Tuesday, October 04, 2011

في إضراب المعلمين : لماذا أقف كمواطن عادي في المنتصف؟

مع من أتعاطف؟


مع المعلم -بضم الميم الأولى-الذي "علم" تلاميذه و"علم" فيهم ، أم مع المعلم-بكسر الميم الأولى..برضه- الذي "علم" "على" تلاميذه؟ مع الذي علم تلميذه كيف يكون نزيهاً ومهذباً ومحترماً ، أم الذي علمه كيف يكون هبيشاً وشبيحاً ومصلحجياً؟ الذي ربى فيه موهبة ، أم الذي ربى له الخفيف؟


مع المعلم الذي تهابه وتحترمه لتواضعه ، أم مع المعلم الذي تهابه وتحترمه لعصاته وجزرته؟ مع المعلم الذي يقوم بدور هو مؤمن به ، أم مع المعلم الذي يعيش الدور ويمنه عليك كما لو كان "حسنة وأنا سيدك" ، ويحدثك كـ"بيه" من البهوات ، دة لو عرفت تكلمه أصلاً؟


مع المعلم "الغلبان" الذي يحصل على ملاليم لا تكفيه ، أم مع المعلم الذي ملايين العالم لا تكفيه؟ مع المعلم الكتكوت أم المعلم الحوت؟


مع المعلم الذي وجد نفسه ضحية لنظام التنسيق القذر الـ(*ا**) ، الذي قام بـ"كب" عدد كبير ممن لم يحصلوا على مجاميع تسكنهم في ما يسمى بـ"كليات القمة" إلى كليات التجارة والتربية والحقوق و..و..، وعليه وجد نفسه يعمل في مهنة لا يحبها ولا يطيقها ، ليعمل في فصل ضخم العدد ، وفي مدارس نظيفة مؤدبة محترمة منتجة وبنت ناس" كما كان الحكيم رابسو يصفها، وينهي الموسم مراقباً في امتحان الثانوية السامة في ظل ظروف مناخية صعبة إن لم تكن سيئة ، ثم تأتي الأوضاع المعيشية لتزيده - بالنسبة تحديداً لمن يدرسون المواد "الفقر"" اللي ما بتجيبش دروس- ضعفاً وانسحاقاً وقهراً ، أم مع المعلم الذي هو جزء لا يتجزأ من النظام التعليمي بأكمله ، بصمه ، وحفظه ، وقهره للطلبة جسدياً في أحيان وفكرياً في أحيان أخرى ، لدرجة تجعل من العجيب أن يخرج من الأجيال الحالية مثقفون وموهوبون في ظل تعليم كهذا ، تعليم "الكيلاس" و"البيكيتشر" و"الفايبريشن"؟


مع المعلم الذي يرفض أن "يلعب بديله"؟ أم مع المعلم الذي "يلعب بديله"؟ أم مع المعلم الذي يريد أن "يلعب بديله" بينما لم تسنح له الفرصة؟


عن نفسي قابلت الصنفين ، ولا يزالان موجودان ، والكل يتذمر ، من يقبض الملاليم ومن يقبض الملايين ، ومن حيتان الدروس الخصوصية من كان يفكر في ملاطيش الحكومة ، والتي كتب عنها كاتب هذه السطور منذ أربع سنوات وأربعة أشهر، ومرة أخرى بعدها بقليل..أيا كان مسمى تلك الملاطيش ، ولا تعرف من المحق ومن غير المحق ، الظالم تايه في الطيب وأهو مولد خلق الله- كما تقول الأغنية التي غناها "محمد منير" و"خالد عجاج"!


قد تتعاطف ، وقد لا تتعاطف ، لكني أجد نفسي واقفاً في المنتصف ، مثلي مثل كثر سئموا السلوك الغريب والمعيب لنقابات ولأصحاب مهن نحترمها أجبرونا بمنطق الصوت العالي والتهديد و"الأنعرة" على أن نقف في المنتصف ، لا تعاطف مع ، ولا تحيز ضد.. وسنظل كذلك طالما ظلوا هم..

