Showing posts with label أسألكم. Show all posts
Showing posts with label أسألكم. Show all posts

Friday, November 09, 2012

الشوك الشوك .. والعنب العنب

أتوقع أن تثير هذه التدوينة حالة عارمة من الغضب لم تثرها تدوينة للعبد لله على المدونة الشقيقة "الدين والديناميت" عن قناة "الناس" ، لذا أطلب منكم قبل صب جام الغضب على شخصي المتواضع أن تفكروا في وجهة نظر كاتب هذه السطور والتي أراها أيضاً وجهة نظر شريحة لا يجب الاستهانة بها حسابياً على الأقل..


أولاً.. لنتفق ابتداءً على أن علاقة التعليم بالمجتمع أوسع مما نعتقد أو مما يريدنا البعض أن نعتقد ، التعليم في مصر يقدم الأطباء المصريين والمهندسين المصريين والمحامين المصريين والقضاة المصريين.. ثانياً.. لنتفق مرة أخرى - تاني معلش- على أن التعليم في مصر في العصر المباركي لم يكن صفاية موز وجنينة مانجة على رأي الراحل "نجيب الريحاني" ساخراً من الباشا "سليمان نجيب" في فيلم غزل البنات (1949) قبل أن يعرف هويته ، وأن سوء مستواه انعكس ، وينعكس ، بكل السلب على المستوى المهني لكل خرجه ، وفي هذه المدونة وفي غيرها لدى أصدقاء وزملاء انتقادات ونقد لكل ما حدث في تعليم المرحلة المباركية والذي لا نزال ندفع ثمنه إلى لحظة كتابة هذه السطور..


إذن من البديهي ، ومن عدم الاستعباط على الذات واشتغالها ، أن يتأثر المعلم المصري والطبيب المصري والمهندس المصري والمحامي المصري بكل ما تشربوه خلال فترتهم في سجن التعليم المصري ، فالتعليم المصري المباركي مثله مثل السجن ، يدخله المجرم صغيراً فيخرج منه محترفاً ، ليصبح جزءاً مما يحدث من فساد ومشاركاً وشريكاً فيه بدلاً من أن يتمرد عليه..


قبل أن تغضب ، أذكر نفسي وإياكم بما قاله أحد كبار أعمدة الطب في مصر عن أن كليات الطب في مصر تستقبل عدداً أكبر بكثير مما تستحق ، وأن تلك الكثرة العددية أكبر بمراحل من قدرة وإمكانيات الجامعات وتجهيزاتها ، وأضيف : وأكبر حتى مما يحتمله سوق العمالة في المجال الطبي ، حتى لو افترضنا أن هناك قصوراً في إمكانيات الجامعات ، العدد ضخم ، والسبب هو حسبة كليات القمة وكليات القاع التي تنفق من أجلها الأسر المصرية مبالغ قد تصل دون مبالغة إلى المليارات من الجنيهات من أجل الوصول لكلية من كليات القمة ومن أجل الخمسة عين التي يكتشف الخريج أنها خيال علمي ، خصوصاً لو كان من المغضوبين عليهم من أطباء وزارة الصحة الذين يكتفون بملاطيش الحكومة وليس من أبناء أساتذة الجامعة حماهم الله الله الله ولا من الدكاترة الذين يعملون في خمسين عيادة خاصة ويبقون على مطاردتهم لملاطيش الحكومة ويطالبون بزيادتها بينما لا يعطون إلا الوش الخشب للمريض غير القادر على الدفع..


وعن تأثير الكثرة العددية المبالغ فيها وغياب ما يسمى بالـ Merit system أحدثكم كتجاري سابق ، في زمن محاضرات الإنتاج الكثيف ، التي تستوعب من الحبايب ألفين في قاعة تعد من الأكبر على مستوى البلد ، أتحداك أن يصل مضمون المحاضرة لأكثر من عشرة بالمائة ، والعشرة كثير ، من عدد الحضور في محاضرات المواد التجارية ، وقس على ذلك ما يحدث في كليات القاع المغضوب عليها الأخرى بفعل مكتب التسييق حرقه الله في نار جهنم..


العدد كبير ، التعامل معه يتم بحماقة ، كمية من القيم السلبية يتشربها أي طالب ، وعلى رأسها علاقتك بالمعلم ، بكسر الميم ، أستاذ الجامعة ، قيل لي أن أتعامل مع أستاذ الجامعة كـ-أستغفر الله العظيم- نصف إله ، كلمته هي الحق المطلق ، يستطيع بجرة قلم أن يحول حياتك إلى جنة ، ويستطيع بجرة أخرى أن يحول حياتك إلى جحيم مقيم ، لا تفكر في إغضابه ، ولا في مناقشته ، ولا في سؤاله حتى ، واسأل الله أن يرضيه عنك وعن أفعالك علشان الأربع ولا الخمس سنين تمر على خير.. ويمكن ربنا يرضى عليك وتبقى معيد ، وتتحول إلى عسكري مراسلة عند السيد العميد ومن يناقشون رسالتك ، على نحو أسوأ مما كان عليه الحال في مسرحية "لينين الرملي" "سك على بناتك" ، ولا مانع من أن تفعل ما لم يفعله "أحمد راتب" بمناسبته للعميد ، ناسبنا الحكومة ، وبقينا قرايب ، على غرار ما فعله "عمر الشريف" في فيلم "بداية ونهاية".. لتدخل مجتمع الحلقة المقدسة على غرار مجتمع ما اعتقده الإغريق آلهة مثل فينوس وهيرا وأخيلوس وآخرين..


