Thursday, June 30, 2011

مكشوف عنهم الإسدال

كشخص "شاذج" كنت أستغرب وأتعجب من قدرة بعض الصحف على جلب معلومات لا يتخيلها بشر ، خطط سرية لأجهزة استخبارات أجنبية ، مشاريع لا يمكن قراءتها إلا في روايات خيال علمي ، أخبار شديدة السرية ، قدرة يمكن إرجاعها إلى وجود علاقات قوية مع بعض السادة العفاريت ، الذين يقوم السيد رئيس التحرير بتشغيلهم لحسابه Part time..حتى وإن ظهرت تلك الصحف بعد الثورة أعجز ما يكون عن نشر خبر حدث على بعد مائة متر فقط من مبنى الصحيفة!


لكن الصحافة المصرية تصر أن تظهر لنا ، من حين لآخر ، أنها Ever Green.. أو Ever Ready أو حتى Energizer.. وبأنها تستطيع أن تجلب لقرائها الأخبار من الشمخ الجواني .. بهذا الخبر المعجزة الذي انفردت به الأهرام أمس..الأهرام التي قامت بما يعجز عنه أي جهاز مخابرات في العالم بنشر أسماء أوائل الثانوية العامة قبل نهاية الامتحان!


وقبل أن يأتي سفيه ما ليذكرني و يذكركم بأن أمور ونظام التعليم في مصر هي من المقدسات ولا يجوز التفكير فيها مجرد التفكير ، دعوني أسأل ..


1-السؤال البديهي : كيف توصلت "الأهرام" أو غيرها لأول مرة لنشر مجاميع وترتيب أوائل الثانوية الغامة؟ علماً بأن ذلك لم يحدث من قبل ..


2-هل ترتيب أوائل الثانوية الغامة مسألة "متاحة" أم "سرية"؟


3-لماذا نشر الترتيب قبل نهاية الامتحانات بيوم كامل؟


4-ما هي الفائدة التي ستعود على قارئ الصحيفة أيا كان أن يعرف معلومة هي تقريباً "فشنك"؟


5-والأهم : ما هي الرسالة التي تحاول "الأهرام" توصيلها لنا بهذه الحركة الغبية؟"أنا الأهرام.. انت مين".. "أنا لا أقل نفوذاً عن "الجمهورية" التي لا يخرج امتحان الثانوية الغامة عن نماذجها" مثلاً؟ حتى "التشابه" لدرجة "التطابق" بين النماذج والامتحانات "مريب بما يكفي" وجدير بمن يدعون أنهم يهتمون بالبلد أن يثيروا حوله علامات استفهام.. إن كان هناك من يهتم لأمر مصر والمصريين..


الناس على عدة أنواع..نوع قابل للتغيير.. ونوع يريد أن يتغير ولا يستطيع .. ونوع لا يريد أن يتغير.. ومصيبة النوع الأخير أنه دائماً ما يحدثك عن التغيير ولكن تصرفاته لا تنبئ إلا عن العكس.. ويصر بعض أفراده على أن يوصلوا رسائل وهمية عن قوتهم ونفوذهم وسرهم الباتع ، والإسدال المكشوف عنهم ، والودع الذي أشبعوه ضرباً حتى الموت!


بلا قرف..


كل الشكر لموقع "إيجي ميديا" وبالطبع للزميلة "إيمان عبد الرحمن" التي كشفت عن فضيحة مدوية

Wednesday, June 22, 2011

حرب الديوك

كان يا ما كان .. كان لدينا ما يعرف بـ"كلية الزراعة"..


في الوقت الذي نعاني فيه من نقص خبرة زراعية حقيقية في مصر ، وهي عقبة كئود تنضم إلى سلسلة طويلة من العقبات التي تحول دون توسع زراعي حقيقي في مصر من الذي كان يغني به علينا النظام السابق ، اختفت كليات الزراعة من الوجود ، بفعل مكتب التنسيق المقبور ، أو بفعل العرض والطلب المجتمعي على كليات وكليات.. ربما.. وإن كان تحليل ربط اختفاء كليات الزراعة أو اضمحلالها بالعاملين السابقين شديد الشبه بمعضلة البيضة والدجاجة..


