Friday, December 28, 2007

لتوسيع "رقعة" المشاركة!

رأيت في مختتم هذا العام أن أنهيه بخبر "يضحَّك"!

مفاد الخبر.. اسمعوا وعوا .. أن الوزارة "وافقت" على نشر لعبة الشطرنج في المدارس.. وطبقاً لمتن الخبر فإن الوزارة ستتعهد بـ "توفير الأماكن اللازمة لممارسة اللعبة وتوفير الاجهزة والمعدات وإقامة الدورات التدريبية والمسابقات وتحمل نفقات ومكافآت الطاقة البشرية اللازمة لتنظيم البطولات الاقليمية والقارية والدولية"..

أسمع كلامك أصدقك..

بالفعل .. لعبة الشطرنج تساعد على زيادة التفكير المنطقي لدى الطلاب خصوصاً من لا يزال يهتم منهم بالتفكير خروجاً من دائرة الصم المميت ، كما أنه يجب أن يكون هناك دور للرياضة في حياة هذه المرحلة السنية بعد أن استأثرت السايبرات بوقت شريحة كبيرة منها.. ولكن..

ولكني كمصريين كثر ، لديهم "هُسهُس" من هذه النوعية من التصريحات والمشاريع ، لا يزال لدي شك أن الغرض من هذا كله هو مجرد البروباجاندا ، قد يحاول البعض التخلص من هذا "الهُسهُس" البطَّال لكنه لا يستطيع خاصةً وأنه لا يرى بأم عينه شيئاً يحدث على الأرض ، وربما يرجع ذلك إلى مشكلة في النظر تتطلب الذهاب إلى طبيب عيون امتياز ممن لا يزال يصدق أن كادراً خاصاً بانتظاره ، أو إلى مشكلة في التفكير قد تستلزم إجراء عملية "استئصال مخ".. وهي عملية مكلفة وموجعة لصعوبة إيجاد "مخ" بديل ماركة "الهلال والجمل".. حزبوطني التقفيل .. بهي الصورةِ والمنظر!

وخير دليل على إصابتي بهذا "الهُسهُس" هو هذه العفاريت التي يمكن تلخيصها في النقاط التالية:

1-كنت لأصدق فعلاً هذا الخبر ما دام هناك اتجاه حقيقي لدى الوزارة لحث طلاب هذه المرحلة على ممارسة أي فعل رياضي أو ثقافي يخرج هؤلاء الطلاب من الاستغلال "السيء" لـ"وقت الفراغ" - إن وجد طبعاً- خاصةً وأن محاولات الوزارة السابقة في مشاريع "الأبحاث" التي تقررها على الطلبة لم تثمر أي نتيجة (لأنها تتم بطريقة "كبه" الشهيرة)!

2-يبدو أنه داء متأصل في وزارة التعليم أن تمارس تفكيراً لا يمت للعلم بأدنى صلة ، فهم الذين تحدثوا إبان الحقبة السرورية المقبورة عن "التعليم الأساسي" بدون توفير بنية أساسية أو معامل ، وخرجت النتيجة النهائية مسخاً مشوهاً لا معالم له ، وهو ما ينطبق حرفياً على ما قيل في نفس الخبر عن "نشر الرياضات التقليدية".. (والرياضة في المدارس من الملفات التي سيتم فتحها هنا بإذن الله في العام القادم)..

3-لنفترض أن المعني بالفقرة الأخيرة هو "الشطرنج".. ما هي "الأماكن" المخصصة لممارسة الشطرنج ، وكذلك الأجهزة والمعدات؟

على أيامنا كانت هناك ممارسة فعلية للعبة الشطرنج ، ممارسة حقيقية وإن لم تكن على شكل نظامي أو بتعليمات من جناب الرابسو الأعظم ، أي "رقعة" شطرنج صغيرة على أي مسطح مستوي وعيش حياتك.. وكان في دفعتنا لاعبون متمرسون على حق.. وتقول مذكرات بعض أفراد الأجيال الأقدم من المعتقلين السياسيين أن لعبة الشطرنج حظيت بينهم بشعبية كبيرة لكسر "الملل" الذي عانوه داخل المعتقلات!

إذن .. يبدو أن الغرض من هذه الخطوة الجرئية قد يكون "كسر" حدة الملل داخل النظام التعليمي المدرسي المصري (والشطرنج قد يكون أقوى من "ميلودي" في تحدي الملل كما يرى البعض) ، أو لتوسيع "رقعة" المشاركة المجتمعية التي يحدثنا الرجل عنها منذ توليه إلى الآن..(ما توسعوهاش قوي لَحسن تتقطع زيادة)!

