Tuesday, August 29, 2006

الحجر .. قبل البشر

بداية أعتذر عن غياب استمر ما يقرب من الشهر عن آخر تدوينة لي في الموضوع ، وها أنا أعود في فترة السبات الصيفي للسيرك التعليمي في مصر .. فهناك فكرة ملحة جداً وخطيرة تستحق النقاش..

لا ينكر أحد أن لدينا حضارة عريقة ، هكذا تعلمنا في كتب التاريخ ، هكذا نرى في الشوارع ، تماثيل ومعابد وكنائس ومساجد وقصور ، حجر كلها من أولها لآخرها .. لكن ماذا عن البشر؟

نشكو فعلاً من عدم وجود تأريخ اجتماعي حقيقي يصف أحوال الناس ومستوى تعليمهم وثقافتهم ، كل الذي لدينا معلومات متناثرة هنا وهناك تترك لمن يستنتجها خلاصة مؤلمة واحدة : عاشت بلادنا لقرون في ظل الجهل المستحكم والأمية في نظم تعليم بدائية معزولة عن العالم ، منذ العهد المملوكي وحتى عهد الخديوي إسماعيل تقريباً!

قد تواجه البعض بذلك الاستنتاج ، فيخرج عليك قائلاً : وماله؟ إيه يعني؟ ما الناس دي هي اللي بنت كذا وكذا وكذا؟ مش شايف الهرم؟ مش شايف تمثال رمسيس؟ مش شايف مش عارف إيه؟

هل هذا هو المقياس لدينا؟.. هل كانت بلادنا لتصبح "خرابة تجنن- مع الاعتذار لسمير غانم" لو كان شعبنا متعلماً على مستوى القاعدة؟

لعل هذا هو تفسيري للاستخفاف الذي قوبلت به ملاحظة لأحد الحضور في ندوة ثقافية في بورسعيد حضرتها قبل أسابيع ، ملاحظة تقول ما معناه أننا أسقطنا البشر من المعادلة .. فالكل متأثر بقياس الرقي والتقدم بالطوبة وليس بالكتاب!

اربطوا بين ذلك وبين التصريحات الرابسوية الأخيرة والمكررة حول بناء المدارس .. هو يرى أن مشاكل التعليم المزمنة التي ستأخذ سنوات في حلها ، بحسب تصريحه اللوذعي للأهالي ، ستحل إذا ما بنيت المدارس بالآلاف في كل قرى ونجوع مصر ..وطبعاً إذا ما تم عمل الكادر الخاص الذي مللنا سيرته السودة أكثر من التنافس على مسلسلات رمضان وعقد احتراف عمرو زكي..

إن من يقرأ تصريحه في الأهالي وهو يتحدث عن مشاكل مزمنة يستغرق حلها سنوات ، ويقرأ أيضاً تصريحاته التي يلخص فيها الحل تقريباً في بناء المدارس والكادر الخاص وتكنولوجيا (أو حتى تكنولوبيا) التعليم ومشاركة المجتمع الأهلي في بناء المدارس يستغرب ، هل الأمور بهذه البساطة فعلاً؟ ألا يفترض أن هناك هدف حقيقي للتعليم هو خلق جيل أكثر علماً ، أعلى ثقافة ، أقدر على التفكير ، ملم بمعارف تؤهله للمشاركة بفاعلية في المجتمع؟ ..أليس هذا هو ما يقال عادة بعد "عملاً بتوجيهات السيد رئيس الجمهورية"؟

هل للرجل "عين" في تصديعنا بالحديث عن المدارس والكادر في الوقت الذي أوضح لي فيه أحد الأفاضل في أحد المواقع حقيقة مخيفة : أن فشل النظام التعليمي من أوله وآخره تسبب في وجود مهندسين غير أكفاء اكتفوا بالعمل في المكاتب ، تاركين كل السلطة التقنية في يد الأسطوات والعمال غير المؤهلين أصلاً ، الأمر الذي تسبب في الكارثة تلو الكارثة في قطارات مصر؟

نعم لديه عين ، وودان ، ومناخير ، حد يا جدعان يلاقي دلع وما يتدلعش ، دة حتى يبقى (رافسو) للنعمة مش (رابسو)!..طالما هو يظهر في لقطة فوتوغرافية مبتسماً مع أوائل الثانوية العامة الذين حصلوا على مائتين بالمئة، فإن كل شيء على ما يرام ، فقد ولى زمن البشر ، والأولوية لـ (تكريس) الحجر.. فكر عام هذا هو مظهره في السلطة ، ومظهره في الفن افتتاحية أغنية "العنب العنب العنب" .. التي تبدأ بافتتاحية عن ...(الحشيش)!

4 comments:

saso said...

