Friday, November 09, 2012

الشوك الشوك .. والعنب العنب

أتوقع أن تثير هذه التدوينة حالة عارمة من الغضب لم تثرها تدوينة للعبد لله على المدونة الشقيقة "الدين والديناميت" عن قناة "الناس" ، لذا أطلب منكم قبل صب جام الغضب على شخصي المتواضع أن تفكروا في وجهة نظر كاتب هذه السطور والتي أراها أيضاً وجهة نظر شريحة لا يجب الاستهانة بها حسابياً على الأقل..


أولاً.. لنتفق ابتداءً على أن علاقة التعليم بالمجتمع أوسع مما نعتقد أو مما يريدنا البعض أن نعتقد ، التعليم في مصر يقدم الأطباء المصريين والمهندسين المصريين والمحامين المصريين والقضاة المصريين.. ثانياً.. لنتفق مرة أخرى - تاني معلش- على أن التعليم في مصر في العصر المباركي لم يكن صفاية موز وجنينة مانجة على رأي الراحل "نجيب الريحاني" ساخراً من الباشا "سليمان نجيب" في فيلم غزل البنات (1949) قبل أن يعرف هويته ، وأن سوء مستواه انعكس ، وينعكس ، بكل السلب على المستوى المهني لكل خرجه ، وفي هذه المدونة وفي غيرها لدى أصدقاء وزملاء انتقادات ونقد لكل ما حدث في تعليم المرحلة المباركية والذي لا نزال ندفع ثمنه إلى لحظة كتابة هذه السطور..


إذن من البديهي ، ومن عدم الاستعباط على الذات واشتغالها ، أن يتأثر المعلم المصري والطبيب المصري والمهندس المصري والمحامي المصري بكل ما تشربوه خلال فترتهم في سجن التعليم المصري ، فالتعليم المصري المباركي مثله مثل السجن ، يدخله المجرم صغيراً فيخرج منه محترفاً ، ليصبح جزءاً مما يحدث من فساد ومشاركاً وشريكاً فيه بدلاً من أن يتمرد عليه..


قبل أن تغضب ، أذكر نفسي وإياكم بما قاله أحد كبار أعمدة الطب في مصر عن أن كليات الطب في مصر تستقبل عدداً أكبر بكثير مما تستحق ، وأن تلك الكثرة العددية أكبر بمراحل من قدرة وإمكانيات الجامعات وتجهيزاتها ، وأضيف : وأكبر حتى مما يحتمله سوق العمالة في المجال الطبي ، حتى لو افترضنا أن هناك قصوراً في إمكانيات الجامعات ، العدد ضخم ، والسبب هو حسبة كليات القمة وكليات القاع التي تنفق من أجلها الأسر المصرية مبالغ قد تصل دون مبالغة إلى المليارات من الجنيهات من أجل الوصول لكلية من كليات القمة ومن أجل الخمسة عين التي يكتشف الخريج أنها خيال علمي ، خصوصاً لو كان من المغضوبين عليهم من أطباء وزارة الصحة الذين يكتفون بملاطيش الحكومة وليس من أبناء أساتذة الجامعة حماهم الله الله الله ولا من الدكاترة الذين يعملون في خمسين عيادة خاصة ويبقون على مطاردتهم لملاطيش الحكومة ويطالبون بزيادتها بينما لا يعطون إلا الوش الخشب للمريض غير القادر على الدفع..


وعن تأثير الكثرة العددية المبالغ فيها وغياب ما يسمى بالـ Merit system أحدثكم كتجاري سابق ، في زمن محاضرات الإنتاج الكثيف ، التي تستوعب من الحبايب ألفين في قاعة تعد من الأكبر على مستوى البلد ، أتحداك أن يصل مضمون المحاضرة لأكثر من عشرة بالمائة ، والعشرة كثير ، من عدد الحضور في محاضرات المواد التجارية ، وقس على ذلك ما يحدث في كليات القاع المغضوب عليها الأخرى بفعل مكتب التسييق حرقه الله في نار جهنم..


العدد كبير ، التعامل معه يتم بحماقة ، كمية من القيم السلبية يتشربها أي طالب ، وعلى رأسها علاقتك بالمعلم ، بكسر الميم ، أستاذ الجامعة ، قيل لي أن أتعامل مع أستاذ الجامعة كـ-أستغفر الله العظيم- نصف إله ، كلمته هي الحق المطلق ، يستطيع بجرة قلم أن يحول حياتك إلى جنة ، ويستطيع بجرة أخرى أن يحول حياتك إلى جحيم مقيم ، لا تفكر في إغضابه ، ولا في مناقشته ، ولا في سؤاله حتى ، واسأل الله أن يرضيه عنك وعن أفعالك علشان الأربع ولا الخمس سنين تمر على خير.. ويمكن ربنا يرضى عليك وتبقى معيد ، وتتحول إلى عسكري مراسلة عند السيد العميد ومن يناقشون رسالتك ، على نحو أسوأ مما كان عليه الحال في مسرحية "لينين الرملي" "سك على بناتك" ، ولا مانع من أن تفعل ما لم يفعله "أحمد راتب" بمناسبته للعميد ، ناسبنا الحكومة ، وبقينا قرايب ، على غرار ما فعله "عمر الشريف" في فيلم "بداية ونهاية".. لتدخل مجتمع الحلقة المقدسة على غرار مجتمع ما اعتقده الإغريق آلهة مثل فينوس وهيرا وأخيلوس وآخرين..


