Monday, September 14, 2009

معركة بدء الدراسة!

عدنا بعد توقف..

ما يحدث حول بدء الدراسة هذا العام يسيء للتهريج ، إن وصف بأنه تهريج..

1-فالإصرار الرابسوماتيكي في رأيي على تحويل مسألة بدء الدراسة ، ومن قبله مكتب التنسيق ، على ثابت من الثوابت القومية الوطنية التي لا يجوز المساس بها أضحى لغزاً يستعصي على الحل ، حتى والبلد مقبل على مشكلة كبيرة بسبب أنفلونزا الخنازير ، كأن الرجل يقول للمسئولين الحكوميين "اعملوا أي حاجة بس ابعدوا عن بدء الدراسة.. كله إلا بدء الدراسة"..

2-ويبدو أن أحداً من موظفي الوزارة وحكامها الحقيقيين لم يخبره أن الدراسة لا تبدأ إذ أراد لها الوزير ، فإلى الآن لا تزال الكتب المدرسية لا تصل إلى المدارس في الوقت المحدد ، ولا يكون عدد من المدرسين قد عادوا من إجازاتهم.. هذا لمن لم يتفرغ منهم لمعركة الكادر المقدسة والتي تطير من دونها الرقاب..

3-الحقيقة السابقة لم تصل بعد إلى الصحافة "المحترمة" التي قررت المزايدة على قرار التأجيل بدورها ، مستعينةً بمن يتم تسميتهم بـ"الخبراء".. الذين يؤكدون أن العملية التعليمية ستنهار إن لم تبدأ الدراسة في الموعد المحدد رابسوماتيكياً ، دون التساؤل عن كيفية جعل الدراسة تبدأ في الوقت المحدد سواء في الظروف الطبيعية أو في ظرف استثنائي.. ولا تسألني عن "الخبراء" فجميعنا أصبح منهم والحمد لله ..

4-لكن اثنين منهم ، أحدهم كان مرشحاً للجلوس على الكرسي الرابسوماتيكي ويزعم أنه زهد الترشيح ، وأصبح على دم الصحافة -المحترمة ..مانتو عارفين- زي العسل بعد تصريحات سياسية شبه معارضة -رغم كونه حزبوطني متعصب ، والآخر رئيس لجنة التعليم في المجلس إياه ، خرجا بتصريح يفوق العبارة التاريخية للسيد "عباس فهمي" على قناة "فتافيت" : "لما تيجي القاهرة يبقى لازم تزورها" .. مفاد التصريح أن قرار تأجيل الدراسة جاء دون استشارتهما أو عرض الموضوع عليهما!

ياختشي عليه!

أين كانت آراء هؤلاء في البرامج "الغامضة" وغير الواضحة لتطوير التعليم؟ ولماذا لم نسمع حساً لأحد منهما وقت عرض تلك الأشياء على المجلس؟ ولماذا لم يتطوع أحد منهم لتقديم رؤية واضحة للوزارة أو للرأي العام ورجل الشارع العادي لجعل التعليم أفضل؟

5-ثم أين هؤلاء الذين يتشدقون بالتفكير العلمي من واقع المدارس الحالية ، والتي تجعلها ملقفاً على حق لانتشار أي مرض؟ وهل من التفكير العلمي أن أنتظر حدوث كارثة أو خطر محدق داهم كي أبدأ في إعادة النظر للواقع؟ أليس التطوير عملية مستمرة كما يصدعون بها آذاننا؟

بعد زلزال 1992 بدأ مسلسل بناء أكبر عدد ممكن من المدارس ، وكأي مسلسل رمضاني ناقص الحبكة لم يتطرق صناعه إلى تدارك أخطاء تخص مواقع تلك المدارس ، ومساحاتها ، ومنافذ الدخول والخروج ، وأماكن التهوية ، ونضع تحت الأخيرة ألف خط خاصةً فيما يتعلق بأنفلونزا الخنازير ، ولا في جعل المدرسة مكاناً صحياً لا تزرع حول سورها الملطخ بعبارة "مدرستي نظيفة منتجة حلوة مش عارف إيه" أكوام القمامة.. أين كان الخبير الأول والثاني وكلاهما - للأسف - طبيب من كل ما كان يحدث؟

تماماً كالطالب البليد ، الرابسوماتيك وخبراؤهم والصحافة "المحترمة" .. حيث المذاكرة في الأسبوع الأخير قبل الامتحان ، وحيث الرعب الذي ينقل إلى رجل الشارع العادي الذي لا يريد إلا أن يتعلم أبناؤه في بيئة صحية..هم يموت من الضحك..