بلدنا اساسا سايحة علي بعض
خلاط وانضربت فية
مش قصدي خلاط ثقافات هنا قصدي انعدام وزن طرطشة.. قالولنا مصر يعني الهرم وقبلنا التنميط .. مصر فلاحة .. وقبلنا التصنيف. علمنا العيال ان مصر بلد زراعي و حار جاف صيفا دفئ ممطر شتاء

الملك مينا قال.. طب وجدي وجدك ماقالوش حاجة خالص ؟

فترة العشرينيات وما تلاها ممسوحة باستيكة
وان حكوا يحكوا عن التراجم .. عن المباني مش عن البني ادمين اللي بنوها( الكلام في سيرة الناس دي غيبة وبعدين دول اموات عيب ) والبية اللي ناوي يحلها برضة بشوية طوب واسمنت هيزرع في دماغ العيال برضة طوب واسمنت
والالعن هيعلمهم ان المدرسة مكعب اسمنتي (ايل للسقوط في اقرب زلزال ) مبيتعملش فية اي حاجة خالص غير حشو الدماغ لو اتحشت كمان

Malek said...

برافو يا شيري على التدوينة اللي في الجون
النسق التعليمي يعني كيف نتعلم وليس فقط اين نتعلم؟
وهو يعني كذلك ماذا نتعلم و لماذا نتعلم
خواء النظام الحالي و تدهوره
نتيجة طبيعية لغياب اي فلسفة تعليمية من اذهان القائمين عليه من رابسو او غيره
فكرة التعليم المفتوح والارتباط بالطبيعة والتعلم منها و الانتقال الى التبادل المعرفي ونظريات باولو فيريري في تعليم الفقراء في البرازيل واعمال كارل روجرز حول التعليم المهتم بالانسان في امريكا ومدارس ماريا مونتسوري وغيره وغيره طلبة كلية التربية بيدرسوا الكلام ده نظري وبدون اهتمام ولا حتى اعتنا
المهم حيتخرجوا ازاي ويروحوا الخليج ازاي
يعني المشكلة مزمنة لان التعليم بلا هدف وبلا رسالة ولا معنى
الله يرحمه ان كان مات ويديله الصحة ان كان عايش
استاذ دانيال مدرس الرياضة اللي كان بيدينا في تالتة اعدادي في مرسة عبدالله النديم الصباحية في الاسكندرية سنة 1970
مرة جاب مسألة صعبة في الجبر
وبعدين واحد سأل دي ممكن تيجي في الامتحان
قام قاله:يا ابني انتوا بتيجوا هنا عشان تتعلموا و احنا بنيجي عشان نديكوا علم
لما راسك تتملا علم يبقى عملنا اللي علينا
مش لما تنجح في الامتحان

تسلم يا قلم يا جميل
انا اعجابي بيك بيزيد باستمرار يا شريف
اسامة القفاش

قلم جاف said...

الأستاذ أسامة :
فيه حاجتين حبيت أقولهم رداً على النقاط الهامة اللي أثرتها..

الأولى .. إن أول شيء حيتقال لما حيطرح مجرد خاطر عن الأفكار اللي سردتها عن فيريري وكارل روجرز .. حيقولولك البند لا يسمح..

والكلام عن الفلوس في القطاع البيروقراطي المصري وبالذات في الأبعادية الرابسوية مسلي للغاية ، فتحي سرور جرب التعليم الأساسي وهو عارف إن البند لا يسمح ، ودمج سنتين في بعض ومحدش بعد كدة قال له البند لا يسمح ، لحد ما عرف الناس أن الله هو الحق المبين بعد ما فتحي سرور راح مجلس الشعب واكتشفوا إن الدفعة المزدوجة كبيرة وأن البند لا يسمح ..

ولأن رابسو الحالي مغرم بالكلام حتى وإن كان قليلاً قال إن فيه مدارس حتتبنى ، وفيه تعاقدات مع خريجي تربية بالآلاف (ركز على الأرقام) .. مع إن وزارة المالية قالت له البند لا يسمح!

في كل مرة بيقول وزير التعليم إن الرئيس خصص أكبر ميزانية للتعليم في تاريخ مصر .. ومع ذلك البند لا يسمح!

نفسي أعرف قبل ما أموت البند حيسمح بإيه؟ وهل من الممكن ولا من المستحيل ذاته إننا نطبق تقنيات كفءة تحقق تطور فعلي في التعليم ويسمح بيها البيه البند؟

الحاجة التانية .. الفكر التسطيحي في مصر.. ودة فكر لذيذ قوي ومسلي.. إن واحد يحطلك كلمتين تلاتة همة اللي فيهم الشفا إن شاء الله ..