كن عسكري مراسلة للعميد وولاده ، قبل التخرج وبعده ، لا تقترب من أحد منهم فألف عين تقترب منك ، حتى لو سولت لأي من شذاذ الآفاق - (الجامعة مطروحاً منها أولاد الست) - الاقتراب من أي منهم .. حيشيل أوبح ..وأعنيها..


كلنا تخرجنا من الجامعة ، كنا شهوداً وشركاءً فيما حدث ، والبصمات اللي على الجثة وسلاح الجريمة مش بصمات حد غريب ، والحمد لله أنه يوجد في كل مهنة وطائفة من يدرك أنه شارك في الخطأ والخطيئة ولا تأخذه العزة بالاثم ولا يتصور نفسه ملاكاً في غابة تسكنها الوحوش وتعربد فيها الشياطين..


التعليم الطبي خرج مما خرج - لنعترف- أطباءً سيئين ، منهم من يهاجم ويحتج ويتظاهر في الشوارع ويهددنا بالإضراب ، التعليم القانوني خرج نسبة من المحامين علاقتها بالأخلاق كعلاقة الأرنب بالبيانو بإزي الصحة ، ومجموعة من المهندسين في بعضهم ما فيهم.. ومحاسبين لا يعرف كثير منهم عن مهنتهم التي لا يعرفها المجتمع نفسه أي شيء فيبحث عن مهنة أخرى في أي مكان آخر وليذهب شقا سنوات التعليم إلى الجحيم .. أما التعليم التعليمي فخرج لنا معلمين مِعَلَّمين ، وحش الكيمياء ، قاهر الفيزياء ، تشرشل الإنجليزي وميتران الفرنساوي..


ومن الطبيعي أن يتسبب الأطباء الفاشلين خريجي التعليم الفاشل في فضائح داخل وخارج البلاد ، مثل المحاسب الفاشل والمحامي الفاشل وكل فاشل ، والمصيبة أن الفاشلين يتقمصون دائماً دور الضحايا في كل مصيبة تحدث في مصر أو في دول الجاز أو في بلاد أونكل سام ..


أليس ذلك كافياً للمجتمع ، ولمنتسبي كل مهنة ، أن يثوروا ويطالبوا ، إلى جانب مطالبهم المشروعة ، بإصلاح التعليم الجامعي وقبل الجامعي في مصر ، كي لا تكون الجامعات مدرسة نتعلم فيها الوصولية والشللية وعبادة الفرد ومسح الجوخ ، أليس من الأولى لمن يطالب أن يرى إن كان هو نفسه على مستوى المسئولية فيطالب بنفس ، أو كان فاكساً فميسمعناش حنجوري على المسا ، إذا كان الله عز وجل لم يساوي بين من يعلم ولا يعلم ، فهل أساوي بين طبيب فاشل وطبيب ناجح ، أو مهندس فاهم ومهندس مالهوش فيها ، أليس من الأولى أن نتذكر أننا لسنا ملائكة بدلاً من أن نعامل مجتمعنا المحيط في الإضرابات وغيرها على أنهم شياطين؟


إنك لا تجني من الشوك الشوك .. العنب العنب.. مع الاعتذار للمبي اللمبي.. عذراً لحدة اللهجة..

Wednesday, October 31, 2012

عدنا

لمن يسأل عن سر الاختفاء ، أقول له أنه كان يتعين على العبد لله أن يتفرج على الواقع بكل ما يحمل من ألغام وديناميت قبل أن يعاود صرخته : الصحافة فين التعليم أهه..

لمن يعتقد أنني سأتناول شيئاً من التعليم في الماضي ، أقول له إن التعليم الفاشل في الماضي له آثار وندوب في وجه الحاضر ، كل ما سنفعله هو تعقب آثار الماضي في الحاضر والنظر للمستقبل ومتابعته أيضاً..

لمن يعتقد أن التعليم في مصر كان لذوذاً وكميلاً ، أقول له انظر حولك ، وسترى أشياء..

لمن يعتقد أنني هجرت المدونة ، أقول له أن أي شخص تشكل الكتابة جزءاً من حياته يمر بحالات ملل وصدة نفس تجعله غير قادر على الكتابة ، لكن بعد فترة تتغير الأمور ، ويبدل الله الحال إلى حال ، ويعود المرء إلى سابق كتاباته وصراخه وأسئلته المشروعة منها والممنوعة على حد سواء..

عادت "الصحافة فين التعليم أهه" ، وسأوافيكم بالجديد تباعاً إن شاء الله..

"قلم جاف"

Monday, February 27, 2012

جريمة نجاح

خبر قرأته على موقع "العربية" نقلاً عن "الحياة" اللندنية : تدريس حياة لاعب كرة القدم "ماجد عبد الله" في المدارس..


قد يثير الخبر حفيظتك ، قد أسمع إكليشيهات من عينة "شوف اللعيب خد كام واللي بيذاكر خد كام" ، "ما لقيناش إلا اللي زي دة" ، "ما البلد مليانة نماذج تانية أحسن" ، و...و...