Tuesday, July 14, 2009

أي!

هل تتذكرون نكتة " انت ماشي حافي ليه"؟

هناك في النكتة ، وفي الحقيقة ، أمر يستحق الذهول ، ألا وهو طول الوقت الذي استغرقه الأرنب حتى قال أول "أي" .. حتى بدأ في التبرم من ضرب نمر بيه له صبيحة ومساءاً.. هذا الوقت الطويل يعكس أيضاً حقيقة هامة .. ألا وهي أن كل شيء كان على ما يرام ، وأن صفعات النمر كانت خفيفة وطرية على قلب الأرنوب إلى أن قرر هذا الأخير تغيير رأيه..

ما يعزز ذل هو العبارة الدارجة لدى الإنجليز : No news, good news.. طالما أنه لم يشتكِ أحد فإن كل شيء على ما يرام..

على مدى العامين السابقين سمعنا أكثر من "أي" فيما يخص امتحانات الثانوية العامة، "أي" خاصة بالغش الجماعي ، و"أي" خاصة بصعوبة امتحانات مدارس اللغات (وهم طبعاً طبقة أخرى فيما يبدو فوق طلاب المدارس العادية البيئة) ، و"أي" خاصة بأحوال المصححين خصوصاً هنا في الدقهلية والذين كانوا حديث أكثر من برنامج "توك شو" خلال اليومين الماضيين ..

توقيت إعلان كل "أي" وأختها مريب ، فالأمر ينقل إلينا رسالة كما لو كان الغش الجماعي غير معتاد وغير مألوف وغير تقليدي في تاريخ الثانوية العامة وهذا كلام فارغ ، وكما لو كان المصححون يصححون طوال الثلاثين عاماً الأخيرة فما قبلها في ظروف ممتازة ، وهذا كلام فارغ أيضاً .. نعم حدث كل ما سبق بالفعل طوال تلك الفترة ، ومثله معه وألعن ولكن المشكلة أنه لم يقل أحدهم "أي"، أو للدقة لم تقرر وسائل الإعلام أن تقول "أي" إلا في الوقت الذي رأته مناسباً.. وهو ليس بالضرورة الوقت الذي يراه المجتمع كذلك.. بدليل أنه من الممكن على وسائل الإعلام إن كانت صادقة في نواياها بحق وحقيق أن تفتح كل الملفات جملة واحدة وفي وقت حدوثها ، وليس بالتقسيط المريح المريب الذي نراه..

قال الأرنب "أي" من تلقاء نفسه ، حتى مع التسليم بأنه قالها بعد الهنا بسنة على الأقل ، أما نحن ، فقد أعطينا وسائل الإعلام توكيلاً تقول فيه هذه الكلمة بالنيابة عنا .. بدليل أننا حتى عندما نرى مصيبة من المذكورات أعلاه نسأل بعضنا البعض : هية جت في الجرايد؟ أو في "العاشرة" وأخواتها؟

وكشخص سخيف يؤمن بأنه مثل الأرنوب ، حر تماماً في اختيار الوقت الذي يقول فيه "أي" .. فمن حقي أن أسأل وسائل الإعلام ، وأسألكم أيضاً بعض الأسئلة ، والتي تدور كلها حول عبارة في فيلم "الناظر" : أكلم مين؟

إلى من أتحدث وأسمع فيما يتعلق بسياسات التعليم؟ الوزير الذي هو قمة جبل الجليد في النظام التعليمي المصري ومن نراه ونسمعه في التصريحات متلفزة أم مكتوبة ، أم موظفو الوزارة الذين أثبتوا بالدليل العملي أنهم أقوى ألف مرة من الوزير؟

إلى من أتحدث فيما يخص المدرسين؟ إلى مدرسي المدارس الحكومية المستغنين عن الكادر ، أم إلى مدرسي المدارس الحكومية المستخفين بالكادر ،أم إلى مدرسي المدارس الخاصة الذين يحصلون على رواتب أعلى من مدرس المدارس الحكومية ومتمسكين بالكادر ، أم إلى حيتان الدروس الخصوصية الذين يقبضون في جيوبهم ألف ضعف على الأقل قدر مرتب مدرسي المدارس الخاصة ، والمتمسكين - الحيتان يعني - أيضاً بالكادر!