كن عسكري مراسلة للعميد وولاده ، قبل التخرج وبعده ، لا تقترب من أحد منهم فألف عين تقترب منك ، حتى لو سولت لأي من شذاذ الآفاق - (الجامعة مطروحاً منها أولاد الست) - الاقتراب من أي منهم .. حيشيل أوبح ..وأعنيها..


كلنا تخرجنا من الجامعة ، كنا شهوداً وشركاءً فيما حدث ، والبصمات اللي على الجثة وسلاح الجريمة مش بصمات حد غريب ، والحمد لله أنه يوجد في كل مهنة وطائفة من يدرك أنه شارك في الخطأ والخطيئة ولا تأخذه العزة بالاثم ولا يتصور نفسه ملاكاً في غابة تسكنها الوحوش وتعربد فيها الشياطين..


التعليم الطبي خرج مما خرج - لنعترف- أطباءً سيئين ، منهم من يهاجم ويحتج ويتظاهر في الشوارع ويهددنا بالإضراب ، التعليم القانوني خرج نسبة من المحامين علاقتها بالأخلاق كعلاقة الأرنب بالبيانو بإزي الصحة ، ومجموعة من المهندسين في بعضهم ما فيهم.. ومحاسبين لا يعرف كثير منهم عن مهنتهم التي لا يعرفها المجتمع نفسه أي شيء فيبحث عن مهنة أخرى في أي مكان آخر وليذهب شقا سنوات التعليم إلى الجحيم .. أما التعليم التعليمي فخرج لنا معلمين مِعَلَّمين ، وحش الكيمياء ، قاهر الفيزياء ، تشرشل الإنجليزي وميتران الفرنساوي..


ومن الطبيعي أن يتسبب الأطباء الفاشلين خريجي التعليم الفاشل في فضائح داخل وخارج البلاد ، مثل المحاسب الفاشل والمحامي الفاشل وكل فاشل ، والمصيبة أن الفاشلين يتقمصون دائماً دور الضحايا في كل مصيبة تحدث في مصر أو في دول الجاز أو في بلاد أونكل سام ..


أليس ذلك كافياً للمجتمع ، ولمنتسبي كل مهنة ، أن يثوروا ويطالبوا ، إلى جانب مطالبهم المشروعة ، بإصلاح التعليم الجامعي وقبل الجامعي في مصر ، كي لا تكون الجامعات مدرسة نتعلم فيها الوصولية والشللية وعبادة الفرد ومسح الجوخ ، أليس من الأولى لمن يطالب أن يرى إن كان هو نفسه على مستوى المسئولية فيطالب بنفس ، أو كان فاكساً فميسمعناش حنجوري على المسا ، إذا كان الله عز وجل لم يساوي بين من يعلم ولا يعلم ، فهل أساوي بين طبيب فاشل وطبيب ناجح ، أو مهندس فاهم ومهندس مالهوش فيها ، أليس من الأولى أن نتذكر أننا لسنا ملائكة بدلاً من أن نعامل مجتمعنا المحيط في الإضرابات وغيرها على أنهم شياطين؟


إنك لا تجني من الشوك الشوك .. العنب العنب.. مع الاعتذار للمبي اللمبي.. عذراً لحدة اللهجة..

Thursday, January 12, 2012

أسئلة لمن يهمهم الأمر .. أو أراهم كذلك

سيضيق البعض ، إن لم يكن الأغلب ، ذرعاً بالسطور القادمة ، فالتفكير ومحاولة الفهم والبحث عن حلول كلها أمور توشك أن تتحول في الوقت الحالي إلى جرائم ، وأصبح التجرؤ على سؤال أي فصيل سياسي عن "دماغه" وتصوره لمصر تعليماً واقتصاداً وسياسة سفالة وقلة أدب ، فالثورة من وجهة نظر فصائل كثيرة منها الحزبي ومنها الشارعي ومنها الثوري ومنها غير الثوري قامت ليصل س أو ص أو ع إلى السلطة ، شخصاً أو حزباً أو حركة ، وعليه فيجب أن تتوقف عقولنا عن التفكير بما أننا الأدبسيس الخرسيس الهمج الرعاع الذين لا قيمة لهم إلا سيراً في مظاهرة أو وقوفاً في اعتصام أو حتى تصويتاً في انتخاب.. وأن نترك مهمة التفكير للأصفياء الأخيار الذين حملوا عنا عبء التفكير كما لو كنا لسنا شركاء في هذا البلد ، وهم يختارون لنا من يروه الأصلح وذا الرؤية الثاقبة للرصاص وصاحب المعجزات والكرامات والقدرات الخارقة..


سأكتفي بتوجيه عدة أسئلة إلى كل فصيل وحركة وحزب في مصر ، فيما يخص منطقة التعليم فقط ، وأعتقد أن هذا من حقي ، ومن حقي أيضاً أن أحصل على إجابة كمواطن مصري مستقل غير ذي انتماء ، ولا يشرفني أن أنتمي إلى أي اتجاه يحجر على حقي في التفكير والفهم أيا كان وأيا كان ما يتمسح به والشرعية التي يدعيها..