لنفكر في الموضوع بهدوء .. فيك تسمعني؟


المشكلة الوحيدة الجدلية بالنسبة لهذا الرجل هو كونه ينتمي للعبة بها نوع من التنافس أو التعصب في هذا البلد وفي بلاد أخرى غيره ، أما لو كان لاعب ألعاب قوى مثلاً فبالعكس ، أنا مع اختياره لأقصى مدى متاح..


نحن قولبنا كل شيء ، حتى النجاح وضعنا له قوالب ، قسمنا مجالات الحياة ، وقمنا بتنميط سلوكيات المشتغلين فيها ، وربط صور ذهنية معينة بهم وبها ، كما قسمنا التعليم في مصر اجتماعياً وسياسياً وثقافياً وطبقياً وبتنجانياً ، واعتبرنا أنه لا يليق إلا في مجالات بعينها دون أخرى ، رغم أن كل المجالات فيها فرص للعمل الشريف ، والجد والاجتهاد ، وبالتأكيد النجاح ، سواء النجاح الفردي نتيجة لموهبة أودعها الله عز وجل في شخص أو مجموعة أشخاص ، أو النجاح المؤسسي الذي يقدم مؤسسة تخرج ناجحين أو تصنع نجاحاً جماعياً ، من العادي ومن الطبيعي أن نجد طبيباً ناجحاً ، ومهندساً ناجحاً ، ورياضياً ناجحاً ، وأديباً ناجحاً ، ورجل أعمال ناجح (لا يسرق ولا يشتغل في السياسة لإخفاء سرقاته وغسيل سمعته زي ناس كتير قوي) ، وفناناً ناجحاً..


نحن لا نزال نتعامل بعقلية "قوم ذاكرلك كلمتين ينفعوك" ، نقوم بتحشير الأجيال القادمة في مطحنة ما يسمى بـ"مكتب التنسيق" لعنه الله ، يا دكتور يا مهندس يا صيدلي ، غير كدة تبقى صايع وضايع ومالكش مستقبل، و"قوم ذاكرلك كلمتين ينفعوك" ، ومنها "عايز تشتغل لي كذا؟ .. يبقى ** على تربتي لو يوم فلحت يا بعيد".. رغم أن الشاب يجد نفسه في هذا المجال أفضل وأنجح ، ورغم أن قدراته تشجعه على العمل في هذا المجال والنجاح فيه.. ورغم أن سلوكياته وتربيته ومبادئه تساعده على أن يبقى محترماً ولا يتلوث بأي شكل..


حتى في حديثنا عن القدوات والنجاحات لدينا أفكار غريبة ، نصرخ هستيرياً وراء من يقول "مش عيب على أجيال تعرف فلان أكثر من علان ، رغم إن فلان كذا وكذا أما علان فابن كذا وكذا" ونتناسى أنه في كل دول العالم هناك مجالات تبقى أكثر شهرة من غيرها بحكم علاقتها بالناس ، من العادي أن أعرف "سيد حجاب" أكثر من "فؤاد حداد" مثلاً لأن "حجاب" - وهو من قمم شعر العامية المصرية - يكتب تترات مسلسلات تليفزيونية تسمعها الناس وأصبحت بمثابة دواوين شعرية مسموعة ، عكس من يبقى إنتاجهم موجهاً للصفوة والمثقفين ، أو أن أعرف "حجاب" أكثر من عملاق كـ"أمل دنقل" ، لأن "حجاب" شاعر عامية وبالتالي فإن إنتاجه معروف لدى عامة الناس من شاعر فصحى ، دون تقليل من أي من هذه القمم الثلاث ، بالتالي لا حرج في أن أحتفي بـ"سيد حجاب" ، أو أن أدرس (بضم الألف وفتح الدال وكسر وتشديد الراء) ، إن أمكن تدريس الشعر العامي ،بعض أعماله كما أدرس لآخرين .. هل لمجرد أن فلان معروف أو يعمل في مجال جماهيري يكون ذلك أدعى لاعتباره تافهاً ونكرة؟ لماذا لا أحترم نفسي باحترام الجميع؟


نحن نتعامل مع النجاح كجريمة ، ومع ناجحين حقيقيين كمجرمين ، رغم أننا نحتفي في بعض الأحيان بمجرمين حقيقيين ، من أمثال لصوص المال السياسي وبعض النماذج السيئة في المجال الإعلامي ، وبعض المتلونين في مجالات فكرية وأدبية على مستوى المثقفين أو العامة ممن هم سبة حقيقية في جبين مجالاتهم والمشتغلين فيها ، تعم فواحشهم أي مجال فتسيء للمحترمين فيها..


في دول كثيرة هناك فخر بكل ناجح ، يفتخر اللبناني مثلاً بكل نموذج لبناني نجح بحق وحقيق في أي مجال كان ، ويجعل من نجاح تلك النماذج حافزاً له لدخول المجال والنجاح فيه ، يفتخر بفنونه وعلومه وأدبه وكيميائه وفيزيائه ورياضياته .. من حق المصري أيضاً أن يفعل هذا الشيء..


