الجيل الأقدم منا ينعي علينا أننا لا نحترم المدرسين ، ولأنه المبررولوجي -علم التبرير الذي اخترعناه وربما اخترعه أجدادنا الفراعنة الذين كانوا أول من كتب المبررات والشماعات على جدران المعابد (وربما أماكن أخرى) ، فيعلق الجيل الأقدم شماعة نظرة جيلنا للمدرس على الدراما ووسائل الإعلام .. ورأيي الشخصي أنه رغم خطايا الدراما ووسائل الإعلام ، إلا أنها تبدو بريئة إلى حد كبير من نظرتنا للمعلم .. النظرة التي تسبب فيها الساسة ، والمعلمون أنفسهم..
معلم فترة ما بعد فتحي سرور غير معلم ما قبل فتحي سرور .. فقبل تولي السيد الأستاذ الدكتور الجهبذ الحجة كان المدرس مواطنا عادياً ، أقرب إلى الصورة التي كنا نسمعها من آبائنا وأجدادنا ، صورة الرجل المهيب في تواضع ، المعطاء في غزارة ، الأب في شدة و في حنو ، المثقف الفاهم لعمله ومجتمعه .. والراضي جداً بقليله ..
أما بعد السيد الوزير ، صارت الأغلبية من المعلمين .. غير..
فترة فتحي سرور -مع حفظ الألقاب- كانت مثل الانفتاح (الاستهلاكي على رأي اليساريين) بالنسبة لشرائح (معينة) من المجتمع ، الفترة التي بدأت فيها مرحلة الدروس الخصوصية في الاستشراء ، إزاء "الدلع" الذي أبداه الوزير المذكور سلفاً تجاه الظاهرة (فقد كان يعتبر نفسه قد جاء للمنصب من أجل إسعاد المعلم.. أما الطلبة بقى .....)، أصبحت الدروس الخصوصية هي السكة السهلة واللذيذة لأي مدرس في أن يحصل منها ما يزيد على عشرات الأضعاف من مرتبه ، وفي الوقت الذي كانت أعين الضرائب في غفلة عن أنشطتهم في الوقت الذي كانت فيه تستأسد على أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة ..
كل هذا ولا تتوقعون تغيراً في صورة المعلم..
معلم اليوم -وأتحدث عن الغالبية العظمى بكل أسف - كائن بيروقراطي لزج ، حلق قيمه تماشياً مع آخر قصات الشعر ، يتصور أنه بدبورة ، طلباته أوامر تجاب في الحال ، يسب ويلعن الانحطاط المجتمعي في الوقت الذي تراه أحياناً "يبصبص" لطالباته المراهقات ، ويمزح بشكل سمج مع سكرتيراته اللواتي استقدمهن لزوم التناكة والمظهر الاجتماعي ، بيزنس مان ورغم ذلك يكلبش في ملاليم الحكومة ، ولا مانع من أن يهاجمها عندما تخصم منه أو تخفض من ترقيته .. وتناقض على تناقض تجده يهاجم النظام التعليمي هو الآخر ، رغم استفادته الشخصية منه .. ثقافته ضحلة جداً .. ويقع في أخطاء لغوية مخجلة لا يقع فيها طلبته .. وفوق ذلك كله فهو فهلوي جداً ، يدهن الهواء دوكو ، ويحول كتاب الوزارة المدعوم بأموال دافعي الضرائب إلى مذكرات يكسب منها الشيء الفلاني..
يصعب على الطالب أن يحترم معلماً بهكذا مواصفات خاصة وأنه هو الذي يدفع له (رغم أن المعلم الآن أصبح أغنى من الطالب وذويه وكل مخلوق يتشدد ليه)، ويصعب على من أنهى تعليمه أن يحترمه هو الآخر بعد أن رآه ورأى النظام التعليمي كله على حقيقته..