وإلى من أتحدث عن الثانوية العامة ومستوى الامتحانات؟ إلى طلبة مدارس اللغات الذين اهتزت مصر كلها من أجل خطأ في ترجمة سؤال أو اثنين ، وطولب بتعليق المتسببين في الخطأ على باب زويلة وبالمقلوب ليكونون عبرة لمن يعتبر ، أم طلبة المدارس الحكومية "البيئة" الذين لا يصل الإعلام إليهم ولا يستمع لآهاتهم عندما تمتلئ امتحاناتهم بالمسامير الغليظة المعكوسة الوضعية؟

وأخيراً.. هل يتوجب عليّ أن أقول "أي" مني لنفسي إذا أحسست بها ، أم أصدق ما تقوله وسائل الإعلام معتبراً ما رصدته حواسي مجرد تهيسؤات؟ "لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين"..

وأستغفر الله العظيم لي ولكم..

Monday, April 20, 2009

فتحي يا ويكا : تفاهة صحيفة وسقطة مثقف

أول تعليق لدى رجل الشارع العادي على واقعة "فتحي سرور يا ويكا" أنها دليل على مدى التفاهة وانحطاط المستوى الذي وصلنا إليه .. وكاتب هذه السطور - كمواطن "رزل"- يحرص على عدم الانسياق لموجة التفاهة التي نعيشها بكل أبعادها ، والتي من مظاهرها أيضاً الانحياز الأعمى لوجهة نظر دون تفهم كل وجهات النظر الأخرى - يؤيد رجل الشارع فيما ذهب إليه .. وله حيثياته!

1-شيء جميل أن تنتقد التفاهة وأنت أحد صناعها ، بعينك الأحادية التي لا ترى إلا ما تريد ، لا أن ترى ما تريد بعد رؤيتك للصورة ككل.. وهو ما فعلته "الدستور" حرفياً .. حيث قامت بتحويل "مزحة" إلى عنوان صحفي وإلى خبر.. كقارئ للخبر أرى أنه مجرد مزحة ومجرد مجاملة ، وليس قصيدة "عصماء" كما وصفها مدعي الثقافة "أحمد المسلماني" .. لكن إيه.. "فتحي سرور" بعد توليه لرئاسة مجلس الشعب أصبح جزءاً من النظام ، كأنه لم يكن ذلك قبل ذلك وقت أن كان وزيراً للتعليم ، وعليه طالما تخوض الصحيفة حرباً مع النظام فلا بأس من التقاط مجرد مجاملة عابرة أكانت لمستحق لها أم لغير مستحق ..في احتفال عام أو في "طرقة" داخل فندق.. في عطفة أو حتى في ميدان التحرير .. ميدان التحرير .. ميدان التحرير (مع الاعتذار لصاحب "الحلزونة") ..وربما لم يبق للجريدة أو غيرها إلا تسيير الصحفيين وراء أي مواطن حتى تصطاده بتهمة إلقاء نكتة جنسية على زميل له في شارع ضيق ، فيسمعها كل المصريين في اليوم التالي عن طريق الجريدة.. ونعم التنوير!

الدكتور "علي لطفي" لم يعد صاحب أي حيثية .. مجرد "سابق" ككل "السوابق" الذي تتعامل معهم الصحافة حسب مزاجها .. وكثيراً ما رفعت "الدستور" وغيرها العديدين من "السوابق" الذين ارتكبوا "سوابق" بحق الشعب المصري إلى مصاف أعلى مما يستحقونها .. وتغاضت عن سلبيات عدد منهم وقت أن كانوا على الكراسي .. وبالتالي لم تعد كل كلمة محسوبة عليه بنفس القوة التي كان عليها وقت أن كان ذا سلطة.. وربنا أعلم بما كان عليه مسئولونا السابقين الذين لم نكن نعرف عنهم - بحكم الصحافة الحرة- إلا ما أرادت تلك الصحافة الحرة أن نعرفه عنهم.. ماهي حرة!

2-السقطة الأكبر كانت من شاعر ومثقف يحظى لدي باحترام كبير بآرائه وأشعاره .. "فاروق جويدة"..