Tuesday, August 23, 2011

قداسة "كتاب الوزارة"

خطرت على دماغي خاطرة صغيرة قد تبدو غريبة وقد لا يبدو الوقت مناسباً لذكرها..لكن .. أهو.. تبقى مجرد محاولة متواضعة لفتح ملفات ثلاثين عاماً من ألغاز وفوازير التعليم في مصر..


"كتاب الوزارة" و "نماذج الوزارة"..


كتاب الوزارة هو "كتاب" "الوزارة".. الكتاب المقرر عليك دراسته ويكتسب حجيته وقداسته من كونه "كتاب الوزارة" ، في وقت كانت فيه "الحكومة" في مصر صنماً وتابوهاً لا يجوز مجرد التفكير في نقده فما بالكم بانتقاده.. كل ما في كتاب الوزارة حقيقة لا تقبل النقاش ، حتى مع زعم صناع الكتب وزعم الرابسوهات أنفسهم بأن الهدف هو تكوين ملكة التفكير النقدي لدى الطلبة ، المغلوبين على أمرهم..والذين لم يستطيعوا مجرد التفكير في الخروج على نص الكتاب المدرسي الرابسوماتيكي حتى وإن طلب إليهم إبداء الرأي في سؤال في الامتحان ، على طريقة عزومة المراكبية..


متقادم ، بدائي ، مليء بالحشو ، سيء العرض ، غير واضح الهدف ، لا يزودك بمهارة ، كل تلك الترهات لا قيمة لها ، فمن يفكر في تلك الأشياء متهم بمعارضة "سياسة البلد" التي اختارت لك "كتاباً" لا يعرف له الخطأ طريق جرة..


ولأن كتاب الوزارة محاط بتلك الهالة من المصداقية التي تلتصق بكل شيء مرتبط بـ"الحكومة" ، فكان فرصة في عهد "فتحي سرور" لتحميله ، وبشكل كليش ، بالهدف الواضح الذي ارتضته الوزارة من النظام التعليمي ، "خلق الشخصية المصرية المش عارف إيه ..." أي حنجوري من أجل تعبئة الليلة ، وأياً كان الهراء المكتوب على الغلاف الخارجي الخلفي للكتاب فهذا الهراء هو عين الصواب ولا تجوز مناقشته ولا التفكير فيه..


وقد يدافع مدافع عن حقبة "فتحي سرور" التي خرجت علينا بشيء لا يوصف بعبارات مهذبة اسمه "الدفعة المزدوجة" ، أيضاً من باب "كتاب الوزارة" وقرارات السيد الوزير وسياسة البلد ، ويسهل الرد عليه بأن تلك الطريقة من التفكير التي روج لها النظام التعليمي السابق في فترة الثمانينات هي أكبر دليل على كذب كل ما كتب على أغلفة كتب الوزارة في ذلك الوقت ، المطلوب ليس شخصية مصرية ولا ملوخية ولا مهلبية ، المطلوب تكوين عقل منقاد يسهل توجيهه ، مؤهل لأن يكون قطعة شطرنج توضع في أي مكان ، أي مكان يريده النظام السياسي ، عقل غبي لا يقل عنه غباءً العقل الرابسوماتيكي قاصر الخيال جاهل السياسة ، الذي تخيل ورتب أموره على أن الانغلاق السياسي ، وتوافر كل أوراق اللعبة وأدوات الإنتاج والإعلام في أيدي النظام كلها أمور أبدية لا حد لها ، حتى مع ترويج النظام السابق لفكرة التعددية الحزبية في فترة الثمانينات ، التي شهدت بداية سقوط التعليم المصري ..