0-كيف ترون التعليم عموماً؟ بعين الناشط أم بعين السياسي أم بعين رجل الاقتصاد أم بعين رجل الشارع؟ ما هو ترتيبه الحقيقي في سلم أولوياتكم؟


هل الهدف من التعليم إنتاج مواطن حر مستقل مستنير قادر على اتخاذ قراره بحرية؟


هل الهدف إنتاج قوى عاملة تستطيع الاعتماد على نفسها ويستطيع القطاع الخاص الاعتماد عليها ، أم تكرار الاسطوانة الهابطة التي اعتدنا على حفظها عن "رخص تكلفة العامل المصري" (نتيجة قلة تعليمه وسوء إعداده) وبالتالي يتم إهمال التعليم في مصر من أجل الحصول على قوى عاملة رخيصة و"زي الرز" لا تطالب بحقوق ولا تتعلم وتربطها في المكان الذي يريده لها صاحبها ، بينما يتم استيراد العمالة الماهرة المدربة من الخارج لكي تشرف عليها"؟ هل ستحدد نوعية النشاط الاقتصادي الذي ستفرضونه علينا بشكل كبير شكل التعليم في الفترة القادمة (زراعة – صناعة – اقتصاد مختلط – سياحة وخدمات وعقارات ...الخ)؟ هل ستنجحون في فرض القوى العاملة المصرية بعد إعدادها وتطويرها على المستثمر الأجنبي كي تعمل في مصر (بما إن المستثمر الهندي مثلا حيجيب معاه عمال هنود ودي حصلت بالمناسبة) أم سيحصل الأجانب على كل الكعكة ويفقد الناس ثقتهم من جديد في التعليم الذي يؤدي بهم إلى الشارع؟


أي الأشياء ستكون أهم لديكم : القيم أم المهارات ؟ البعد السياسي أم الاجتماعي أم التقني في التعليم؟ كيف ستحققون التوازن المطلوب إن كنتم تتحدثون عن توازن؟


هل ستعملون على وصول ميزانيات التعليم إلى التعليم ، أم إلى العاملين على التعليم ليصبح كما البحث العلمي الآن؟


1-بالنسبة لمجانية التعليم ، هل ترون ضرورة استمرارها ، أم ترشيدها ، أم إلغائها؟ أي سيناريو ترونه لمجانية التعليم بمعنى أصح : السيناريو الأربعيني الذي يقرن المجانية بالجدارة ، يصبح الاجتهاد الدراسي ثمناً لمجانية التعليم ، أم التصور الناصري الذي يعتبر مجانية التعليم حقاً للجميع؟ ما الذي ترونه الأصلح في ظل ظروف المجتمع الحالي وتوزيع الدخل بين أفراده وقدرتهم على "توليد الدخل" إن صح التعبير؟


2-هل ترون ضرورة "تقليد" – نجيب م الآخر – نماذج تعليمية في دول أخرى سبقتنا في هذا المجال بنظام الكوبي والبيست ، أم يجب أن يكون لنا نموذجنا الخاص في ظل 1)توزيع سكاني وجغرافي خاص ، 2)كثافة سكانية عالية يمكن أن تكون عوناً للتنمية لا معوقاً لها إن أحسن استغلالها تتوزع على مساحة صغيرة نسبياً من الأرض ، 3)تشكيلة الأنشطة الاقتصادية في المجتمع وتوزيعها ووزنها النسبي (ما بين زراعة وصناعة وخدمات وأنشطة إنتاجية أخرى كالصيد والرعي في مناطق معينة) باعتبار أنه من أهداف التعليم أن يحصل المواطن على عمل يكفل له حياة كريمة؟


وما هو دور "الغير" في التعليم كما ترونه؟ اعتماد دائم على الـ know-how المستورد أم تربية كوادر تتعلم في الخارج وتستفيد من خبرته لتطبقها في مصر ويصبح لها تلامذة يستطيع معها هذا البلد الاعتماد على نفسه دون تبعية سياسية أو ثقافية لأي بلد مهما كان تقدمه السياسي والاقتصادي؟


3-كيف ستطورون تعليم اللغات في مصر بما يتناسب مع أهميتها في التواصل مع علوم ومعارف وثقافة الآخر؟ كيف ستنتشلونه من الهوة السحيقة التي لطالما بح صوتنا وصوت غيرنا في الشكوى منها؟


4-كيف ستتعاملون مع الثانوية العامة كشهادة وكامتحان وكتقييم لما حصله الطالب من مهارات على مدى ما سبقها من سنوات ، وبوصفها محدداً مبدئياً لكمية من يدخل إلى سوق العمل وفي أي اتجاه؟ هل لديك تصور لحل عادل يوزع الطلبة على مساراتهم بعيداً عن مكتب التنسيق الذي كان وبالاً على مصر بكل ما تحمل الكلمة من معنى؟


5-هل ستبقون على امتيازات الأستاذ الجامعي الذي تحول على مدى سنوات لأداة استبداد وقهر واستغلال للنفوذ على نحو يعيد للذاكرة فكرة دكتور الجامعة المورث المستغل لسلطانه ونفوذه على الطلاب سواء طلبة السنوات الأربع أو الخمس أو طلبة تمهيدي الماجستير والدكتوراه؟


6-كيف ستغيرون من طريقة الحصول على الدرجات العلمية من عمل نظري صرف إلى خبرات وتجارب عملية كما يحدث في دول متقدمة وغير متقدمة سبقتنا؟