المعلم الآن صار سمساراً وتاجراً وربما شبه سياسي ، السياسي يبيع لأبناء الدائرة وظائف في شركة إنبي ، أما المعلم فيبيع لأولياء أمور تلامذته حلم الدخول لكليات القمة والمال والنفوذ ، والابتعاد عن كليات القاع ودوري المظاليم وقعدة الشوارع والشغل بالملاليم..
معلم فترة ما بعد فتحي سرور غير معلم ما قبل فتحي سرور .. فقبل تولي السيد الأستاذ الدكتور الجهبذ الحجة كان المدرس مواطنا عادياً ، أقرب إلى الصورة التي كنا نسمعها من آبائنا وأجدادنا ، صورة الرجل المهيب في تواضع ، المعطاء في غزارة ، الأب في شدة و في حنو ، المثقف الفاهم لعمله ومجتمعه .. والراضي جداً بقليله ..
أما بعد السيد الوزير ، صارت الأغلبية من المعلمين .. غير..
فترة فتحي سرور -مع حفظ الألقاب- كانت مثل الانفتاح (الاستهلاكي على رأي اليساريين) بالنسبة لشرائح (معينة) من المجتمع ، الفترة التي بدأت فيها مرحلة الدروس الخصوصية في الاستشراء ، إزاء "الدلع" الذي أبداه الوزير المذكور سلفاً تجاه الظاهرة (فقد كان يعتبر نفسه قد جاء للمنصب من أجل إسعاد المعلم.. أما الطلبة بقى .....)، أصبحت الدروس الخصوصية هي السكة السهلة واللذيذة لأي مدرس في أن يحصل منها ما يزيد على عشرات الأضعاف من مرتبه ، وفي الوقت الذي كانت أعين الضرائب في غفلة عن أنشطتهم في الوقت الذي كانت فيه تستأسد على أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة ..
كل هذا ولا تتوقعون تغيراً في صورة المعلم..
معلم اليوم -وأتحدث عن الغالبية العظمى بكل أسف - كائن بيروقراطي لزج ، حلق قيمه تماشياً مع آخر قصات الشعر ، يتصور أنه بدبورة ، طلباته أوامر تجاب في الحال ، يسب ويلعن الانحطاط المجتمعي في الوقت الذي تراه أحياناً "يبصبص" لطالباته المراهقات ، ويمزح بشكل سمج مع سكرتيراته اللواتي استقدمهن لزوم التناكة والمظهر الاجتماعي ، بيزنس مان ورغم ذلك يكلبش في ملاليم الحكومة ، ولا مانع من أن يهاجمها عندما تخصم منه أو تخفض من ترقيته .. وتناقض على تناقض تجده يهاجم النظام التعليمي هو الآخر ، رغم استفادته الشخصية منه .. ثقافته ضحلة جداً .. ويقع في أخطاء لغوية مخجلة لا يقع فيها طلبته .. وفوق ذلك كله فهو فهلوي جداً ، يدهن الهواء دوكو ، ويحول كتاب الوزارة المدعوم بأموال دافعي الضرائب إلى مذكرات يكسب منها الشيء الفلاني..
يصعب على الطالب أن يحترم معلماً بهكذا مواصفات خاصة وأنه هو الذي يدفع له (رغم أن المعلم الآن أصبح أغنى من الطالب وذويه وكل مخلوق يتشدد ليه)، ويصعب على من أنهى تعليمه أن يحترمه هو الآخر بعد أن رآه ورأى النظام التعليمي كله على حقيقته..
المعلم الآن صار سمساراً وتاجراً وربما شبه سياسي ، السياسي يبيع لأبناء الدائرة وظائف في شركة إنبي ، أما المعلم فيبيع لأولياء أمور تلامذته حلم الدخول لكليات القمة والمال والنفوذ ، والابتعاد عن كليات القاع ودوري المظاليم وقعدة الشوارع والشغل بالملاليم..
المعلم فقد احترامه بعد أن قرر أن يتحول من "معلم" بضم الميم الأولى إلى "معلم" بكسر الميم الأولى أيضاً.. بعد أن غير الإكليشيه القديم "قم للمعلم وفه التبجيلا" إلى "قوم اقف ياض للمعلم وانت بتكلمه"..
