Sunday, December 24, 2006

البع .. بع!

أيام ويأتي عيد الأضحى المبارك ، كل عام أنتم بخير ، والذي قد يحمل ذكريات سيئة لمحبي الفنان الراحل علاء ولي الدين ، والذي رحل عن عالمنا في العام 2003 في يوم تصادف أن يكون .. عيد الأضحى..

وإذا تذكرت ولي الدين تتذكر فيلمه الأشهر والأفضل "الناظر" .. ومن مشاهده مشهده الشهير مع الليمبي وهو يلقنه "أصول الصياعة اللفظية" من عينة عبارات "إوعى يغرك جسمك ، الرجولة أدب مش هز اكتاف! ، حتعملهملي نيللي نيللي حأعملهملك شريهان شريهان" .. وفيه قال الليمبي عبارته التاريخية المأثورة : اللي يحضر العفريت يصرفه!..

الثانوية العامة هي أشهر عفريت في مصر ، عفريت حضره وسَمَّنه البيروقراط والرابسوهات حتى أصبح من المستحيل دخوله القمقم مرة أخرى..والمضحك أن بعض الرابسوهات يوهموننا بأن العفريت المطيع "under control" وسيدخل - على أيديهم طبعاً- القمقم صاغراً زي التلميذ الشاطر ما يذاكر الامتحاااااان (مع الاعتذار لوردة)، في وقت يزداد فيه البعبع - اللي كان يادوب حتة عفريت - ضخامة وقبحاً..

في البداية لم يدرك الرابسوهات أنهم كانوا يحضرون عفريتاً من الأصل ، مجموعة من التغييرات البلهاء في مراحل سابقة من التعليم أدت إلى إحداث حالة من الرعب لدى الأهالي نتيجة لتضخيم المناهج وحشوها ، أحسن استغلالها جنرالات الدروس الخصوصية الذين تضخمت ثرواتهم من جراء هذه التعديلات الخزعبلية ، التي تم تتويجها بخزعبلة القرن العشرين (دمج السنة السادسة مع الخامسة ابتدائي) والتي تفوق عبثيةً فكرة دمج شهري يناير وأغسطس في شهر أبريل!

عجز الرابسوهات عن القيام بدور الحاوي الذي ارتضوه لأنفسهم ، فلا هم فهموا الكيفية التي يتغير بها المجتمع من حولهم شكلاً ومضموناً ، ولا هم استوعبوا حقيقة أن فئران التجارب الصغيرة سيأتي اليوم لتصل فيه إلى الثانوية العامة بأعداد ضخمة لم تكن في حسبان الحاوي الغلبان..

حاول الرابسوهات بحلول تقطر خيابة احتواء البعبع ، أولاً ركزوا على نماذج الوزارة كبديل خيبان للكتاب الخارجي ، الذي هو بديل للكتاب المدرسي المدعوم حكومياً من أموال دافعي الضرائب .. ثم فتحوا الباب لمجموعات التقوية - بالاشتراك طبعاً مع الحزب البيروقراطي - لمواجهة الوحش المخيف ، ومع ذلك ازداد محترفو الدروس ثراءً وكبر البعبع وأخرج لسانه للجميع ، قالوا العيب في النظام ، قاموا بتغييره إلى تقسيط الثانوية على سنتين ، وهناك نية فعلاً لتقسيطها على سنوات المرحلة الثانوية الثلاث (على ستة وتلاتين شهر .. يا بلاش)!

ولأن "إيد لوحدها ما تصقفش" فقد استعان الرابسوهات بكل أصدقائهم في الحكومة والحزب والتليفزيون والبوتاجاز لتدارك الموقف ، فعلى آخر الزمن صارت هناك قنوات تعليمية متخصصة على "النايل سات" (دة غير البرامج التعليمية لمدارس اللغات اللي بتتذاع على القناة الأولى والثانية) لكل مرحلة دراسية على حدة ، تحت إشراف مشترك من وزارتي التعليم والإعلام ، يقوم فيها المدرسون بالتدريس بطريقة لا تختلف كثيراً عن الطريقة البدائية التي ينتقدها الكل بمن فيهم القائمون على التعليم أنفسهم..وطبعاً مشاركة من صحافة ختم النسر في محاولة تحجيم ومحاصرة الدزنانور (مع الاعتذار لسهير البابلي) قامت مشكورة بنشر "ملاحق تعليمية" في داخل صحفها نسبة من موادها - والكلام أقوله على مسئوليتي الشخصية - منقول من كتب خارجية ، وسرعان ما تحولت القصة إلى "سبوبة" خارج العاصمة بحيث أصبح للعديد من صحف الحوادث الإقليمية ملاحق تعليمية ، وأصبحنا نسمع - ولله الحمد - عن الصحافة التعليمية ، صحف تعليمية كاملة عبارة عن مجموعة من الدروس تمثل مرجعاً ومرجعية لصغار المدرسين الخصوصيين!