قد يقول قائل أن هناك عثرات أخلاقية لدى البعض ، هذه نقرة أخرى ، يستطيع القائمون على التعليم ، ونستطيع ، أن ننتقي نماذج تعد قدوات أخلاقية ، كعامل تربوي ، لدينا عدد كاف وكبير نشير لأبنائنا ونقول لهم هذا هو فلان وهذا هو علان وهذه هي بلدك التي أنجبت كل هؤلاء الناجحين والمجتهدين..


لا زلنا نتعامل بمنطق "إن قابلني لو نجحت" ، حتى ونحن نقابل الناجحين الذين اعتبرناهم فشلة بعد أن نجحوا فعلاً.. ما دمنا نتعامل مع النجاح كجريمة فمن الطبيعي أن نكون علاقة صداقة حميمة مع الفشل ونستعذبه ، رغم أنني عن نفسي لا أجد فيه أي شيء جميل ، لربما كان العيب في شخصي المتواضع كعيوب أخرى أعرفها ولا أنكرها..

Thursday, January 12, 2012

أسئلة لمن يهمهم الأمر .. أو أراهم كذلك

سيضيق البعض ، إن لم يكن الأغلب ، ذرعاً بالسطور القادمة ، فالتفكير ومحاولة الفهم والبحث عن حلول كلها أمور توشك أن تتحول في الوقت الحالي إلى جرائم ، وأصبح التجرؤ على سؤال أي فصيل سياسي عن "دماغه" وتصوره لمصر تعليماً واقتصاداً وسياسة سفالة وقلة أدب ، فالثورة من وجهة نظر فصائل كثيرة منها الحزبي ومنها الشارعي ومنها الثوري ومنها غير الثوري قامت ليصل س أو ص أو ع إلى السلطة ، شخصاً أو حزباً أو حركة ، وعليه فيجب أن تتوقف عقولنا عن التفكير بما أننا الأدبسيس الخرسيس الهمج الرعاع الذين لا قيمة لهم إلا سيراً في مظاهرة أو وقوفاً في اعتصام أو حتى تصويتاً في انتخاب.. وأن نترك مهمة التفكير للأصفياء الأخيار الذين حملوا عنا عبء التفكير كما لو كنا لسنا شركاء في هذا البلد ، وهم يختارون لنا من يروه الأصلح وذا الرؤية الثاقبة للرصاص وصاحب المعجزات والكرامات والقدرات الخارقة..


سأكتفي بتوجيه عدة أسئلة إلى كل فصيل وحركة وحزب في مصر ، فيما يخص منطقة التعليم فقط ، وأعتقد أن هذا من حقي ، ومن حقي أيضاً أن أحصل على إجابة كمواطن مصري مستقل غير ذي انتماء ، ولا يشرفني أن أنتمي إلى أي اتجاه يحجر على حقي في التفكير والفهم أيا كان وأيا كان ما يتمسح به والشرعية التي يدعيها..


0-كيف ترون التعليم عموماً؟ بعين الناشط أم بعين السياسي أم بعين رجل الاقتصاد أم بعين رجل الشارع؟ ما هو ترتيبه الحقيقي في سلم أولوياتكم؟


هل الهدف من التعليم إنتاج مواطن حر مستقل مستنير قادر على اتخاذ قراره بحرية؟


هل الهدف إنتاج قوى عاملة تستطيع الاعتماد على نفسها ويستطيع القطاع الخاص الاعتماد عليها ، أم تكرار الاسطوانة الهابطة التي اعتدنا على حفظها عن "رخص تكلفة العامل المصري" (نتيجة قلة تعليمه وسوء إعداده) وبالتالي يتم إهمال التعليم في مصر من أجل الحصول على قوى عاملة رخيصة و"زي الرز" لا تطالب بحقوق ولا تتعلم وتربطها في المكان الذي يريده لها صاحبها ، بينما يتم استيراد العمالة الماهرة المدربة من الخارج لكي تشرف عليها"؟ هل ستحدد نوعية النشاط الاقتصادي الذي ستفرضونه علينا بشكل كبير شكل التعليم في الفترة القادمة (زراعة – صناعة – اقتصاد مختلط – سياحة وخدمات وعقارات ...الخ)؟ هل ستنجحون في فرض القوى العاملة المصرية بعد إعدادها وتطويرها على المستثمر الأجنبي كي تعمل في مصر (بما إن المستثمر الهندي مثلا حيجيب معاه عمال هنود ودي حصلت بالمناسبة) أم سيحصل الأجانب على كل الكعكة ويفقد الناس ثقتهم من جديد في التعليم الذي يؤدي بهم إلى الشارع؟


أي الأشياء ستكون أهم لديكم : القيم أم المهارات ؟ البعد السياسي أم الاجتماعي أم التقني في التعليم؟ كيف ستحققون التوازن المطلوب إن كنتم تتحدثون عن توازن؟


هل ستعملون على وصول ميزانيات التعليم إلى التعليم ، أم إلى العاملين على التعليم ليصبح كما البحث العلمي الآن؟