كانت الرابسوماتيكية جزءاً من المباركية ، التي تعتمد دائماً على أن تخبر الرأي العام وتلقنه شيئاً ، وأنت تنفذ شيئاً آخر ، وعلى يقين أن الناس لا ، ولم ، ولن ، تعرف الفرق.. تجد لاحقاً في عهد "بهاء الدين" عبارة على ظهر الكتاب تقول "ليس بالحفظ والاستظهار ولكن بالفهم والتحليل ...." في حين يواصل تقديم كتاب الوزارة كحقيقة مطلقة ، وفشقةً بيك يا رمضان سنوفر لك ما يساعدك على فهم تلك الحقيقة المطلقة التي ستدخل بها الامتحان وستحصل منها على الدرجات لكي تغور في ستين داهية من النظام ليدخل بعدك آخرون: نماذج الوزارة ، التي هي أقوى من الكتاب الخارجي ، لأنها "نماذج الوزارة" التي لا يخرج منها "الامتحان"..


عدة آثار ترتبت على ترسيخ مفهوم قداسة الكتاب المدرسي في العهد المباركي سياسةً الرابسوماتيكي تعليماً:


1-الخلط التام بين ما هو "معرفة" و"مهارة" وما هو "حقيقة" أو يعد لأن يكون حقيقة .. بمعنى أصح كل ما في الكتاب حتى من آراء هو حقائق لا تقبل النقاش ، وبالتالي فإن المسكين عندما يكبر قليلاً في السن وتسول له نفسه الأمارة بالسوء دخول مكتبة ما في كلية ما ، أو وقف أمام كشك جرائد أو في مكتبة ليجد كتباً تتناول حقبة من تاريخ مصر بوجهة نظر مختلفة عن كتاب الوزارة فستتولد لديه مقاومة عنيفة لفكرة أن يكون هناك تصور آخر غير تصور "الحكومة" التي لا تخطئ(1).. لاحقاً تغيرت تلك الصورة عندما تحولت السياسة المصرية من نقيض إلى نقيض ، وتحولت بالتالي الحكومة والدولة فيمَ بعد من صنم وتابو إلى شيء يضرب بالسابو..


2-ولأن كل ما كان المرء يدرسه حقيقة مطلقة ، ولأن النظام الرابسوماتيكي الذي "اشتغل" المصريين ينادي بالفهم ويأمر بالحفظ ، ولأن المكانة الاجتماعية وكليات القمة و...و... تتطلب الإلمام التام بتلك الحقيقة ، طغى التلقين على العملية التعليمية داخل المدارس ، وفي نظام التعليم الموازي سواء الكتب الخارجية أو الدروس الخصوصية ، التي تستمد مرجعيتها من الكتاب المدرسي النظامي الحزبوطني الحكومي الـ... الـ.... الخ..


3-أعطت "قداسة الكتاب المدرسي" وارتباطه بالسلطة نوعاً من الأمان للأهالي بشكل غير مباشر عندما تحدث المواجهة إياها عقب كل امتحان شهادة عامة ، ولا ينسى الرابسوماتيك ترديد التوشيح الرابسوماتيكي الشهير "كل أسئلة الامتحان جاءت من كتاب الوزارة ونماذجها" -قبل أن تضاف عبارة "ولم يخرج عن نماذج "الجمهورية""-وبالتالي فالامتحان في حماية الحكومة ، ولا يخضع لأهواء واضعه أياً كانت خبرته ، ولذلك فإن تاريخ الثانوية العامة طوال العهد المباركي حفل بصدامات كان سببها محاولات صناع الامتحانات "الخروج على النص" .. سواء أكان هذا الخروج إيماناً بأن الامتحان يختبر معارف ومهارات رسخها الكتاب لا نص الكتاب بحذافيره ، أو كانت فذلكة وغرور زائدين لدى البعض من واضعي الامتحانات أرى عن نفسي أنه ليس من الحصافة بمكان إنكاره..


ربما ترون ، وبالذات من هم أصغر مني سنا ، الأمور بشكل مختلف ، أو ترون أن الصورة قد تحسنت ، أو بقيت كما هي عليه ، أو ازدادت سوءاً ، وهذا ما أريد أن أعرفه منكم بما أني أكتب تلك التدوينة انطلاقاً من تجربة عايشها جيلي في الثمانينات ، في فترة تكون "الفكرة المباركية" كما يصفها البعض ، قد تختلف عن التجربة التي تعايشونها وعايشتموها .. لكن يبقى ما تقرره الوزارة على الطلاب في مراحل التعليم المختلفة ، وثيق الصلة تماماً بحال السياسة والاقتصاد والحريات في بلد بأكمله..

