الحمد لله .. أنا محروم لأسباب تقنية من مشاهدة الست "منى الشاذلي" وإن كنت أجزم بالتأكيد أنها ستذكرنا بأن رمضان الحالي هو أصعب رمضان في التاريخ لالتقاء الموسم الدراسي مع شهر رمضان ، وهو نفس السبب الذي كان من أجله رمضان السابق هو أصعب رمضان في التاريخ ، والسبب الذي سيصبح رمضان القادم أيضاً من أجله أصعب رمضان في التاريخ.. كأنك تشاهد موعظة من عينة "كلكوا رايحين النار.. من غير سابق إنذار"!
الموسم الدراسي القادم قد لا يكون أصعب موسم دراسي في تاريخ مصر.. لكنه سيكون مقدمة لمواسم مضحكة مبكية تراجيكوميدية..
فقبل ثلاث أسابيع تقريباً من بدايته انشغل المعلمون تماماً بموقعة الكادر الخاص وامتحانات الكادر الخاص بشكل شل تركيزهم تماماً ، سواء منهم من كان من "مناشير" الدروس الخصوصية ، أو من غيرهم.. وصب هؤلاء جميعاً جام غضبهم بطريقة أو بأخرى على الامتحانات التي تنعقد وقت كتابة هذه السطور..
السواد الأعظم من الرأي العام يميل لتفسير ميديا المال السياسي التي ترى أن خطوة الامتحانات تلك مجحفة في ذاتها مثلها مثل الكادر.. وأنها "إهانة" للمعلم ، و"محاولة" لـ"التملص" من الكادر الخاص للمعلمين.. بوصفه "ورطة" وجدت الحكومة نفسها عالقةً فيها..
في المقابل تظهر تفاسير أخرى أراني أميل إلى بعضها إن لم يكن إلى كلها.. منها أن النسبة الأغلب من المعلمين لن تقبل دخول الامتحان لتعلقه بالكادر .. بل لن تقبله في ذاته .. حيتان الدروس الخصوصية وصلوا إلى مستوى من الثقة الزائدة جداً في الذات بحيث أنهم يعتبرون أنفسهم مصنفين عالمياً في مجالاتهم (رغم أن منهم من سافر إلى بلاد النفط وفشل) .. ودخول الامتحان في ذاته هو مهانة كبيرة لهم ولـ"تاريخهم"..
ومنها أيضاً أن المعلم المصري صار يتصرف كموظف يؤدي عملاً روتينياً مملاً ويرفض تطوير نفسه وأدواته.. كنت قد قرأت على أحد المنتديات وجهة نظر ترى أنه كان يجدر على الوزارة قبل الامتحانات أن تقوم بعمل دورات تدريبية تربوية للمعلمين قبل الامتحانات .. ولكن ما أدرى صاحب وجهة النظر تلك وما أدراني أنا وما أدراكم أن تلك الدورات لن تُجَابَه بنفس الاستخفاف (همة بقى عايزين يعلمونا تاني؟.. العالم دي بتهزر؟)؟
والتفسير الأخطر أن هناك مقاومة لأي شكل من أشكال التغيير سببها "النفسنة" المتبادلة بين الوزير من جهة وقيادات التربية والتعليم والمدرسين من جهة أخرى.. جزء من "النفسنة" التي تسود الجهاز البيروقراطي المصري بأكمله ، والتي لم يعد من الذكاء أو الشجاعة تجاهلها ودفن الرءوس بما حوت في الرمال.. فالوزير "بيه" قادم من خارج الوزارة يراه موظفو الوزارة الوالي العثملِّي القادم من "الآستانة" لجباية الضرائب والضرب بالكرباج .. بينما يرى الوزير نفسه ضابطاً صغيراً تم نقله إلى مكان كله "لَبَش" وعليه أن "يلايمها" مع كبار المنطقة كي لا يفعلوا به مثلما فعلوا بسابقه.. احساس متبادل بين الطرفين بالتربص والتآمر لا يمكن معه التقدم خطوة واحدة للأمام .. ويساعد على تفاقم ذلك ضعف "الرابسو" الحالي (لكن برضه بيني وبينكم :من امتى كان فيه رابسو قوي؟ وإزاي تجتمع الرابسوماتيكية والقوة في شخص بِنِي آدم؟)..
سيدخل المعلمون الموسم القادم بلا أدنى تركيز في عملهم الأصلي الذي نسوه في غمرة اللف على "السايبرات" من أجل استخراج نماذج التقدم للكادر ، والاعتذار عن الكادر ، وامتحانات الكادر .. خاصة وأن وزارة التربية والتعليم تثبت عبقريةً لم يخلق مثلها في البلاد في مسألة تصميم المواقع تتمثل في نظرية "شيل السايت م الأرض".. الوزير نفسه لا يركز هو الآخر فيما هو عمله من إعداد للموسم الدراسي القادم متفرغاً فقط لمعركة الكادر هو الآخر.. وقد أفلح اليوم من استعلى..
أغلب المعلمين يرفضون تطوير أنفسهم .. والوزارة تدعي تطوير التعليم ثم ترفضه فعلياً عوماً على عوم من يرفضون تنفيذ قراراتها.. والمذهل أننا نتحدث عن التطوير بهذه الطريقة..
لن يستفيد الوزير شيئاً ، ولا المعلمون.. والخاسر الحقيقي هو الطلاب وأولياء أمورهم في النهاية.. إلى أن ينفض السيرك.. أو أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً..
No comments:
Post a Comment