوع من الصرف ، ولا ننسى التعبير ، وحفظ المواضيع والمقدمات وأبيات الشعر ، وحفظ الأحداث الجارية خاصة بعد مولد تعديل الدستور ، احفظ يا جدع ، كِب يا كابتن!

قد يكون منطق القفز على الحواجز مقبولاً بعض الشيء في مواد ستنتهي علاقتك بها بمجرد "مضي مدتك" في التعليم ، لكنه لن ينطبق بالمرة على اللغة العربية التي ستستخدمها أكثر من كل المواد الأخرى في حياتك ، حتى ولو كنا نتخاطب بالعامية!

الغريب أن كتب اللغة العربية للمرحلة الثانوية بقيت على حالها لم تتغير حتى بعد اثني عشر عاماً من إنهائي للدراسة الثانوية في عام 1995.. في الوقت الذي تغيرت فيه مناهج وطرق تدريس باقي المواد الأخرى للأحسن أو للأسوأ..

ألم يحن الوقت لتطوير مناهج اللغة العربية بشكل يعد الطالب لاستخدامها في حياته وعمله وليس لدلقها من "الجردل" في ورقة الامتحان؟ ألم يلاحظ أحد أنه في ظل الاهتمام الزائد عن الحد بالنحو ومنهجه تظهر الأخطاء النحوية حتى في قلب ورقة الامتحان؟ ألم يلاحظ أحد أن الطلاب بدأوا يكرهون - إن لم يكونوا قد كرهوا بالفعل - النحو الذي يدرس لهم على أنه بعبع مخيف يعيقهم عن التعبير باللغة ، والقراءة والنصوص والأشعار والشعراء واللغة العربية كلها؟ ألم يعِ أحد الدور الذي لعبه شكل تدريس اللغة العربية الحالي في تشويه سمعة اللغة (بالإضافة وبعض المهلهلات العربية)وإظهارها بأنها لغة التقعر والحنجوري "انت حتكلمنا بالنحوي ولا إيه"؟

نظرة للغتنا الجميلة قبل أن تُركَن على الرف يا واضعي المناهج (بس تكونوا نمتوا كويس وغاسلين النضارات)!

Saturday, February 17, 2007

تاج من العزيزة ساسو : قلم جاف الذي لا يعرفه أحد!

مررت لي العزيزة ساسو تاجاً بسيطاً ..اذكر خمسة أشياء لا يعرفها عنك أحد..

ممممم..

1-أنا الأشول الوحيد في فرع عائلتنا كله من ناحية الأب!.. سيفو العجيب -يوسف ابن أخوياً - ربما يكون الثاني!

2-كانت لي تجارب رياضية فاشلة ، لعبت لفترات محدودة تنس الطاولة ، وفشلت فقط لأنني ألعب بيدي اليمنى واكتشفت فيما بعد أنني أعسر ، نفس الشيء ينطبق على كرة اليد التي لعبتها لفترة قصيرة جداً في مركز شباب بورفؤاد أثناء إحدى زياراتنا العائلية ، وكرة السلة (كنت متخصص ثلاثيات رغم قصري اللافت)، وكرة السرعة ، فضلاً عن كرة القدم طبعاً ..

3-قاص فاشل ، نشرت بعض أعمالي في منتديات وفي جريدة شباب مصر في بداياتها ومؤخراً.. الظريف في الموضوع أن عدداً قليلاً جداً يقرأون قصصي أصلاً فلا أعرف إن كان بوسعي الاستكمال أم لا.. للسبب دة بأكتب لنفسي بس في الوقت الحالي وإلى حد ما بأفكر أعتزل..كذلك كنت أكتب شعراً متواضعاً في الكلية ، شعر كوميدي كان مضحك وقتها وانتهت صلاحيته!

4-خارج السايبر سبيس أقر بأني عصبي المزاج ، سريع الغضب أحياناً ، في الجامعة لم يسلم البعض من عصبيتي الزائدة، وإن كنت في السنوات الأخيرة بآخد جنب لما بازعل واتقمص .. زعل سلبي يعني..والإنترنت غير من بعض نقاط الضعف في شخصيتي خلاني أسمع كتير ، أقرا كتير ، خلا صدري أوسع للرأي الآخر..