(1) والمذهل أننا نجد في الإعلام الخاص من يتغنى بأن حكومات الثمانينات لم تخطئ .. وأبسط رد على هؤلاء عبارة "إن الله حليم ستار"..

Thursday, June 30, 2011

مكشوف عنهم الإسدال

كشخص "شاذج" كنت أستغرب وأتعجب من قدرة بعض الصحف على جلب معلومات لا يتخيلها بشر ، خطط سرية لأجهزة استخبارات أجنبية ، مشاريع لا يمكن قراءتها إلا في روايات خيال علمي ، أخبار شديدة السرية ، قدرة يمكن إرجاعها إلى وجود علاقات قوية مع بعض السادة العفاريت ، الذين يقوم السيد رئيس التحرير بتشغيلهم لحسابه Part time..حتى وإن ظهرت تلك الصحف بعد الثورة أعجز ما يكون عن نشر خبر حدث على بعد مائة متر فقط من مبنى الصحيفة!


لكن الصحافة المصرية تصر أن تظهر لنا ، من حين لآخر ، أنها Ever Green.. أو Ever Ready أو حتى Energizer.. وبأنها تستطيع أن تجلب لقرائها الأخبار من الشمخ الجواني .. بهذا الخبر المعجزة الذي انفردت به الأهرام أمس..الأهرام التي قامت بما يعجز عنه أي جهاز مخابرات في العالم بنشر أسماء أوائل الثانوية العامة قبل نهاية الامتحان!


وقبل أن يأتي سفيه ما ليذكرني و يذكركم بأن أمور ونظام التعليم في مصر هي من المقدسات ولا يجوز التفكير فيها مجرد التفكير ، دعوني أسأل ..


1-السؤال البديهي : كيف توصلت "الأهرام" أو غيرها لأول مرة لنشر مجاميع وترتيب أوائل الثانوية الغامة؟ علماً بأن ذلك لم يحدث من قبل ..


2-هل ترتيب أوائل الثانوية الغامة مسألة "متاحة" أم "سرية"؟


3-لماذا نشر الترتيب قبل نهاية الامتحانات بيوم كامل؟


4-ما هي الفائدة التي ستعود على قارئ الصحيفة أيا كان أن يعرف معلومة هي تقريباً "فشنك"؟


5-والأهم : ما هي الرسالة التي تحاول "الأهرام" توصيلها لنا بهذه الحركة الغبية؟"أنا الأهرام.. انت مين".. "أنا لا أقل نفوذاً عن "الجمهورية" التي لا يخرج امتحان الثانوية الغامة عن نماذجها" مثلاً؟ حتى "التشابه" لدرجة "التطابق" بين النماذج والامتحانات "مريب بما يكفي" وجدير بمن يدعون أنهم يهتمون بالبلد أن يثيروا حوله علامات استفهام.. إن كان هناك من يهتم لأمر مصر والمصريين..


الناس على عدة أنواع..نوع قابل للتغيير.. ونوع يريد أن يتغير ولا يستطيع .. ونوع لا يريد أن يتغير.. ومصيبة النوع الأخير أنه دائماً ما يحدثك عن التغيير ولكن تصرفاته لا تنبئ إلا عن العكس.. ويصر بعض أفراده على أن يوصلوا رسائل وهمية عن قوتهم ونفوذهم وسرهم الباتع ، والإسدال المكشوف عنهم ، والودع الذي أشبعوه ضرباً حتى الموت!


بلا قرف..


كل الشكر لموقع "إيجي ميديا" وبالطبع للزميلة "إيمان عبد الرحمن" التي كشفت عن فضيحة مدوية

Wednesday, June 22, 2011

حرب الديوك

كان يا ما كان .. كان لدينا ما يعرف بـ"كلية الزراعة"..


