Showing posts with label قل العفو. Show all posts
Showing posts with label قل العفو. Show all posts

Tuesday, October 04, 2011

في إضراب المعلمين : لماذا أقف كمواطن عادي في المنتصف؟

مع من أتعاطف؟


مع المعلم -بضم الميم الأولى-الذي "علم" تلاميذه و"علم" فيهم ، أم مع المعلم-بكسر الميم الأولى..برضه- الذي "علم" "على" تلاميذه؟ مع الذي علم تلميذه كيف يكون نزيهاً ومهذباً ومحترماً ، أم الذي علمه كيف يكون هبيشاً وشبيحاً ومصلحجياً؟ الذي ربى فيه موهبة ، أم الذي ربى له الخفيف؟


مع المعلم الذي تهابه وتحترمه لتواضعه ، أم مع المعلم الذي تهابه وتحترمه لعصاته وجزرته؟ مع المعلم الذي يقوم بدور هو مؤمن به ، أم مع المعلم الذي يعيش الدور ويمنه عليك كما لو كان "حسنة وأنا سيدك" ، ويحدثك كـ"بيه" من البهوات ، دة لو عرفت تكلمه أصلاً؟


مع المعلم "الغلبان" الذي يحصل على ملاليم لا تكفيه ، أم مع المعلم الذي ملايين العالم لا تكفيه؟ مع المعلم الكتكوت أم المعلم الحوت؟


مع المعلم الذي وجد نفسه ضحية لنظام التنسيق القذر الـ(*ا**) ، الذي قام بـ"كب" عدد كبير ممن لم يحصلوا على مجاميع تسكنهم في ما يسمى بـ"كليات القمة" إلى كليات التجارة والتربية والحقوق و..و..، وعليه وجد نفسه يعمل في مهنة لا يحبها ولا يطيقها ، ليعمل في فصل ضخم العدد ، وفي مدارس نظيفة مؤدبة محترمة منتجة وبنت ناس" كما كان الحكيم رابسو يصفها، وينهي الموسم مراقباً في امتحان الثانوية السامة في ظل ظروف مناخية صعبة إن لم تكن سيئة ، ثم تأتي الأوضاع المعيشية لتزيده - بالنسبة تحديداً لمن يدرسون المواد "الفقر"" اللي ما بتجيبش دروس- ضعفاً وانسحاقاً وقهراً ، أم مع المعلم الذي هو جزء لا يتجزأ من النظام التعليمي بأكمله ، بصمه ، وحفظه ، وقهره للطلبة جسدياً في أحيان وفكرياً في أحيان أخرى ، لدرجة تجعل من العجيب أن يخرج من الأجيال الحالية مثقفون وموهوبون في ظل تعليم كهذا ، تعليم "الكيلاس" و"البيكيتشر" و"الفايبريشن"؟


مع المعلم الذي يرفض أن "يلعب بديله"؟ أم مع المعلم الذي "يلعب بديله"؟ أم مع المعلم الذي يريد أن "يلعب بديله" بينما لم تسنح له الفرصة؟


عن نفسي قابلت الصنفين ، ولا يزالان موجودان ، والكل يتذمر ، من يقبض الملاليم ومن يقبض الملايين ، ومن حيتان الدروس الخصوصية من كان يفكر في ملاطيش الحكومة ، والتي كتب عنها كاتب هذه السطور منذ أربع سنوات وأربعة أشهر، ومرة أخرى بعدها بقليل..أيا كان مسمى تلك الملاطيش ، ولا تعرف من المحق ومن غير المحق ، الظالم تايه في الطيب وأهو مولد خلق الله- كما تقول الأغنية التي غناها "محمد منير" و"خالد عجاج"!


قد تتعاطف ، وقد لا تتعاطف ، لكني أجد نفسي واقفاً في المنتصف ، مثلي مثل كثر سئموا السلوك الغريب والمعيب لنقابات ولأصحاب مهن نحترمها أجبرونا بمنطق الصوت العالي والتهديد و"الأنعرة" على أن نقف في المنتصف ، لا تعاطف مع ، ولا تحيز ضد.. وسنظل كذلك طالما ظلوا هم..

Sunday, September 26, 2010

الكتاب الخارجي : الجنازة حارة والميت كلب

ضعوا مواقفكم مع أو ضد الوزير على جنب ، ولنسأل أنفسنا سؤالاً واحداً : يعني إيه كتاب خارجي؟

إجابة العبد لله : هي تلك الكتب التي وعيت على الدنيا فوجدتها في السوق ، تماماً يوم سئل طفل "لمض" عن تاريخ زواج أبيه فقال " هوة عندنا من زمان".. وإلى الآن يبقى هدف وجودها الحقيقي لغزاً يستعصي على التفسير ، هل هي موجودة كمكمل للكتاب المدرسي ، أم كمنافس له ، أم كبديل له..

ومنذ أن وعيت على الدنيا وجدت القائمين على التعليم في بلادنا الحزينة رابسوماتيك ، يغسلون عقولنا أكثر بياضاً ، وفقاقيعهم ملء السمع والأبصار والأنوف ، وهم متعايشون مع تلك الكتب الخارجية مثلنا تماماً.. دون أن يكلف معظمهم خاطره بالسؤال عن الهدف من وجود كتاب يطابق ، أو يشبه ، أو ينافس الكتاب المدرسي الذي يتم الإنفاق عليه ، وطباعته ، و"تكليفه" من مالي ومالك..

حسب علمي أن تلك الكتب تم كتابتها من قبل موجهين سابقين في الوزارة على مدى السنوات الماضية ، وهي ، كما سبق الذكر "موجودة من زمان" .. وظل الرابسوماتيك يتفرجون عليها دون معرفة سر تفوقها - في فترة الثمانينيات ومطلع التسعينيات- على الكتاب المدرسي الحكومي ، وحين ظنوا أنهم عرفوا ظهر الفشحاط العجيب أبو زمبلك المسمى بـ"نماذج الوزارة" ، وهو مجموعة من الأسئلة السخيفة تم تجميعها وتسويقها لنا على أنها تحمل شفرة الامتحان التي لا تقل في تعقيدها عن شفرة قناة الجزيرة الرياضية..

وحينما ظهر رابسو آخر استشعر بعض الحرج لكونه قد عرف- أخييييراً يا وديييييع- أن تلك الكتب هي المادة الخام لصناع الدروس الخصوصية ، فقرر وقف ترخيصها لبعض الوقت ، كي يتسق ذلك مع تصريحات معاليه التقليدية عن "المعلمين الشرفاء" و"مافيا الدروس الخصوصية" ، ثم تراجع على طريقة "خلاص حتنزل المرة دي" - وكل مرة أشوفك فيها- كما لم يكن قد قال شيئاً..

والمذهل أنه لا الجمهور - المستسلم - ولا الرابسوماتيك -المطنش- فقط من يتفرج على فيلم الكتاب الخارجي الهابط ، الصحافة أيضاً ، بكل مخزونها من الشعارات عن المال العام والمصلحة العامة والوطن العام ، وبكل الإكليشيهات الهابطة المستخدمة لنفخ دور الصحفيين في المجتمع على طريقة نفخ شفاة "هيفاء وهبي" ، ظلت تتفرج ، ولا تنكر ، ولا تستنكر ، ولا تسأل ، ولا تتساءل.. وبالتالي خرج الرابسوماتيك السابقون أبرياء براءة "مانويل جوزيه" من هزيمة "عرابي" في "التل الكبير" ..

وتروحي يا أيام ، وتعالي يا أيام ، ويذوي الكتاب الخارجي ، ويلحق بمطربي التسعينيات ، وتظهر المذكرات ، التي تعد أكثر تركيزاً وأكثر مواءمة لذوق طالب الدروس الخصوصية من الكتاب الخارجي "اللي راحت عليه".. ولم يعد للكتاب الخارجي أهمية تذكر .. إلا -هو الآخر - كمادة ينقل منها حيتان الدروس الخصوصية ، كوبي وبيست ، لعمل مذكراتهم التي تباع بالشيء الفلاني ، في "المراكز التعليمية" ..