5-عملت بعد ثلاث سنوات من تخرجي لمدة شهر في بورسعيد ، كمدخل بيانات على أجهزة ، بس "تبع المقاول" أتيحت لي فرصة التعامل مع العديد من أبناء الصعيد غير السعيد الذين قرروا الهرب من ظروفهم القاسية والعمل ولو بشكل مؤقت في بورسعيد .. لم أحتفظ بعلاقات طيبة معهم نتيجة اختلاف الطباع الشديد وقلة احتكاكي بالناس..

ولا يعرف من حولي أني أدون أساساً!

أمرر هذا التاج لكل من يقرأه ولم يكن قد سبق تمريره إليه بعد!

فاصل ونعووود بإذن الله!

Monday, February 12, 2007

قريباً : الدستور .. نجاح وسقوط!

في رأيي الشخصي المتواضع ، إذا ما أريد تسطيح شيء ما في مصر ، تم تدريسه للطلبة في المدارس!

أقول ذلك بمناسبة ما نشره موقع "في البلد" عن أن السيد وزير التعليم قرر تدريس التعديلات الدستورية لطلاب المدارس في المراحل المختلفة بشكل مبسط لكل مرحلة (كتر خيره).. مؤكداً والكلام لمتن الخبر ، أن مصر "تدخل مرحلة جديدة من الممارسة السياسية وتعزيز حقوق المواطنة" - وهذه وجهة نظر السيد الأستاذ الدكتور الوزير.. وكل واحد متمسك بمطرحه على رأي الراحل الكبير أحمد زكي!

حتى المدارس وصلها هوس التعديلات الدستورية التي لم نكن حقيقة لنستطيع أن نعيش مثل "البِني آدمين"-مع الاعتذار لليمبي- من دونها .. كما لو كان الكبار قد استوعبوا تلك التعديلات وأدركوا أهميتها (التي لا أراها حتى الآن بوضوح) حتى يتم تلقينها وكربستها في عقول الصغار التي تحولت إلى رف ثلاجة تتراص فيه المواد الدراسية مثل الطعام بالضبط!
والظريف في الموضوع أن الوزير لا فض فوه قرر إقحام حقوق المواطنة والمواطن الصالح ضمن المناهج الدراسية أيضاً ..

حتى ولو سلمنا بأهمية التعديلات الدستورية بعد أن نكون قد عصرنا على أنفسنا كيلو ليمون أضاليا ، وأننا بالصلاة على النبي أصبحنا مواطنين صالحين طبقاً لأيزو الحزب الوطني البيروقراطي نذهب لصناديق الاقتراع أتوماتيكياً ونصوت للهلال والجمل ونشرب اللبن اللبن اللبن (مع الاعتذار لتكعيبة العنب التاريخية) ، ما الذي سيضمن لنا أن الصغار المساكين سيستوعبون ويفهمون ويمارسون تلك المفاهيم ، لا أن يرصوها خوفاً من الرسوب وطمعاً في دخول "كليات الكمة".. مثلما رص من سبقوهم فشحاطات مناهج التربية الوطنية؟ .. ماذا لو فوجئوا بأن ممارسات المسئولين وحتى الناس العاديين حولهم تخالف كل ما تعلموه؟ ماذا لو اصطدمت الفأس بالرأس وتمكن الصغار من تشغيل عقولهم وعرض تعديل الدستور على العقل ووصلوا لخلاصات سابقة .. كيف سيكون الحال؟ وهل ستحمى حرياتهم حقاً أم سيدق السيخ المحمي في صَرصور ودنهم؟

سيقول من يقول أنه في بلدان أخرى تدرس الدساتير ، وعلينا أن نفعل مثل تلك البلدان وإلا لفاتنا القطار ، وأرد بالقول بأنه في تلك البلدان يتم تدريس هذه الأشياء بطريقة تحترم العقل ، ليس بالصم والتحفيظ وقمع التساؤلات اللمضة بعبارة "لما تكبر حأبقى أقول لك"!

