إذا كان حامد عمار شيخ التربويين ضد إلغاء الثانوية العامة ، فأنا كغيري وهم كثر نرى أن الثانوية العامة ونظمها ليست تابوهات يحظر الاقتراب منها ، ويجب عرضها بالكامل على العقل ..
مهرجان كل عام : تصريحات رابسو وكل رابسو بأن الامتحانات في مستوى الطالب المتوسط ، شكوى الأهالي وأولياء الأمور من الامتحانات ، يعقبها تصريحات بيروقراط الوزارة بأن الامتحان مرة أخرى في مستوى الطالب المتوسط وأن لا شكاوى منه ، وربما يعقبها تصريح رابسوي في بعض الأحيان يقول أن مافيا الدروس الخصوصية هي التي وراء تلك الشكاوى ، ثم خبر موجه من قبل الوزارة لطمأنة الشعب المصري بأن العينات العشوائية في أكثر المواد صعوبة في الامتحان 98% إن لم تكن 100%!..
بعد نهاية المولد يستضيف السيد رابسو منظف الوزارة وعقول الشعب المصري أوائل الثانوية العامة ، الذين قهروها قهراً ونازعوها دهراً ، ليؤكد من جديد على أن هذا الانتصار الكبير جاء بفضل كتب الوزارة ، والمعلمين "الشرفاء" (راجع الموضوع السابق) ، وليس بفضل ميليشيات مافيا الدروس الخصوصية ، قبل أن يحل هؤلاء ضيوفاً على جريدة "الجامهورية" في الرحلة التي تخصصها للطلبة السوبر ....
رابسو سجل حضوره هذا العام بتقليعة لا تقل عن تقليعة رابسو سابق في الزي المدرسي الموحد .. وأي شخص في منصب رابسو حر كل الحرية في أن يفعل أي شيء ، طالما أن هناك الصحافة "الكاومية" تقف وراءه وتسانده حتى ولو قال ريان يا فجل في ميدان التحرير..التقليعة الجديدة هي خط ساخن لتلقي الشكاوى من الطلاب وأولياء الأمور بشأن الامتحانات!..
الثانوية العامة لم تعد شهادة إذن ، بل مولد ، مولد وصاحبه رابسو ، فهذه السنة ، أو الشهادة ، هي ملخص نظام التعليم قبل الجامعي في مصر باختصار شديد .. البحر الذي يصب فيه نتاج ثلاث مراحل دراسية من عمر المواطن المصري ، ففي الوقت الذي يمارس فيه الأهالي ضغطاً عصبياً على أبنائهم للنجاح والفوز بجنة التنسيق ، ومعهم عتاولة الدروس الخصوصية الذين لا أنكر دورهم ، ويمارس فيه المجتمع ضغوطاً أكبر على كليات بعينها هي كليات العمل والزواج والاستقرار والاحترام الاجتماعي ، يفعل رابسو وكل رابسو ما هو أسوأ ، حين يصور تلك الشهادة على أنها مسابقة قومية بطلها هو بطل الدوري وكأس العالم ، ويحتفي أيما احتفال بأوائل تلك الشهادة الذين لم يبرز منهم في الربع قرن الأخير شخص واحد (كفى بذلك دليلاً على أن المتفوق في الثانوية العامة بنظامها الهرائي ذلك ليس نابغة ولا عبقرياً)، ثم يجيء الإعلام الرسمي ليزيد من ضغط المجتمع على كليات العمل والزواج والبرستيج ليسميها (كليات القمة).. وحين يعترض معترض يظهر الإكليشيه الإعلامي القميئ بأن الثانوية العامة ظاهرة عالمية وأن في كوريا مخاوف أكبر من مصر من تلك الشهادة ..ونسى هؤلاء أن كوريا المرشحة لتكون تاسعة الثمانية الكبار دولة صناعية في المقام الأول ، وليس فيها نظام تعليم "مطور" يهدف إلى ملء الشوارع والأرصفة بأكبر عدد ممكن من خريجي الجامعات!..
لماذا لا يغلق رابسو على نفسه (إن كان ممن لا يريدون علواً في الأرض ولا فسادا) مع أساتذة جامعات ، وخبراء حقيقيين وليسوا هامانات مثل هامانات رابسو الأكبر فتحي سرور ، وعينات من أولياء الأمور والطلبة لإيجاد حلول حقيقية لمشكلة الثانوية العامة التي تحولت إلى سيرك تظهر به الوزارة نفسها وتذكرنا بوجودها ، ويفقد فيه أولياء الأمور والطلبة أعصابهم ، ويتحول فيه المدرسون الخصوصيون (بفضل رغاوي الرابسو) إلى مليونيرات ويتحول رابسو نفسه إلى بطل؟..
أشك في أن رابسو الذي يحتجب طويلاً قبل أن يقول (بل وقبل أن يفعل) شيئاً يمتلك من الشجاعة ما يكفيه لعمل ذلك.. فهو ليس وش ذلك!
No comments:
Post a Comment