لاحظوا أن الحكومات المتعاقبة لم تفرض -إلى الآن- ضرائباً على الكلام .. خاصةً كلامها هي.. وسمعني سلام : كش ملك!

Monday, December 17, 2007

المهرجان السري لتطوير "المحروسة"!

قبل أسابيع دعا وزير التعليم لمؤتمر قومي حول المحروسة الننوسة الثانوية الغامة..

قد تكون الفكرة جيدة من حيث المبدأ ، فمعالجة الأمور في التعليم المصري أكبر من مجرد وزارة التربية والتعليم ، وتحتاج مشاركة مجتمعية - بحق وحقيق وليست ماركة الوزير- لكن ما يثير التشاؤم هو الخبرات المصرية السابقة حول المؤتمرات القومية .. فتلك المؤتمرات تحولت إلى ما يشبه هوس المهرجانات في مصر ، مهرجان الإعلام العربي ومهرجان المسرح التجريبي ومهرجان المش عارف إيه .. كل علاقة الرأي العام بهذه المهرجانات كام صورة وكام خبر "أهبل" تفيد بأن السيد فلان والسيد علان والخبراء والمتخصصون تجمعوا وناقشوا وجلسات ساخنة وجلسات باردة .. واتعشوا!

وقبل أن يثور الجدل حول جدية المؤتمر المزمع من عدمه ، نفاجأ بالمصري اليوم تنشر خبراً غريب الشكل مفاده أن وزير التعليم قد اجتمع سراً بوزير التعليم العالي لمناقشة مسودة تطوير قسم تاني حارسها.. أما مبرر ذلك فأنشره كما ورد بالصحيفة ..

سرية الاجتماعات ترجع إلي دقة الموضوع ومساسه بكل أسرة، ومن ثم فإن الحديث عنه، من جانب وسائل الإعلام دون دقة، يمكن أن يؤدي لحالة احتقان ورفض للمشروع، دون أن يأخذ حقه في المناقشة

يا حلاوة المولد .. ما دام الموضوع دقيق للغاية ويمس كل أسرة فلماذا أردتم أن يناقش في مؤتمر؟ وطالما أنكم من عشاق السرية فلماذا كل هذه الجعجعة والحنجرة الفارغة عن "المشاركة المجتمعية"؟ أم أن المشاركة المجتمعية لا تحلو إلا على طريقة "فتحي سرور" .. نفذ وبعدين اعترض؟ وما دامت وسائل الإعلام ليست ثقة فلماذا تم تسريب أخبار "الاجتماع السري" عن طريقها بهذا الشكل؟

توقعي الشخصي أن الوزير سيسير في الخطين معاً ، الخط السري والخط العلني ، وربما نسمعه في أي من البرامج السخيفة إياها وهو يقدم لنا مصطلحاً جديداً اسمه "المشاركة المجتمعية السرية" في تطوير الثانوية!

في ستين ألف داهية كل الشعارات ما دام لا شيء يحدث على الأرض .. ما دام أصحابها لا يحتفظون بها سراً لأنفسهم بدلاً من إزعاج الرأي العام بطحنٍ بلا طحين..

Thursday, December 13, 2007

يا مدعوم بالقوي يا انت!

عروستي..

هو شيء مدعوم ككل مدعوم في هذا البلد المسكين ، شيء يتم وضعه بـ"لكلكة" وكربسته بـ"كروتة" و"طلسأته" بذمة وضمير .. يقال دائماً أنه يصل لمستحقيه .. مثل كل ما هو مدعوم.. يصل آه .. لمستحقيه.. شوف انت بقى!

فمثلما يقف المئات كل يوم على طوابير الخبز ، ويا عالم إن كانوا حيعرفوا يجيبوا منه للأكل ولا لأ ..ونجد من يشتري بـ"الخمسة جنيه" ليطعم بها الدجاج ، نجد "هذا الشيء" وقد تم تفصيله إلى كتب خارجية ومذكرات وتوقعات وحمشتكانات ، مثلما خبز البني آدمين هو أرخص طعام للطيور ، هذا الشيء هو أبسط مصدر للدروس الخصوصية!

حقيقةً لهذا الشيء عشرات الاستخدامات الأخرى غير الدروس الخصوصية والمذكرات ، فهو وسيلة فعالة لتعليم النشء الصاعد رفع الأثقال، ووسيلة فعالة للتعبير عن الرأي عن طريق الشخبطة على الطريقة العجرمية ، ومعين لا ينضب لأوراق "قراطيس" اللب ، والطعمية!