استغربوا كيف شئتم كيف انتبه الوزير الحالي لمسألة الكتاب الخارجي ، لكني أسألكم عن سر انتباه وانتفاض الصحافة - الشريفة العفيفة - دفاعاً عن "المرحوم" الكتاب الخارجي المأسوف على شبابه الغض ، ومشياً في جنازته ، وتدليلاً على أهميته ، وهم من قالوا من قبل في عهد الرابسو السابق أن الكتب الخارجية أضر على التعليم من السجائر على الرئتين والقلب وتسبب العته المغولي..

أهلاً بأن تمثل الصحافة دور الغيور على المال العام والمصلحة العامة والوطن العام والدوري العام ، أقله كي تصدق ولو لبعض الوقت نفسها وتجعلنا نصدقها ، لكن أن يكون الأمر تصفية حسابات مع وزير دون آخر ، ويتحول مقياس فساد أو صلاح سياسات التعليم إلى مدى "وزن دم" هذا المسئول أو ذاك على قلوب الصحفيين ، ويصبح الصالح العام مختصراً في علاقته بالصحفيين ، فلن تجد شخصاً عنده دم يقبله..

أتمنى أن يبحث لنا الصحفيون عن جنازة بها ميت "عدل" كي نمشي فيها ، وأن يتذكروا أنه لولا "طرمختهم" على ضعف الدولة أمام سرقة الكتاب المدرسي لما وصل ضعف الدولة إلى مستوى أهل الجميع - من سائقي الميكروباص والتاكسي والتوك توك إلى "أحمد بهجت" وشركاه - إلى التعفير على ذقنها.. وقديما قال من كان قبلنا : أول الرقص حنجلة..بس خلاص..

Friday, April 30, 2010

مدارس محترمة

إذا كنت في مصر فاعلم أن كثيراً من الأشياء تستخدم في أي غرض كان إلا الغرض الذي يفترض أن تكون قد صممت خصيصاً من أجله.. وستكتشف كم ينطبق ما ذكرت على المدرسة .. افتح فقط أي برنامج حواري يعرج على سبيل فك الزهق على شئون التعليم في مصر ستجده يتحدث عن نظافة المدرسة وجولات السيد الوزير واعتصامات المعلمين و..و..إلا التعليم..

يوجد مثل إنجليزي شهير جداً يقول : no news..good news..أي أنه طالما لم نسمع عن مشكلة هنا أو هناك فالأمور مية مية مثل فراخ الجمعية .. لن أسأل هنا عن المدارس التي تحتل أماكن على صدر صفحات الصحف الأولى لصحف المال السياسي بقلقها وقلاقلها.. بل على الذين تسير الأمور لديهم على ما يرام..بالبلدي : الناس اللي في المدارس الهادية الطيبة الحلوة اللي بتسمع الكلام بتتعلم إيه؟

1-أهم شيء يمكن أن تتعلمه في المدارس المصرية حالياً هو الاحتكام إلى قانون الشارع.. وللشارع كما لا يريد الكثيرون أن يعلموا قانون به عدد كبير من المواد والقيم التي تولي مكانة رفيعة لاستخدام "الدراع" في الحصول على أي حق ، أو باطل حتى ، وفي الانصياع لإرادة الأغلبية أياً كانت ، وفي التشلل - الانضواء تحت لواء أي شلة أياً كانت داخل محيط الفصل أو المدرسة أو ..أو..والسبب أن الدنيا لا تعترف عادةً لا بالضعيف ولا بالمؤدب.. وليس فيها مكان لأي منهما..

وأهم قيمة على الإطلاق هو قيمة "الاحترام" بمعناها الشوارعي .. كما لخصتها لعبة GTA في نسختها الثانية : Respect is everything..تقعد باحترامك مطيع طيب كميل حتبقى فترة الأوبرج بالنسبة لك نعيماً مقيماً.. غير كدة يا حلو تستاهل كل اللي حيجرالك..والاحترام طبعاً طبقاً لقانون الشارع غير المكتوب يكون للأقوى .. أياً كان سنه ، وحجم قوته.. والاحترام يمكن وصفه بأنه عملية إبدالية وليس تبادلية.. أي يمكن للطالب أن يفرض احترامه على زميله ، أو على مدرسه ، ويمكن للمدرس أو للناظر أن يفرض احترامه على الطلاب ، أو على المدرسين.. لكن لا يمكن لأي من هؤلاء أن يحترم بعضهم بعضاً..إلا من رحم ربي..

2-الشيء الثاني الذي ستتعلمه حتماً هو اللغة .. بعيداً عن اللغات التي يعلمها لك منهج التعليم الرابسوماتيكي .. فإنك ستتعلم لغة أخرى جديدة كانوا يقولون لنا في البيوت أنها والعياذ بالله "قلة أدب".. وستكتشف تدريجياً أن تلك اللغة "البذيئة" هي الوسيلة الأمثل للتواصل مع العالم المحيط ، وتؤدي نفس وظائف "اللغة التقليدية" بشكل أفضل وأكثر دقة.. وتملك قوة تعبيرية ومرونة فائقة في استخدامها.. قبل دخولي الثانوي لم يدر بأقصى خيالاتي شراً أن أسمع أناساً يمزحون مع بعضهم بسباب الدين والأم.. وإذا كان هناك من قال في وقت سابق بأن "الرجولة أدب".. فيرد عليه بالقول بأن الدنيا حالياً صارت لـ(الـ....)!

وقلة الأدب داخل المدارس المحترمة أشبه بعلاقة البيضة والدجاجة في تحليلها.. فلا تعرف من الذي بدأ بقلة الأدب أولاً.. ولأن البادئ أظلم فلا تعرف من هو الظالم من المظلوم..

قد يتهمني البعض بالتحامل ، وقد يتهمني بأنني أتحدث عن خبرتي أنا عن المدارس .. لكن مما أسمعه وأعايشه لم تختلف الأمور كثيراً ، بل صارت أكثر سوءاً.. ولكنه ليس هذا النوع من السوء الذي يستلزم أن يكتب عنه في مقال صحفي أو يهز مراسل برنامج توك شو طوله من أجل تسليط الضوء عليه .. ويبدو أن هناك "راحة مجتمعية" وليس فقط "راحة إدارية" للإبقاء على هذه الأمور كما هي (عيش عيشة أهلك ..حتنهب؟ كل الناس كدة وكل العالم من حواليك كدة)..

ثم تقوم الدنيا ولا تقعد عندما تخرج الأمور عن قيد السيطرة ، لتتحول إلى خبر هنا أو فضيحة هناك.. إما أن تكون فضيحة مسخسخة يصعب على أي شخص السكوت عنها أو عليها ..وإما أن تكون فضيحة مُصَنَّعة قصدها تسليط الضوء على تجاوز يحدث في مكان ما لمجرد أنه يحدث في المكان الما رغم حدوثه في كل مكان.. كإنه هنا عيب وهناك عادي.. فاهمين طبعاً..وطبعاً نمصمص الشفاة على حال التعليم زمااان.. وترى شاباً هنا أو هناك يصغرني بعشر سنوات على الأقل يتحدث عن التعليم في الأربعينات والخمسينات والستينات (اللي ما لحقاش ولا أنا لحقتها) وأيام "رفاعة الطهطاوي" (الله يرحمك يا طهطاوي.. ويخليك لينا يا "زكي جمعة")..

هذه هي معايير "الاحترام" لدينا.. هل تتوقعون أن يتغير التعليم إذا كانت معايير "الاحترام" لدينا ، ولدى صناع القرار على حد سواء معايير غير محترمة أصلاً؟

Friday, April 16, 2010

زيارة السيد الوزير

جاء رافعاً سيفه هذه المرة..

لدى الكثيرين منا حساسية عارمة ضد السيوف ، وقد لا يجدون مبرراً واحداً لما فعله إبان زيارته لمدرسة "عمر بن الخطاب" .. ثم لمدرسة الخلفاء الراشدين.. بما قاله من ألفاظ أساءت الكثيرين (سيلي الحديث عنها لاحقاً) ومعاقبته لمدرسين وإداريين بالمدرسة سالفة الذكر.. ثم تراجعه عن معاقبتهم تحت ضغط وإرهاب صحافة المال السياسي والحزبوطني المتحالفة مع عضو نافذ بأمانة الحزبوطني.. بل ووصول الأمر إلى صرف "مكافأة" شهر للعاملين بالمدرسة!

