Friday, June 29, 2007

العيب في العملية ، والعملية في النملية

أهم الأشياء التي يضيفها العلم لحياتنا هو تنظيم التفكير ، والخروج به من دائرة العشوائية والفهلوة .. والعلم في حياتنا وحتى في دوائر صنع القرار وجوده مثل عدمه..

العلم اختزل في الشهادات التي تملاً "سيفيهات" البكوات في كل مصلحة حكومية وجامعة ووزارة ، والتعليم اختصر في "العملية" ، وهي اختراع مصري فيما يبدو لم يسبقنا به أحد من العالمين.. ولم يستقر أحد على تعريف العملية تلك ، ولا على الفرق بين "العملية التعليمية" والعملية الجراحية على سبيل المثال!

بل إن تلك العملية المعجزة تحتوي من الأسرار ما يستعصي على فهم "الدالات" الذين جلسوا على الكرسي الرابسوي ، وعلى "دالات" القهاوي الذين يملأون الصحف والمجالس النيابية كلاماً عن التعليم وسنينه في مصر..

استوقفني التصريح اللمبي الذي خرج من مجلس الشعب ، وقيل من رئيس مجلس الشعب وهو وزير تعليم أسبق تاريخه كان ناصع السواد طوال فترته في الوزارة ، بأن الدروس الخصوصية "عيب في العملية"..

هذا العيب كان ماثلاً أمام عدد من وزراء التعليم السابقين لعقود تفوق عمري أنا ، وأمام الوزير المذكور نفسه ، بل استشرى في ولايته ، ووقف الجميع يتفرج عليه ، ولم يناقش في الغرف المغلقة بما يحتمل من جدية ، وكأن الدروس الخصوصية ظاهرة طبيعية مثل إعصار جونو لا دخل للبشر به!

مفارقة غريبة .. القائمون على التعليم الذي من مهامه تخليص عقولنا من العشوائية عالقون حتى الآذان في مستنقع العشوائية ، والذي ينتهي بأصحابه إلى تحويل المشاكل إلى أمور طبيعية و "قضاء وقدر" بعد العجز عن التفكير فيها وعرضها على العقل..

مثلها في ذلك مثل الغش الجماعي ، القضاء والقدر الجديد طبقاً للتفكير الرابسوماتيكي..

كان أمام الوزير ، ومديري الإدارات التعليمية الذين يريد الوزير إعطاءهم سلطات أوسع ، عام كامل ، لوضع إجراءات مشددة لمنع الظاهرة قبل حدوثها .. ولتفادي مشاكل امتحان الثانوية العامة الذي يعد جزءاً لا يتجزأ من "العملية" .. لكن ما حدث هو فاصل من الفرجة والقرارات المتأخرة بعد اصطدام الطوبة بالمعطوبة ، وآخر المتمة اختيارات غريبة لمسئولي الكنترول في امتحانات الثانوية السامة ، ثم أزمة أوراق الإجابة المحترقة..

وطول ما المجاميع والعينات العشوائية (اختراع مصري جديد) في العالي ، فالعملية تمام التمام ، ولا مجال لمناقشة العملية أو عرضها على المخ والكبدة والطحال!

فيما يبدو سنبقى مع العملية المعجزة طويلاً ، وقد يلحق أحفادنا بذلك المصطلح ، وبكل الكوارث التي ستصبح قضاءاً وقدراً ، وبالاتكالية والعجز وفقر التفكير الذي لا يليق بأكاديميين في مواجتها..

بشر حمقى الخطا .. سحقت هاماتنا خطاهم!

Friday, June 22, 2007

ملاطيش الحكومة والصوت العالي!

مبروك مستحقة للمعلمين ، ليس على الكادر ، ولكن على إلغاء المادة التي جرمت الدروس الخصوصية من مشروع الكادر الخاص..إلغاء برره مخرب التعليم المصري ورئيس مجلس الشعب إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً بالقول بأن الدروس الخصوصية هي عيب في العملية التعليمية ، وهو كلام سأرد عليه في تدوينة قادمة إن شاء الله..

وقد وضح ما حدث لي حقيقة أن عبارة "صوتك العالي يدل على ضعف موقفك" وهي عبارة خرقاء وغبية وضعها رابسو سابق على كتب التلامذة الغلابة هي كلام فارغ لا يساوي ثمن الحبر الذي كتب به ، فالواقع يقول أنه لا يضيع حق ، ولا باطل ، في مصر لم يقف وراءه الصوت العالي والجعير ، وكلما أُحسِن التنسيق مع محترفي الجعجعة سواء الدينية أو القومية كلما وصل صوتك بشكل أقوى وأفضل..

