Sunday, September 30, 2007

اعتذار ..حار

مدين لكم باعتذار حار..

اعتذار عن التأخير في الكتابة لمدة طويلة في هذه المدونة ..تأخير لم أكن أقصده ولا أريده.. فالفترة السابقة شهدت عدم انتظام في التدوين عموماً باستثناء تدوينات قليلة كتبت كلها "على دفعات" في "الدين والديناميت" و "فُرجة""..

عموماً.. عدت برغبة بالكتابة والفضفضة عن أحوال معوجة وغريبة في التعليم في مصر .. الذي يفترض أنه يشكل شخصيتنا وأفكارنا وتوجهاتنا وتصرفاتنا.. عدت بأفكار وتساؤلات أتمنى أن تشاركونني فيها في الفترة القادمة بإذن الله..

وكل الشكر لمن سأل عن "التعليم أهه" خلال الفترة السابقة..وأعدكم بأن الآتي بعون الله أقوى من الماضي.. واستعنَّا على الشقا بالله.. :-)

Saturday, September 01, 2007

لانعدام التكافؤ

شئنا أم أبينا .. التعليم هو جزء من الوجاهة الاجتماعية في مصر ، نيشان يضاف إلى قائمة النياشين المعلقة على الحيطان أو على "عربية الكشري" كما في فيلم الأيدي الناعمة.. حتى لو اضطر صاحبها للعمل في وظيفة متواضعة للغاية لا تتناسب مع مؤهل "طفح الدَّم" من أجل نيله!

وبما أن التعليم جزء من البرستيج ، فإن تعليم عن تعليم يفرق.. في البداية كان جل الجامعيين ينظرون نظرة دونية لطلبة وخريجي التعليم الفني ، وفيما بعد بدأ الجامعيون ينظرون لبعضهم من تحت لتحت .. والجديد أن خريجي الجامعة الأمريكية ينظرون - هم- لطلبة وخريجي الجامعات بنظرة لا تقل عما سبق.. وصل الأمر إلى أن خريجة جامعة أمريكية طلبت الخلع من زوجها فقط لأنه من خريجي الجامعات الحكومية .. كما نشرت الصحف قبل أسابيع!

أفضلية التعليم العالي الحكومي على التعليم الفني جاءت مع ازدياد فرصة خريجي الجامعات من الاقتراب من النظام البيروقراطي المصري ، الذي كان يمثل هو قمة البرستيج في مصر في وقتها بحكم توفيره لفرص عمل يحظى صاحبها باحترام من قبل المجتمع.. (أما الآخرون حيالله سكرتارية وفنيين ونقاشين..الكلام دة قبل السبعينيات طبعاً عندما انقلبت الصورة رأساً على عقب)..رغم أن المجتمع يحتاج لأولئك وهؤلاء..

وكما جاء القرب من السلطة والوجاهة سبباً لتفضيل التعليم الجامعي على التعليم الفني ، جاءت المادة والوجاهة كسببين وجيهين لأفضلية كليات "الكمة" على كليات "الكاع" .. ففضلاً عن أن خريج هذه الكليات في الأصل جامعي ، لديه من الفرص لعمل مشاريع خاصة به ، أو لنيل وظيفة مرموقة في بلاد النفط ما لا يتوفر لغيره من خريجي الكليات "اليع" الذين أصبحوا يُشاهدون في كل أرجاء سوق العمل عدا تلك التي تخص ما تعلموه.. رغم أن تلك الكليات التي كان يُنظَر لها باستخفاف-ولا زال-توفر عمالة لقطاعات هامة وحيوية في الدولة .. فقط "سوء" الإدارة و "سوق" العمل وأشياء أخرى كثيرة لم تسمح باستغلالهم الاستغلال الأمثل..

ولا تتناسب رداءة التعليم الجامعي التي اتفق الكل عليها مع تلك النفسنة التي ولدنا بها ونتنفسها ونعدي بها بعضنا البعض.. حتى في ظل الواقع الجديد الذي صار فيه التعليم الأجنبي - مرة أخرى - جامعاً لمن يعرفون بـ crème de la crème أو زبدة المجتمع..

في الماضي كان التعليم الجامعي المصري جيداً قياساً على ظروف الماضي ، لكنه أخلد إلى الجمود والبلادة إلى أن فقد ظله .. ودخل في منافسة مع التعليم الأجنبي الذي ليس - كما يزعم الدكتور نصار عبد الله- لأصحاب الأموال ضعيفي المواهب ، وإنما هو نظام تعليمي مختلف يوفر لطلابه ما كانت الجامعة توفره ذات يوم!

ولأن التعليم قبل الجامعي صار مكلفاً بطبيعته ، ولأنه ليس لأغلب المصريين من الثروة ما يدخل أبناءهم الإيه يو سي .. فالحل أن تصبح الخيارات المتاحة للسواد الأعظم من الشعب خيارات محترمة .. أن يكون هناك تعليم جامعي محترم وسوق عمل عادل ومحترم حتى تنعدم تلك الفوارق وحتى لا يصبح التعليم عامل تفرقة جديد بين أبناء بلد واحد..