بدون حنجوري .. من أهم ما يميز المثقف عن باقي أفراد مجتمعه أنه أوسع نظرةً وأبعد نظراً.. وهو عكس ما فعله الشاعر الكبير الذي لم يعنِه من ما حدث كله سوى القصيدة .. قصيدة "فتحي يا ويكا" دون "فتحي يا ويكا" وما فعله "فتحي يا ويكا"..

"فتحي يا ويكا" كان وزيراً للتعليميكا وقت أن كان "جويدة" وغيره يكتبون في الأهراميكا .. وهذا الانحطاط الذي نعيشه ما هو إلا مجرد عرض سببه النظام التعليمي في مصر .. والذي كان "فتحي يا ويكا" أحد وزرائه وصانعي سياساته والقائمين عليه ومدعيي تطويره.. ولم نسمع من "جويدة" ولا من غيره والحمد لله أي كلمة نقد أو انتقاد وقت أن كان "فتحي يا ويكا" وزيراً للتعليميكا أو بعد انتقاله إلى مجلس الشعبيكا (=بأدلع الشعب) ..

"فاروق جويدة" المثقف الكبير لم ينتبه لجرائم اقترفت في عهد الوزير السابق وغيره في حق التعليم والثقافة واللغة ، ولم يفطن للدور الذي لعبه الوزير المذكور وغيره في جعل الشباب المصري الحالي في معظمه يستسخف القراءة ويعادي المعرفة وينحاز للجمود ويبغض الشعر ويمتعض من الأدب .. "فاروق جويدة" المثقف الكبير لم يلقِ نظرة عابرة على النصوص التي تدرس في الكتب في مختلف المراحل سواء اختياراتها أو طريقة عرضها وتحليلها أو الأسئلة التي ترد عنها في الامتحانات.. ويدخل في ذلك قصائد من عينة "النسور" التي هي أسوأ دعاية لمدرسة هامة في الشعر العربي لها حيثيتها.. وربما نعيش اليوم الذي يتم فيه تدريس "لن أعيش في جلباب أبي" الرواية التافهة السخيفة مجاملةً لـ"روزا اليوسف" المؤسسة والنفوذ (بما أن كاتبها هو "إحسان عبد القدوس") وكجزء من الحملة القومية للتحريض على كراهية الأدب (بعد أن نجح الجزء السابق بامتياز وكره جيل كامل من المصريين الشعر)!

حتى ولو أسمينا ما قاله "علي لطفي" رئيس الوزراء الأسبق شعراً .. ووصفناه بالتفاهة .. فماذا فعل المثقفون غير التافهين غير السكوت على التفاهة سكوتاً معناه الرضا؟

ليفرح المثقفون إذن بجعلنا مثل ذلك الشخص في القصة القديمة عندما أعطاه أحد الحكماء "مقشة" وتركه في غرفة بها صنبور مفتوح على آخره ، وطلب منه تجفيف الغرفة من الماء .. ورغم أن الصنبور كان أمام الشخص .. وكان يسهل عليه إغلاقه .. إلا أنه ظل يجفف الأرضية بالمقشة إلى ساعة كتابة هذه السطور..

Friday, April 17, 2009

دة.. عربي؟

يختلق الكتاب للأحجام المجتمعات الجديدة يميل إلى الحجم الكبير وفرات اقتصادية. التنوع في الخدمات والوظائف يولد تفوقا معدلات على المستوى القومي. يساعد جذب العمالة إلى المجتمع الجديد القضاء على البطالة يسبب وفرات الحجم وعدالة في توزيع الدخل بين سكانه. التوفيق بين وجهتي النظر تخفيض التكاليف الأساسية في المدن الكبيرة أعلى منها في المدن يمكن الإفادة من الوفرات الخارجية لا يجذب السكان ويصبح الحجم صغير مجتمع جديد عند بداية إنشائه لتلك المؤثرات.

السابق هو جزء من مشروع تخرج لبعض الطلاب في الجامعة العمالية ، ويمكن أن يتكرر في أي جامعة مصرية أخرى على اختلاف نوعها وإدارتها وموقفها القانوني.. ومن العادي جداً أن نجد أي شخص في أي كلية في أي جامعة يكتب بهذا الشكل..