ولكن..

1-ولكني أرى أن جزءاً كبيراً من عنف ردود الأفعال مرجعه شخص الوزير .. لا أكثر ولا أقل.. وكان حرياً بالأقلام التي انتقدته أن تنتقده على شيء يستحق الانتقاد بحق وحقيق ، مثل مسارعته بعد فترة قصيرة جداً من توليه بإعلانه عن "تعديل" في نظام الثانوية العامة.. غير مستفيد من الجرائم التي وقعت في عهد وزراء سابقين يطبل لهم كتبة الأعمدة حتى تتورم أياديهم..تخيلوا أنني لم أر عموداً أو قلماً واحداً تناول ذلك الموضوع بالمرة!

لا ينسى أحد للوزير السابق تاريخه في جامعة "عين شمس".. فقط تخيلوا أن أي شخص .. "عبده زكي جمعة" مثلاً كان الوزير .. وأن "زكي جمعة" لم يكن وزيراً ولا خفيراً..

2-أول حجة استند لها المهاجمون هي الألفاظ التي استعملها السيد الوزير أمام الكاميرات ووسائل الإعلام والتي استخدمها ضد "قدوات" و "مربين أفاضل" بحسب ما ورد في حلقة برنامج "منى الشاذلي" وقتئذ .. المذهل أن تلك اللغة ،وأسوأ منها ، تعلمناها في المدارس على يد هؤلاء القدوات وعلى يد هؤلاء الطلاب .. من ألفاظ بسيطة إلى شتائم مركبة بالأب والأم والعائلة والدين..ما هو الفرق بين الشتيمة أمام الكاميرا والشتيمة من ورائها إذن؟

3-نعم كتبت في وقت سابق منتقداً الزيارات إياها ..ولا زلت على قناعتي .. وبالذات تلك التي يتم فيها "تستيف" كل شيء أمام الوزير والرأي العام .. مقاعد نظيفة يتم استقدامها قبل الزيارة ببضع ساعات ، وتنظيف للمدرسة النظيفة المنتجة المش عارف إيه ، وأجهزة كمبيوتر على أعلى مستوى يتم استعارتها من أقرب سايبر ، وذلك بناء على إشارة من "العصفورة" التي تتواجد دائماً في مكتب مسئول كبير في مكتب هذا الوزير أو ذاك ، ترسل رسالة نصية سريعة إلى إدارة المدرسة من عينة "خبي ديلك يا عصفور انتو اللي عليكو الدور" ..والكاميرا تصور .. والوزير "هههههههه" وكان الله بالسر عليماً..

تخيلوا لو كانت الزيارة المشار إليها تمت في غير وجود الميديا - وهذا ما أتمناه عن نفسي - كان سيعجب ذلك الميديا؟ عن نفسي كان ذلك سيعجبني جداً ، وستعجبني أكثر العقوبات التي أراها مستحقة جداً جداً..

4-فمشكلة الكثيرين من المنتقدين أنهم جالسون على مقاعد وثيرة في مكتب مكيف في قمة برج عاجي ، ولا يعرفون ولا يجربون الجبروت التي يتسم به الموظفون الإداريون في عدة وزارات بينها التربية والتعليم نفسها.. وهم ينافسون موظفي وإداريي المستشفيات في التعامل مع البسطاء كجنرالات حرب مع أسرى جيوش الأعداء ، لا تهمهم آدمية الشخص البسيط ، ولا يأبهون للنظام ولا للقانون ولا للتعليمات التي هي شيء شبه مقدس في الثقافة البيروقراطية المصرية .. "مش عاجبك اخبط راسك في الحيط وخلي الوزير واللي فوق الوزير ينفعك".. فقط أكرر ما قلته عنهم بالحرف الواحد في التدوينة السابقة:

حتى "يسري الجمل" .. كان وزير التعليم أشبه بالوالي "العثماللي" .. شخص ظريف لطيف يأتي إلى مصر بفرمان من الباب العالي ، ليقضي وقتاً ما يعلم بيه إلا ربنا مع المماليك .. ومشكلة المماليك أنهم أقدم في مصر ، ويعرفون عنها الشاردة والواردة ، بعكس الحبظلم الذي لا يعرف سوى "حظرتنا" و "أفانظيم" وغيرها من إكليشيهات الأتراك في الدراما المصرية.. وبالتالي بدأ الأمر بـ"عمل شغل" مع الباشا التركي طوال فترة إقامته في المحروسة ، وانتهى إلى "عمل شوربة" على الباشا التركي حتى وصل الأمر إلى إزاحته تماماً كما فعل ذات يوم "علي بك الكبير"..

وعليه.. فإن أبسط شيء يفعله المواطن العادي الذي يتعرض لتلك الأشياء أن يتقدم بشكوى إلى "المستوى الأعلى" سواء وكيل وزارة أو الوزير نفسه .. وحتى من أسعده الحظ بعدم الوقوع في مواجهات مع الجنرالات الصغار ، فإنه يشاهد يومياً مشاهد وصوراً وملفات في الصحف والفضائيات عن مهازل يندى لها كل جبين خجلاً .. كتلك التي سجلها برنامج "القاهرة اليوم" في إحدى المدارس في سيناء.. في مكان ناءٍ لا تصل إليه أبصار قادة الرأي العام الجالسين على "لاب توب" وبجانبهم "شفشق" الكابوتشينو!

لا أعتقد أن أي وزير - رابسو كان أم غيره - سيقبل على نفسه أن يتحول إلى "شوربة ونقنقة" ماركة "أندرو ودارين" .. ومن حقه أن يرى فيمن يفترض بهم تنفيذ سياساته - صحيحة كانت أم خاطئة- طاعة ورغبة في "سماع الكلام" -حتى ولو كان "أي كلام"- لا أن يعاملوه معاملة المماليك للحبظلم..

إذن .. أرى - من واقع أسلوب تعامل هؤلاء مع عامة الناس عديمي الظهر والواسطة والاتصالات ، ومن واقع تعاملهم مع كل الرابسوهات السابقين -أنهم يستحقون تماماً ما فُعِل بِهِم بالحرف الواحد..فأي وزير قد يضع سياسات مضحكة للتعليم ونظامه ، لكن هؤلاء هم من يدير لعبة الغش الجماعي والفساد التعليمي على أرض الواقع..أي وزير قد يصدر تعليمات غبية عن المدرسة النظيفة الممنتجة المؤدبة .. أما هؤلاء فكما تقول العبارة الحوارية في مسلسل "ريا وسكينة" : "ماشيين بكيفهم" ..اللي بنشوفه وبنكتب عليه بقالنا أربع سنين..وتيجي تكلمهم : "من كام سنة وأنا مسنود مسنود .. بالبيه (=الصحفي) والباشا (=عضو الحزب و/أو البرلمان) أنا كدة فري جود"..

ومحدش- بالله عليكم- يكلمني عن الإمكانيات والمرتبات وبلح الأمهات.. فمن هؤلاء أيضاً من فشل في دول الجاز .. التي تدفع مرتبات تفوق مرتباتهم .. وهناك "يمشون على العجين ما يلخبطهوش" لأنه بجانب الجزرة توجد عصا كبيرة وغليييييظة آخر حاجة..

