Thursday, August 30, 2007

بلد أموات صحيح!

هناك نوعية من الأخبار تستطيع أن تفتي من مكانك بأنها حبظلم بظاظا .. مثل إحصائيات ما يسمى بالمركز القومي للبحوث والإرهاب ، وهناك نوعية من الأخبار أصنفها كـ"دخان له نار".. تصدق حدوثه وتعتقد في وجود ما هو أسوأ منه..

من ذلك ما نشرته الدستور قبل أيام عن طالب في كلية الإعلام يواجه مصيراً مظلماً .. لا لشيء إلا لأنه استشهد في بحث أو في مشروع برأي لـ"الجبرتي" "يبدو" مناهضاً لـ"محمد علي"!

أنا شخصياً أصدق الواقعة..رغم التأكيد اللبق للدكتورة ليلى عبد المجيد عميدة الكلية أنها "لا تعرف شيئاً عن الواقعة" و سوف تحقق فيها.. فالتهريج في مصر في تقدم مستمر ومطرد ..

كان يمكن فهم وتفهم تلك الواقعة لو كانت الآراء التي جمعها الطالب من أي مصدر كان تنتقد شخصيات من التاريخ المعاصر كالرئيس الراحل جمال عبد الناصر ، أقله كان يمكن القول بأن الأستاذة التي قررت حرمان الطالب من الامتحان ذات ميول ناصرية متعصبة ، بما أن التعصب السياسي والديني عندنا لا يختلف كثيراً عن التعصب لكرة القدم.. لكن ما هو مبرر ما حدث؟

محمد علي مات وشبع موت .. ولا يزال شخصية خلافية حتى هذه اللحظة ..ومن حسن حظنا -وسوء حظ الطالب- أنه يمكن تجميع كل آراء من عاصروه ومن لم يعاصروه في سياساته الداخلية والخارجية ، سواء من رفعه منها إلى مصاف التقديس أو من خسف به وبداره الأرض أو حتى ما تعامل معه كمجرد سياسي كان له مشروع خاص به حاول تحقيقه وفشل..

محمد علي لم يكن شيطاناً مريداً ولا ملاكاً هبط من السماء.. لكن تقول لمين؟

في حال ثبوت صحة تلك الواقعة التي لا أستبعدها يتضح لكل ذي عينين أننا نعود للخلف ، وأن هامش الحرية الذي نفضفض من خلاله يتم "عضعضته" على يد أشخاص لا يعرفون كثيراً عما يفعلون .. اليوم أصبح جمع آراء تنتقد حاكماً توفي منذ 150 عاماً فقط جريمة تستحق إنزال العقاب بصاحبها ، غداً سيتم نصب المشانق لمجموعة من الناس قررت عمل فيلم عن محمد علي إن ثبت "ثقل دم" التناول على دم أشخاص أكثر "علوية" من الأسرة "العلوية".. وبعده يمكن أن نرى واحداً من الشلة إياها يطالب بسحب الجنسية المصرية من شخص "يختلف سياسياً" مع رمسيس الثاني.. فلا يزال الأموات يحكمون أفكارنا وتفاسيرنا ويحكموننا من قبورهم في التعليم والسياسة وحتى الفن.. وإلا فبماذا تفسرون أن أشهر مباني مصر قبور وأضرحة وأهرامات؟

Friday, August 24, 2007

هل كانت الثانوية -الصعبة- أكثر عدالة؟

كنت أنوي الرد على موضوع الزميلة العزيزة Bella القيم عن المجاميع الهرمونية في الثانوية الخاصة كمداخلة ، ثم قررت نظراً لضخامة الرد أن أخصص له تدوينة مستقلة..

جعلتني السطور التي كتبتها Bella أطرح سؤالاً هاماً .. هل كانت الثانوية العامة في نظامها قبل الجديد رغم صعوبة الحصول على مجاميع مرتفعة أكثر عدالة من ثانوية عامة إكس لارج يحصل فيه أي طالب وبسهولة على العلامة الكاملة .. الـ 100%؟

لنعد بالذاكرة إلى الوراء لنفهم كيف سارت الأمور..

اعتقد حسين كامل بهاء الدين أن سبب شكوى الناس من الثانوية العامة وضغطها العصبي يتمثل في صعوبة الحصول على مجموع ، بما أن التنسيق لا يجيد إلا لغة المجاميع اللازمة لدخول "كليات القمة" و الوجاهة الاجتماعية.. فافتكس نظام الثانوية العامة الجديد الذي بدأ العمل به مع العام الدراسي 1996-1997.. أي من حوالي عشر مواسم بالتمام والكمال..

هذا النظام "قَسَّط" الثانوية على قسطين ، عامين هما الثاني والثالث من المرحلة الثانوية ، واختزل عدد المواد في عدد هو "المطلوب" لدخول الكلية المطلوبة..مع دمج و"تأييف" تلك المواد بما يتناسب والوضع الجديد..

حسابياً .. كان من الطبيعي للمجاميع أن تزيد .. بل أن تنتفخ .. فعدد المواد صار أقل .. تذكروا أن المواد نفسها بقيت على حالها كما هي ..

وعليه .. فإن الطريق صارت واضحة للمجموع العالي .. وممهدة للغاية : الصاد ..ميم .. ميم!

طالما أنك تحفظ فكل شيء تمام ، وكل ما حول الطالب يحرض على الحفظ ، بدءاً من الأهل والمجتمع ومروراً بالمدرسين في المدرسة وخارجها (ولي في ذلك كلام في تدوينة مستقلة بإذن الله) والميديا التي تحتفي بغرابة شديدة بـ(أوائل الثانوية العامة) .. حتى ولو كان "ضاربك السلك" فإن تسعين بالمائة على الأقل مضمونة .. تذكروا كم كان الحصول على تسعين بالمائة في ظل النظام القديم للثانوية الغامة يشبه حشو الضروس!

رابسو السابق "جه يكحلها عماها".. صحيح أن الحشو الذي يذكرنا بحشو غير المأسوف عليه رابسو الأكبر (صاحب بدعة وضلالة دمج الصفين الخامس والسادس) كان صارخاً وقت أن كنت طالباً بالثانوية العامة ، وكان عدد المواد مبالغاً فيه ، لكن بمقتضى النظام الحالي تحولت الأمور من ضد إلى ضد .. من الحشو المفرط إلى التسطيح المفرط أيضاً..

وفي كل الأمور لم ينظر واضعو تلك السياسات الخرقاء كلها أبعد من مواضع أقدامهم.. والنتيجة هي ما نرى الآن.. ارتفاع المجاميع حرم العديد من الطلاب من دخول الكليات..وهو ما لم يكن يحدث وقت أن كانت الثانوية العامة أصعب!

ليس من العيب أن نفكر في المستقبل .. نفكر جميعاً كأولياء أمور وصناع قرار ووسائل إعلام وبكل تجرد.. صحيح أن المستقبل بيد الله .. لكن "ومن يتوكل على الله فهو حسبه"..وعندما نفكر في المستقبل قد نصل لحلول تطمئنا جميعاً بدل من أن يدفع ثمنها غيرنا ..

تحديث : اهتمت الجمهورية بشكل مبالغ فيه كالمعتاد برحلتها لأوائل الثانوية العامة لألمانيا.. حمداً لله تعالى أن الألمان لا يعرفون العربية .. ولو كانوا يعرفونها لصرنا مضحكة خط الدانوب كله!