في العام 1989 كان عمري فقط أحد عشر عاماً..
من عاش العام 1989 وكان وقتئذ طالباً في الثانوية السامة يذكر جيداً السؤال الأسطوري الذي لم يؤت لأحد : تخيل نفسك كرسي أو كنبة أو مش عارف إيه ، واحكي قصة حياتك من ساعة ما اتصنعت ، ومين اللي اشتراك .. و..الخ..
أشعر بأن هذا السؤال تحول إلى لغز يفوق الهدف الشهير لإنجلترا في ألمانيا في نهائي كأس العالم 1966 ، والذي لم يجمع اثنان على مستوى العالم فيما إذا كانت الكرة في ذلك الهدف قد عبرت بكامل هيئتها وهيلمانها خط المرمى أم لا.. اللغز هنا : لماذا قرر واضع السؤال وضعه بتلك الطريقة؟
سيقول قائل : ربما قد تفسخ ذهنه عن تلك الفكرة العبقرية بداعي اختبار قدرة الطلاب على التخيل .. وهذا مردود عليه ، فالعبقري واضع هذا السؤال الجهبذ في تلك الحالة يتمتع بثقافة صفرية (أبيض يا ورد) في المسائل اللغوية ، فمعظم الطلاب في الثانوية العامة ما لم يكونوا قد درسوا في مدارس اللغات لم يتعاملوا مع اللغة الفرنسية إلا ثلاث سنوات فقط ، وهي فترة لا تبدو كافية خاصة في ظل ظروف الدراسة قبل الجامعية في مصر لتجميع هذا الرقم القياسي من المفردات الذي يؤهلك لكتابة موضوع كهذا بمخيلة واسعة.. إن سؤالاً كهذا قد يفشل البعض في حله بشكل جيد لو كان في امتحان للغة العربية !
وقد يقول آخر : إنما وضعه ليتحدى أباطرة الدروس الخصوصية .. ويقول لهم : إذا كنتم تتربحون من تقوية طلابكم في الفرنسية ، نحن أقوى ..وقد أفلح اليوم من استعلى!.. وهذا الكلام مردود عليه ، فلا أستطيع وصف واضع السؤال لو فكر بتلك الطريقة نظراً لضعف حصيلتي في لغة الشوارع وشتائم الملاعب البذيئة!.. وهو يستحقها كلها.. فهذا أسلوب ينم عن سادية شديدة ، ورغبة في إنزال عقاب عنيف بمئات الآلاف من الطلبة لمجرد أن عدداً قليلاً منهم وقتئذ كان يتلقى دروساً خصوصية في المادة.. وزارة التربية والتعليم يفترض بها أنها كذلك ، وليست وزارة التهذيب والتأديب والإصلاح!..
وقد يقول البعض أنها حنكة سياسية من التي تميز بها وزير التربية والتعليم وقتئذ فتحي سرور ، صاحب بدعة وضلالة الدفعة المزدوجة ، ووصف الحنكة السياسية يبدو جديداً خاصة وأنه يرجع لمصطفى بكري رجل المستحيل على رأي زميلنا محمد إلهامي بعد أن وصل -بكري-إلى مبتغاه بالجلوس القرفصائي تحت قبة سيدي مجلس الشعب..(وعليه من الطبيعي أن يكيل بعض المديح لفتحي سرور وزير التعليم الأسبق ورئيس مجلس الشـشـ .....عب!).. وأنا أتفق مع البعض الذي قال بذلك الرأي ، فتلك الحنكة السياسية هي التي ضاعفت من قوة الدروس الخصوصية وأباطرتها وجعلتهم يقتنون الشبح وربما الفيراري.. وجعلت الغش الجماعي شيئاً معتاداً..وجعلت التعليم الفني وجوده زي عدمه .. بقى زي زي زي قلته (مع الاعتذار لطارق عبد الحليم في أغنيته راح وجه) ...
عموماً .. المستفيد الوحيد مما حدث هم مدرسو اللغة الفرنسية الذين راجت سوقهم بعد ذلك السؤال التاريخي ، فهم الآن ملاك الثلاثين درجة خاصة امتحان اللغة الفرنسية (مش عارف إن كانوا دلوقت لسة تلاتين ولا زادوا) ... كل ما يفعلوه هو حقن الطلاب بمفردات اللغة الفرنسية كلها قدر المستطاع كما تحقن الدجاجات بهرمونات النمو.. علشان يعرفوا يكاكوا بالفرنساوي كويس في الامتحان!
