Sunday, July 06, 2008

من أجل ذلك

لم يجد "معاليه" أبسط من تكرار نفس الاسطوانة المشروخة "السمجة" الخاصة بـ"مستوى الطالب المتوسط".. فقط لأنه استشعر سوء موقفه - الذي وضع نفسه فيه بسلبيته وضعفه وانعدام حزمه- أمام الشارع فلم يجد إلا استعمال تلك الكليشيهات لإرضائه..

تكلم كثيرون ، منهم كاتب السطور ، في مسألة سهولة أو صعوبة الامتحان ، واختلفت الآراء.. إلا أنه رغم أهمية أن يكون الامتحان امتحاناً - لا أن يكون نزهة خلوية ولا أن يكون أجازة في "أبو غريب"- ورغم أهمية أن يكون الفهم عادة يتدرب عليها الطالب طوال حياته وأن يختبرها فيه واضع الامتحان ، إلا أن هناك رأياً آخر فيما يخص مسألة "صعوبة الامتحان".. يستحق أن يُناقش بهدوء وروية..

للصعوبة في الامتحان جانب مظلم واحد وخطير ، ليس في ما يحدث أثناء الامتحان ، ولكن ببساطة شديدة فيما سيحدث بعده..

لا أزعم أنه بعد امتحان اللغة الفرنسية الشهير في 1989 تغيرت شكل مذكرات الدروس الخصوصية في الفرنسية إلى الأبد ، ووصل الأمر مع الوقت إلى أن أصبحت تلك المذكرات أشبه بحقن هرمونات تحقن بشراسة كمية هائلة من المفردات يستحيل على أي شخص في العالم درس اللغة لمدة ثلاث سنوات أن يتحملها أو أن يستعملها.. ليييييه؟ لأنه من الممكن أن ترد كلمة كهذه في الامتحان..

الشيء نفسه رأيته في مذكرة للغة العربية ، رغم أن امتحانات اللغة العربية لا تأتي "صعبة"- لأسباب بعضها سياسي- حينما شاهدت المدرس -ربنا يحفظه وهو أعلم باللي في ضميري- وقد وضع جداول "سمينة" لكل معاني الكلمات الموجودة في كل نص ، ولولا بقية من الحياء وحمرة الخجل لوضع في تلك الجداول عكس كلمة "باريس" ومثنى "في" ومفرد "إن".. أضف إلى ذلك افتكاس سيادته لكل ما يمكن (أن يشتبه في) أن يكون من "مواطن الجمال" حتى ولو لم يكن فيه أدنى كم من الجمال..

والمبرر جاهز: مش جايز دة ييجي في الامتحان؟

وربما تنتقل العدوى-إن لم تكن قد انتقلت بالفعل- لـ"الكتب الخارجية" و"الكتب الخارجية النظامية"- المعروفة تجاوزاً باسم "نماذج الوزارة".. وإلى الفصل الدراسي بـ"ذات نفسيته".. تحتفظ ذاكرتي بمدرس للرياضيات في المدرسة الثانوية التي كنت فيها كان يفتخر بأن أسئلته - هو - كانت دائماً موجودة في امتحانات الثانوية العامة..

النتيجة : مزيد من "التزغيط".. مزيد من الشحن .. مزيد من الحقن .. قبل أن يذبح الطالب في سوق العمل ويكتشف أنه لم "يتعلم" .. بل أنه في الواقع قد "اتعلم عليه"!

وكيف يتعلم والامتحان هو الغاية والهدف ، وكل ما حوله من ممارسات يعزز أن الامتحان هو الغاية والهدف؟

من أجل ذلك - وطبقاً للطرح السالف الذكر- كان لصعوبة الامتحانات جانب صعب وخطر ، لم -ولن- يضعه أي رابسو في حساباته ، ولن يكتب عنه أي صحفي منتفع كان أو غير ، ولا يراه بوضوح إلا الذين اكتووا بنار النظام التعليمي المصري..