1-بالنسبة لمجانية التعليم ، هل ترون ضرورة استمرارها ، أم ترشيدها ، أم إلغائها؟ أي سيناريو ترونه لمجانية التعليم بمعنى أصح : السيناريو الأربعيني الذي يقرن المجانية بالجدارة ، يصبح الاجتهاد الدراسي ثمناً لمجانية التعليم ، أم التصور الناصري الذي يعتبر مجانية التعليم حقاً للجميع؟ ما الذي ترونه الأصلح في ظل ظروف المجتمع الحالي وتوزيع الدخل بين أفراده وقدرتهم على "توليد الدخل" إن صح التعبير؟


2-هل ترون ضرورة "تقليد" – نجيب م الآخر – نماذج تعليمية في دول أخرى سبقتنا في هذا المجال بنظام الكوبي والبيست ، أم يجب أن يكون لنا نموذجنا الخاص في ظل 1)توزيع سكاني وجغرافي خاص ، 2)كثافة سكانية عالية يمكن أن تكون عوناً للتنمية لا معوقاً لها إن أحسن استغلالها تتوزع على مساحة صغيرة نسبياً من الأرض ، 3)تشكيلة الأنشطة الاقتصادية في المجتمع وتوزيعها ووزنها النسبي (ما بين زراعة وصناعة وخدمات وأنشطة إنتاجية أخرى كالصيد والرعي في مناطق معينة) باعتبار أنه من أهداف التعليم أن يحصل المواطن على عمل يكفل له حياة كريمة؟


وما هو دور "الغير" في التعليم كما ترونه؟ اعتماد دائم على الـ know-how المستورد أم تربية كوادر تتعلم في الخارج وتستفيد من خبرته لتطبقها في مصر ويصبح لها تلامذة يستطيع معها هذا البلد الاعتماد على نفسه دون تبعية سياسية أو ثقافية لأي بلد مهما كان تقدمه السياسي والاقتصادي؟


3-كيف ستطورون تعليم اللغات في مصر بما يتناسب مع أهميتها في التواصل مع علوم ومعارف وثقافة الآخر؟ كيف ستنتشلونه من الهوة السحيقة التي لطالما بح صوتنا وصوت غيرنا في الشكوى منها؟


4-كيف ستتعاملون مع الثانوية العامة كشهادة وكامتحان وكتقييم لما حصله الطالب من مهارات على مدى ما سبقها من سنوات ، وبوصفها محدداً مبدئياً لكمية من يدخل إلى سوق العمل وفي أي اتجاه؟ هل لديك تصور لحل عادل يوزع الطلبة على مساراتهم بعيداً عن مكتب التنسيق الذي كان وبالاً على مصر بكل ما تحمل الكلمة من معنى؟


5-هل ستبقون على امتيازات الأستاذ الجامعي الذي تحول على مدى سنوات لأداة استبداد وقهر واستغلال للنفوذ على نحو يعيد للذاكرة فكرة دكتور الجامعة المورث المستغل لسلطانه ونفوذه على الطلاب سواء طلبة السنوات الأربع أو الخمس أو طلبة تمهيدي الماجستير والدكتوراه؟


6-كيف ستغيرون من طريقة الحصول على الدرجات العلمية من عمل نظري صرف إلى خبرات وتجارب عملية كما يحدث في دول متقدمة وغير متقدمة سبقتنا؟


7-ما هو وضع التدريب في سياسات التعليم عندكم؟ هل ترونه كما أراه عن نفسي ضرورة وطنية وأمن قومي ، أم "فنظزية" ورفاهية؟ هل يكون من اختصاص الدولة تمويلاً وإدارة ، أم سيصبح الأمر نظام مقاولات كما كان في النظام السابق ، أسيبك للقطاع الخاص وانت حر معاه تصطفلوا زي ما انتو عايزين أو تتحرقوا بجاز مش نضيف؟


8-كيف ستطورون من التعليم الفني في مصر؟ وكيف ستغيرون من صورته وسمعته لدى الشارع المصري؟


هذه كانت بعض الأسئلة ، حقي ، وحق أي مواطن خارج المشهد ، ومن حقي ومن حق أي مواطن أن يجد إجابات صريحة وواضحة عن تلك الأسئلة ، كلها أو بعضها ، مش ح أكون طماع ، قد يسمعها "المعنيون" بها مني بهذه الطريقة ، وقد تسمعوا ما هو أقوى منها من مواطن بسيط أقل مني تعليماً وخبرة ، حقي وحقه وحقك إجابة ، إن أجاب الساسة والحركيون والائتلافيون والأحزاب والقوى السياسية أياً كان شكلها ولونها عن تلك الأسئلة بوضوح أهلاً وسهلاً ، إن أخذوني وأخذوك على قدر عقولنا أيضاً أهلاً وسهلاً..وساعتها سيكون لكل حادث حديث ، لن يعجبهم ..زمن "لما تبقى تكبر أبقى أقول لك" انتهى إلى غير رجعة ، وليست هذه الطريقة التي يتم بها التعامل مع عامة الناس الذين يريدون أن يفهموا ويعرفوا إلى أين ستتجه بلادهم ، فهذه البلاد لهم فيها نصيب وحصة ، مثلهم مثل من يتحدث و"يناضل" باسمهم..