لو كان ذلك هو ترجمة حرفية لمرجع إنجليزي قام أو قامت من كتبـ(تـ)ـه بنقله من المرجع الإنجليزي فتلك مصيبة ، ولو كان ذلك أسلوب(ـها) في كتابة أي شيء بالعربية فالمصيبة أعظم..فمن الصادم لي بشكل شخصي أن يصل حجم اللامبالاة باستخدام اللغة في محرر سيتداوله ولو عن طريق الصدفة شخص آخر إلى هذا الحد المخيف.. فعندما أنقل - كأي "س" م الناس- شيئاً من لغة إلى لغة أخرى أن أحرص على أن يكون الشيء المنقول في اللغة الأخرى بلغة "طبيعية" وليس من عينة "مين كسر إيه دة"، أما لو كان ذلك "العادي بتاعه" أو "العادي بتاعنا" فلقد وصلنا إلى "رقبة الإزازة".. بعبارة أخرى: انتهت مرحلة الأخطاء اللغوية والإملائية التي صرنا نجدها في الإعلام الرسمي ولدى أكثر الناس ثقافة لتبدأ مرحلة الأخطاء المنطقية ، نعتذر عن العطل الفني ونواصل إذاعة العطل الهندسي..

وبالله عليكم لا أريد أن أسمع عبارة من عينة "مش دة مستواه ودي إمكانياته".. لأنه لا ينبغي أن يكون هذا مستواه ولا ذاك من إمكانياته.. فالتعليم يفترض به أن يرفع من مستوى أي شخص وإمكانياته .. وإلا فما الفرق بين من يتعلم وبين من لا يتعلم؟

لا مبرر إذن من التساهل مع هذه النوعية من الأخطاء ، فنحن في كل المجالات نحتاج لمتعلمين بحق وحقيق ، نحتاج لعامل متعلم كما نحتاج لطبيب متعلم ومهندس متعلم ، وكفانا من متعلمين بالاسم والشهادة فقط ، وكفانا من أحلام بلهاء آخر طموحاتها زيادة الاعتمادات للجامعات والمدارس والبحث العلمي لتخريج "علماء" لا يستطيعون كتابة جملتين مترابطتين..

Saturday, March 07, 2009

التدوينة المائة : ولا زال النيل يجري

لا زال التعليم خارج نطاق الخدمة لدى أرزقية السياسة والصحافة والإعلام بشكل عام ، ولا زال الكلام عنه إلى الآن فض مجالس .. ويدخل في نطاق الظاهرة الجديدة : الكلام "حول" الموضوع ، وليس "في" الموضوع..لا تقييم ولا تقويم ولا مناقشة ولا استفهام .. وصارت بعض السياسات والنظم والمفاهيم بقوة الاستمرار تابوهات لا يجوز الاقتراب منها ولا السؤال عنها .. فلخلخة الهرم الأكبر أسهل بكثير من الكلام عن مكتب التنسيق.. على سبيل المثال..

ولا زال التعليم لدينا شكل بلا مضمون ، حفظ مقررات و"تعبئة ليلة"، وكتب تنوء بحملها العصبة أولو القوة .. وأنشطة يتم تفريغها من مضمونها .. ينتج متعصبين ومتشنجين كثر بعقليات ترفض أن تتعلم وفي الوقت نفسه تبقى عقولهم "سافنجاية" تمتص بلا تفكير لتتحول إما إلى "عادي بيه العادي".. أو إلى طوبة في يد حزب ما ، أو جماعة ما ، أو مذهب ما .. والكثير من عيوب التفكير لدينا - ولا أستثني نفسي - ترجع في كثير إلى التعليم وطرقه وأساليبه..

ولا زال الرابسوماتيك مسليين و"لذاذ".. يدعوننا إلى المشاركة المجتمعية في صياغة السياسات التعليمية كما لو كانت عزومة مراكبية على كرسي دخان .. ويأمروننا بكثير من البر وينسون أنفسهم..لا يعترفون بخطأ ارتكبوه .. ولا يتحركون لتصحيحه إلا فيما ندر .. يختصرون الأمور لأبسط صورة على طريقة "ربح الزبون"- مع الاعتذار لزميلنا العزيز "ابن عبد العزيز" صاحب مدونة "العدالة للجميع"- سيربح المعلمون بالكادر ، وسيربح أولياء الأمور بالغش والمجاميع العالية ، وسيربح الرابسوماتيك بالهلولة والشو الإعلامي.. أما من سيربح الصابونة في النهاية فيعرف نفسه جيداً!