7-ما هو وضع التدريب في سياسات التعليم عندكم؟ هل ترونه كما أراه عن نفسي ضرورة وطنية وأمن قومي ، أم "فنظزية" ورفاهية؟ هل يكون من اختصاص الدولة تمويلاً وإدارة ، أم سيصبح الأمر نظام مقاولات كما كان في النظام السابق ، أسيبك للقطاع الخاص وانت حر معاه تصطفلوا زي ما انتو عايزين أو تتحرقوا بجاز مش نضيف؟


8-كيف ستطورون من التعليم الفني في مصر؟ وكيف ستغيرون من صورته وسمعته لدى الشارع المصري؟


هذه كانت بعض الأسئلة ، حقي ، وحق أي مواطن خارج المشهد ، ومن حقي ومن حق أي مواطن أن يجد إجابات صريحة وواضحة عن تلك الأسئلة ، كلها أو بعضها ، مش ح أكون طماع ، قد يسمعها "المعنيون" بها مني بهذه الطريقة ، وقد تسمعوا ما هو أقوى منها من مواطن بسيط أقل مني تعليماً وخبرة ، حقي وحقه وحقك إجابة ، إن أجاب الساسة والحركيون والائتلافيون والأحزاب والقوى السياسية أياً كان شكلها ولونها عن تلك الأسئلة بوضوح أهلاً وسهلاً ، إن أخذوني وأخذوك على قدر عقولنا أيضاً أهلاً وسهلاً..وساعتها سيكون لكل حادث حديث ، لن يعجبهم ..زمن "لما تبقى تكبر أبقى أقول لك" انتهى إلى غير رجعة ، وليست هذه الطريقة التي يتم بها التعامل مع عامة الناس الذين يريدون أن يفهموا ويعرفوا إلى أين ستتجه بلادهم ، فهذه البلاد لهم فيها نصيب وحصة ، مثلهم مثل من يتحدث و"يناضل" باسمهم..

Tuesday, August 23, 2011

قداسة "كتاب الوزارة"

خطرت على دماغي خاطرة صغيرة قد تبدو غريبة وقد لا يبدو الوقت مناسباً لذكرها..لكن .. أهو.. تبقى مجرد محاولة متواضعة لفتح ملفات ثلاثين عاماً من ألغاز وفوازير التعليم في مصر..


"كتاب الوزارة" و "نماذج الوزارة"..


كتاب الوزارة هو "كتاب" "الوزارة".. الكتاب المقرر عليك دراسته ويكتسب حجيته وقداسته من كونه "كتاب الوزارة" ، في وقت كانت فيه "الحكومة" في مصر صنماً وتابوهاً لا يجوز مجرد التفكير في نقده فما بالكم بانتقاده.. كل ما في كتاب الوزارة حقيقة لا تقبل النقاش ، حتى مع زعم صناع الكتب وزعم الرابسوهات أنفسهم بأن الهدف هو تكوين ملكة التفكير النقدي لدى الطلبة ، المغلوبين على أمرهم..والذين لم يستطيعوا مجرد التفكير في الخروج على نص الكتاب المدرسي الرابسوماتيكي حتى وإن طلب إليهم إبداء الرأي في سؤال في الامتحان ، على طريقة عزومة المراكبية..


متقادم ، بدائي ، مليء بالحشو ، سيء العرض ، غير واضح الهدف ، لا يزودك بمهارة ، كل تلك الترهات لا قيمة لها ، فمن يفكر في تلك الأشياء متهم بمعارضة "سياسة البلد" التي اختارت لك "كتاباً" لا يعرف له الخطأ طريق جرة..


ولأن كتاب الوزارة محاط بتلك الهالة من المصداقية التي تلتصق بكل شيء مرتبط بـ"الحكومة" ، فكان فرصة في عهد "فتحي سرور" لتحميله ، وبشكل كليش ، بالهدف الواضح الذي ارتضته الوزارة من النظام التعليمي ، "خلق الشخصية المصرية المش عارف إيه ..." أي حنجوري من أجل تعبئة الليلة ، وأياً كان الهراء المكتوب على الغلاف الخارجي الخلفي للكتاب فهذا الهراء هو عين الصواب ولا تجوز مناقشته ولا التفكير فيه..


وقد يدافع مدافع عن حقبة "فتحي سرور" التي خرجت علينا بشيء لا يوصف بعبارات مهذبة اسمه "الدفعة المزدوجة" ، أيضاً من باب "كتاب الوزارة" وقرارات السيد الوزير وسياسة البلد ، ويسهل الرد عليه بأن تلك الطريقة من التفكير التي روج لها النظام التعليمي السابق في فترة الثمانينات هي أكبر دليل على كذب كل ما كتب على أغلفة كتب الوزارة في ذلك الوقت ، المطلوب ليس شخصية مصرية ولا ملوخية ولا مهلبية ، المطلوب تكوين عقل منقاد يسهل توجيهه ، مؤهل لأن يكون قطعة شطرنج توضع في أي مكان ، أي مكان يريده النظام السياسي ، عقل غبي لا يقل عنه غباءً العقل الرابسوماتيكي قاصر الخيال جاهل السياسة ، الذي تخيل ورتب أموره على أن الانغلاق السياسي ، وتوافر كل أوراق اللعبة وأدوات الإنتاج والإعلام في أيدي النظام كلها أمور أبدية لا حد لها ، حتى مع ترويج النظام السابق لفكرة التعددية الحزبية في فترة الثمانينات ، التي شهدت بداية سقوط التعليم المصري ..


