Tuesday, July 18, 2006

في رحاب الرابسو

نبقى في هذه التدوينة في رحاب تهييسات رابسو ومن معه ، والهراءات التي يضحكون بها على الشعب المصري..

كيف أعرف كدافع ضرائب إن كان النظام التعليمي المصري قد نجح في تحقيق أهدافه أم لا؟ خصوصاً أنه في فترة مقبورة من تاريخ التعليم المصري كانت تلك الأهداف المكتوبة بصيغة حنجورية "تلطع" على الغلاف الخلفي الخارجي للكتب المدرسية ، المطبوعة بأموال دافعي الضرائب؟

ولأنها العقلية اللي جايبانا لورا عشرات الأميال في كل ثانية ، تفتق ذهن الرابسوات عن أساس يضحكون به على الشارع وصانع القرار ، بقين حمضانين نعبي بيهم الليلة ، ومحدش كالعادة حيسأل ورانا : ارتفاع متوسطات النجاح في الثانوية العامة!.. طالما أن الكل ينجح في الثانوية العامة بمجاميع مرتفعة فإن كل الأمور تسير على ما يرام وحسب الخطة الموضوعة.. ولا مانع من ترصيع تهييستنا تلك ببعض العبارات الحنجورية الرصينة ، عن التعليم والبحث والتطوير المستمر والرأي العام الداعم..

تشعر كمواطن مصري أن الثانوية العامة هي التصفيات المؤهلة لكأس العالم ، وبأن هناك منافسة حامية ومسعورة (إن عضت الخاسرين فيها سيتلقون إحدى وعشرين حقنة على أغلب الأقوال)بين مصر وجيران مصر .. ويجب أن يكون لدينا أعلى مجاميع ثانوية عامة في العالم حتى نستطيع المنافسة في ظل اتفاقية الجات ، والماجاتش ، وبالتالي فإن أوائل الثانويين هم أبطال مصر وذخيرتها .. "لم نسمع منذ العام 1987 عن شخص نجح أو برز في مجال من أوائل الثانوية العامة حتى الآن.. الكلام بحسب صحيفة حكومية مصرية على ما أذكر ، محدش جاب سيرة ما قبل 1987!"

ماشي .. لنمسك الخيط لآخره.. لماذا ارتفعت مجاميع الثانوية العامة بهذه الطريقة يا حلوين؟ ، وهل ارتفاع تلك المجاميع مؤشر على تقدم التعليم في مصر كما تـ(...)ـون في عقولنا؟

الإجابة رأيتها في مذكرة عربي وقعت في يدي مؤخراً ، لمدرس خصوصي شهير في مدينتنا ، صاحبنا بيعمل مذكرات القراءة ، بيفصص النص بتاع الموضوع في أسئلة وبيحطها زي ما هية ، وطبعاً تلات أربع صفحات "تسميع" للموضوع.. ما هو لازم الشعب يحفظ!

واللي بيعمله قسم تاني حارسه وصاينه هوة اللي بيتعمل في المدرسة وفي الدروس بشكل متفاوت.. ودة معناه إن النظام الفاشل فشل في إيقاف سيطرة الحفظ والصم على العملية التعليمية على مدى سنوات .. ولا يبدو في الأفق أنه سينجح في ذلك لسبب بسيط .. أنه لا يحرك ساكناً في مواجهة الحفظ أو الصم ، أو "مافيا" الدروس الخصوصية التي أسهم هو في صنعها وسن هو أسنانها..

إيه يعني الكتب كبرت وقلوظت واتحسنت طباعتها؟ .. إيه يعني اتعملت لجان لتطويرها إن كانت اتطورت أصلاً؟.. عملت إيه لتطوير أداء المدرس؟ ولا فالح بس تشتريه بكادر خاص يحل له مشكلة الفكة طالما بيجمع المجمد كله من فلوس الأهالي؟

سياسة الحفظ والصم تثمر إذن ، فالامتحانات التي يزعم واضعهوها كذباً وبهتاناً أنها تختبر الفهم كلها تسير في اتجاه الحفظ والصم والتطويل والضغط على أعصاب الطلاب (حتى وإن زعم الواضعون أن الأسئلة الصعبة تختبر الفهم).. فنماذج الامتحانات أيا كانت الشكوى من صعوبتها هي هي ، لم تتغير ، وبالتالي فهي كتاب مفتوح للمدرس الخصوصي ، وكل ما يطلبه من الطالب هو "الصم" و التدريب على "مهارات الامتحان" .. وطالما ارتفع مستوى الصم ارتفعت المجاميع..