في الوقت الذي نعاني فيه من نقص خبرة زراعية حقيقية في مصر ، وهي عقبة كئود تنضم إلى سلسلة طويلة من العقبات التي تحول دون توسع زراعي حقيقي في مصر من الذي كان يغني به علينا النظام السابق ، اختفت كليات الزراعة من الوجود ، بفعل مكتب التنسيق المقبور ، أو بفعل العرض والطلب المجتمعي على كليات وكليات.. ربما.. وإن كان تحليل ربط اختفاء كليات الزراعة أو اضمحلالها بالعاملين السابقين شديد الشبه بمعضلة البيضة والدجاجة..


فإلى الآن لا يعرف معظم المصريين - بمن فيهم كاتب السطور - على أي أساس يرتب المكتب الـ(*****) مجاميع الكليات ، هل على أساس عرض وطلب مجتمعي أم على أسس لا نعلمها ، ولم يكلف أحد خاطره بالسؤال عنها ، كما لو كانت المطالبة بالشفافية قد نفذ بنزينها قبل أن تصل إلى تلك النقطة بالتحديد.. وفي نفس الوقت فكثير من الناس له العذر في الامتعاض من كلمة "كلية زراعة".. فتلك الكلمة مقترنة بالريف الذي يعتبر أقل في مستوى المعيشة والوجاهة الاجتماعية من المدينة ، والأسوأ أن خريجي الزراعة ، وأهل الريف ، صاروا شبه مرغمين على ترك الزراعة بعد أن انحدر حالها لأسباب عدة ، منها الارتفاع المجنون في أسعار الأسمدة وعدم وجود دعم حقيقي للفلاح ، نقص الأراضي الزراعية نتيجة البناء عليها ، فالأراضي الزراعية إنما خلقت للبناء عليها وليس للزراعة ، كما علمنا صحفيون ركبهم العفريت ركوب الروديو عندما صدر قانون قبل عقدين إلا قليلاً يمنع البناء على الأراضي الزراعية ووصفوه بالعشوائي.. وحتى عندما تم التوسع في الصحراء تم بلا أساس علمي ولا منطقي ، في المناطق التي لا تصلح لبناء منتجعات كـ"عبده لاند" و"عتريس هيلز"..وسلملي ع الوادي الضيق والوادي الجديد..


في الوقت الذي كان يفترض بالإعلام المصري الذي صار كله شريفاً وعفيفاً بعد الثورة أن يفتح مثل تلك المواضيع ويناقشها ، بما أننا في مرحلة بناء دولة ، وبما أن هناك أموراً يجب أن تتحول إلى ثوابت في السياسة الداخلية المصرية ، من بينها نظام تعليم تتعاقب الحكومات على تنفيذه ، ولا تتعاقب على قلشه ونسفه كما كان يحدث من قبل ، وصل بنا الأمر إلى معركة ديوك من الطراز الأول بين جريدتي "الجمهورية" و"الوفد".. على الثانوية الغامة طبعاً..


يقول بعض الخبثاء أن لتلك المعركة أصلاً ، تلخص في مقال لـ"علاء عريبي" انتقد فيه ضمناً السياسة التحريرية لـ"الجمهورية" ، فما كان من صحفيي الأخيرة إلا أن فتحوا عليه النار ، صراحةً ، وضمناً ، بالهجوم على الحزب الأقدم من بين الأحزاب السياسية الحالية واصفين إياه بأنه من "أحزاب الغدر السياسي"..


لنفاجأ بتاريخ اليوم 22/6/2011 بمهزلة صحفية من بطولة الجريدتين لم يسبق لها مثيل..


بما أن الثانوية الغامة الأفيون الإعلامي المعتمد في مصر ، وبما أن "الجمهورية" تحمل التوكيل الرسمي- من وجهة نظرها- للثانوية الغامة ، جاءت لتتحدث عن نماذجها التي فكت ألغاز امتحان الجبر ، مع صورة للطلاب السعداء الذين نجحوا في قهر الامتحان قهراً بفضل نماذج "الجمهورية"..