ولا زال المدرسون مشغولين بلعبة الكادر الخاص ، التي تحولت إلى النسخة المصرية من ألعاب Gladiatus و Ikariam.. بل إني أشك أنها صارت أعقد من اللعبتين المذكورتين (فلا يوجد امتحان للعبة Gladiatus)، حتى وإن كان المعنى "النفسي" للكادر ، ولكلمة "خاص" المضاف إلى كلمة "كادر" أهم بكثير من مبلغ الكادر..صاروا نسخة من طلابهم الذين ينتقدونهم بحجة التفرغ للعب على حساب المذاكرة .. إلا قليل القليل..

ولا زلنا نحن ندور في الحلقة المفرغة ، نؤمن بأشياء ونفعل عكسها ، خاصةً في أمور التعليم ، والكليات ، والتنسيق ، والمؤهل ، ونظرتنا المجتمعية لتخصصات بعينها ، وكليات بعينها ، ووظائف بعينها.. الكلية والبرستيج ثم المجموع وتأتي الأمور التافهة الأخرى بعد ما سبق في الترتيب ، إن وجدت لها ترتيباً..

لا زلنا كمعضلة السجين ، "بنتعازم" على صناع السياسات ، وصناع السياسات "يتعازمون" علينا..

إن لم يكن هؤلاء الجالسون في مكاتبهم على استعداد للتحرك في سياساتهم وأفكارهم ، لنكن نحن الكبار ، لنكن من يفكر ويغير نظرته.. وإن حدث .. فسيكون هذا هو المكسب الحقيقي لهذه المدونة ، ولكل الزملاء الذين لهم مدونات مستقلة تهتم بالتعليم على اختلاف مشاربهم ، أو من يكتبون عن التعليم في تدوينات داخل مدوناتهم..

Saturday, January 31, 2009

سي السيستم

لا يمكن أن أصدق أن العالم كله به سبع عجائب فقط بما أن هذا البلد به سبعين على الأقل.. البيروقراطية المصرية من أكثر الأشياء إثارةً للدهشة في مصر .. فمن البيروقراط حيتان للدروس الخصوصية ، وأصحاب مشاريع مالية وتجارية ضخمة ("صفاء أبو السعود" كانت إلى وقت قريب على قوة وزارة الثقافة في مصر!) ، ومع ذلك يتعاركون على "ملاطيش" الحكومة رغم أنهم ينفقون في اليوم الواحد أضعافها.. ونجد بعضاً آخر منهم يرتشي ، و"يهلب" من تحت الترابيزة ، ثم يتظاهر ويحتج ضد الفساد ، وبعضاً ثالثاً يتظاهر ضد رؤسائه ويحتج عليهم بحجة أنهم يسرقونه ، وهو يعلم أنهم كانوا يسرقونه طوال الوقت ، ويسكت لأنه كان يقتسم معهم ، فلما جد في الأمور أمور انقلب عليهم.. وكل ما سبق كوم.. والآتي بعد كوم مستقل بذاته..

النظام البيروقراطي قائم بشكل عام على "السمع والطاعة" والاحترام التام لـ"التعليمات" التي تستمد قوتها من "الأعلى" في السلم الوظيفي .. فـ"المدرس" يتقيد تماماً بتعليمات "الناظر" و "توجيه المادة".. و"الناظر" يتقيد بتعليمات سياسة "الإدارة التعليمية" .. و"مدير الإدارة" يتقيد بسياسات وأوامر من فوقه .. وهكذا..

ورغم رسوخ البيروقراطية الشديد في حياتنا إلا أنه تحت هذا التشدد الأعمى والتسابق في التزلف لـ"الأعلى" تتوحش الفوضى التي يسير فيها كل بيروقراطي على هواه.. من هؤلاء الفوضويين من تأخذه الجلالة ويتصرف بمزاج مزاجه .. ومنهم صنف أكثر استفزازاً يغلف ممارساته بالتواشيح البيروقراطية من عينة "في ظل تعليمات .. وتوجيهات .. الخ"..