فإلى الآن لا يعرف معظم المصريين - بمن فيهم كاتب السطور - على أي أساس يرتب المكتب الـ(*****) مجاميع الكليات ، هل على أساس عرض وطلب مجتمعي أم على أسس لا نعلمها ، ولم يكلف أحد خاطره بالسؤال عنها ، كما لو كانت المطالبة بالشفافية قد نفذ بنزينها قبل أن تصل إلى تلك النقطة بالتحديد.. وفي نفس الوقت فكثير من الناس له العذر في الامتعاض من كلمة "كلية زراعة".. فتلك الكلمة مقترنة بالريف الذي يعتبر أقل في مستوى المعيشة والوجاهة الاجتماعية من المدينة ، والأسوأ أن خريجي الزراعة ، وأهل الريف ، صاروا شبه مرغمين على ترك الزراعة بعد أن انحدر حالها لأسباب عدة ، منها الارتفاع المجنون في أسعار الأسمدة وعدم وجود دعم حقيقي للفلاح ، نقص الأراضي الزراعية نتيجة البناء عليها ، فالأراضي الزراعية إنما خلقت للبناء عليها وليس للزراعة ، كما علمنا صحفيون ركبهم العفريت ركوب الروديو عندما صدر قانون قبل عقدين إلا قليلاً يمنع البناء على الأراضي الزراعية ووصفوه بالعشوائي.. وحتى عندما تم التوسع في الصحراء تم بلا أساس علمي ولا منطقي ، في المناطق التي لا تصلح لبناء منتجعات كـ"عبده لاند" و"عتريس هيلز"..وسلملي ع الوادي الضيق والوادي الجديد..


في الوقت الذي كان يفترض بالإعلام المصري الذي صار كله شريفاً وعفيفاً بعد الثورة أن يفتح مثل تلك المواضيع ويناقشها ، بما أننا في مرحلة بناء دولة ، وبما أن هناك أموراً يجب أن تتحول إلى ثوابت في السياسة الداخلية المصرية ، من بينها نظام تعليم تتعاقب الحكومات على تنفيذه ، ولا تتعاقب على قلشه ونسفه كما كان يحدث من قبل ، وصل بنا الأمر إلى معركة ديوك من الطراز الأول بين جريدتي "الجمهورية" و"الوفد".. على الثانوية الغامة طبعاً..


يقول بعض الخبثاء أن لتلك المعركة أصلاً ، تلخص في مقال لـ"علاء عريبي" انتقد فيه ضمناً السياسة التحريرية لـ"الجمهورية" ، فما كان من صحفيي الأخيرة إلا أن فتحوا عليه النار ، صراحةً ، وضمناً ، بالهجوم على الحزب الأقدم من بين الأحزاب السياسية الحالية واصفين إياه بأنه من "أحزاب الغدر السياسي"..


لنفاجأ بتاريخ اليوم 22/6/2011 بمهزلة صحفية من بطولة الجريدتين لم يسبق لها مثيل..


بما أن الثانوية الغامة الأفيون الإعلامي المعتمد في مصر ، وبما أن "الجمهورية" تحمل التوكيل الرسمي- من وجهة نظرها- للثانوية الغامة ، جاءت لتتحدث عن نماذجها التي فكت ألغاز امتحان الجبر ، مع صورة للطلاب السعداء الذين نجحوا في قهر الامتحان قهراً بفضل نماذج "الجمهورية"..


لتنشر "الوفد" ، وفي نفس اليوم ، صورة لطالبة باكية ، بأسفلها عناوين تؤكد على أن امتحان الجبر صعب للغاية (وأن نماذج بسلامتها لم تسمن ولم تغن من جوع)..