كانت الرابسوماتيكية جزءاً من المباركية ، التي تعتمد دائماً على أن تخبر الرأي العام وتلقنه شيئاً ، وأنت تنفذ شيئاً آخر ، وعلى يقين أن الناس لا ، ولم ، ولن ، تعرف الفرق.. تجد لاحقاً في عهد "بهاء الدين" عبارة على ظهر الكتاب تقول "ليس بالحفظ والاستظهار ولكن بالفهم والتحليل ...." في حين يواصل تقديم كتاب الوزارة كحقيقة مطلقة ، وفشقةً بيك يا رمضان سنوفر لك ما يساعدك على فهم تلك الحقيقة المطلقة التي ستدخل بها الامتحان وستحصل منها على الدرجات لكي تغور في ستين داهية من النظام ليدخل بعدك آخرون: نماذج الوزارة ، التي هي أقوى من الكتاب الخارجي ، لأنها "نماذج الوزارة" التي لا يخرج منها "الامتحان"..


عدة آثار ترتبت على ترسيخ مفهوم قداسة الكتاب المدرسي في العهد المباركي سياسةً الرابسوماتيكي تعليماً:


1-الخلط التام بين ما هو "معرفة" و"مهارة" وما هو "حقيقة" أو يعد لأن يكون حقيقة .. بمعنى أصح كل ما في الكتاب حتى من آراء هو حقائق لا تقبل النقاش ، وبالتالي فإن المسكين عندما يكبر قليلاً في السن وتسول له نفسه الأمارة بالسوء دخول مكتبة ما في كلية ما ، أو وقف أمام كشك جرائد أو في مكتبة ليجد كتباً تتناول حقبة من تاريخ مصر بوجهة نظر مختلفة عن كتاب الوزارة فستتولد لديه مقاومة عنيفة لفكرة أن يكون هناك تصور آخر غير تصور "الحكومة" التي لا تخطئ(1).. لاحقاً تغيرت تلك الصورة عندما تحولت السياسة المصرية من نقيض إلى نقيض ، وتحولت بالتالي الحكومة والدولة فيمَ بعد من صنم وتابو إلى شيء يضرب بالسابو..


2-ولأن كل ما كان المرء يدرسه حقيقة مطلقة ، ولأن النظام الرابسوماتيكي الذي "اشتغل" المصريين ينادي بالفهم ويأمر بالحفظ ، ولأن المكانة الاجتماعية وكليات القمة و...و... تتطلب الإلمام التام بتلك الحقيقة ، طغى التلقين على العملية التعليمية داخل المدارس ، وفي نظام التعليم الموازي سواء الكتب الخارجية أو الدروس الخصوصية ، التي تستمد مرجعيتها من الكتاب المدرسي النظامي الحزبوطني الحكومي الـ... الـ.... الخ..


3-أعطت "قداسة الكتاب المدرسي" وارتباطه بالسلطة نوعاً من الأمان للأهالي بشكل غير مباشر عندما تحدث المواجهة إياها عقب كل امتحان شهادة عامة ، ولا ينسى الرابسوماتيك ترديد التوشيح الرابسوماتيكي الشهير "كل أسئلة الامتحان جاءت من كتاب الوزارة ونماذجها" -قبل أن تضاف عبارة "ولم يخرج عن نماذج "الجمهورية""-وبالتالي فالامتحان في حماية الحكومة ، ولا يخضع لأهواء واضعه أياً كانت خبرته ، ولذلك فإن تاريخ الثانوية العامة طوال العهد المباركي حفل بصدامات كان سببها محاولات صناع الامتحانات "الخروج على النص" .. سواء أكان هذا الخروج إيماناً بأن الامتحان يختبر معارف ومهارات رسخها الكتاب لا نص الكتاب بحذافيره ، أو كانت فذلكة وغرور زائدين لدى البعض من واضعي الامتحانات أرى عن نفسي أنه ليس من الحصافة بمكان إنكاره..


ربما ترون ، وبالذات من هم أصغر مني سنا ، الأمور بشكل مختلف ، أو ترون أن الصورة قد تحسنت ، أو بقيت كما هي عليه ، أو ازدادت سوءاً ، وهذا ما أريد أن أعرفه منكم بما أني أكتب تلك التدوينة انطلاقاً من تجربة عايشها جيلي في الثمانينات ، في فترة تكون "الفكرة المباركية" كما يصفها البعض ، قد تختلف عن التجربة التي تعايشونها وعايشتموها .. لكن يبقى ما تقرره الوزارة على الطلاب في مراحل التعليم المختلفة ، وثيق الصلة تماماً بحال السياسة والاقتصاد والحريات في بلد بأكمله..

(1) والمذهل أننا نجد في الإعلام الخاص من يتغنى بأن حكومات الثمانينات لم تخطئ .. وأبسط رد على هؤلاء عبارة "إن الله حليم ستار"..

Tuesday, April 20, 2010

ليه السما زرقا؟

في الصغر يعد هذا السؤال سؤالاً غرضه البلاغي الاستفهام.. وفي الكبر يعد سؤالاً غرضه البلاغي الاستنكار.. وفي كلتا الحالتين ستجد ألفاً ممن ينكرون عليك هذا السؤال..