نعم كان هناك زعيق ، وضجة ، وزن ، وإلحاح على الكادر ، وربما كان هناك زعيق أكثر على مادة الدروس الخصوصية ، والتي أعتبرها النصر الحقيقي للمعلمين وليست الكادر في ذاته.. لقد كان المشروع القديم يعتبرها جريمة .. والآن لم تعد كذلك .. فمهما كانت مساوئ الكادر التي تروج لها الصحف "المتغاظة" من النظام فهناك فرصة لتسليك الآلافات والملايين ، للتمتع بملاطيش الحكومة ولحاليح الأهالي ، والتحول إلى "عفاريت" كـ"عفريت اللغة الفرنسية" في إحدى الصور التي نشرت على النت وأذاعها عمرو أديب في برنامجه الشهير "القاهرة اليوم"..، فهؤلاء ليسوا أقل من "صفاء أبو السعود" التي كانت إلى وقت قريب موظفة في وزارة الثقافة رغم أنها المالك الفعلي لشبكة إيه آر طين!

لا أحد ينكر أهمية عمل المعلم ودوره ، لكن هناك آخرين لهم أعمال وأدوار هامة يعانون من رسوب وظيفي حقيقي ، كل مشكلتهم أنهم لا يملكون نقابات تجعجع وتصرخ من أجل وضعهم "على وش الدنيا" فما بالك بامتياز يجعلهم في كفة ومعظم موظفي الحكومة في كفة أخرى..

مبروك لحيتان الدروس ، واعلموا أننا استوعبنا "الدرس" جيداً ، فمن طلب العيش سهر الليالي ، ومن طلب الهامبرجر زعق بالعالي..

وآه يا ليل يا زمن!

Sunday, June 03, 2007

الثانوية "السرية" و"تصييح" الصحفيين!

مخازن سرية وإجراءات أمنية صارمة..أسئلة الثانوية وصلت المحافظات في سيارات الشرطة..لجان خاصة لـ 356 طالباً بالسجون والمستشفيات..خطابات ندب لـ 120 ألف مراقب وملاحظ ومصحح..

تسلم أمس مندوبو مراكز التوزيع بالمحافظات أسئلة امتحانات الثانوية العامة من المطبعة السرية التابعة للإدارة العامة للامتحانات بوزارة التربية والتعليم وسط إجراءات أمنية مشددة وفي حراسة سيارات الشرطة..وتم تخزين الأسئلة في خزائن حديدية محكمة الإغلاق يتم فتحها صباح يوم الامتحان 9 يونيه الحالي لإعادة توزيعها علي رؤساء اللجان بالمحافظات..

تولي عملية طبع وتظريف الأسئلة 20 موظفاً فقط من العاملين بالمطبعة تم انتقاؤهم بعناية فائقة من بين الحاصلين علي مؤهلات عليا وخضعوا لمراجعات أمنية شديدة علي مدي الشهور الماضية..

ما سبق هو خبر منقول عن جريدة الوسط عن "الجمهورية" ، أهديه شخصياً لمن كانوا يعترضون على اقتحام الشرطة لمدرسة تجريبية لمنع واقعة غش واصفين التصرف بأنه "استغلال مفرط للقوة"!

لا شك أن أي عمل من شأنه الحد من ظاهرة الغش الجماعي مطلوب ، لكن انظروا إلى الطريقة التي نشر بها وكتب بها هذا الخبر العجيب عن الثانوية العامة الحربية ، والتي قد يستعان بها بمراقبين من الأمم المتحدة ربما ، خاصةً بعد الفضيحة أم جلاجل التي كشفت عنها الدستور وكتب العبد لله عنها هنا قبل عام في تدوينة "يا صفايح الزبدة اللايحة"..

في البرمجة الحديثة يهم المبرمج أن ترى كمستخدم النتيجة دون الدخول لطريقة عمل البرنامج ، والناس يهمها أن ترى صرامة في وجه الغش دون أن تتحول اللجنة إلى ثكنة عسكرية ، ودون أن تشنف عيونها بمعرفة كل كبيرة وصغيرة عن الإجراءات السرية والخزينة السرية والمراقبين السريين والنتيجة السرية..ولا عن المتابعة الشخصية لفخامة الرابسو لكل كبيرة وصغيرة فيما يخص الحدث المرتقب الذي ستتابعه فيما يبدو كل وكالات الأنباء!

قد يرى البعض أن تلك الصياغات العجيبة هي خدمات يقدمها السادة الصحفيون الأكارم لوزير التعليم ، وبرأيي أنه لو عمل الوزير وغير الوزير في صمت بشكل حقيقي وبلا ضجة فلن يحتاج لخدمات البهوات الصحفيين .. الدببة الذين يقتلون أصحابهم بالتخصص!