هذا هو ما يهم اثنتين من أكبر الصحف في مصر .. صحيفة يهمها أن تبقى حاملة الختم والشعار ، وصحيفة أخرى قررت رد الصاع صاعين.. وبعيداً عن الغش الإعلامي الذي ارتكبته الصحيفتان بشكل صارخ .. يبقى السؤال عن اهتمام هؤلاء بالتعليم في مصر ، بما أن "الجمهورية" صحيفة "كاومية" أي أنها ملك الشعب ، وبما أن "الوفد" تمثل حزباً لا ينفك كتابه عن الهتاف "الدستور أولاً" أما التفاهات الأخرى فنتركها لوقت لاحق ويواصل كغيره تسويق نفسه كبديل قادر على حكم بلد..


لا صوت يعلو فوق صوت حرب الديوك.. وشقار ونقار ديكة "الجمهورية" و"الوفد" ، حين تصبح الثانوية الغامة معركة كرامة ، ويصبح الامتحان أهم من مصير من يخوضونه ، والبلد كلها.. ومبروك علينا استيراد ما كنا ننتجه من مزروعات ، واستيراد عمالة لنقص العمالة المدربة ، وانقراض تخصصات من هذا البلد كان من الممكن أن تخرجه مما هو فيه..


ولا حول ولا قوة إلا بالله ..

Friday, June 10, 2011

الآن والآن فقط.. نعود

عدنا بعد توقف .. وتوقف طويل..

وفي مسائل كتلك وفي ظروف كتلك التي نعيشها من المهم أن تتوقف ، وتنتظر إلى أن تظهر ملامح الأمور.. في مرحلة كالتي نحن مقدمون عليها يجب أن ننظر لأبعد كي لا تتكرر كوارث الماضي ، ولا يوجد مجال في مصر شهد كوارثاً من الحجم الملكي قدر ما شهده التعليم في ثلاثة عقود ، مهما ظهر من يهلل ، ويبيع مبادئه مدافعاً عن رابسو سابق أو قبل سابق في الوقت التي يرى فيه الكفيف كل الجرائم التي ارتكبت بحق التعليم العام والفني وقبل الجامعي والجامعي في ظهيرة أغسطس..

في نقطة من الزمن كتلك يجب أن ننظر إلى الثلاثين عاماً "لوكشة واحدة" ، بما مر فيها ومر علينا ، لا إلى خمس سنوات أو سبع أو عشر مضت ، نراجع كيف سارت الأمور ، ونذكر بها أنفسنا ، وغيرنا ، قبل أن ينسى الجميع مشاكل التعليم التي دفع هذا البلد ، ولا يزال يدفع ، ثمنها غالياً جداً ، في مناطق لا تتوقع أن يكون للتعليم بها علاقة مباشرة ، كالاقتصاد والأمن القومي والثقافة ، قبل أن ينسى الجميع كما نسي الكل في السابق التعليم ، وقبل أن تتعامل معه كل قوة سياسية وكل حزب بما يناسب مصالحه وليذهب باقي الشعب إلى أقرب نقطة توصله إلى الجحيم ، وقبل أن ينسى الجميع بعد الثورة ليذكرونا بالحقيقة الوحيدة في السياسة في مصر : نحن أمة تتفنن في تكرار أخطائها بطرق مختلفة في أزمان مختلفة وبأشخاص مختلفة..