5-أقدر تماماً وأحترم ما نشره الزميل العزيز "د. سيد مختار" نقلاً عن الكاتب الصحفي "أكرم القصاص" بشأن الزيارة.. لكني أختلف معه في فكرة أن المسألة مسألة نظام ومناهج فحسب .. المسألة لها محورين .. محور أول يعتمد بالفعل على النظام والمناهج وإدارة العملية التعليمية .. والمحور الثاني لا يغفل أن وزارة التربية والتعليم كيان حكومي .. وأن هذه السياسات لن ينفذها الوزير بيديه .. بل هناك جيش من الموظفين سيقوم بتنفيذها على أرض الواقع .. وأن الإدارة هرم .. وأن الوزير -حيا الله- في مكان مرتفع نسبياً على ذلك الهرم ، بينما قاعدة وأساس الهرم هي في الأسفل .. وأنه لسنوات طويلة نجح وكلاء الوزارات بالتعاون مع "آخرين" سبق ذكرهم في حبس كل رابسو على كرسيه ، وفي جعله يعشقه ويموت فيه ، فيخرج على الناس من مكتبه المكيف ليخبرهم عن "إصلاحات" مزعومة وتطويرات موهومة ويطلب من الناس "مشاركته المجتمعية" في تطبيقها دون أن يأمر موظفيه بذلك..ثم يقوم بعمل مؤتمر قومي لتطوير المحروسة الننوسة الكبنوسة الثانوية السامة.. تاركاً "اللي يحصل يحصل" في "دعم الكتاب المدرسي" وعلقة الموت التي يحصل عليها المأسوف على شبابه الغض بعلم كبار وصغار مسئولي الوزارة .. علماً بأن كل شيء سيتم نسيانه وطيه في دولاب الكتمان عندما يتم تطبيق نظرية "خد الفلوس واسكت" ..

باختصار .. لست مع ألفاظ السيد الوزير .. ولا كاميرات السيد الوزير .. لكني ضد الجنرالات الصغار بكل ما أوتيت من قوة ، همة واللي يتشدد لهم ومن يصنع منهم أبطالاً على جثث البسطاء والغلابة.. وسيتغير موقفي ضد الرجل تماماً إن استسلم لهؤلاء وللأقلام التي تدعمهم و"طلقهم" علينا كما فعل سابقوه.. فالمماليك شركاء الرابسوهات في قتل القتيل.. ويمشون معهم جنباً إلى جنب في جنازته.. عذراً للإطالة وآسف على الغيبة ودمتم جميعاً بألف خير..

Monday, April 20, 2009

فتحي يا ويكا : تفاهة صحيفة وسقطة مثقف

أول تعليق لدى رجل الشارع العادي على واقعة "فتحي سرور يا ويكا" أنها دليل على مدى التفاهة وانحطاط المستوى الذي وصلنا إليه .. وكاتب هذه السطور - كمواطن "رزل"- يحرص على عدم الانسياق لموجة التفاهة التي نعيشها بكل أبعادها ، والتي من مظاهرها أيضاً الانحياز الأعمى لوجهة نظر دون تفهم كل وجهات النظر الأخرى - يؤيد رجل الشارع فيما ذهب إليه .. وله حيثياته!

1-شيء جميل أن تنتقد التفاهة وأنت أحد صناعها ، بعينك الأحادية التي لا ترى إلا ما تريد ، لا أن ترى ما تريد بعد رؤيتك للصورة ككل.. وهو ما فعلته "الدستور" حرفياً .. حيث قامت بتحويل "مزحة" إلى عنوان صحفي وإلى خبر.. كقارئ للخبر أرى أنه مجرد مزحة ومجرد مجاملة ، وليس قصيدة "عصماء" كما وصفها مدعي الثقافة "أحمد المسلماني" .. لكن إيه.. "فتحي سرور" بعد توليه لرئاسة مجلس الشعب أصبح جزءاً من النظام ، كأنه لم يكن ذلك قبل ذلك وقت أن كان وزيراً للتعليم ، وعليه طالما تخوض الصحيفة حرباً مع النظام فلا بأس من التقاط مجرد مجاملة عابرة أكانت لمستحق لها أم لغير مستحق ..في احتفال عام أو في "طرقة" داخل فندق.. في عطفة أو حتى في ميدان التحرير .. ميدان التحرير .. ميدان التحرير (مع الاعتذار لصاحب "الحلزونة") ..وربما لم يبق للجريدة أو غيرها إلا تسيير الصحفيين وراء أي مواطن حتى تصطاده بتهمة إلقاء نكتة جنسية على زميل له في شارع ضيق ، فيسمعها كل المصريين في اليوم التالي عن طريق الجريدة.. ونعم التنوير!

الدكتور "علي لطفي" لم يعد صاحب أي حيثية .. مجرد "سابق" ككل "السوابق" الذي تتعامل معهم الصحافة حسب مزاجها .. وكثيراً ما رفعت "الدستور" وغيرها العديدين من "السوابق" الذين ارتكبوا "سوابق" بحق الشعب المصري إلى مصاف أعلى مما يستحقونها .. وتغاضت عن سلبيات عدد منهم وقت أن كانوا على الكراسي .. وبالتالي لم تعد كل كلمة محسوبة عليه بنفس القوة التي كان عليها وقت أن كان ذا سلطة.. وربنا أعلم بما كان عليه مسئولونا السابقين الذين لم نكن نعرف عنهم - بحكم الصحافة الحرة- إلا ما أرادت تلك الصحافة الحرة أن نعرفه عنهم.. ماهي حرة!

2-السقطة الأكبر كانت من شاعر ومثقف يحظى لدي باحترام كبير بآرائه وأشعاره .. "فاروق جويدة"..

بدون حنجوري .. من أهم ما يميز المثقف عن باقي أفراد مجتمعه أنه أوسع نظرةً وأبعد نظراً.. وهو عكس ما فعله الشاعر الكبير الذي لم يعنِه من ما حدث كله سوى القصيدة .. قصيدة "فتحي يا ويكا" دون "فتحي يا ويكا" وما فعله "فتحي يا ويكا"..

"فتحي يا ويكا" كان وزيراً للتعليميكا وقت أن كان "جويدة" وغيره يكتبون في الأهراميكا .. وهذا الانحطاط الذي نعيشه ما هو إلا مجرد عرض سببه النظام التعليمي في مصر .. والذي كان "فتحي يا ويكا" أحد وزرائه وصانعي سياساته والقائمين عليه ومدعيي تطويره.. ولم نسمع من "جويدة" ولا من غيره والحمد لله أي كلمة نقد أو انتقاد وقت أن كان "فتحي يا ويكا" وزيراً للتعليميكا أو بعد انتقاله إلى مجلس الشعبيكا (=بأدلع الشعب) ..

"فاروق جويدة" المثقف الكبير لم ينتبه لجرائم اقترفت في عهد الوزير السابق وغيره في حق التعليم والثقافة واللغة ، ولم يفطن للدور الذي لعبه الوزير المذكور وغيره في جعل الشباب المصري الحالي في معظمه يستسخف القراءة ويعادي المعرفة وينحاز للجمود ويبغض الشعر ويمتعض من الأدب .. "فاروق جويدة" المثقف الكبير لم يلقِ نظرة عابرة على النصوص التي تدرس في الكتب في مختلف المراحل سواء اختياراتها أو طريقة عرضها وتحليلها أو الأسئلة التي ترد عنها في الامتحانات.. ويدخل في ذلك قصائد من عينة "النسور" التي هي أسوأ دعاية لمدرسة هامة في الشعر العربي لها حيثيتها.. وربما نعيش اليوم الذي يتم فيه تدريس "لن أعيش في جلباب أبي" الرواية التافهة السخيفة مجاملةً لـ"روزا اليوسف" المؤسسة والنفوذ (بما أن كاتبها هو "إحسان عبد القدوس") وكجزء من الحملة القومية للتحريض على كراهية الأدب (بعد أن نجح الجزء السابق بامتياز وكره جيل كامل من المصريين الشعر)!

حتى ولو أسمينا ما قاله "علي لطفي" رئيس الوزراء الأسبق شعراً .. ووصفناه بالتفاهة .. فماذا فعل المثقفون غير التافهين غير السكوت على التفاهة سكوتاً معناه الرضا؟

ليفرح المثقفون إذن بجعلنا مثل ذلك الشخص في القصة القديمة عندما أعطاه أحد الحكماء "مقشة" وتركه في غرفة بها صنبور مفتوح على آخره ، وطلب منه تجفيف الغرفة من الماء .. ورغم أن الصنبور كان أمام الشخص .. وكان يسهل عليه إغلاقه .. إلا أنه ظل يجفف الأرضية بالمقشة إلى ساعة كتابة هذه السطور..