ففي طفولتك .. أول ما تسمع هو عبارة "لما تكبر حأبقى أقول لك".. بعد أن يبدي قائل العبارة الأخيرة امتعاضه من مستوى اللماضة المرتفع الذي وصل له أطفال هذه الأيام .. رغم أن الأطفال منذ الأزل يسألون أسئلة كهذه .. وفي شبابك وربما في هرمك تسمع- بعد قهقهات السخرية المعتادة - فاصلاً من التساؤلات والتعليقات التهكمية التي تستغرب من أن إنساناً طبيعياً مكتمل القوى العقلية يسأل عن شيء بديهي .. فكل الناس منذ خلق الله الأرض وأرسل آدم عليه السلام من الجنة إليها ترى السماء زرقاء ، لم تراها يوماً ما خضراء أو فوشيا مثلاً..وبالتالي فإن زرقة السماء أمر مسلم به ولا يجدي -من وجهة نظر المتهكمين طبعاً- السؤال عن سببه فهو لا يهمك .. ولا استنكاره فاستنكارك لن يفعل شيئاً بها..(وبعدين زراق السما عاملك إيه يا فالح؟..عيل سيسي بصحيح)!

زرقة السماء أحد نواميس الكون التي وضعها الله عز وجل، وصاغها كما صاغ كل شيء بتوازن علمي فائق الإحكام ، وبحسابات معجزة الدقة .. وعن نفسي أرى أن منظر زرقة السماء يعجبني .. وبالتالي ليست لدي حاجة عقلية ولا فكرية لتغيير لون السماء إلى اللون التيريكيواز.. وليست هي موضوع هذه التدوينة في ذاتها.. لكن الموضوع الحقيقي هو أن هناك آلاف الأشياء جعلت منها عقولنا نواميس كونية لا يجدي السؤال عنها أو مجرد التفكير فيها..

مثال بسيط..لن أسأل عن السبب الذي ترى من أجله عادةً أبناء أساتذة الجامعات أساتذة جامعات ، صحيح أن كثيراً من الناس يعامل الموضوع معاملة زرقة السماء (هوة انت حتصلح الكون) .. لكن ما يعنيني أكثر هو لماذا يصبح الطالب المتفوق أستاذاً جامعياً بحكم تفوقه العلمي فقط ، حتى ولو كان عاجزاً عن توصيل أي معلومة لـ"النِمَر"- باعتبار أن الطلاب في النظام التعليمي المصري هم مجرد أرقام وليسوا بشراً- الذين يدرسون تحت يده .. إلى أن وصلنا بحمد الذي لا يحمد على مكروه سواه إلى الدرجة التي نجد فيها مستوى أي من هؤلاء مساوياً لمستوى ابن الدكتور أستاذ الجامعة بشهادة الميلاد (واللي مالوش فيها)؟ أليس لتوصيل المعلومة أصول؟ أم أنه في الجامعات التي يتعلم فيها الطلبة أصول التفكير العلمي يتم التعامل مع الأمر بكل هليهلية وهلهلة؟

غيره.. لماذا بعد أربع عشرة سنة من إطلاق سراحي من التعليم الثانوي إلى الجامعة بقي كتاب اللغة الفرنسية على حاله كما هو بلا تغيير؟ هل ذلك انعكاس لحالة السليق والحريق التي يعيشها التعليم المصري منذ ما قبل ولادتي بقليل.. إما أن يتم الإبطاء في تغيير المناهج بسرعة السلحفاة أو أن يتم تغييرها بشكل دوري بسرعة الصاروخ؟ أم أن الجهابذة لا يرون ضرورة واضحة لتغيير المنهج الذي "حمض" وانتهت صلاحيته؟ أم أن الفرنسيين الذين اتفقنا معهم على الموضوع عملوا لنا عملاً سفلياً؟

لماذا أشعر أن هذه المناهج ليست موجهة لتعليم مصريين لغة أجنبية قدر ما هي موجهة أحياناً لتعليم الأجانب؟.. فمناهج تعليم اللغات تريني أشياءً كثيرة عن حياة الأجانب وليس عن حياتي باللغة الأجنبية.. كما لو كنت جالساً في مدرسة في أوروبا و"لابس البرنيطة" قائلاً "تشتري كالب" كما في إكليشيهات الأجانب في الدراما المصرية؟ والأغرب: لماذا أرى روحاً سياحية هفهافة على تلك المناهج وأسئلة امتحاناتها ، ويجد الطالب نفسه مطالباً بأن يحدث صديقه الفرنسي (دايماً فرنساوي بما إن فرنسا هي الدولة الوحيدة بالصلاة ع النبي اللي بتتكلم فرنساوي) في اللغة الفرنسية عن أبو الهول والأهرامات وخلافه؟ الغريب أن تلك ، بالإضافة إلى الصحراء والجمل ، هي معلومات شريحة كبيرة جداً من الأجانب عن مصر..خصوصاً الأجانب الذين لا يزورون شرم الشيخ :)

هل لكثرة عدد الطلاب في الفصول كل هذا التأثير المتوحش على التعليم في مصر؟ هل تعوق (وحدها) عملية إعداد المعلم بشكل طبيعي؟ أم هي حجة البليد؟ هل لو قل عدد الطلبة في الفصول أو في السكاشن سيتحسن مستوى التعليم؟ ولاهو مجرد كلام والسلام؟

لماذا يطبع مدرسو الدروس الخصوصية مذكرات متشابهة لدرجة التطابق في المواد التي يدرسونها من برة برة؟ ولماذا يقبل الطلاب وأولياء الأمور عليها وهم يعرفون ذلك تماماً؟ ولماذا توافق الوزارة حتى الآن على طباعة الكتب الخارجية وهي تعلم جيداً جداً أنها نسخ كربونية من كتاب الوزارة الحكومي؟

السماء تعجبني زرقاء.. لكن ما سبق لا يدخل عقلي ولا أقبله ..ومن حقي أن أسأل عن سبب وجوده وأن أستنكره وأرفضه ولا أقبله .. فهو "ضاد جيم" إن لم يكن "ضاد ضاد" بالنسبة لي كمواطن حتى ولو كان بالنسبة لآخرين من نواميس الكون يُقَابَل السؤال عنها وفيها بكل هذا الكم من الاستغراب والاستنكار..

