عندما تقرأ هذا الاعتراف لأول وهلة تشعر أنك أمام أحد المشاهد المألوفة في سينما "حسن الإمام".. مشهد الاعتراف "أنا مش أبوك .. ودي مش أمك.. احنا جبناك م الشوارع.. انت شخييييييييييييييييط..الخ"..
هكذا قرر معاليه الاعتراف ، معاليه الذي كان بالأمس القريب أسداً هصوراً يدير امتحانات الثانوية الغامة من مقر سريٍ في مكان ما .. لا تستطيع أعتى أجهزة الأتاري الكشف عنه ولا عما يدور بداخله ، هو الذي يصرخ في مجلة "الإذاعة والتليفزيون"-في تصريح آخر- قائلاً أنه "لن يكون كبش فداء"..
سيصبح هذا الاعتراف في نظري حديث الناس في مصر لأسابيع، أكثر من كأس الأمم الأوروبية وصفقات انتقال اللاعبين وحتى المظاهرات والاعتصامات التي تصدعنا بها فضائيات بعينها..معاليه اعترف يا مينز!
سيرى البعض أن معاليه قد تنازل واعترف، وسيرى البعض الآخر أن معاليه لم يعترف على نفسه فقط ، بل اعترف على كل من جلسوا قبله على الكرسي الرابسوماتيكي وأولهم "فتحي سرور" نفسه ، وهو الذي كان وزير التعليم إبان فضيحة الغش الجماعي الأشهر في تاريخ مصر في أواخر ثمانينات القرن الماضي ، أي أن الرجل ومن أتى بعده لم يفعلوا أي شيء لوقف مهازل بيع وشراء الامتحانات على مدى عقدين كاملين من الزمن.. وكانت الصحافة طوال عقدين كاملين من الزمن- أيضاً- تتفرج على ما يحدث.. باعتبار أنه "عادي في المعادي".. "بيع امتحانات"؟ وإيه يعني؟ (على غرار مشهد "كشفتوني..وإيه يعني" في فيلم "أسد وأربع قطط")
معاليه أيضاً اعترف على اللامركزية التي ظل هو والدكتور "سرور" يروجان لها طوال الوقت،الأشخاص الذين اعتمد عليهم ليقوموا بالعمل كله باعوه وبثمن بخس ، واللامركزية التي تقتضي بتسليم المديريات التعليمية مفتاح القرار اتضح في النهاية أنها تسليم القط مفتاح الكرار.. قليل من المركزية كانت تفتح الباب للمديريات وأعضاء مجلس الشعب وآخرين لـ"العمل المشترك" من أجل ثانوية لذيذة مسلية يخرج بعدها الوزير- كل وزير- معلنا نجاح الثانوية العامة ، وأن الأوائل خير دليل على أن الامتحان جاء من الكتاب المدرسي ونماذج الوزارة بحذافيرهما، وجهود المعلمين الشرفاء ، وبعيداً عن المدرسين الخصوصيين الوحشين..
كان يحدث ما يحدث أمامنا "واحنا قاعدين"، وكنا نغضب، لكننا نستكين في كل مرة لأن الميديا لم "تفتح بقها".. ولأننا بدورنا اعتدنا ما يحدث ، لم يعد الغش ولا البيع ولا التسريب مشكلة ، وربما كان ذلك واضحاً لدى آباء كان لهم أبناء في سنوات سابقة، وشاء العلي القدير أن يكون لهؤلاء الآباء أبناء في ثانوية هذا العام، حيث "كل شيئن انكشفن وبان"!
شكراً لمعاليه على الاعتراف الثمين، وسنكون أكثر شكراً وامتناناً لو اعترف "آخرون" بأدوارهم في كل ما يحدث، وأولهم الصحافة التي كانت واقعة تحت تأثير حبوب الجبن قبل تعاطيها مؤخراً "بلابيع الشجاعة"..
No comments:
Post a Comment