إذن .. من ينظر لكون ارتفاع متوسطات المجاميع في الثانوية العامة هو معيار نجاح التعليم في مصر يضحك عليك ، ويستحق منك إفراغ كل الماء الذي في فمك في وجهه مباشرة .. حتى يرتدع ويعرف أن الله هو الحق المبين..

آخر نكتة : وزير التعليم يعتزم عمل مؤتمر لتطوير التعليم الثانوي..يستنير فيه بآراء الخبراء وآراء "الرأي العام الداعم".. لما نشوف سي رابسو حـ"يرغي" معاهم إزاي!

4 comments:

noran said...

بما انك الوحيد اللي شوفته بيتكلم في التعليم بصدق وحاسس ان التعليم بصورته الحاليه مصيبه لا يتخيل احد عواقبها فاتمني ان تزور مدونتي وان تقرا اخر تدوينه لي لانها كانت عن التعليم بالتاكيد ولنتناقش في هذا الفشل المسمي بمنظومة التعليم في مصر سواء المناهج او طريقة التدريس او المدرسين انا شايفه انها اكبر مصيبه

abderrahman said...

فاكر كان فيه تحقيق رائع.. تتبعوا فيه الطلبة الأوائل، نسبة مش قليلة منهم فشلوا أو أصبحوا طلبة عاديين .
كان تحقيق صدمة .
**
المشكلة دايما بتبقى في العنصر البشري، ودماغه
أنا قربت من وسط المدرسين، شغل الشباب منهم بيبقى زي عمال التراحيل، أو الشباب اللي بيبقى في شارع الشواربي وطلعت حرب بيخطف الناس عشان يدخلوا المحل، يمكن فيه مهن أسلوبها كده.. زي الصحافة، لإنك مش ضمن مؤسسة حقيقية، وحتى لو في مؤسسه.. كله مع نفسه بيقلب عيشه .
**
أنا على فكرة قابلت شباب بيلفوا على المدارس، والمفروض ينزل الموضوع، لكنه اتاخر عشان موضوعات الحرب .
هو عن الفكرة دي.. الشاب بينزل يجرب ويملا أبليكيشن يمكن تنفع، وهو في نفس الوقت ممكن يكون بيشتغل حرفي..وهو "جامعي" .

قلم جاف said...

عزيزي أبو باشا .. بالنسبة لوسط المدرسين أناأيضاً اقتربت منه ، ووصلت لخلاصات مختلفة..

ربما قد تكون اقتربت من العالم الخايبة في الكار التدريسي..مدرسين الألعاب والرسم اللي موادهم مفيش فيها دروس ، أنا أعرف مدرس عندنا لسة سنه صغير ، بيدي دروس لثانوي ، وبيحب يتعايق أدامي بحتت الموبايل اللي بيجيبها ومش شايف إيه المتعة في دة ..وأما بنعمة ربك فحدث آه محدش قال حاجة .. بس مش كدة..

حتى طلبة آداب وتربية قبل التخرج بيدوا دروس.. وبيطلعوا منها فلوس أكتر مما تتصور..

بس الكاريير مربح جداً للي عايز ياكل عيش ، ويبقى يدعي لرابسو بيه خاصة وإن النهاردة في ساعة إجابة!

أما عن عمل الجامعي في عمل حرفي ، ومع احترامي لوجهة نظر زميلتنا me2 في المجال دة .. بس أنا شايف إن دة مؤشر مش إيجابي إنك تخلي شخص مش مؤهل حرفياً يبقى حرفي .. والوسط الحرفي فيه ناس كتيرة مش مؤهلة إنهم يبقوا حرفيين ، يعني سوق العمل اللي كان مفترض إن الخريج الجامعي يروح له خسر ، والسوق الحرفي ما كسبش حرفي متميز..أنا باتكلم عن القاعدة رغم علمي إن ليها شواذ ، يعني ناس جامعيين نجحوا في المجال الحرفي.. دة مش مقياس..

قلم جاف said...

العزيزة نوران والجميع:

قمتِ باقتراح فكرة جميلة أعجبتني جداً..

أتمنى أن تشاركينني وأن يشاركنا أي زميل يتابع الكتب والمناهج الدراسية بشكل أفضل مني بالتنقيب عن الأشياء الغريبة والمتناقضات التي تحتويها تلك الكتب..