يا من تحبون هذا البلد المسكين .. هل يرضيكم أن يتحول الدستور إلى مادة نجاح ورسوب ، كما تحولت التربية الدينية إلى مادة نجاح ورسوب في الدنيا؟

خارج الموضوع : من المستفز جداً أن نجد السيد الرابسو لا فوض فوه وانتحر حاسدوه يعلن أن مدرسة كذا أصبحت ذكية ، هل كانت غبية قبل ذلك التاريخ؟.. هل أصبح استخدام التكنولوجيا (بالوضع الذي سبق وأوضحته في تدوينات سابقة) هو مرادف للذكاء؟

Saturday, February 10, 2007

تاج من إني راحلة ، وتاج ليكم..

خلال فترة التوقف بعتت لي إني راحلة تاج جميل بتطلب فيه مني كتابة التلات سطور اللي بعد السطر الخامس في صفحة 123 من آخر كتاب قرأته..

في الواقع ، كنت في فترة أجازة في بورسعيد وكنت بأدخل على النت من سايبرات متفرقة ، وما أتيحليش أقرا التاج بدقة .. ففهمته على أساس كتابة السطر الخامس نفسه.. وآدي السطر :

ولكنه شجعني ، وكان أكثر واقعيةً مني ، فقال : عندما نصل إلى القاهرة نهرب من الجامعة ونتفرغ للغناء والطرب .. ولا دراسة ولا زفت!

السطر من كتاب عاشوا في حياتي لأنيس منصور .. والمقصود هنا هو جمال أبو رية ، وهو وصححوني إن أخطأت والد الممثل كمال أبو رية ..

والتاج أسلمه بالمناسبة لساسو ، عبده باشا ، شريف نجيب ، وزمان الوصل..

أنا بقى اللي عندي تاج وعايز أسلمه بنفس الطريقة!

هل كنت أو كنتِ طالب(ـة) شاطر(ة) في المدرسة والكلية؟

إيه كانت أحب مادة وأكره مادة ليك(ـي) في المدرسة والكلية؟

وكنت أو كنتِ عايز(ة) تطلع(ـي) إيه وانت أو إنتِ صغير(ة)؟

إجاباتي:

1-في الابتدائي فقط كنت طالب شاطر ، متوسط إلى متواضع في الإعدادي والثانوي ، جيد داخل الجامعة باستثناء الإحصاء اللي شلتها (والغريبة إن كل واحد أحكيله عن الموضوع دة يقول لي : هوة حد بيشيل إحصا اليومين دول في كلية تجارة؟)

2-كنت بأتململ من الجغرافيا وأنا صغير ، الرياضيات كانت عقدتي في الثانوية العامة بسبب المدرس اللي كنت بآخد عنده .. وطريقة تدريس الرياضيات والفيزياء كانت تكره الواحد في حياته..

في الكلية اكتشفت إن بعض الكلام الفارغ اللي درسته في الرياضيات له معنى وله استخدامات ، بدأت أحب رياضيات الأعمال مع إني ما كنتش شاطر فيها ، حتى الإحصاء اللي كنت بأكرهها علشان شلتها حبيتها وبشدة بعد ما تغيرت وجهة نظري عن التعليم إلى الآن أثناء الكلية ، ولذلك قصة طويلة..

3-زي معظم الأطفال كانت أمنيتي أطلع دكتور ، حبيت البرمجة لكن الباب اتسد في وشي بسبب مجموع الثانوية العامة بما إن دراسة الكمبيوتر ما كانتش متوفرة أكاديمياً إلا في كلية الهندسة ، وما إن دخلت تجارة من هنا حتى فتحت كلية الحاسبات والمعلومات وبرضه كان مجموعها كبير..

هذه كانت إجاباتي .. وأمرر التاج لكل من :


فاصل ونعود .. الكلام اللي جاي كتير ، ويمكن يبقى كبير :)

Wednesday, January 17, 2007

هزار الحكومة

شر البلية ما يضحك..

