Sunday, April 01, 2007

دعوهم يكونوا أنفسهم!

بدايةً كل عام أنتم جميعاً بخير ، ما يصبرنا على تلك الأيام المشحونة إلا تصادف الأعياد والمناسبات السعيدة دينية كانت أم وطنية (باستثناء سيدي الاستفتاء) أو لكل المصريين كشم النسيم الاثنين القادم بإذن الله ، وأعتذر عن تأخير طويل عن التدوين هنا لمدة تزيد عن الشهر .. لندخل في عجالة في صلب الموضوع..

من الجميل أن يكون لدينا أطفال موهوبون في أي مجال (إيجابي طبعاً).. ومن الضروري في تلك الحالة أن يتعهد الموهوب أبواه والمدرسة بالرعاية.. لكن ..

لكن لم يسأل أحد منا نفسه : لماذا يحرص البيت والأسرة على تحويل الطفل إلى صورة طبق الأصل من الكبار في الشكل والمضمون أيضاً؟

في البرنامج الغريب "اتمسي بالخير الصبح يا مصر" كانت هناك طفلة وصفت بالمعجزة ، وفوجئت بإلقاء شعري تماماً كالكبار ، بدون شخصية مميزة ، وانسحب ذلك حتى على طريقة كلامها التي تشبه تماماً طريقة الكبار ، ربما ليكون ذلك عادياً إن كانت شخصيتها كذلك ، لكنها كما رأيت ممن يلقنون في البيت (وفي المدرسة) تلك الطريقة..النضج المصطنع والشعور بالنجومية ..

تذكرت فيها باختصار قصة كل طفل معجزة ظهر في عائلة فأرادت هي أن تجعل منه البيضة التي تبيض ذهباً بلا حساب.. ولهذا السبب لا يصمد هذا النوع من الموهوبين طويلاً.. يطير بسرعة ويقع بسرعة وينساه الناس بسرعة!

تذكرت شوقي الذي كتب أول بيت له في الثامنة من العمر ، "أفريقيا جزء من الوجود .. في شكله يشبه العنقود" ، لم يحوله أهله إلى نجم ولم يأمروه بأن يعيش طفولته كرجل في الثلاثين وعاش حياته بشكل طبيعي إلى أن حصل على شهادته في الحقوق وأصبح شاعر البلاط ثم شاعر الشعب فيما بعد..

ما نفعله في البيت والمدرسة من تضخيم وقتل للموهوبين بعنايتنا الزائدة بهم لا يحدث فقط مع الموهوبين ، بل مع من يمكن أن يكونوا موهوبين..

أتذكر في حصص الرسم أنه يكاد يكون يفرض علينا شكل معين للرسم ، يجب أن تكون الشجرة كبيرة الحجم وأن تكون كذا وكذا ، الجنود في المعركة يجب أن يكونوا كذا وكذا..وعاديك لو رسم شخص شيئاً ما بطريقة مختلفة ، فدة "مش حيييييلو علشاااااانك" مع الاعتذار لمحمد صبحي ، فهناك في نهاية العام امتحان يا سيدي الفاضل.. يكرم المرء فيه أو يهان .. ودول عشرين درجة نجاح وسقوط!

إننا في الحقيقة نفرض عليهم أيضاً معايير الكبار رغم أنهم ليسوا كباراً.. نكاد نلقنهم كل شيء في البيت والمدرسة ونعجل ونضغط عليهم بلا مبرر.. نريدهم أن يكونوا مثلنا بأخطائنا وحماقاتنا دون أن نتركهم ليكونوا أنفسهم لا اكثر ولا أقل..

إلى الآباء والمعلمين .. دعوا أبناءكم وتلامذتهم يكونوا أنفسهم لا الشخص الذي نريد .. قليل من التوجيه قد لا يضر .. لكن لا يجب أن نكون كالدبة التي قتلت صاحبها ثم نشتكي من فقر المواهب والموهوبين في مصر!

2 comments:

saso said...