هذه وجهة نظر.. كيف ترونها؟

Friday, July 04, 2008

غزوة كليوباترا

خلع -بحسب المصريون الإلكترونية- عدد من رؤساء الأحزاب الورقية على "معاليه" وصف "الشجاعة" لمجرد أن هذا الأخير قد قبل الذهاب إلى ندوة أعدوها في فندق كليوباترا.. ووصل الأمر إلى أن رئيس ما يسمى بـ"حزب" "السلام الاجتماعي" وصف الرجل بأنه " من أعظم وزراء مصر" وطالبه بـ"إكمال مسيرة النهضة التعليمية التي بدأها"!

والظريف أن رؤساء الأحزاب الورقية مضافاً إليهم بعض أعضاء البرلمان المنبطح الفاشل قالوا أنهم عقدوا هذا الاجتماع لـ"توجيه النقد إلى الوزير" بسبب سوء إدارته لامتحانات الثانوية العامة ، والفضائح "المرطرطة" في المنيا وغير المنيا و...و....الخ..

أرسل هذا الخبر لي رسالتين لا ثالث لهما:

الرسالة الأولى: مفادها ببساطة شديدة أن هذه الأحزاب تستحق الغلق ، وأنه إذا كانت التعددية تعني وجود أحزاب بهذا الشكل فلتذهب في ستين ألف داهية..والمجلس الذي يضم هؤلاء أو ممثليهم هو مجلس منبطح ، والناخب الذي صوَّت لهم يستحق كل ما سيحدث له على أيديهم إن شاء الله..

أتمنى ممن يوزعون أنماط الشجاعة على من يشاءون ويرضون أن تكون لديهم الشجاعة للحديث عن مكان التعليم ضمن أولوياتهم وبرامج أحزابهم -إن كانت لتلك الأحزاب برامج- لاحظوا أنه بما أننا في مناخ سياسي (يفترض) التعددية قد يصل حزب من هذه الأحزاب- لا قدر الله- إلى السلطة ، وسيكون مطالباً بوضع سياسة تعليمية لمصر.. وربنا يستر على مصر..

سلمنا بأن السياسة التعليمية فاشلة ، عن يقين وقناعة عقلية ، وبشهادة شخصيات كبيرة في قلب الحزب الحاكم ، ماشي ، ما هي بدائل تلك الأحزاب؟ ما هي سياساتها؟ ما هي مقترحاتها على الوزير؟

ولن تجدوا إجابة..

الرسالة الثانية: هي أن "معاليه" ارتكب خطأً فادحاً بحضوره إلى "قعدة" فندق كليوباترا.. خطأ سياسياً فادحاً ربما قد يكلفه منصبه.. بما أنه سمح لهؤلاء بتحقيق مكسب سياسي غير مستحق على حسابه..

كان من الممكن أن يعامل هؤلاء بما يستحقون ، ويكتفي بإرسال رسالة مقتضبة إلى البهوات عشاق الأضواء والظهور في "العاشرة مساء": أين كنتم في مؤتمر تطوير الثانوية العامة؟ وأين كنتم في مجلس الشعب؟

لكنه ذهب.. طمعاً في "شهادة الشجاعة العامة" ممن يسمون أنفسهم "ائتلاف المعارضة"..

الشجعان الحقيقيون هم من يعتمد المواجهة لا التقهقر وثقافة "اطلعلي برة وياريت لوحدك.. علشان أحطك كدة عند حدك"، من يواجهون الوزير في مجلس الشعب لا في الفنادق المكيفة وأمام كاميرات برامج التوك شو ، الشجعان الحقيقيون هم من يدرك تماماً أن فاقد الشيء لا يعطيه.. ليس من الشجاعة أن تسعى للحصول على شهادة بالشجاعة ممن لا يعرفون الشجاعة..

الوزير خسر "غزوة كليوباترا" وكذلك نحن.. وسيجد الأشقاء والأعدقاء شيئاً جديداً من تحت رأس ملف التعليم في مصر ليتضاحكون به علينا في صحفهم وقنواتهم ومنتدياتهم.. عذراً للإطالة وحدة اللهجة..