بما أننا على أبواب موسم الكادر الخاص ، كل عام أنتم جميعاً بخير ، كان لزاماً على الوزارة الرشيدة أن تجمع البيانات عمن يستحقون الكادر الخاص من عدمه .. كل مدرسة تسجل بيانات العاملين فيها بدءاً من مدير المدرسة وحتى أصغر فراش ، وهكذا تجمع البيانات على مستوى الإدارات فالمديريات فالقطر كله..

كلام جميييل ، كلام معقول .. مقدرش أقول حاجة عنه .. إلا أنني لا أتردد في تحسس مسدسي (إن وجد) عندما يستخدم البيروقراط التكنولوجيا!

بحكم عملي المؤقت ذهبت لملء تلك الاستمارات في خدمة لصاحب المكتب الذي أعمل به .. ولفت نظري -قبل كل شيء- الشعارات الجدارية التطويرية على جدران المدرسة من الخارج من عينة "مدرستي نظيفة متطورة ...الخ" ، ومن ضمن ما كتب عبارة "لا تلقوا القمامة أمام المدرسة" .. وتحتها كومة من القمامة يبدو أنها ملقاة في تحدٍ سافر للعبارة ولمن كتبها..

التقيل جاي ورا..

أولاً.. قاعدة البيانات ، ولله الحمد ، مصممة ببرنامج access.. أي شخص مهما بلغت قلة خبرته بالكمبيوتر يعرف أن هذا البرنامج شديد الضعف فيما يتعلق بقواعد البيانات الضخمة (15 ألف شخص على الأقل في الإدارة وحدها.. تخيلوا على مستوى المديرية على الأقل)..

ثانياً .. تصميم البرنامج نفسه مثير للغضب ..رسائل الخطأ تظهر على الفاضي والمليان .. لا تعرف أي نوع من البيانات مطلوب في كل خانة .. هل رأيتم سوفتويراً مصمماً فيما يبدو لإصابة كل من يعمل عليه بالانهيار العصبي؟

ثالثاً وهو الأغرب : العديد من البيانات في الاستمارات الورقية نفسها غير موجود .. والمفترض أن إدارة شئون العاملين والتي تجمع البيانات ومعهم الموظفين والعمال أصحاب تلك البيانات على الحد الأدنى من الوعي بأهميتها ، وبأهمية وجود قاعدة بيانات إلكترونية..لكن فيما يبدو أن الجميع يتعامل بلامبالاة مع الوضع ، كما تم التعامل بكل لامبالاة مع موضوع بيانات الطلبة في الحكومة الإلكترونية ، والتي تم تخزينها على شبه برنامج كمبيوتر مشابه تماماً للعاهة الذي عملت عليه!

قِس على ذلك رؤية الوزارة الرابسوماتيكية للعملية التعليمية والمشاركة المجتمعية وضرورة إلمام المدرسة الحديثة بالمتغيرات "العالمية" وإحداث حالة من المشاركة المجتمعية (إلى آخر الرطانة المترجمة بركاكة فائقة من كتب الإدارة الأجنبية).. هذه الرؤية تتطلب إجراء العديد من البحوث والدراسات ، وطريقة عمل الدراسات المذكورة سهلة جداً ولا تتطلب أي مجهود ، فقط كوبي وبيست من النت وكبر دماغك!

بالبلدي : فيه ناس مش واخدة المواضيع دي كلها جد.. من المدرسة النظيفة للسوفتوير للداتا بيس..

من الذي يمزح إذن؟ هل سيادة الوزير المحترم وإخوته الأكارم واضعي السياسات والشعارات أم من يطبقونها من صغار الموظفين في المدارس وغير المدارس أم الاثنان معاً؟.. وهل يمزح أولئك مع بعضهم البعض أم معنا؟

والسؤال الأهم : كيف يتصور كل هؤلاء أن نشارك في العملية التعليمية والعملية السياسية والعملية في النملية إذا كان من يطالبوننا بذلك يفتقدون للجدية؟

أطالب هؤلاء المازحين بمشاهدة برنامج "إديني عقلك" .. ليصدق أن "أرواح الناس بقت في مناخيرها" .. ولم تعد تطِق الهزار السمج .. حتى ولو جاء من الحكومة .. كبارها وصغارها أيضاً!