Friday, January 16, 2009

تعليم كليب

لدينا برلمان منبطح أقرب إلى مسارح القطاع الخاص ، وقت أن كان في بلادنا مسرح "مبتذل" للقطاع الخاص.. قبل أن ينقرض ذلك المسرح بمبتذله ومحترمه.. حدث ما أرادته الميديا الرسمية ، والتفت الرأي العام إلى مشهد "الجزمة" على حساب مشهد تمثيلي آخر أكثر ابتذالاً.. تمثيلية "الوطني الأوحد" التي يمثلها نواب الحزبوطني داخل البرلمان الذين يزعمون أنهم يستجوبون وزير التعليم فيما يخص التعليم!

لعبة "الأوحد" هي أحد الأسباب المباشرة لتخلفنا ، فكما أن التيار الديني يدعي أنه الوحيد المهتم بغزة ، والتيار القومي يدعي أنه الوحيد المهتم بدور مصر "القومي" و"العروبي"، واليسار يحتكر لنفسه العمال والفلاحين وإن كان ينافس الحزبوطنيين على احتكار الوطنية وربما الوطن .. وربما كانت تلك الاستجوابات التمثيلية في المسألة التعليمية محاولة مبتذلة لتوصيل رسالة مفادها "نحن نهتم بالداخل المصري ومستقبل مصر".. يا عيني..

1-تحدث رئيس الوزراء إلى هؤلاء النواب الذين كانوا متواجدين في المؤتمر العام للحزبوطني مطالباً إياهم بـ"تطوير التعليم".. وكان الوزير أمامهم في المؤتمر ، وبعد المؤتمر في مناقشات لجنة التعليم .. وكان من الممكن أن يواجهوه ويناقشوه في مسائل التعليم والنظام التعليمي المصري بعيداً عن أعين قناة "المحور" ومراسلي "المصري اليوم"-تلك الجريدة التي تسببت في شهرة النواب أكثر مما تسببت الإذاعة يوماً ما في شهرة المطربين- لكنهم اختاروا هذا التوقيت بالذات لتوصيل أكثر من رسالة .. منها أننا "وطنيون بالقوي يا احنا" ، وثانيها كي يعرف أبناء الدائرة الكرام "إن احنا عدم اللمؤاخذة ناس بتشتغل وبنحضر الجلسات" .. وبالمرة "إن احنا معارضين وفلة".. أضف إلى ذلك تحسين الصورة التي بان سوادها بسبب ما ينتشر في الشارع عن تورط عدد من السادة النواب في "مواويل" الغش الجماعي..

2-السؤال الذي قد يقفز إلى ذهن عامة الناس من أمثالي وأمثالك هو: حيقولوله إيه يعني؟ .. سؤال في محله .. واستنتاجي للإجابة المنطقية عنه هو عبارات من عينة : التعليم "وِحِش" يا معالي الوزير!

ممتاز .. أما وقد علمنا أنه كذلك.. على أي أساس؟ تذكروا أن هؤلاء "الأشخاص" صانعو قرار ، في حزبهم -إن جاز لنا تسميته كذلك- أو في مجلس الشعب ، ومن مهامهم ممارسة "الرقابة البرلمانية" على أعمال السادة الوزراء.. أي أن هؤلاء وبالذات أعضاء اللجان ينبغي عليهم أن يتابعوا أمور التعليم أكثر من الصحفي ، والمدوِّن ، والشخص العادي.. إن صح ما استنتجته .. فإن ما دار لا يعدو مجرد دردشة عادية "التعليم وحش ..ههههه" كما لو كان الحوار عن مباراة كرة قدم أو جلسة ودية على مصطبة .. وهذا سيساهم في نسف ثقة آحاد الناس في العملية السياسية برمتها..المؤسف أن حقيقة أخرى تعزز هذا الاستنتاج ، ألا وهي أن...

3-معظم نواب الحزبوطني في البرلمان نواب خدمات ، المدرسة الفلانية والمستشفى الفلاني وبيارة الصرف الصحي الفلانية وتأشيرة من هنا وتأشيرة من هناك .. نقاش عن السياسات وطرق تنفيذها وسوء إدارة العملية التعليمية "معرفكش".. قد يعزي البعض ذلك لضعف المستوى الثقافي لمعظم ممارسي السياسة في مصر بمن فيهم حملة رتب - عفواً: درجات- علمية .. وقد يعزي البعض ذلك أيضاً لأن هؤلاء منشغلون بأمور أخرى وليس لديهم "الوقت الكافي" لمتابعة الداخل المصري والذي يندرج تحت بنده كل ما يتصل بالتعليم.. إلا طبعاً ما يتصل بمصالحهم..

4-وبالتالي فإن "قضايا التعليم" لدى هؤلاء اختزلت في مسائل من عينة "الكادر الخاص" ، ونظام "الثانوية العامة" ، وبعض الأمور التي يمكن مناقشة وكلاء الوزارات في الأقاليم فيها بشكل أفضل بما أننا مقدمون على لا مركزية وكل سنة وانتم طيبين آخر حاجة..

عليه ، فما حدث من السادة نواب الحزبوطني لا يعدو مجرد مشهد تمثيلي أمام أعين الـ"Big Brother".. التمثيل الذي تمليه "المراقبة".. لا الرقابة.. كان على الحزبوطني أن يستعين بممثلين أكثر كفاءة بالذات عندما يمثلون ممارسة الرقابة على الوزراء ، والكلام عن التعليم..

Thursday, October 23, 2008

لا مركزيتنا حماها الله

1-إذا أردت ترويض الشوشو البيروقراطي يقدم لكم "أخوكم الصغنن حلاوة" -من عينة "أبو المحاسن" في "الدالي-هذه النصيحة: لا تكتفي فقط بسماع الكلام ولكن زد عليه تسميعه.. فأكم من موظفين بيروقراط اكتفوا بسماع الكلام وتنفيذه ووجدوا أنفسهم منقوصين من نصف مرتباتهم أو منقولين إلى الأماكن إياها.. لكن ناظر المدرسة الموقر التي استضافته البريمادونا كان أكثر ذكاءً ووعياً حين لهج من حين لآخر بالشعارات الرابسوماتيكية الرنانة عن المشاركة المجتمعية كمبرر ومسوغ لتحويل مدرسة إلى صالة أفراح بالليل والدنيا ضلمة!

2-وتعبير "المشاركة المجتمعية" أصبح فزورة تستعصي على الفهم .. مقرونة بالعادة المصرية -للأسف- المعاصرة باللف حول الكلمة دون الدخول إلى تفاصيلها .. فمن يذهب إلى الموقع الرابسوماتيكي على الشبكة العنكبوتيكية يلمس أنه يفترض أن المجتمع يشارك في المدرسة في محاولة منه لتقليل اعتماد المدرسة على الحكومة المركزية .. ومنح مجالس الآباء سلطات أوسع في إدارة وتوفير التمويل اللازم للمدرسة (إذا كانت المدرسة حتمول نفسها بنفسها وحتدير نفسها بنفسها فما الحاجة للوزارة إذن) ..فما علاقة ما حدث في "سندوب" بما يسمى "المشاركة المجتمعية"؟

حتى في اتخاذ قرار "غير تقليدي" كهذا -إن كان مجلس الآباء والمعلمين قد اتخذه بالفعل- أنت بحاجة للرجوع إلى "المركز" -سواء كانت الوزارة ممثلة في وكالة الوزارة في المحافظة أو في المحافظ الذي هو ممثل رئيس الجمهورية في الإقليم طبقاً للدستور..

3-في "العاشرة" أذيعت لقطات للمدرسة .. والتي أستغرب كونها موجودة في "سندوب" الضاحية الصغيرة من ضواحي مدينتي "المنصورة ".. قد يكون للجهود الذاتية تأثيرها .. وهي تقليد قديم في "الدقهلية" أقدم من السيد الوزير وشعاراته يعود لمحافظها الراحل الكبير "سعد الشربيني" .. ولكن أعرف أن كل عضو في البلَّمان-مع الاعتذار لأستاذنا "أحمد رجب"- يزغلل عيون ناخبيه بالخدمات يفتح مدرسة هنا ، فيغيظه الآخر بمدرسة هناك .. والنتيجة عبء زائد على الحكومة المركزية ، وعلى مجالس الآباء والمعلمين .. وعدم عدالة في توزيع الخدمة التعليمية .. ففي الوقت الذي من الممكن أن تتواجد فيه عدة مدارس "كبيرة" في قرى وضواحي صغيرة قليلة في عدد السكان نجد أن مناطق كاملة في عواصم المحافظات يسكنها مئات الآلاف من البشر تتواجد بها مدرسة ثانوي أو إعدادي يتيمة.. ثم تشكو الوزارة من ارتفاع كثافة الفصول!