Tuesday, October 04, 2011

في إضراب المعلمين : لماذا أقف كمواطن عادي في المنتصف؟

مع من أتعاطف؟


مع المعلم -بضم الميم الأولى-الذي "علم" تلاميذه و"علم" فيهم ، أم مع المعلم-بكسر الميم الأولى..برضه- الذي "علم" "على" تلاميذه؟ مع الذي علم تلميذه كيف يكون نزيهاً ومهذباً ومحترماً ، أم الذي علمه كيف يكون هبيشاً وشبيحاً ومصلحجياً؟ الذي ربى فيه موهبة ، أم الذي ربى له الخفيف؟


مع المعلم الذي تهابه وتحترمه لتواضعه ، أم مع المعلم الذي تهابه وتحترمه لعصاته وجزرته؟ مع المعلم الذي يقوم بدور هو مؤمن به ، أم مع المعلم الذي يعيش الدور ويمنه عليك كما لو كان "حسنة وأنا سيدك" ، ويحدثك كـ"بيه" من البهوات ، دة لو عرفت تكلمه أصلاً؟


مع المعلم "الغلبان" الذي يحصل على ملاليم لا تكفيه ، أم مع المعلم الذي ملايين العالم لا تكفيه؟ مع المعلم الكتكوت أم المعلم الحوت؟


مع المعلم الذي وجد نفسه ضحية لنظام التنسيق القذر الـ(*ا**) ، الذي قام بـ"كب" عدد كبير ممن لم يحصلوا على مجاميع تسكنهم في ما يسمى بـ"كليات القمة" إلى كليات التجارة والتربية والحقوق و..و..، وعليه وجد نفسه يعمل في مهنة لا يحبها ولا يطيقها ، ليعمل في فصل ضخم العدد ، وفي مدارس نظيفة مؤدبة محترمة منتجة وبنت ناس" كما كان الحكيم رابسو يصفها، وينهي الموسم مراقباً في امتحان الثانوية السامة في ظل ظروف مناخية صعبة إن لم تكن سيئة ، ثم تأتي الأوضاع المعيشية لتزيده - بالنسبة تحديداً لمن يدرسون المواد "الفقر"" اللي ما بتجيبش دروس- ضعفاً وانسحاقاً وقهراً ، أم مع المعلم الذي هو جزء لا يتجزأ من النظام التعليمي بأكمله ، بصمه ، وحفظه ، وقهره للطلبة جسدياً في أحيان وفكرياً في أحيان أخرى ، لدرجة تجعل من العجيب أن يخرج من الأجيال الحالية مثقفون وموهوبون في ظل تعليم كهذا ، تعليم "الكيلاس" و"البيكيتشر" و"الفايبريشن"؟


مع المعلم الذي يرفض أن "يلعب بديله"؟ أم مع المعلم الذي "يلعب بديله"؟ أم مع المعلم الذي يريد أن "يلعب بديله" بينما لم تسنح له الفرصة؟


عن نفسي قابلت الصنفين ، ولا يزالان موجودان ، والكل يتذمر ، من يقبض الملاليم ومن يقبض الملايين ، ومن حيتان الدروس الخصوصية من كان يفكر في ملاطيش الحكومة ، والتي كتب عنها كاتب هذه السطور منذ أربع سنوات وأربعة أشهر، ومرة أخرى بعدها بقليل..أيا كان مسمى تلك الملاطيش ، ولا تعرف من المحق ومن غير المحق ، الظالم تايه في الطيب وأهو مولد خلق الله- كما تقول الأغنية التي غناها "محمد منير" و"خالد عجاج"!


قد تتعاطف ، وقد لا تتعاطف ، لكني أجد نفسي واقفاً في المنتصف ، مثلي مثل كثر سئموا السلوك الغريب والمعيب لنقابات ولأصحاب مهن نحترمها أجبرونا بمنطق الصوت العالي والتهديد و"الأنعرة" على أن نقف في المنتصف ، لا تعاطف مع ، ولا تحيز ضد.. وسنظل كذلك طالما ظلوا هم..

Tuesday, August 23, 2011

قداسة "كتاب الوزارة"

خطرت على دماغي خاطرة صغيرة قد تبدو غريبة وقد لا يبدو الوقت مناسباً لذكرها..لكن .. أهو.. تبقى مجرد محاولة متواضعة لفتح ملفات ثلاثين عاماً من ألغاز وفوازير التعليم في مصر..


"كتاب الوزارة" و "نماذج الوزارة"..


كتاب الوزارة هو "كتاب" "الوزارة".. الكتاب المقرر عليك دراسته ويكتسب حجيته وقداسته من كونه "كتاب الوزارة" ، في وقت كانت فيه "الحكومة" في مصر صنماً وتابوهاً لا يجوز مجرد التفكير في نقده فما بالكم بانتقاده.. كل ما في كتاب الوزارة حقيقة لا تقبل النقاش ، حتى مع زعم صناع الكتب وزعم الرابسوهات أنفسهم بأن الهدف هو تكوين ملكة التفكير النقدي لدى الطلبة ، المغلوبين على أمرهم..والذين لم يستطيعوا مجرد التفكير في الخروج على نص الكتاب المدرسي الرابسوماتيكي حتى وإن طلب إليهم إبداء الرأي في سؤال في الامتحان ، على طريقة عزومة المراكبية..