ما يبثه التعليم من قيم ، ومهارات ، الكتب المدرسية التي يجب أن تتغير شكلاً ومضموناً ، وجود تطوير حقيقي للتعليم له هدف واضح نعلمه ونفهمه ويمكن تحقيقه ، لا نجده في خريطة تدفق لعينة على ظهر كل كتاب كما كان يفعل رابسو سابق مقبور ، تطوير يستفيد منه الكل في كل مناطق مصر على تباينها اقتصادياً وجغرافياً وثقافياً ، وجود ربط حقيقي للتعليم بالحياة وسوق العمل بعد أن كان ذلك الربط بدعة وضلالة لدى الرابسوماتيك ومن يطبلون لهم ويرنون "الصاجات" ، تحويل التعليم إلى ما هو أهم من شهادة ، ومولد منصوب لها وعلينا ، إيجاد حل لمكتب التنسيق وطبقيته العاهرة التي فرقت بين أبناء الجامعات بعضهم البعض ، بعد أن انكشف زيفه ، واتضح مع مرور السنوات – لي على الأقل وأعترف أنني أخطأت حين أحسنت الظن به ولو على سبيل "إيه اللي رماك ع المر"- أنه لا يحقق أي عدالة ، ولا مساواة ، ولا تكافؤ فرص بين أبناء المجتمع بل يبني طبقية جديدة على أساس الحفظ والاستظهار التي كان الرابسوهات – بكل نفاق ولزوجة- يلعنوها في منشوراتهم وكتبهم وحواراتهم ويعضدوها بتصرفاتهم على الأرض..تحسين صورة التعليم الفني بما يناسب أهميته ،ومحاولة فك ارتباطه بصورة معينة بسلوكيات معينة..جعل التعليم تنويراً لا تبويراً ولا تزويراً كما كان في عهود المجحومين الذين تولوا وزارة التربية والتعليم.. كل ما مضى أمر ملح لا يجب أن يتم التعتيم عليه ولا نسيانه ولا تأجيله..

ربما يرى البعض في فتح تلك الملفات تعجلاً لا محل له ، في وجود حكومة مهزوزة ونخب سياسية تشعر في معظمها بصدمة إمكانية الوصول للسلطة بعد طول عزل ، وقوى سياسية تتسم بالبلادة وسماكة الجلد ، وتيارات دينية لم يملك بعضها ثقافة إدارة دولة ، وبعضها الآخر – المذهبي –على استعداد لإبرام أي صفقات مع أي تيار كان ، ومال سياسي لا يرقب في الوطن إلاً ولا ذمة ، مفلس سياسياً وفكرياً عكس ما يبديه الإعلام المصاحب-زي الموسيقى المصاحبة- لذلك التيار ، ومجموعة من الشخصيات قررت دخول مجال "الشو" السياسي وممارسة لعبة كرة الحنجرة لتستمطر ازدراء الشارع واحتقاره بعد أن كان يحترم كثيراً من هؤلاء .. ربما يرى البعض فتح الملفات سالفة الذكر سابقاً لأوانه ، لكننا في مرحلة يفترض أن توضع فيها قواعد جديدة ، لمن أراد أن يلعب بشكل جاد ، لا لمن أراد أن "يشتغلنا" وهو يزعم أنه "يشتغل لنا"..

من حقنا أن نسأل قبل أي دستور وانتخابات وبنتجان ، هل سيأتي اليوم الذي توجد فيه في مصر سياسة تعليم ثابتة تتعاقب على تنفيذها حكومات أحزاب ، لا أن تتغير بتغير أي موظف في مكتب الوزير؟ هل ستلقى تلك السياسة دعماً من قبل المجتمع وصناع القرار ووسائل الإعلام وحتى من ينفذوها؟ هل ستنفذ تلك السياسة فعلاً أم يتم شغل الرأي العام كما كان يحدث في السابق بكليات "الكمة" وكليات القاع ومعارك الكادر والإضرابات والاعتصامات وأحكام الإدارية العليا وقائمة التفاهات والهبالات؟ هل سيأتي اليوم الذي يحاسب فيه الشعب بطريقة أو بأخرى صناع سياسات التعليم ، ويناقشها المواطنون فيما بينهم كما يناقشون مسائل الدستور والانتخابات والبيضة والدجاجة؟

هل "ناخد بالنا" من الآن ، أم ننتظر حتى يطوى ككل شيء في دائرة النسيان؟