يستشهد عادة بقول الله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ(النساء 43)في قراءة الأشياء عموماً بسياق منتقص وعلى المزاج ، لأن الجهال عادة يقفون في قراءتهم بعد "لا تقربوا الصلاة".. لكن هذا الاستشهاد لا يعظ أحداً فيما يبدو..
هناك من يلح على ضرورة تحسين الأحوال المادية للمعلم ، وهو إلحاح على طريقة "لا تقربوا الصلاة".. فرفع مرتبات المعلمين لم يردعهم عن الدروس الخصوصية ، بل أن مجرد عقاب مدرس يعطي دروساً خصوصية يحصل منها ملايينه يثير وسط المدرسين حالة عارمة من الاستياء ، كما أن تحسين أحوال المعلم المادية "زي عدمه" إذا لم يقترن بتطوير أدائه هو ، وتوفير بيئة عمل حقيقية تتيح لهذا التطوير أن يؤتي ثماره
والأكثر إضحاكاً أن بعض هؤلاء الملحين اللحوحين الذين يسألون الحكومة إلحافاً يستشهدون ببيت شوقي : قف للمعلم وفه التبجيلا.. كاد المعلم أن يكون رسولاً.. وهو - للمفاجأة بالنسبة لي فقط - استشهاد على طريقة "لا تقربوا الصلاة".. فلو أنهم قرأوا الأبيات بكاملها .. والتي أدين بها للصحفي طارق الحميد في الشرق الأوسط في مقاله الرائع "من يستحق الرسوب":
وإذا المعلم ساء لحظة بصيرة
جاءت على يده البصائر حولا
وإذا أتى الإرشاد من سبب الهوى
ومن الغرور فسمه التضليلا
الاستشهاد ببيت شوقي الأول دون البيتين الأخيرين إذن هو استشهاد ينم عن فساد في الاستدلال بلغة القانون ، يمكن ربطه جيداً بمحتوى التدوينة السابقة "بص العصفورة"..استشهاد يفترض به الملحون من المؤسسة الرابسوية ومن خارجها أن المتلقي والسامع داقق عصفورة "حامل" فوق دماغه ولا يدقق في كثير مما يقولون..أمر هو محض هراء بالدرجة الأولى..
هم والجالس في المقر الرابسوي إذن لا يريدون طلاباً ولا رأياً عاماً قادراً على استخدام العضو الذي ميز به الخالق عز و جل البني آدم عن البني حيوان ، وإن ميزوا فيقرأون الآية الكريمة إلى "لا تقربوا الصلاة" ويقفون.. هم يريدون "سكارى" .. من الآخر!
No comments:
Post a Comment