متقادم ، بدائي ، مليء بالحشو ، سيء العرض ، غير واضح الهدف ، لا يزودك بمهارة ، كل تلك الترهات لا قيمة لها ، فمن يفكر في تلك الأشياء متهم بمعارضة "سياسة البلد" التي اختارت لك "كتاباً" لا يعرف له الخطأ طريق جرة..


ولأن كتاب الوزارة محاط بتلك الهالة من المصداقية التي تلتصق بكل شيء مرتبط بـ"الحكومة" ، فكان فرصة في عهد "فتحي سرور" لتحميله ، وبشكل كليش ، بالهدف الواضح الذي ارتضته الوزارة من النظام التعليمي ، "خلق الشخصية المصرية المش عارف إيه ..." أي حنجوري من أجل تعبئة الليلة ، وأياً كان الهراء المكتوب على الغلاف الخارجي الخلفي للكتاب فهذا الهراء هو عين الصواب ولا تجوز مناقشته ولا التفكير فيه..


وقد يدافع مدافع عن حقبة "فتحي سرور" التي خرجت علينا بشيء لا يوصف بعبارات مهذبة اسمه "الدفعة المزدوجة" ، أيضاً من باب "كتاب الوزارة" وقرارات السيد الوزير وسياسة البلد ، ويسهل الرد عليه بأن تلك الطريقة من التفكير التي روج لها النظام التعليمي السابق في فترة الثمانينات هي أكبر دليل على كذب كل ما كتب على أغلفة كتب الوزارة في ذلك الوقت ، المطلوب ليس شخصية مصرية ولا ملوخية ولا مهلبية ، المطلوب تكوين عقل منقاد يسهل توجيهه ، مؤهل لأن يكون قطعة شطرنج توضع في أي مكان ، أي مكان يريده النظام السياسي ، عقل غبي لا يقل عنه غباءً العقل الرابسوماتيكي قاصر الخيال جاهل السياسة ، الذي تخيل ورتب أموره على أن الانغلاق السياسي ، وتوافر كل أوراق اللعبة وأدوات الإنتاج والإعلام في أيدي النظام كلها أمور أبدية لا حد لها ، حتى مع ترويج النظام السابق لفكرة التعددية الحزبية في فترة الثمانينات ، التي شهدت بداية سقوط التعليم المصري ..


كانت الرابسوماتيكية جزءاً من المباركية ، التي تعتمد دائماً على أن تخبر الرأي العام وتلقنه شيئاً ، وأنت تنفذ شيئاً آخر ، وعلى يقين أن الناس لا ، ولم ، ولن ، تعرف الفرق.. تجد لاحقاً في عهد "بهاء الدين" عبارة على ظهر الكتاب تقول "ليس بالحفظ والاستظهار ولكن بالفهم والتحليل ...." في حين يواصل تقديم كتاب الوزارة كحقيقة مطلقة ، وفشقةً بيك يا رمضان سنوفر لك ما يساعدك على فهم تلك الحقيقة المطلقة التي ستدخل بها الامتحان وستحصل منها على الدرجات لكي تغور في ستين داهية من النظام ليدخل بعدك آخرون: نماذج الوزارة ، التي هي أقوى من الكتاب الخارجي ، لأنها "نماذج الوزارة" التي لا يخرج منها "الامتحان"..


عدة آثار ترتبت على ترسيخ مفهوم قداسة الكتاب المدرسي في العهد المباركي سياسةً الرابسوماتيكي تعليماً:


1-الخلط التام بين ما هو "معرفة" و"مهارة" وما هو "حقيقة" أو يعد لأن يكون حقيقة .. بمعنى أصح كل ما في الكتاب حتى من آراء هو حقائق لا تقبل النقاش ، وبالتالي فإن المسكين عندما يكبر قليلاً في السن وتسول له نفسه الأمارة بالسوء دخول مكتبة ما في كلية ما ، أو وقف أمام كشك جرائد أو في مكتبة ليجد كتباً تتناول حقبة من تاريخ مصر بوجهة نظر مختلفة عن كتاب الوزارة فستتولد لديه مقاومة عنيفة لفكرة أن يكون هناك تصور آخر غير تصور "الحكومة" التي لا تخطئ(1).. لاحقاً تغيرت تلك الصورة عندما تحولت السياسة المصرية من نقيض إلى نقيض ، وتحولت بالتالي الحكومة والدولة فيمَ بعد من صنم وتابو إلى شيء يضرب بالسابو..


2-ولأن كل ما كان المرء يدرسه حقيقة مطلقة ، ولأن النظام الرابسوماتيكي الذي "اشتغل" المصريين ينادي بالفهم ويأمر بالحفظ ، ولأن المكانة الاجتماعية وكليات القمة و...و... تتطلب الإلمام التام بتلك الحقيقة ، طغى التلقين على العملية التعليمية داخل المدارس ، وفي نظام التعليم الموازي سواء الكتب الخارجية أو الدروس الخصوصية ، التي تستمد مرجعيتها من الكتاب المدرسي النظامي الحزبوطني الحكومي الـ... الـ.... الخ..