لتنشر "الوفد" ، وفي نفس اليوم ، صورة لطالبة باكية ، بأسفلها عناوين تؤكد على أن امتحان الجبر صعب للغاية (وأن نماذج بسلامتها لم تسمن ولم تغن من جوع)..


هذا هو ما يهم اثنتين من أكبر الصحف في مصر .. صحيفة يهمها أن تبقى حاملة الختم والشعار ، وصحيفة أخرى قررت رد الصاع صاعين.. وبعيداً عن الغش الإعلامي الذي ارتكبته الصحيفتان بشكل صارخ .. يبقى السؤال عن اهتمام هؤلاء بالتعليم في مصر ، بما أن "الجمهورية" صحيفة "كاومية" أي أنها ملك الشعب ، وبما أن "الوفد" تمثل حزباً لا ينفك كتابه عن الهتاف "الدستور أولاً" أما التفاهات الأخرى فنتركها لوقت لاحق ويواصل كغيره تسويق نفسه كبديل قادر على حكم بلد..


لا صوت يعلو فوق صوت حرب الديوك.. وشقار ونقار ديكة "الجمهورية" و"الوفد" ، حين تصبح الثانوية الغامة معركة كرامة ، ويصبح الامتحان أهم من مصير من يخوضونه ، والبلد كلها.. ومبروك علينا استيراد ما كنا ننتجه من مزروعات ، واستيراد عمالة لنقص العمالة المدربة ، وانقراض تخصصات من هذا البلد كان من الممكن أن تخرجه مما هو فيه..


ولا حول ولا قوة إلا بالله ..

Friday, June 10, 2011

الآن والآن فقط.. نعود

عدنا بعد توقف .. وتوقف طويل..

وفي مسائل كتلك وفي ظروف كتلك التي نعيشها من المهم أن تتوقف ، وتنتظر إلى أن تظهر ملامح الأمور.. في مرحلة كالتي نحن مقدمون عليها يجب أن ننظر لأبعد كي لا تتكرر كوارث الماضي ، ولا يوجد مجال في مصر شهد كوارثاً من الحجم الملكي قدر ما شهده التعليم في ثلاثة عقود ، مهما ظهر من يهلل ، ويبيع مبادئه مدافعاً عن رابسو سابق أو قبل سابق في الوقت التي يرى فيه الكفيف كل الجرائم التي ارتكبت بحق التعليم العام والفني وقبل الجامعي والجامعي في ظهيرة أغسطس..

في نقطة من الزمن كتلك يجب أن ننظر إلى الثلاثين عاماً "لوكشة واحدة" ، بما مر فيها ومر علينا ، لا إلى خمس سنوات أو سبع أو عشر مضت ، نراجع كيف سارت الأمور ، ونذكر بها أنفسنا ، وغيرنا ، قبل أن ينسى الجميع مشاكل التعليم التي دفع هذا البلد ، ولا يزال يدفع ، ثمنها غالياً جداً ، في مناطق لا تتوقع أن يكون للتعليم بها علاقة مباشرة ، كالاقتصاد والأمن القومي والثقافة ، قبل أن ينسى الجميع كما نسي الكل في السابق التعليم ، وقبل أن تتعامل معه كل قوة سياسية وكل حزب بما يناسب مصالحه وليذهب باقي الشعب إلى أقرب نقطة توصله إلى الجحيم ، وقبل أن ينسى الجميع بعد الثورة ليذكرونا بالحقيقة الوحيدة في السياسة في مصر : نحن أمة تتفنن في تكرار أخطائها بطرق مختلفة في أزمان مختلفة وبأشخاص مختلفة..