عموماً .. ربنا يقدرنا ونتكلم شوية إن عشنا وكان لنا عمر عن مناهج اللغة الفرنسية الحالية ، وكيف أنها أداة للحنكة السياسية البارعة في تقليل شعور الطالب بالحساسية عندما يشاهد الأخبار الرئاسية!
تعليق ختامي:
هناك صيغة سؤال شهيرة في امتحانات اللغة الفرنسية وبالتحديد في سؤال "ماذا تقول بالفرنسية" أو "كيف تقول بالفرنسية":
تطلب من فلان بأسلوب مؤدب أن يدلك على شارع المحطة..
لنفرض أن الوزير الحالي قرر أن يربي حنكته السياسية (زي ما الواحد بيربي دقنه) وحرض واضع امتحان اللغة الفرنسية على إجراء تعديل بسيييييط في صياغة هذا السؤال :
تطلب من فلان أن يدلك على شارع المحطة .. كن أبيحاً!
سنة بالضبط .. وحتلاقي في الجرائد الإعلان دة :
المسيو حصص .. قاهر اللغة الفرنسية..
يعلن عن هدية الموسم لكل طلابه في جميع المجموعات..
حصة صياعة باللغة الفرنسية..
مراجعة على أبذأ أنواع الشتائم والعبارات النابية تستخدمهم مع أي فرنساوي يستخف دم أهله عليك..
مع المسيو حصص وبس .. حتلاقي في جيبك تلاتين درجة ونص!
au revoir!
7 comments:
in my former school we took french from 4th primary and that too wasn't enough to elevate us to the supposed level.
its like they r always pushing us to take private lessons.
You're right at this point,
in the mentioned case, the way French language was taught then was futile (as i deduce), and when an exam such as 1989's took place, the teachers in their private lessons campaign convinced students that they could give them a lot of words to evade 1989 situation..
with my bare eyes, i saw a huge lists of vocabulary given to the bac students in a private French lesson, i wondered how the nice young men and women could memorize all of this, unless the teacher ,and the whole system , believe with the paranormality and unlimited capacity of the human being's mind!
thank you for visiting here and commenting.
who can blame the education for not getting the best out of us, huh?
The answer: a lot of today's young men and women including you and me..
our (....) edu system is overhypocrat.. in the back cover of student book they say : Memorization is NOT the key to success, Understanding is. What they do is the full OPPOSITE to what they say.. like the old Egyptian proverb: Asma3 Kalamk Asad''ak Ashouf Omorak Asta3geb!
it FORBIDS us to understand, and punishes us to express ourselves.. given that Thinking and Freedom are hazardous to health..
let me tell you a small story which may look silly to whoever knows it..
when i were younger, in the drawing session we were asked to draw a sketch about 6 october war, i imagined a heliocopter-shot of the battelfield..
The respected teacher, rejected all what i did.."why didn't you draw soldiers a little bit bigger?"
Hey man, this is just a drawing, i am free to draw anything as i like to do, as i did not draw porn for example..
That was just an example, and certainly it wasn't the only reason of my fury with the so called edu system in Egypt..
completion of the last thread>>
i were NOT a talented artist, i admit.. but others were, the system killed their creativity..this applies for others in other fields.. and what did not happen before university happened in the university itself..
if we wanted a better country, this system shoud be rebuild totally, after the state admits that it is null and void..
i can't agree more.
asl ana gayba gayed gedan mortafe3 fel organic chemistry w mabfhmsh feeha kelma.
3andi bokra analytical chemistry exam w nafs el scenario bardo.
7asbeya allah w n3mal wakeel.
ضيفة المدونة مروة عويضة.. أولاً خالص اعتذاري على إن توقيعك ما ظهرش في التعليقات كحروف عربي والسبب غصب عني وعن الكل بما إني لسة ناقل بيتا جديد .. الانتقال إلى بلوجر بيتا له مزاياه ومشاكله .. وأتمنى يكون اللوك الجديد عجبك..
وثانياً خالص تقديري ليكي اللي دخلتي المدونة من الأول خالص وعلقتي فيها .. ودة أمر نادر إنه يحصل بحكم إن المواضيع الجديدة هي اللي بتاخد الاهتمام عن القديمة..
وخالص تمنياتي لك بالتوفيق كمدرسة تحرص عن البعد عن العك السائد في مهنة أهانها بعض المتنسبين إليها بكل أسف..
Post a Comment