Saturday, January 31, 2009

سي السيستم

لا يمكن أن أصدق أن العالم كله به سبع عجائب فقط بما أن هذا البلد به سبعين على الأقل.. البيروقراطية المصرية من أكثر الأشياء إثارةً للدهشة في مصر .. فمن البيروقراط حيتان للدروس الخصوصية ، وأصحاب مشاريع مالية وتجارية ضخمة ("صفاء أبو السعود" كانت إلى وقت قريب على قوة وزارة الثقافة في مصر!) ، ومع ذلك يتعاركون على "ملاطيش" الحكومة رغم أنهم ينفقون في اليوم الواحد أضعافها.. ونجد بعضاً آخر منهم يرتشي ، و"يهلب" من تحت الترابيزة ، ثم يتظاهر ويحتج ضد الفساد ، وبعضاً ثالثاً يتظاهر ضد رؤسائه ويحتج عليهم بحجة أنهم يسرقونه ، وهو يعلم أنهم كانوا يسرقونه طوال الوقت ، ويسكت لأنه كان يقتسم معهم ، فلما جد في الأمور أمور انقلب عليهم.. وكل ما سبق كوم.. والآتي بعد كوم مستقل بذاته..

النظام البيروقراطي قائم بشكل عام على "السمع والطاعة" والاحترام التام لـ"التعليمات" التي تستمد قوتها من "الأعلى" في السلم الوظيفي .. فـ"المدرس" يتقيد تماماً بتعليمات "الناظر" و "توجيه المادة".. و"الناظر" يتقيد بتعليمات سياسة "الإدارة التعليمية" .. و"مدير الإدارة" يتقيد بسياسات وأوامر من فوقه .. وهكذا..

ورغم رسوخ البيروقراطية الشديد في حياتنا إلا أنه تحت هذا التشدد الأعمى والتسابق في التزلف لـ"الأعلى" تتوحش الفوضى التي يسير فيها كل بيروقراطي على هواه.. من هؤلاء الفوضويين من تأخذه الجلالة ويتصرف بمزاج مزاجه .. ومنهم صنف أكثر استفزازاً يغلف ممارساته بالتواشيح البيروقراطية من عينة "في ظل تعليمات .. وتوجيهات .. الخ"..

في كتاب خارجي فوجئت بسلسلة من العجائب في نماذج أسئلة النحو في المرحلة الإعدادية تستعصي على فهم الإنسان العادي..تلك الأسئلة وردت في امتحانات الإعدادية بالمحافظات خلال عامي 2003 ، 2004.. ما الذي يجبر مدرس لغة عربية يفصل اثنين من "عبد الحميد دراز" على كتابة نفاقية فاقعة لمحافظ كان- وقتها- يشغل منصب محافظ إحدى محافظات الصعيد الجواني (قبل انتقاله إلى محافظة ساحلية كبرى).. يشيد فيها بالثورة التي قام بها سيادته في تجميل المدينة ، وإضفاء اللمسة الحضارية على عاصمتها؟

بلاش دي.. ما الذي يجبر آخر في محافظة بحراوية على تحويل أسئلة التعبير إلى مهرجان دعاية حزبوطني؟ وما الذي يجبر ثالث على أن يستغل ثالث قطعة النحو للهجوم على فيلم "مبروك أبو العلمين حمودة" ، والذي أشك - وبقوة- أنه شاهده أصلاً؟ هل يزعم الأولان أنهما يرضيان أسيادهما بتقديم خدمة لم يأمروهما بها؟ وهل يزعم الثالث أنه يدافع عن كرامة المعلم بهذا التصرف الجاهل والأحمق؟ وهل سيصدقه أحد عندما يعرف عن المثالين السابقين وأكثر؟ ..وماذا عن الذين حشروا قصة "أجريوم" في الامتحانات؟ ..أياً كان الجدل حول المشروع والذي لمسته بنفسي خلال زيارة عابرة لدمياط العام الماضي فلا يبرر ذلك بالمرة جعل الامتحانات مسرحاً لهذا الجدل بهذا الشكل المبتذل..

سيبكم من الأمثلة اللي فاتت.. ماذا عن مثال من هذا العام؟

من الذي أخبر هؤلاء أن هذا الـ($#%$#%) هو الأسلوب الأمثل لتقديم الخدمات المجانية لهذا وتلك؟ أضف إلى كل هذه الأسئلة سؤال رجل الشارع العادي الذي يسأله عندما يرى هذا القرف أو عندما يفاجأ بتقاليع أسئلة الامتحانات إياها : "اللي حاطط الامتحان دة مش له رؤساء؟ هوة ما بياخدش منهم تعليمات؟"..