كل عام وانت بخير
بما انك فتحت الباب ده، تعالي نناقش فكرة الابداع التربوي بتاعتهم
صمم كارت معايدة ، عروسة المولد (هو اصلا بقي في عروسة مولد )قاع البحر

انا قعدت 3 سنين يتقاللي ارسم قاع البحر ومفهمتش ارسم ايه بالظبط
قاع البحر اكيد في سمك واكيد ضلمة ايه اللي مغري اصلا في السمك انه يترسم

تمام زي التعبير اكتب في اطار كذا وكذا ..وعناصر متخرجش عنها

انهم يصنعون القوالب
كطالب في الابتدائية شهادة يا ناس ..بيعلموك تكتب موضوع التعبير في حدود العناصر المعطاة وترسم موضوع الرسم اللي في كشكول تحضير المدرسة الكارهه للرسم اساسا ..وتقرا الشعر -المقرر والمنتقي بغباء تام- بطريقة مصر العزيزة لي وطن علي راي اسماعيل يس

في حال مكنتش كرهت الرسم والشعر والكتابة لسه هتروح الاعدادي يعلموك تعمل نفس الكلام باللغة الانجليزية ويدولك مساحة صغيرة من الحرية اسمها البلاغة في العربي ..ودي هيتكفل بيها المدرس الخصوصي ويديلك اسطمبات جاهزة ليها تحسبا لاي محاولة ابتكار من جانبك

تطلع ثانوي تطبق نفس القواعد -انعدام الابتكار -علي اللغة التانية اللي هتختارها وتتعرف عليها لمدة سنتين فقط
في المرحلة دي لازم تنسي اي نشاط فني هيعلموك ان الرياضة هي النشاط الوحيد اللي عليه درجات ..يعني بترسم بتلعب مزيكا دي كلها حاجات مش مهمة لكن بتلعب رياضة يبقي ممكن

-----
ده عن التعليم عن القوالب بقي الاسرية دي مشكلة عويصة فعلا ..لما باشوف نوارة نجم .او آية الأبنودي ادرك ان المشكلة ليست في فئة معينة بل هي شبة قاعدة باملاء الطفل صورة مثالية ليقلدها
تماما كاختراع نموذج الاجابة
تماما كقولبة الطفل الذكي بذلك السخيف الفضولي محب الانتباة ..ذلك الفتي السخيف الذي ظهر مؤخرا في فيلم بحب السيما ..عدا ان الفيلم غير اخلاقي اساسا ،الا ان البطل الصغير تفوق علي نفسة في جعلك تكرة اسم الفيلم ذاتة

نموذج البنت الصغيرة الأروبة من فيروز لنيللي ولبلبة الصغار حتي فتاة فيلم العفاريت مرورا بليزا ورانيا عاطف (بتاعة هالة حبيبتي وليالي الحلمية )واخيرا مها احمد ..التي كانت تظهر في افلام ساندرا نشأت تقريبا من باب جلب الحظ كلهن ذات النموذج للفتاة الأروبة

تماما كما قلت هي دبه وقتلت صاحبها ،وخنق اي محاولة ظهور شخصية منفردة لأولئك الأطفال

قلم جاف said...

1-فيه خزعبلاية شهيرة اسمها "التعبير الفني" بيندرج تحتها تصميم الميداليات والشعارات بطريقة رمزية ونمطية وسخيفة..

تخيلي عندما يكون الشخص الذي يعلمك كيف تتخيلين غير قادر اصلاً على التخيل.. كابوس!

2-ليه بنفرح بالطفل لما بيتصرف زي الكبار؟ هل غلط إن الطفل يبقى نفسه؟

كان فيه فيلم جميل اسمه

parenthood

فيلم اجتماعي بسيط بيجيب حياة كذا أسرة ، من بينهم أسرة طفلة كانت عبقرية في الرياضيات ، أبوها مصر على إنه يطلعها حاجة ما حصلتش .. وهاريها تمارين وتدريبات طول الليل والنهار ، وبينظر باحتقار للاطفال "العاديين" اللي بيلعبوا ألعاب "تافهة"..

في نهاية الفيلم فطن الأب والأم لغلطتهم وسابوها تعيش طفولتها وتلعب ببراءة وعفوية شديدة ..

لكل مرحلة مرحلتها ولكل أمر ما يحتمل..

3-أتفق تماماً معك بالنسبة لسخافة قالب الطفل اللافت للانتباه ، أعتقد أن اختيار يوسف عثمان طفل فيلم بحب السيما كان سببه تناسق "سنتحته" مع الموسيقى التصويرية للفيلم ليس إلا..الاتنين كانوا عاملين كونتراست فظيييييع!

بالمناسبة ، طفلة أفلام ساندرا نشأت اسمها مها عمار ، مها أحمد ممثلة أكبر في السن (وفي الوزن أيضاً) بكثير وهي زوجة الممثل مجدي كامل..