إذن إن كنت من سكان تلك المناطق العاصمية التعسة.. فعليك أن تتقدم بطلب إلى عضو مقلة الشيعب في دائرتك وهو سيفحص المطلوب كي ننتقل بحمد الله وتوفيقه من مركزية الوزارة إلى مركزية عضو المجلس الموقر!

4-سَفَه المقابلة ، وسَفَه فكرة "الشحتفة" على "الظلم" "البين" الذي لحق بالسيد الناظر هو فكرة التعاطف مع موظف استغل سلطاته وينعي على الموظف الأكبر -اللي هو المحافظ- أنه استغل سلطاته.. كما أنك لا تعرف من يقول الحقيقة .. هل هو الناظر الذي يقول أنه استأذن إدارة غرب المنصورة التعليمية ، أم مدير الإدارة الذي نفى علمه بما حدث جملةً وتفصيلاً؟!

لاحظوا أن تعليقات الناس على الخبر المنشور في يومية "المصري اليوم" تشبه بنسبة كبيرة التعليقات التي تُعُمِّدَ تمريرها في برنامج "العاشرة مساءً".. ومن أبرز حجج أصحاب تلك التعليقات المؤيدة للناظر أن الرجل "لم يختلس" .. قد يكون هذا صحيحاً .. لكن حتى ولو اختلس فإنه سيجد من المتعاطفين ألوفاً.. أن تكون علاقتك بالحكومة الحالية سيئة هذا أمر طبيعي رغم أن هذا البلد حكمته حكومات أسوأ ألف مرة وسادته سياسات تعليمية ملعونة ولم يسخط عليها أحد.. لكن الجديد والسيء في الموضوع أننا انتقلنا من فكرة السخط على حكومة فلان إلى فكرة السخط على وجود حكومة .. ومن فكرة السخط على الدولة في وجود المسئول فلان والمسئول علان إلى فكرة السخط على الدولة بمؤسساتها من حيث هي..منتهى الخطورة لمن يرى..

5-هذا لا يمنع أنني فشلت في فهم اللامركزية التي قال الرجل أنه يطبقها.. فهي مكتوبة في ويب سايت الوزارة في صفحة فارعة الطول وبأسلوب مقعر و"مجعلص" يصعب على الفهم رغم أن الأهداف والسياسات يجب أن تصاغ لغوياً بعبارات واضحة يسهل فهمها على من يفترض به أن يعرفها ويطبقها .. هي أشبه بلوحة رسمها أحد أدعياء الفن التشكيلي عبارة عن ورقة بيضاء بها خط مائل .. يتركها لك سيادته لكي تحاول فهمها.. أهي دعوة جادة لأن يساهم المجتمع فعلاً في جعل المدرسة مكاناً للتعليم الجاد .. أم هي دعوة جادة من قبل الحكومة لـ"الخلعان" من مسئولية عملية التعليم.. حسناً.. لقد رأينا في وقت سابق من هذا العام كيف كانت اللامركزية على أصولها في امتحان الثانوية العامة..

6-ومن أكثر الفقرات إضحاكاً في الموقع الرابسوماتيكي فقرة "التحديات" التي تواجه "اللامركزية" والتي من بينها "عدم انتشار ثقافة اللامركزية مما يشكل ضغطًا على القيادات المركزية والقيادات اللامركزية فى آن واحد" و "عدم اعتياد القيادات التعليمية اللامركزية على ممارسة سلطاتها بعيدًا عن تدخل الإدارة المركزية".. لا تعليق أكثر..

7-منذ بدأ الرجل في اللعب على اسطوانة "تصريح الأمن" ثم استشهاده بقول الحق عز وجل "إن الله يدافع عن الذين آمنوا" كما لو كان متخذ القرار ضده كافراً .. ومنذ أن بدأ في تكرار الكلام الرابسوماتيكي ..فقدت أي تعاطف مع هذا الرجل.. هذه النوعية من الموظفين لا أطيقها.. اعذروني فأنا وش فقر!..

اللامركزية التي يزعمها سيادة الجالس على الكرسي الرابسوماتيكي تحتاج إلى وعي من الشارع .. تماماً كذلك الذي كان متوافراً لدينا يوماً في تجربة الجهود الذاتية بدون توجيه من وزير أو خفير .. وإلى وعي من جانب الموظفين القائمين على تنفيذ اللامركزية (رغم أنهم يقبضون رواتبهم من الحكومة المركزية).. غير ذلك فهو استمرار لسياسة "العربة فوق الحصان".. والتجارب الجادة لا تحتاج إلى تقاليع ومبررات وتتم في صمت.. ليت تطوير التعليم يتم في صمت ويستشعره الناس بدلاً من أن يتم بهذا الشكل الحالي.. الصمت أصدق إنباءً من الهذر!

Monday, August 25, 2008

سيكون هناك سيرك!

الحمد لله .. أنا محروم لأسباب تقنية من مشاهدة الست "منى الشاذلي" وإن كنت أجزم بالتأكيد أنها ستذكرنا بأن رمضان الحالي هو أصعب رمضان في التاريخ لالتقاء الموسم الدراسي مع شهر رمضان ، وهو نفس السبب الذي كان من أجله رمضان السابق هو أصعب رمضان في التاريخ ، والسبب الذي سيصبح رمضان القادم أيضاً من أجله أصعب رمضان في التاريخ.. كأنك تشاهد موعظة من عينة "كلكوا رايحين النار.. من غير سابق إنذار"!

الموسم الدراسي القادم قد لا يكون أصعب موسم دراسي في تاريخ مصر.. لكنه سيكون مقدمة لمواسم مضحكة مبكية تراجيكوميدية..

فقبل ثلاث أسابيع تقريباً من بدايته انشغل المعلمون تماماً بموقعة الكادر الخاص وامتحانات الكادر الخاص بشكل شل تركيزهم تماماً ، سواء منهم من كان من "مناشير" الدروس الخصوصية ، أو من غيرهم.. وصب هؤلاء جميعاً جام غضبهم بطريقة أو بأخرى على الامتحانات التي تنعقد وقت كتابة هذه السطور..

السواد الأعظم من الرأي العام يميل لتفسير ميديا المال السياسي التي ترى أن خطوة الامتحانات تلك مجحفة في ذاتها مثلها مثل الكادر.. وأنها "إهانة" للمعلم ، و"محاولة" لـ"التملص" من الكادر الخاص للمعلمين.. بوصفه "ورطة" وجدت الحكومة نفسها عالقةً فيها..

في المقابل تظهر تفاسير أخرى أراني أميل إلى بعضها إن لم يكن إلى كلها.. منها أن النسبة الأغلب من المعلمين لن تقبل دخول الامتحان لتعلقه بالكادر .. بل لن تقبله في ذاته .. حيتان الدروس الخصوصية وصلوا إلى مستوى من الثقة الزائدة جداً في الذات بحيث أنهم يعتبرون أنفسهم مصنفين عالمياً في مجالاتهم (رغم أن منهم من سافر إلى بلاد النفط وفشل) .. ودخول الامتحان في ذاته هو مهانة كبيرة لهم ولـ"تاريخهم"..