الهزلي أن الثانوية شهادة ضمن التعليم المصري ، تدرس مناهجها في مدارس تخضع لإشراف الوزارة بطريقة أو بأخرى ، بكتب تطبعها وتشرف عليها الوزارة ، ويقوم بتلقينها للطلبة مدرسي الوزارة ، ويخضع الإشراف التنظيمي على امتحانها للوزارة ، وبالرغم من ذلك ملايين تنفق على المجموعات والنماذج والقنوات والدروس والملاحق دون أن تتم السيطرة عليها..تلك الشهادة الحكومية صارت ربما أقوى من قدرات الحكومة ، بفضل بعض موظفيها!

هل يتوقف الرابسوهات ودراويشهم في وسائل الإعلام عن المكابرة والإصرار على أن البعبع الأشكيف الوحش المخيف مجرد عفروت صغير "مسيره للقمقم" وتحت السيطرة؟ هل ينجحون في صرفه بخطوات سليمة بحق وحقيق؟ أم يصل بهم الاستسلام إلى الاعتراف بالبعبع ودعوتنا للتعايش معه كما نتعايش مع أنفلونزا الطيور والسحابة السوداء (التي فشل المركز القومي للإرهاب -عفواً البحوث- في معرفة سببها العلمي الحقيقي)؟ هل يصل الفكر الاستسلامي لدى بعض صناع القرار في بلادنا إلى درجة "اصبر على بعبع السو يا يرحل يا تجيله مصيبة تاخده"؟

كل بعبع واحنا طيبين .. وساكتين .. وراضيين .. ومتعايشين .. علشان البعبع ما ياكلناش واحنا نايمين!

Friday, December 15, 2006

انت واخد بالك ليه؟

بمناسبة ما يقوله حضرة رابسو عن أن مناهج التعليم الثانوي سيتم تطويرها طبقاً لمقررات مؤتمر التعليم الثانوي (والذي كان الرابسوهات السابقون نائمين منذ انتهائه) .. أهدي علامة استفهام صغيرة..

بغض النظر عن الطريقة الغريبة التي يتم بها تحضير الخلطة الكنتاكية السحراوية لمناهج اللغة العربية للمرحلة الثانوية عموماً ، وفي الصف الثالث.. هل التفت الوزير لوجود موضوعين للقراءة متناقضي المضمون؟

صدق أو لا تصدق .. الموضوعان الموجودان في كتاب القراءة للصف الثالث الثانوي هما "قضية السكان" للدكتور محسن توفيق ، والآخر هو "سقط القناع" وهو مقال للعالم الراحل الدكتور أحمد مستجير..

في الأول يدافع الكاتب عن الحاجة الماسة لكبح جماح الانفجار السكاني ، أما الموضوع الآخر فيعتبر ذلك ضمن مخطط تدعمه دوائر صنع القرار والأعمال في الغرب للحد من سكان الدول الفقيرة!

زيادة في التوكيد .. أطلب من أي شخص منكم له قريب في الثانوية العامة أن يقرأ النصين..

ويبدو أن الشعار المتبع في وضع تلك المناهج ، التي نظم الرابسوهات مؤتمراً فقاعياً ممولاً من أموال دافعي الضرائب المشاركين مجتمعياً وضعت توصياته في المكان التي توضع فيه توصيات القمم العربية ، هو شعار "حد واخد باله؟".. ورغم الصراخ والعويل بأن الهدف من النظام التعليمي هو خلق عقلية نقدية لدى الطلاب .. إلا أن شخصاً من القائمين على المنهج لم يعمل حساباً لطالب "لِمِض" يسأله عن علاقة الموضوع الأول بالموضوع الثاني.. وطبعاً من الصعب على المعلم أن يشرح له العلاقة بين الموضوعين بما أنه ليس لديه تعليمات بذلك ، ولن يشرحها للطالب المدرس الخصوصي بما أن العلاقة بين الموضوعين من المستبعد ظهورها في الامتحان!

قد يرى البعض أن للدكتور محسن توفيق أسانيده ، وللدكتور مستجير أسانيده .. لكن شعوري الشخصي بأن الأمر ليس مقصوداً منه وضع رأي بجانب رأي وإثارة حالة من التفكير لدى الطالب .. فكل التفكير طبقاً للنظام الرابسوماتيكي مصمم على صم الكتاب بحذافيره وبأرقام الصفحات إن أمكن!