ما يبثه التعليم من قيم ، ومهارات ، الكتب المدرسية التي يجب أن تتغير شكلاً ومضموناً ، وجود تطوير حقيقي للتعليم له هدف واضح نعلمه ونفهمه ويمكن تحقيقه ، لا نجده في خريطة تدفق لعينة على ظهر كل كتاب كما كان يفعل رابسو سابق مقبور ، تطوير يستفيد منه الكل في كل مناطق مصر على تباينها اقتصادياً وجغرافياً وثقافياً ، وجود ربط حقيقي للتعليم بالحياة وسوق العمل بعد أن كان ذلك الربط بدعة وضلالة لدى الرابسوماتيك ومن يطبلون لهم ويرنون "الصاجات" ، تحويل التعليم إلى ما هو أهم من شهادة ، ومولد منصوب لها وعلينا ، إيجاد حل لمكتب التنسيق وطبقيته العاهرة التي فرقت بين أبناء الجامعات بعضهم البعض ، بعد أن انكشف زيفه ، واتضح مع مرور السنوات – لي على الأقل وأعترف أنني أخطأت حين أحسنت الظن به ولو على سبيل "إيه اللي رماك ع المر"- أنه لا يحقق أي عدالة ، ولا مساواة ، ولا تكافؤ فرص بين أبناء المجتمع بل يبني طبقية جديدة على أساس الحفظ والاستظهار التي كان الرابسوهات – بكل نفاق ولزوجة- يلعنوها في منشوراتهم وكتبهم وحواراتهم ويعضدوها بتصرفاتهم على الأرض..تحسين صورة التعليم الفني بما يناسب أهميته ،ومحاولة فك ارتباطه بصورة معينة بسلوكيات معينة..جعل التعليم تنويراً لا تبويراً ولا تزويراً كما كان في عهود المجحومين الذين تولوا وزارة التربية والتعليم.. كل ما مضى أمر ملح لا يجب أن يتم التعتيم عليه ولا نسيانه ولا تأجيله..

ربما يرى البعض في فتح تلك الملفات تعجلاً لا محل له ، في وجود حكومة مهزوزة ونخب سياسية تشعر في معظمها بصدمة إمكانية الوصول للسلطة بعد طول عزل ، وقوى سياسية تتسم بالبلادة وسماكة الجلد ، وتيارات دينية لم يملك بعضها ثقافة إدارة دولة ، وبعضها الآخر – المذهبي –على استعداد لإبرام أي صفقات مع أي تيار كان ، ومال سياسي لا يرقب في الوطن إلاً ولا ذمة ، مفلس سياسياً وفكرياً عكس ما يبديه الإعلام المصاحب-زي الموسيقى المصاحبة- لذلك التيار ، ومجموعة من الشخصيات قررت دخول مجال "الشو" السياسي وممارسة لعبة كرة الحنجرة لتستمطر ازدراء الشارع واحتقاره بعد أن كان يحترم كثيراً من هؤلاء .. ربما يرى البعض فتح الملفات سالفة الذكر سابقاً لأوانه ، لكننا في مرحلة يفترض أن توضع فيها قواعد جديدة ، لمن أراد أن يلعب بشكل جاد ، لا لمن أراد أن "يشتغلنا" وهو يزعم أنه "يشتغل لنا"..

من حقنا أن نسأل قبل أي دستور وانتخابات وبنتجان ، هل سيأتي اليوم الذي توجد فيه في مصر سياسة تعليم ثابتة تتعاقب على تنفيذها حكومات أحزاب ، لا أن تتغير بتغير أي موظف في مكتب الوزير؟ هل ستلقى تلك السياسة دعماً من قبل المجتمع وصناع القرار ووسائل الإعلام وحتى من ينفذوها؟ هل ستنفذ تلك السياسة فعلاً أم يتم شغل الرأي العام كما كان يحدث في السابق بكليات "الكمة" وكليات القاع ومعارك الكادر والإضرابات والاعتصامات وأحكام الإدارية العليا وقائمة التفاهات والهبالات؟ هل سيأتي اليوم الذي يحاسب فيه الشعب بطريقة أو بأخرى صناع سياسات التعليم ، ويناقشها المواطنون فيما بينهم كما يناقشون مسائل الدستور والانتخابات والبيضة والدجاجة؟

هل "ناخد بالنا" من الآن ، أم ننتظر حتى يطوى ككل شيء في دائرة النسيان؟