في كتاب خارجي فوجئت بسلسلة من العجائب في نماذج أسئلة النحو في المرحلة الإعدادية تستعصي على فهم الإنسان العادي..تلك الأسئلة وردت في امتحانات الإعدادية بالمحافظات خلال عامي 2003 ، 2004.. ما الذي يجبر مدرس لغة عربية يفصل اثنين من "عبد الحميد دراز" على كتابة نفاقية فاقعة لمحافظ كان- وقتها- يشغل منصب محافظ إحدى محافظات الصعيد الجواني (قبل انتقاله إلى محافظة ساحلية كبرى).. يشيد فيها بالثورة التي قام بها سيادته في تجميل المدينة ، وإضفاء اللمسة الحضارية على عاصمتها؟

بلاش دي.. ما الذي يجبر آخر في محافظة بحراوية على تحويل أسئلة التعبير إلى مهرجان دعاية حزبوطني؟ وما الذي يجبر ثالث على أن يستغل ثالث قطعة النحو للهجوم على فيلم "مبروك أبو العلمين حمودة" ، والذي أشك - وبقوة- أنه شاهده أصلاً؟ هل يزعم الأولان أنهما يرضيان أسيادهما بتقديم خدمة لم يأمروهما بها؟ وهل يزعم الثالث أنه يدافع عن كرامة المعلم بهذا التصرف الجاهل والأحمق؟ وهل سيصدقه أحد عندما يعرف عن المثالين السابقين وأكثر؟ ..وماذا عن الذين حشروا قصة "أجريوم" في الامتحانات؟ ..أياً كان الجدل حول المشروع والذي لمسته بنفسي خلال زيارة عابرة لدمياط العام الماضي فلا يبرر ذلك بالمرة جعل الامتحانات مسرحاً لهذا الجدل بهذا الشكل المبتذل..

سيبكم من الأمثلة اللي فاتت.. ماذا عن مثال من هذا العام؟

من الذي أخبر هؤلاء أن هذا الـ($#%$#%) هو الأسلوب الأمثل لتقديم الخدمات المجانية لهذا وتلك؟ أضف إلى كل هذه الأسئلة سؤال رجل الشارع العادي الذي يسأله عندما يرى هذا القرف أو عندما يفاجأ بتقاليع أسئلة الامتحانات إياها : "اللي حاطط الامتحان دة مش له رؤساء؟ هوة ما بياخدش منهم تعليمات؟"..

لكن أين التعليمات؟

التعليمات تظهر فقط مع كاميرا التليفزيون وطلة الصحفي البهية .. فعندما تظهر الكاميرا ويطل الصحفي يتغزل البيه بتعليمات من فوقه أكثر من تغزل "عمر بن أبي ربيعة" بمن يحب.. وتظهر -أحياناً- في حالات معينة يكون غرضها "الشو" في برامج التوك شو الفاشلة وأيضاً لإرضاء "اللي فوق"- بطريقته الخخخخ..ـاصة..

هذه هي قمة العبقرية ، تشنج وتشدد وتشدق بالنظام من الواجهة ، وفوضى "مسخسخة" من الداخل بلا رقيب ولا حسيب.. وسلم لي على التعليم من أجل التغيير.. هؤلاء علمونا ، وسيعلمون أبناءنا أن يكونوا نسخاً طبق الأصل منهم.. ثم نتساءل وبراءة التماسيح في عينينا: يا مصري ليه دنياك لخابيط والغلب محيط.. والعنكبوت عشش ح الحيط وسرح ع الغيط؟- مع الاعتذار للشاعر الكبير "جمال بخيت"..

Friday, January 16, 2009

تعليم كليب

لدينا برلمان منبطح أقرب إلى مسارح القطاع الخاص ، وقت أن كان في بلادنا مسرح "مبتذل" للقطاع الخاص.. قبل أن ينقرض ذلك المسرح بمبتذله ومحترمه.. حدث ما أرادته الميديا الرسمية ، والتفت الرأي العام إلى مشهد "الجزمة" على حساب مشهد تمثيلي آخر أكثر ابتذالاً.. تمثيلية "الوطني الأوحد" التي يمثلها نواب الحزبوطني داخل البرلمان الذين يزعمون أنهم يستجوبون وزير التعليم فيما يخص التعليم!

لعبة "الأوحد" هي أحد الأسباب المباشرة لتخلفنا ، فكما أن التيار الديني يدعي أنه الوحيد المهتم بغزة ، والتيار القومي يدعي أنه الوحيد المهتم بدور مصر "القومي" و"العروبي"، واليسار يحتكر لنفسه العمال والفلاحين وإن كان ينافس الحزبوطنيين على احتكار الوطنية وربما الوطن .. وربما كانت تلك الاستجوابات التمثيلية في المسألة التعليمية محاولة مبتذلة لتوصيل رسالة مفادها "نحن نهتم بالداخل المصري ومستقبل مصر".. يا عيني..