ومنها أيضاً أن المعلم المصري صار يتصرف كموظف يؤدي عملاً روتينياً مملاً ويرفض تطوير نفسه وأدواته.. كنت قد قرأت على أحد المنتديات وجهة نظر ترى أنه كان يجدر على الوزارة قبل الامتحانات أن تقوم بعمل دورات تدريبية تربوية للمعلمين قبل الامتحانات .. ولكن ما أدرى صاحب وجهة النظر تلك وما أدراني أنا وما أدراكم أن تلك الدورات لن تُجَابَه بنفس الاستخفاف (همة بقى عايزين يعلمونا تاني؟.. العالم دي بتهزر؟)؟

والتفسير الأخطر أن هناك مقاومة لأي شكل من أشكال التغيير سببها "النفسنة" المتبادلة بين الوزير من جهة وقيادات التربية والتعليم والمدرسين من جهة أخرى.. جزء من "النفسنة" التي تسود الجهاز البيروقراطي المصري بأكمله ، والتي لم يعد من الذكاء أو الشجاعة تجاهلها ودفن الرءوس بما حوت في الرمال.. فالوزير "بيه" قادم من خارج الوزارة يراه موظفو الوزارة الوالي العثملِّي القادم من "الآستانة" لجباية الضرائب والضرب بالكرباج .. بينما يرى الوزير نفسه ضابطاً صغيراً تم نقله إلى مكان كله "لَبَش" وعليه أن "يلايمها" مع كبار المنطقة كي لا يفعلوا به مثلما فعلوا بسابقه.. احساس متبادل بين الطرفين بالتربص والتآمر لا يمكن معه التقدم خطوة واحدة للأمام .. ويساعد على تفاقم ذلك ضعف "الرابسو" الحالي (لكن برضه بيني وبينكم :من امتى كان فيه رابسو قوي؟ وإزاي تجتمع الرابسوماتيكية والقوة في شخص بِنِي آدم؟)..

سيدخل المعلمون الموسم القادم بلا أدنى تركيز في عملهم الأصلي الذي نسوه في غمرة اللف على "السايبرات" من أجل استخراج نماذج التقدم للكادر ، والاعتذار عن الكادر ، وامتحانات الكادر .. خاصة وأن وزارة التربية والتعليم تثبت عبقريةً لم يخلق مثلها في البلاد في مسألة تصميم المواقع تتمثل في نظرية "شيل السايت م الأرض".. الوزير نفسه لا يركز هو الآخر فيما هو عمله من إعداد للموسم الدراسي القادم متفرغاً فقط لمعركة الكادر هو الآخر.. وقد أفلح اليوم من استعلى..

أغلب المعلمين يرفضون تطوير أنفسهم .. والوزارة تدعي تطوير التعليم ثم ترفضه فعلياً عوماً على عوم من يرفضون تنفيذ قراراتها.. والمذهل أننا نتحدث عن التطوير بهذه الطريقة..

لن يستفيد الوزير شيئاً ، ولا المعلمون.. والخاسر الحقيقي هو الطلاب وأولياء أمورهم في النهاية.. إلى أن ينفض السيرك.. أو أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً..

Sunday, July 06, 2008

من أجل ذلك

لم يجد "معاليه" أبسط من تكرار نفس الاسطوانة المشروخة "السمجة" الخاصة بـ"مستوى الطالب المتوسط".. فقط لأنه استشعر سوء موقفه - الذي وضع نفسه فيه بسلبيته وضعفه وانعدام حزمه- أمام الشارع فلم يجد إلا استعمال تلك الكليشيهات لإرضائه..

تكلم كثيرون ، منهم كاتب السطور ، في مسألة سهولة أو صعوبة الامتحان ، واختلفت الآراء.. إلا أنه رغم أهمية أن يكون الامتحان امتحاناً - لا أن يكون نزهة خلوية ولا أن يكون أجازة في "أبو غريب"- ورغم أهمية أن يكون الفهم عادة يتدرب عليها الطالب طوال حياته وأن يختبرها فيه واضع الامتحان ، إلا أن هناك رأياً آخر فيما يخص مسألة "صعوبة الامتحان".. يستحق أن يُناقش بهدوء وروية..

للصعوبة في الامتحان جانب مظلم واحد وخطير ، ليس في ما يحدث أثناء الامتحان ، ولكن ببساطة شديدة فيما سيحدث بعده..

لا أزعم أنه بعد امتحان اللغة الفرنسية الشهير في 1989 تغيرت شكل مذكرات الدروس الخصوصية في الفرنسية إلى الأبد ، ووصل الأمر مع الوقت إلى أن أصبحت تلك المذكرات أشبه بحقن هرمونات تحقن بشراسة كمية هائلة من المفردات يستحيل على أي شخص في العالم درس اللغة لمدة ثلاث سنوات أن يتحملها أو أن يستعملها.. ليييييه؟ لأنه من الممكن أن ترد كلمة كهذه في الامتحان..

الشيء نفسه رأيته في مذكرة للغة العربية ، رغم أن امتحانات اللغة العربية لا تأتي "صعبة"- لأسباب بعضها سياسي- حينما شاهدت المدرس -ربنا يحفظه وهو أعلم باللي في ضميري- وقد وضع جداول "سمينة" لكل معاني الكلمات الموجودة في كل نص ، ولولا بقية من الحياء وحمرة الخجل لوضع في تلك الجداول عكس كلمة "باريس" ومثنى "في" ومفرد "إن".. أضف إلى ذلك افتكاس سيادته لكل ما يمكن (أن يشتبه في) أن يكون من "مواطن الجمال" حتى ولو لم يكن فيه أدنى كم من الجمال..

والمبرر جاهز: مش جايز دة ييجي في الامتحان؟

وربما تنتقل العدوى-إن لم تكن قد انتقلت بالفعل- لـ"الكتب الخارجية" و"الكتب الخارجية النظامية"- المعروفة تجاوزاً باسم "نماذج الوزارة".. وإلى الفصل الدراسي بـ"ذات نفسيته".. تحتفظ ذاكرتي بمدرس للرياضيات في المدرسة الثانوية التي كنت فيها كان يفتخر بأن أسئلته - هو - كانت دائماً موجودة في امتحانات الثانوية العامة..

النتيجة : مزيد من "التزغيط".. مزيد من الشحن .. مزيد من الحقن .. قبل أن يذبح الطالب في سوق العمل ويكتشف أنه لم "يتعلم" .. بل أنه في الواقع قد "اتعلم عليه"!

وكيف يتعلم والامتحان هو الغاية والهدف ، وكل ما حوله من ممارسات يعزز أن الامتحان هو الغاية والهدف؟

من أجل ذلك - وطبقاً للطرح السالف الذكر- كان لصعوبة الامتحانات جانب صعب وخطر ، لم -ولن- يضعه أي رابسو في حساباته ، ولن يكتب عنه أي صحفي منتفع كان أو غير ، ولا يراه بوضوح إلا الذين اكتووا بنار النظام التعليمي المصري..

هذه وجهة نظر.. كيف ترونها؟

Friday, July 04, 2008

غزوة كليوباترا

خلع -بحسب المصريون الإلكترونية- عدد من رؤساء الأحزاب الورقية على "معاليه" وصف "الشجاعة" لمجرد أن هذا الأخير قد قبل الذهاب إلى ندوة أعدوها في فندق كليوباترا.. ووصل الأمر إلى أن رئيس ما يسمى بـ"حزب" "السلام الاجتماعي" وصف الرجل بأنه " من أعظم وزراء مصر" وطالبه بـ"إكمال مسيرة النهضة التعليمية التي بدأها"!

والظريف أن رؤساء الأحزاب الورقية مضافاً إليهم بعض أعضاء البرلمان المنبطح الفاشل قالوا أنهم عقدوا هذا الاجتماع لـ"توجيه النقد إلى الوزير" بسبب سوء إدارته لامتحانات الثانوية العامة ، والفضائح "المرطرطة" في المنيا وغير المنيا و...و....الخ..

أرسل هذا الخبر لي رسالتين لا ثالث لهما:

الرسالة الأولى: مفادها ببساطة شديدة أن هذه الأحزاب تستحق الغلق ، وأنه إذا كانت التعددية تعني وجود أحزاب بهذا الشكل فلتذهب في ستين ألف داهية..والمجلس الذي يضم هؤلاء أو ممثليهم هو مجلس منبطح ، والناخب الذي صوَّت لهم يستحق كل ما سيحدث له على أيديهم إن شاء الله..

أتمنى ممن يوزعون أنماط الشجاعة على من يشاءون ويرضون أن تكون لديهم الشجاعة للحديث عن مكان التعليم ضمن أولوياتهم وبرامج أحزابهم -إن كانت لتلك الأحزاب برامج- لاحظوا أنه بما أننا في مناخ سياسي (يفترض) التعددية قد يصل حزب من هذه الأحزاب- لا قدر الله- إلى السلطة ، وسيكون مطالباً بوضع سياسة تعليمية لمصر.. وربنا يستر على مصر..