لكن أين التعليمات؟

التعليمات تظهر فقط مع كاميرا التليفزيون وطلة الصحفي البهية .. فعندما تظهر الكاميرا ويطل الصحفي يتغزل البيه بتعليمات من فوقه أكثر من تغزل "عمر بن أبي ربيعة" بمن يحب.. وتظهر -أحياناً- في حالات معينة يكون غرضها "الشو" في برامج التوك شو الفاشلة وأيضاً لإرضاء "اللي فوق"- بطريقته الخخخخ..ـاصة..

هذه هي قمة العبقرية ، تشنج وتشدد وتشدق بالنظام من الواجهة ، وفوضى "مسخسخة" من الداخل بلا رقيب ولا حسيب.. وسلم لي على التعليم من أجل التغيير.. هؤلاء علمونا ، وسيعلمون أبناءنا أن يكونوا نسخاً طبق الأصل منهم.. ثم نتساءل وبراءة التماسيح في عينينا: يا مصري ليه دنياك لخابيط والغلب محيط.. والعنكبوت عشش ح الحيط وسرح ع الغيط؟- مع الاعتذار للشاعر الكبير "جمال بخيت"..

Tuesday, November 11, 2008

تجربة الـ.. إسكندرية

الزن على الودان أمر من السحر ، وحتى البلطجة أيضاً ، ونحن كعامة الشيعب إن كنا نردد أشياءاً عن غير فهم فإن هناك من يلقنها لنا.. ولسوء حظ هذا الجيل من المصريين فإنه عاش مُلَقَّناً طوال حياته.. من التعليم الرابسوماتيكي إلى أرزقية النضال السياسي إلى محترفي البحث عن الزعامة الدينية إلى -طبعاً-"بعضهم" في وسائل الإعلام.. عن نفسي أرى أن رزالة زن الأخيرين تكمن في أنها من الممكن أن تلقنك معلومات عن شيء تعتقد تماماً أنه حقيقة ملموسة في حين أنك لا تراه بحواسك ولا تدرك وجوده بعقلك..

من هؤلاء "دكتور" أكاديمي هو ضيف شديد الثقل على إحدى فضائيات المال السياسي القبيح ، وكاتب أحياناً في إحدى صحف الحزبوطني ، هذا الرجل مكشوف عنه الإسدال بطريقة رهيبة ، لدرجة أنه أفتى وهو في مكانه ذات مرة أن مياه الشرب في سنة من السنوات في "المنصورة" لم تكن ملوثة بالمرة .. دون أن يسأل بجدية .. ولو أنه سأل شخصاً من هذه المدينة لعرف أن المياه لم تكن مسممة ولكن بعض خواصها الفيزيقية قد تغيرت (قبل أن يتم إصلاح هذا الخلل بعدها بفترة قصيرة جداً).. لو سأل لحصل على وصف دقيق للمشكلة بدلاً من محاولة إقناع أهل المنصورة بأن ما يشعرون به ويذوقونه بألسنتهم هو تهيسؤات في تهيسؤات.. عالم اجتماع محترم يتصرف بغوغائية وجهالة ..

نفس ما سبق أشم رائحته في "تجربة الإسكندرية" .. قد يكون حدسي في محله أو أكون قد تأثرت بنزلة برد خريفية..

من الغريب أنني عرفت عن تلك "التجربة" من صحيفة "معارضة" هي صحيفة "الأهالي" اليسارية التي قادت حملة التلميع لجناب سيادته قبل هبوطه على الكرسي الرابسوماتيكي ، ثم تم تخزيق أعيننا بتلك التجربة الرائدة بطبيعة الحال على موقع الوزارة..

اقرأوا هذا الكلام على موقع الوزارة ، أو على موقع جريدة الأهالي إن عثرتم على الرابط الذي أجد صعوبة في ملاحقته .. وستجدون صورة وردية وبراقة لفصول "يقل" عدد طلابها ، ولأداء تعليمي "يرتفع" لمدرسيها ، ولإشادة دولية من اليونسكو ، وربما الفيفا.. بمبي بمبي بمبي بمببببببي مع الاعتذار لـ"سعاد حسني"..

طالما الأمور بمبي بهذا الشكل .. فلماذا رأيناها "بلاك" في حادثة المدرس الذي ضرب طفلاً حتى الموت .. في الإسكندرية أيضاً؟

لم أسمع عن شخص عادي من عامة الشعب ، أعرفه أم لا ، تحدث يوماً بالخير أو بالشر عن تجربة الإسكندرية ، حاولت أن أسأل بعض أصدقاء النت من السكندريين ولم أجد إجابة تطمئنني كمواطن مصري على نجاح التجربة أو فشلها أو وجودها أصلاً من عدمه..الأمر الذي يضعني أمام احتمالين.. إما أن المدرس الفاضل قد شذ عن الخط الرابسوماتيكي القائم على المشاركة المجتمعية وتطوير العملية وإخراجها من النملية ، أو أن المدرس يعمل في مدرسة لم تُشمَل بعناية التجربة السكندرية!

دعوتي قائمة لزملائي وزواري السكندريين لأن يحدثوني عن التجربة ، إن وجدت.. وعن تفسير منطقي لواقعة "حسام" في ظل التجربة السكندرية.. هم أهل الدار وأدرى بشعابها من ألف موظف وألف صحفي وألف إعلامي..