على قد ما بأحترم الدكتورة سعاد صالح ، إلا إن التوفيق جانبها تماماً في مناقشة مع الست منى الشاذلي عن رفع سن الزواج ، وقالت الدكتورة ما معناه أنه رفع سن الزواج (ويبان من السياق أن رفع سن الزواج وحده) هوة اللي حيخرج جيل صحيح قوي ونافع لبلاده؟ بس؟

تماماً كما قال التدميري كلوزو الوزراء المصريين بعد حريق قطار الصعيد 2002 إنه حيركب مرايات عند السواق علشان يشوف بيها الحريق من ورا ، دة لما اتسأل عن مواجهة الحوادث دي في المستقبل .. تصريح من البلاهة والتسطيح لدرجة إنه اتسبب في إقالته..عفواً طرده من الوزارة شر طردة مستحقة..

وفي نفس الخط ماشي رابسو ، حتتحل المشاكل التعليمية المزمنة (اللي ما قالش على واحدة منها) بمجرد مشاركة القطاع الأهلي في بناء المدارس ، وحيذل أيماناتنا بتجربة سيادته في الإسكندرية .. وكأن المناهج مش كل حاجة ، وإعداد المعلم مش كل حاجة ، وربط التعليم بالمجتمع مش كل حاجة ، والجانب الإدراكي مش كل حاجة ..والفلوس مش كل حاجة زي ما بنشوف في الأفلام العربي القديمة الكُهنة..

بكلمتين بس تتحل المشاكل؟ ولا بكلمتين يترتب عليهم إطار عمل كامل متكامل وخطة مدروسة تمشي في عهد الوزير دة واللي بعده ويراقبها مجلس الشعب ؟ حنفضل نشتغل نفسنا لحد إمتى بنظام كلمتين واقلب؟

آخر خبر : سمعت إن العديد من المواد في ابتدائي حيتم تجربتها كأنشطة ، حنشيل على جنب حكاية إن المدارس بقت شوية أبنية ودمتم ، بس دة حيتحسب على مين ، على حسين بهاء الدين ولا أحمد جمال الدين موسى ولا سيادته الحالي اللي ما بيفوتش ولا مؤتمر لسيمبا؟ .. وحيصدق إزاي رجل الشارع إن الراجل اللي تم في عهده هذا التطوير الرهيب للتعليم الابتدائي فشل في إدارة الثانوية العامة؟


ساسو :
ياريت على كدة وبس ..

1-نسبة الأمية كانت أد إيه في الفترة دي؟
2-الهرم الطبقي كان شكله إيه؟
3-إيه الوظائف اللي كانت سائدة وقتها؟ أنهي اللي كان عليها إقبال وأنهي اللي كان عليها نفور؟
محدش يديكي عقاد نافع! بس كله يهون علشان أيام الخديوي اتبنت قصر النيل وبعد كدة في العشرينات ولا في التلاتينات عمارة يعقوبيان (بخبرات مهندسين أجانب بالمناسبة) وكانت الشوارع واسعة والمواصلات فاضية ورغيف العيش كُبْر كدة!

دة غير إن العملية ممكن يبقى فيها شبهة تحيز ، كل واحد عاجباه فترته قوي ، ففيه ناس تصور لك المجتمع المصري في الستينيات على إنه زي مجتمع الرسول عليه الصلاة والسلام في المدينة .. وإن ما كانش فيه تحرش ولا قلة أدب ولا معاكسات ولا بتاع .. مع إن كل مشكلة المجتمع دة إنه كان مقفول ، ويا ما تحت السواهي دواهي .. إنما دلوقت بنتكلم عن قلة الأدب بالفم المليان لإن المجتمع بقى ع البحري .. وبقى كل شيء ع المشاع في الصحافة والقنوات إياها على الأقمار إياها..
وفي حكاية المكعب الأسمنتي .. أوجزتي تماماً ..

Malek said...

شريف يا جميل
فيريري فلسفته التعليم للفقراء يعني ببساطة مش عايز فلوس
ده ادراك تكاملي للمجتمع وحاجته وفكرة العلم والمعرفة
يعني بتبص تلاقي مدرسين ملهومش خبرة في التدريس بمعنى مش خريجي كليات بس ليهم خبرة في نقل المعرفة زي الاسطوات مثلا وفيه مزج بين العمل اليدوي والتنمية الفكرية
حدوتة ومالهاش علاقة بالفلوس
اما روجرز ففلسفته تقوم على ان الانسان هو غرض العملية التعليمية وليس الموظف
وبالتالي المدارس مفتوحة يعني مفيش عقاب و لا حواجز ولا اسوار
وبترتبط بالمجتمع المحلي وبترتبط بالانسان والاساتذة والطلبة بيدخلوا في لجان ديمقراطية لادارة المدرسة ومعاهم الاهالي كمان
برضه حدوتة ومش عايزة فلوس
سيبك م البند لايسمح دي لان الموضوع مالوش علاقة بالفلوس
يعني هو البند يسمح فقط بعمل مؤتمرات ودعاية كذابة وفشخرة ع الفاضي
ارحمونا يا باشوات
شريف التدوينةدي او البوست ده شديد قوي
ربنا يوفقك
اسامة