3-أعطت "قداسة الكتاب المدرسي" وارتباطه بالسلطة نوعاً من الأمان للأهالي بشكل غير مباشر عندما تحدث المواجهة إياها عقب كل امتحان شهادة عامة ، ولا ينسى الرابسوماتيك ترديد التوشيح الرابسوماتيكي الشهير "كل أسئلة الامتحان جاءت من كتاب الوزارة ونماذجها" -قبل أن تضاف عبارة "ولم يخرج عن نماذج "الجمهورية""-وبالتالي فالامتحان في حماية الحكومة ، ولا يخضع لأهواء واضعه أياً كانت خبرته ، ولذلك فإن تاريخ الثانوية العامة طوال العهد المباركي حفل بصدامات كان سببها محاولات صناع الامتحانات "الخروج على النص" .. سواء أكان هذا الخروج إيماناً بأن الامتحان يختبر معارف ومهارات رسخها الكتاب لا نص الكتاب بحذافيره ، أو كانت فذلكة وغرور زائدين لدى البعض من واضعي الامتحانات أرى عن نفسي أنه ليس من الحصافة بمكان إنكاره..


ربما ترون ، وبالذات من هم أصغر مني سنا ، الأمور بشكل مختلف ، أو ترون أن الصورة قد تحسنت ، أو بقيت كما هي عليه ، أو ازدادت سوءاً ، وهذا ما أريد أن أعرفه منكم بما أني أكتب تلك التدوينة انطلاقاً من تجربة عايشها جيلي في الثمانينات ، في فترة تكون "الفكرة المباركية" كما يصفها البعض ، قد تختلف عن التجربة التي تعايشونها وعايشتموها .. لكن يبقى ما تقرره الوزارة على الطلاب في مراحل التعليم المختلفة ، وثيق الصلة تماماً بحال السياسة والاقتصاد والحريات في بلد بأكمله..

(1) والمذهل أننا نجد في الإعلام الخاص من يتغنى بأن حكومات الثمانينات لم تخطئ .. وأبسط رد على هؤلاء عبارة "إن الله حليم ستار"..

Thursday, June 30, 2011

مكشوف عنهم الإسدال

كشخص "شاذج" كنت أستغرب وأتعجب من قدرة بعض الصحف على جلب معلومات لا يتخيلها بشر ، خطط سرية لأجهزة استخبارات أجنبية ، مشاريع لا يمكن قراءتها إلا في روايات خيال علمي ، أخبار شديدة السرية ، قدرة يمكن إرجاعها إلى وجود علاقات قوية مع بعض السادة العفاريت ، الذين يقوم السيد رئيس التحرير بتشغيلهم لحسابه Part time..حتى وإن ظهرت تلك الصحف بعد الثورة أعجز ما يكون عن نشر خبر حدث على بعد مائة متر فقط من مبنى الصحيفة!


لكن الصحافة المصرية تصر أن تظهر لنا ، من حين لآخر ، أنها Ever Green.. أو Ever Ready أو حتى Energizer.. وبأنها تستطيع أن تجلب لقرائها الأخبار من الشمخ الجواني .. بهذا الخبر المعجزة الذي انفردت به الأهرام أمس..الأهرام التي قامت بما يعجز عنه أي جهاز مخابرات في العالم بنشر أسماء أوائل الثانوية العامة قبل نهاية الامتحان!


وقبل أن يأتي سفيه ما ليذكرني و يذكركم بأن أمور ونظام التعليم في مصر هي من المقدسات ولا يجوز التفكير فيها مجرد التفكير ، دعوني أسأل ..


1-السؤال البديهي : كيف توصلت "الأهرام" أو غيرها لأول مرة لنشر مجاميع وترتيب أوائل الثانوية الغامة؟ علماً بأن ذلك لم يحدث من قبل ..


2-هل ترتيب أوائل الثانوية الغامة مسألة "متاحة" أم "سرية"؟


3-لماذا نشر الترتيب قبل نهاية الامتحانات بيوم كامل؟


4-ما هي الفائدة التي ستعود على قارئ الصحيفة أيا كان أن يعرف معلومة هي تقريباً "فشنك"؟


5-والأهم : ما هي الرسالة التي تحاول "الأهرام" توصيلها لنا بهذه الحركة الغبية؟"أنا الأهرام.. انت مين".. "أنا لا أقل نفوذاً عن "الجمهورية" التي لا يخرج امتحان الثانوية الغامة عن نماذجها" مثلاً؟ حتى "التشابه" لدرجة "التطابق" بين النماذج والامتحانات "مريب بما يكفي" وجدير بمن يدعون أنهم يهتمون بالبلد أن يثيروا حوله علامات استفهام.. إن كان هناك من يهتم لأمر مصر والمصريين..


الناس على عدة أنواع..نوع قابل للتغيير.. ونوع يريد أن يتغير ولا يستطيع .. ونوع لا يريد أن يتغير.. ومصيبة النوع الأخير أنه دائماً ما يحدثك عن التغيير ولكن تصرفاته لا تنبئ إلا عن العكس.. ويصر بعض أفراده على أن يوصلوا رسائل وهمية عن قوتهم ونفوذهم وسرهم الباتع ، والإسدال المكشوف عنهم ، والودع الذي أشبعوه ضرباً حتى الموت!


بلا قرف..


كل الشكر لموقع "إيجي ميديا" وبالطبع للزميلة "إيمان عبد الرحمن" التي كشفت عن فضيحة مدوية