ربما القائمون على مناهج لسان الضاد "ما خادوش بالهم" .. مثل الطلاب المحشورين بين مطرقة المناهج وسندان التنسيق والأهل والمدرسين.. وربما لو فكر أحدهم قد يلقى مصير آلاء مجاهد قبل التدخل لإصلاح المهزلة ، أو يتم حبسه في غرفة الفئران مع الغولة المذكورة في حوار مسلسل حدائق الشيطان..ربما لا يجب علينا أن "ناخد بالنا" أيضاً حتى رغم إنهاءنا للعقوبة التعليمية منذ فترة طويلة..

وربما يتطور الأمر ليصبح "أخذ البال" عملاً منكراً .. ويصبح "انت واخد بالك؟" استفهاماً غرضه البلاغي الإنكار!

Thursday, December 07, 2006

يسري الجمل .. يتحدى الملل .. ويجيب لك شلل!

بعد فترة طويلة من الصمت الرهيب (مع الاعتذار لأغنية نجاة) هل هلال وزير التعليم لينظر لفلسفته الغريبة ومصطلحاته الأغرب .. في يومين متتاليين رأينا طلعته البهية في برنامج "البيت بيتك" ثم في البرنامج الفاشل الذي يعده حمدي رزق "هو فيه إيه"..

رابسو ، كضيف ، يعد نقلة نوعية في من شغلوا كرسيه اللميع ، وقد فطن مسئولو الحزب البيروقراطي إلى أهمية اختيار رابسو بهذه المواصفات ، بعد ظهور مجموعة من الشخصيات في المعسكر المعارض يمكن وصفها بعبارة good entertainer ، "لا يمل" .. تشاهده لفترات طويلة دون أن "تستغلس" الوضع ، وربما ينتزع ضحكاتك كما يفعل طلعت السادات..

رابسو حاول في الحلقتين تحدي الملل ، وفشل بامتياز..فبالنسبة لشخص مثلي رزئ بمشاهدة الحلقتين ، نجد أن الرجل يتمتع بمقدرة فريدة على الكلام لفترات طويلة ، ويستمتع بما يفعل (رغم أننا نخالفه الرأي في تلك الجزئية تحديداً)!

بدأ الرجل في الكلام عن معايير الجودة، لم يحدد ما هي ، للمدرسة الفعالة ، لم يحدد ما هي .. ويتحدث عن التميز الذي لم يحدد لنا ما هو .. وهو واثق من القبول العام لكل حرف يقوله بما أن من يقدم البرنامج (في الحالتين) مسطح وحاصل على تطعيم ضد الفهم.. ولا يمل من ترديد الرطانة البيروقراطية السمجة منتهية الصلاحية ..والتي قد تراها في الرؤية المذكورة في موقع الوزارة الذي يصفه صناعه بأنه "بوابة المعرفة" .. وهو وصف لا يطلقه موقع إخباري متخصص ممتاز السمعة كمحيط دوت كوم على نفسه!

دعوني أسأل سؤالاً كمواطن عادي : هل يلزم في الوزير أن يكون "رغاياً" ومملاً؟ وهل يلزم في الإصلاح أن يكون حنجورياً رطانياً وعلى استحياء؟ ولماذا حرص التليفزيون على استقدامه لمدة يومين متتاليين وهذا أمر لا يحدث كثيراً؟

حسناً يا دكتور .. إن أردت "مشاركة مجتمعية" من الصنف الذي تكرره ثلاث مرات على الأقل كل دقيقتين ، فدع الناس المشاركين يفهمون ما تقول أولاً .. كيف بالله عليك يشارك الناس في شيء لا يفهمونه؟

وطالما اخترت المشاركة المجتمعية نهجاً كما تقول ، عليك إذن أن تتقبل التساؤل والنقد .. أليس التفكير الناقد موجوداً ضمن حافظة رطاناتك يا سيدي الفاضل؟

وطالما أنك قبلت الظهور على الشاشات حتى في برامج التليفونات نصف المقلية ، استعد لكي تشرح لنا ببساطة وبدون رطانة العديد من الألغاز فيما يتصل بمهزلة امتحان الثانوية العامة لهذا العام ، وللدراسات المستفيضة التي تظهر نتائجها بعد الهنا بسنة (كما أوضح كاتب هذه السطور في التدوينة قبل قبل السابقة).. ولغيرها..

إذا كان الناس لا يطيقون المتفذلك ، المتحنجر ، فليس هذا خطأهم ، وليس خطأً من الأصل!
* العنوان مقتبس بتصرف من الزميل العزيز براء أشرف الذي أهنئه على بابه في "الدستور" وطبعاً على زواجه من الزميلة دعاء الشامي ..أترككم مع
موقع الوزارة .. لتتيقنوا ما إذا كنت محقاً في كلامي أم متجنياً ومبالغاً..