سلمنا بأن السياسة التعليمية فاشلة ، عن يقين وقناعة عقلية ، وبشهادة شخصيات كبيرة في قلب الحزب الحاكم ، ماشي ، ما هي بدائل تلك الأحزاب؟ ما هي سياساتها؟ ما هي مقترحاتها على الوزير؟

ولن تجدوا إجابة..

الرسالة الثانية: هي أن "معاليه" ارتكب خطأً فادحاً بحضوره إلى "قعدة" فندق كليوباترا.. خطأ سياسياً فادحاً ربما قد يكلفه منصبه.. بما أنه سمح لهؤلاء بتحقيق مكسب سياسي غير مستحق على حسابه..

كان من الممكن أن يعامل هؤلاء بما يستحقون ، ويكتفي بإرسال رسالة مقتضبة إلى البهوات عشاق الأضواء والظهور في "العاشرة مساء": أين كنتم في مؤتمر تطوير الثانوية العامة؟ وأين كنتم في مجلس الشعب؟

لكنه ذهب.. طمعاً في "شهادة الشجاعة العامة" ممن يسمون أنفسهم "ائتلاف المعارضة"..

الشجعان الحقيقيون هم من يعتمد المواجهة لا التقهقر وثقافة "اطلعلي برة وياريت لوحدك.. علشان أحطك كدة عند حدك"، من يواجهون الوزير في مجلس الشعب لا في الفنادق المكيفة وأمام كاميرات برامج التوك شو ، الشجعان الحقيقيون هم من يدرك تماماً أن فاقد الشيء لا يعطيه.. ليس من الشجاعة أن تسعى للحصول على شهادة بالشجاعة ممن لا يعرفون الشجاعة..

الوزير خسر "غزوة كليوباترا" وكذلك نحن.. وسيجد الأشقاء والأعدقاء شيئاً جديداً من تحت رأس ملف التعليم في مصر ليتضاحكون به علينا في صحفهم وقنواتهم ومنتدياتهم.. عذراً للإطالة وحدة اللهجة..

Monday, June 23, 2008

الصحافة السوية والموظفون السايكوبات

لماذا كانت كل هذه الهجمة الشرسة التي تصل في لغتها إلى مصاف الشرشحة من قبل صحف الحزبوطني على واضعي أسئلة امتحانات الثانوية الغامة؟ وصل الأمر من قبل بعض هؤلاء الصحفيين إلى وصف واضعي أسئلة الامتحانات بأنهم مرضى نفسياً يتلذذون بتعذيب غيرهم..

واضعو الأسئلة أسوياء في حالتين اثنتين، الأولى عندما تأتي أسئلة الامتحانات لذيذة و"فلة شمعة منورة" يستطيع كل الطلبة أن يحصلوا بمقتضاها على مجاميع هرمونية تتخطى حاجز المائة والعشرين بالمائة لا تمكنهم في النهاية من دخول كليات "الكمة" ثم ينتهي بهم الأمر إلى الشارع، والحالة الثانية هي أن "تتوارد" أو "تتشابه" أو "تتقاطع" أسئلة امتحاناتهم مع نماذج الامتحانات التي تنشرها صحف البهوات.. فيما عدا ذلك فهم سايكوهات كسايكوهات أفلام التصنيف "بي" في هوليوود الذين يقومون بدور السادي بشكل مهترئ ومثير للشفقة..

وإذا استمر الحال على ما هو عليه لن تعدم الصحف "المحترمة" حيلة في البحث وراء أسباب إصابة هؤلاء الموظفين بالهسهس البطال.. منها أن أحدهم فشل في الوصول لإحدى الكليات إياها فأقسم يمين طلاق بألا يدخلها أحد ، والثاني كان يعرف فتاة إنجليزية فسئمت منه وتشاجرت معه فأسمعته العبارة الشهيرة ذات المقطعين فقرر الانتقام من الإنجليز ولغتهم.. وربما مرت سحلية على قفا بعضهم فأصبحوا سايكوهات من الدرجة الأولى!

ليس الصحفيون ملائكة ، وليس واضعو الأسئلة سايكوهات، قد يتصف بعضهم بالغرور والثقة الزائدة عن الحد كما حدث في امتحان اللغة الفرنسية الشهير في أواخر الثمانينات، حيث اعتقد واضع الأسئلة أن الطالب قد استجمع في دراسته للفرنسية طوال ثلاث سنوات فقط ما يؤهله لكتابة فقرة قد لا يستطيع طالب متفوق كتابتها بالعربية ، كان من الممكن أن يُنَاقَش في ما فعل ، وربما رحَّب بالمواجهة ، وقد يكون له رأي يستحق العرض كي نتفق معه أو نختلف ، لكن هل يكفي ذلك لأن نصفه بأنه سايكوباتي؟

ما أدهشني أن هناك تعتيماً على شخصية هؤلاء "السايكوهات".. بل والرفض التام لأي تعامل معهم كان حتى ولو على سبيل العمل الصحفي الصرف ، كنت أتوقع لو أن لدينا صحافة "محترمة" أصلاً أن تتجه إلى هؤلاء الناس وتسألهم عن امتحاناتهم وتواجههم بها على سبيل العمل بمبدأ الرأي والرأي الآخر .. لكن إزاي؟ "الرأي والرأي الآخر" و "حق الرد" وغيرها تندرج تحت بند "الكلام دة قدامك"!

وما أدهشني أكثر ، وأعتقد أنه أدهش الكثيرين ، هي اللهجة واللغة العنيفة جداً التي قوبل بها واضعو الأسئلة والامتحانات هذا العام، نجد "الجمهورية" مثلاً وقد استعملت وهي الصحيفة "القومية" "الرصينة" تعبير "المحرقة" على امتحان للثانوية العامة ، تماماً مثل المشهد الشهير للراحل "علاء ولي الدين" وهو يصف طفلاً صغيراً في مدرسة ابتدائي بـ"الوغد"!

الامتحانات "محرقة" وواضعو الأسئلة "معقدون" وربما نحن "العلوش الأوغاد" إن اعترضنا.. إلا هو مين اللي سايكو؟..

Tuesday, May 13, 2008

قل العفو

إذا قال لك أي من الرابسوماتيك ، أو كتب أحد الأكاديميين في صفحتهم الملاكي في جريدة "مرسي عطا الله" أن التعليم المصري بشكله الحالي يخرج من الحفظ والتلقين إلى الفهم والتحليل.. اسأله سؤالاً واحداً ..وثق تماماً أنه سيبهت وسيصاب بداء الخرس:

هل يسمح النظام التعليمي الحالي بـ ، أو يحرض على ، استخدام ما يتعلمه الفرد في مادة مع مادة أخرى؟ أو ما يتعلمه الفرد في مادة ما مع فرع آخر في نفس المادة؟ ليس بالضرورة من أجل الامتحان ولكن من أجل "الارتقاء بمستوى الأداء"؟

عايز تشتغله أكثر.. قم باصطياده إذا أجاب عن السؤال السابق بـ"نعم".. واطلب منه أن يشرح كيف يحدث ذلك في الحياة الطبيعية ، ستشعر مع الوقت وكأنك تسمع "أبو لمعة" الأصلي في أوج مجده وتألقه.. مهما كان جبروت "أبو لمعة" لم نكن لنسمع منه كل ربع ساعة عبارة "على أعلى مستوى" التي ينبس بها كل مسئول غير مسئول من حين لآخر..

النظام التعليمي الذي لا يفعل ذلك ولا يعره أدنى اهتمام يكذب على الرأي العام كله عندما يزعم أنه لا مكان فيه لـ"صم" ولا لـ"دح" .. هو لا ينمي مهارة ولا يلقي لها بالاً.. كل ما يهمه هنا هو الشو واللذة التي يشعر بها بعض القائمين عليه عند تفوههم بالعبارات الحنجورية المقعرة.. المذيلة بإكليشيه "بتوجيهات سيادته" .. "قرارات سيادته" .. "برنامج سيادته"..دمتم بألف خير..