بالمختصر .. صورة المعلم اهتزت كما اهتزت صور فئات كثيرة في المجتمع ربينا على احترامها ، وتربينا هي على عدم احترامها..
4 comments:
كلام معقول
بس حتى لو كان المعلم مستفيدا من أخطاء النظام ... وكل العك التعليمي في المدارس يصب في مصلحته ... رغم دة, صعب برضه نجرم المعلم ونتهمه بالتوحش وتعاظم القيم الاستهلاكية لديه وسعيه الدؤوب للعوم على وجه فتة الدروس الخصوصية
القيم تتحول في المجتمع كله ... مش بس التعليم ... ومايفعله المعلمون ماهو الا رغبة في البقاء على قيد الحياة تتضخم دوافعها عندما تصبح (الأشية معدن) ... فيمكن الوصول لما هو أكثر من البقاء حيا ... والبقرة الحلوب لازالت تدر اللبن .. يبقى ايه المشكلة؟
تحطمت صورة المعلم .. كما تحطمت كل الصور القديمة التي صارت من أساطير الأولين .. الدكتور الرؤوف , رجل الأمن , المسئول المحترم المهاب , الأب والأم والأولاد المؤدبين وكافة مقومات العالم الوردي الذي كنا نحلم به أو سمعنا عنه ذات يوم
في اعتقادي .. ليس المعلم بحالة خاصة
عزيزي 451 فهرنهايت :
كل اللي قلته صحيح ، وأزيد عليه عبارة كمال الشناوي في آخر فيلم الكرنك "كلنا مجرمين .. كلنا ضحايا"..
لكن التغير العنيف في شخصية المعلم بالذات صدمة مجتمعية ، فمش كل الناس بتتربى على إيده وتتشرب العلم والخبرات منه ..
لما دة بقى يبقى معلمك ومعلمي، بالصفات اللي قلت عليها في التدوينة السابقة .. دي مش مصيبة!
قلت أنت : ليس المعلم بحالة خاصة..
وأقول : ليس المعلم بحالة خاصة .. فقط!
أما عن جنرالات الجامعات وجمهوريات الموز..دورهم جاي وماتقلقش.. وبكل ساعة جهل وبطالة عاشها الجيل بتاعنا حيشوفوا بعون الله وبإذنه على كيبورد العبد الله ما لا يطيقون!
بما اني من جيل فئران التجارب بتاع سرور من غير ألقاب علشان متوضيّة.. شهدت بدايات الدروس الخصوصية الإجبارية تحت حجة ( هنأكل ولادنا ازاي )ومع كل سنة تتفتت صورة المعلم وعبارة الشعر الكئيبة " وفّة التبجيل" تحت صورة اكثر اكتئابا لصاحب المدرسة
المرحلة ذاتها كانت كئيبة سلسلة :معلم يستغل طلبتة.. طبيب يستهين بعملة أساسا تشخيصا وأداء جراحيا.. ضباط اشتروا البلد بما فيها من مصريين.. وألف مثال اخر
يبقي المعلم هو الأخطر لكني لا املك ان ألوم علية وحدة فحين تعطيني القليل وتطلب مني الكثير والأسوا حين تغمض عينك علي التجاوزات فلا تبحث عن ملائكة
مش كل المعلمين وحشين ومش كلهم كويسين .. لكن الحسنة تخص والفاحشة تعم ، فما بالك لو كانت العيوب في نسبة تكاد تكون كبيرة حسابياً من المجموع .. دة يعني خلل في أوضاع المهنة نفسها..
والاستغلالي الوحش بيضر الكويس وبياخده في الرجلين..
قريب يا مروة ، ومش عارف إن كنتي حتقري التعليق اللي بأكتبه بحكم إن الموضوع اللي بنكتب فيه فات عليه ست شهور ، ح أكتب عن عبد الحميد دراز بطل مسلسل "حضرة المتهم أبي"..
Post a Comment