هو ما يجب ألا تقرأ إلاه ، وما يجب ألا تحفظ إلاه.. هو حزبوطني بيروقراطي رابسوماتيكي بلا أخطاء من وجهة نظر ملكلكيه ومكروتيه ومطلسئيه حتى ولو وصلت منه نسخ مغلوطة بالآلاف، ودي مش مشكلة لأنه حيتطبع تاني على حساب "ساخيب الماخيل"!

هذه ليست فزورة ، أنتم تعرفون الشيء المذكور أكثر مما أعرفه..وتسكت الميديا عن سهو أو عن عمد أو عن استعباط على ما يحدث له دون محاولة لإصلاح حاله المدردر ومساره المدندر.. ولا يهم ساسة أو أحزاب أو أعضاء برطمان.. هية يعني كانت بلدهم يا خيّ.. وسك ع الـ BOOK!

Monday, December 03, 2007

لمن سأترك الدكان؟

أشهر من ورَّث "الكار" هم الحرفيون..ولهم أسبابهم المقنعة جداً .. فالفقر الذي لازم صغار الحرفيين لعقود حتى وقت أن كانت لهم "طوائف" ترعى مصالحهم (أو هكذا كانت تبدو) دفع الحرفي الأب للبحث عن شيء يختصر على أبنائه رحلة الشقاء -إن كان غنياً- أو عن شيء لا يتركهم فريسة للفقر المدقع-إن كان فقيراً.. كما أن "الكار" كان يبدو لهؤلاء على مدى فترات طويلة هو الشيء الوحيد الذي يستطيعون عمله لكسب العيش..كما أن الفكرة السائدة في مجتمعنا عن الإنجاب تؤكد على ضرورة أن يكون الابن سنداً ومعيناً لأبيه عندما يتقدم في السن وعليه فيكون من باب أولى أن يعمل الابن إلى جوار والده في نفس "الكار"..

ومع تغير الحال ، وتغير التوزيع الطبقي في مصر ، واندثار بعض الحرف ، وانتشار التعليم أحجم العديد من الحرفين عن توريث مهنهم بل نفروا من تلك العادة ، فمن اغتنى منهم أصبح معه من المال ما يجعله يفكر في تعليم "متميز" لأبنائه ليحصدوا به مكانة اجتماعية فشل الآباء في حصدها طوال حياتهم ، ومنهم من استنار فرأى أنه من حسن الفطن عدم توريث الكار .. وترك الاختيار لجيل الصغار..

هذا عن الحرفيين ، البسطاء في مستواهم التعليمي والثقافي وكل الاحترام لهم.. لكن ماذا عن أساتذة الجامعات الذين يورثون أقسامهم ، وكلياتهم ، وتخصصاتهم لأبنائهم توريثاً؟

ما هو الدكان الذي سيتركه هؤلاء لأبنائهم؟ وأي نوع من "المرمطة" التي سيوفرها هؤلاء عليهم؟ مرمطة الحفظ أم مرمطة الصم أم مرمطة البحث؟

أتفهم أن يكون ابن السباك سباكاً ، وابن النجار نجاراً ، للأسباب السابقة مضافاً إليها أن هذه المهن قد تتطلب مواصفات بدنية خاصة يمكن للوراثة أن تلعب فيها دوراً.. لكن ما هي المواصفات العقلية الاستثنائية التي يرثها "كل" أبناء أساتذة كليات الطب -على سبيل المثال لا الحصر- كي ينبغي عليهم أن يدخلوا نفس السلك؟

أعرف أن الحرفي الابن يدخل الورشة مع الوالد ويتعلم منه ويتلقن "أساسيات الصنعة" ويعمل في الورشة أو الدكان من سن صغيرة ، هل هذا يحدث بالنسبة للأكاديميين الجامعيين والمهنيين ذوي الأصول الجامعية؟ (يعني تروح عيادة دكتور سنان تلاقي المحروس ابن الدكتور هو اللي بيطهر "العدَّة" مكان التمرجي؟)

هل لا يكفي -لمن تمطع بالسلطة في الحرم الجامعي وخارجه-لأن يقال لابنه "ابن الدكتور فلان" "حاف" كدة.. بل يجب أن يكون "الدكتور ابن الدكتور فلان"؟

كيف ينظر المورِّثون في الجامعة ، ويُنَظِّرون للديمقراطية ، وحروق الإنسان ، وتداول السلطة والطحينة فيمَ -لولا بقية من حياء- يقسمون المناصب الجامعية كتركات لأبنائهم ويتقاتلون عليها تقاتل الأسود الجائعة على فريسة ميتة؟