1-تحدث رئيس الوزراء إلى هؤلاء النواب الذين كانوا متواجدين في المؤتمر العام للحزبوطني مطالباً إياهم بـ"تطوير التعليم".. وكان الوزير أمامهم في المؤتمر ، وبعد المؤتمر في مناقشات لجنة التعليم .. وكان من الممكن أن يواجهوه ويناقشوه في مسائل التعليم والنظام التعليمي المصري بعيداً عن أعين قناة "المحور" ومراسلي "المصري اليوم"-تلك الجريدة التي تسببت في شهرة النواب أكثر مما تسببت الإذاعة يوماً ما في شهرة المطربين- لكنهم اختاروا هذا التوقيت بالذات لتوصيل أكثر من رسالة .. منها أننا "وطنيون بالقوي يا احنا" ، وثانيها كي يعرف أبناء الدائرة الكرام "إن احنا عدم اللمؤاخذة ناس بتشتغل وبنحضر الجلسات" .. وبالمرة "إن احنا معارضين وفلة".. أضف إلى ذلك تحسين الصورة التي بان سوادها بسبب ما ينتشر في الشارع عن تورط عدد من السادة النواب في "مواويل" الغش الجماعي..

2-السؤال الذي قد يقفز إلى ذهن عامة الناس من أمثالي وأمثالك هو: حيقولوله إيه يعني؟ .. سؤال في محله .. واستنتاجي للإجابة المنطقية عنه هو عبارات من عينة : التعليم "وِحِش" يا معالي الوزير!

ممتاز .. أما وقد علمنا أنه كذلك.. على أي أساس؟ تذكروا أن هؤلاء "الأشخاص" صانعو قرار ، في حزبهم -إن جاز لنا تسميته كذلك- أو في مجلس الشعب ، ومن مهامهم ممارسة "الرقابة البرلمانية" على أعمال السادة الوزراء.. أي أن هؤلاء وبالذات أعضاء اللجان ينبغي عليهم أن يتابعوا أمور التعليم أكثر من الصحفي ، والمدوِّن ، والشخص العادي.. إن صح ما استنتجته .. فإن ما دار لا يعدو مجرد دردشة عادية "التعليم وحش ..ههههه" كما لو كان الحوار عن مباراة كرة قدم أو جلسة ودية على مصطبة .. وهذا سيساهم في نسف ثقة آحاد الناس في العملية السياسية برمتها..المؤسف أن حقيقة أخرى تعزز هذا الاستنتاج ، ألا وهي أن...

3-معظم نواب الحزبوطني في البرلمان نواب خدمات ، المدرسة الفلانية والمستشفى الفلاني وبيارة الصرف الصحي الفلانية وتأشيرة من هنا وتأشيرة من هناك .. نقاش عن السياسات وطرق تنفيذها وسوء إدارة العملية التعليمية "معرفكش".. قد يعزي البعض ذلك لضعف المستوى الثقافي لمعظم ممارسي السياسة في مصر بمن فيهم حملة رتب - عفواً: درجات- علمية .. وقد يعزي البعض ذلك أيضاً لأن هؤلاء منشغلون بأمور أخرى وليس لديهم "الوقت الكافي" لمتابعة الداخل المصري والذي يندرج تحت بنده كل ما يتصل بالتعليم.. إلا طبعاً ما يتصل بمصالحهم..

4-وبالتالي فإن "قضايا التعليم" لدى هؤلاء اختزلت في مسائل من عينة "الكادر الخاص" ، ونظام "الثانوية العامة" ، وبعض الأمور التي يمكن مناقشة وكلاء الوزارات في الأقاليم فيها بشكل أفضل بما أننا مقدمون على لا مركزية وكل سنة وانتم طيبين آخر حاجة..

عليه ، فما حدث من السادة نواب الحزبوطني لا يعدو مجرد مشهد تمثيلي أمام أعين الـ"Big Brother".. التمثيل الذي تمليه "المراقبة".. لا الرقابة.. كان على الحزبوطني أن يستعين بممثلين أكثر كفاءة بالذات عندما يمثلون ممارسة الرقابة على الوزراء ، والكلام عن التعليم..