Sunday, April 25, 2010

محافظة المنصورة

إحدى أطرف الطرائف التي يتبادلها الدقهلاويون أمثالي هذه الأيام سقطة غريبة للبريمادونا التي لا تعرف أن في مصر شيئاً اسمه "محافظة الدقهلية".. واصفةً إياها بالاسم الذي تعرفه "محافظة المنصورة".. فما كان من أحد قراء الصحف إلا أن أرسل لبريد صحيفة ما تصحيحاً لهذا الخطأ المضحك المهين*..

قد أقبل هذا الخطأ من مراسل أجنبي لا يعرف العربية بالمرة ، ويمكن لأي طفل صغير استغفاله واشتغاله ، أو من شخص مثل "أندرو ميتشل" الطاهي الكندي من أصول مصرية الذي يظهر مع "دارين الخطيب" على قناة "فتافيت" ،ويتحدث هو الآخر عربية مضروبة بالنار .. لكن من الصعب أن أقبله من أي إعلامي مصري ، خاصةً من يعمل في المجال الخبري ويفترض به أن يعرف الحد الأدنى من المعلومات عن دولته.. إن كان صحفيو "الحزبوطني" يتهكمون على "البرادعي" قائلين أنه لا يعرف أسماء المحافظات في مصر ، فماذا سيقولون إذا كان في مصر إعلاميون داخل الصحف المسماة بالقومية وصحف المال السياسي لا يعرفون أسماء بعض المحافظات ولا عواصمها!

الواقع الأمر أن نسبة من خريجي التعليم الرابسوماتيكي لا يعرفون فعلاً الشيء الكثير عن محافظات مصر ولا عددها ، وربما إن ذهبنا إلى الشارع ودردشنا مع كثير منهم وسألناهم عن المحافظات المجاورة لمحافظتهم فسنستمع إلى فضائح مضحكة.. والأنكى أني سألت أحدهم قبل سنوات فقال لي وببرود : "وأنا حيهمني إيه لو أعرف اسم محافظتي إيه ولا المحافظة اللي جنبي"؟

يذهلني هذا التنحيس الفكري ، والاستخفاف الشديد بمعرفة معلومة هامة "قد" تنفع الشخص وقد يحتاج لها أمر الحاجة ، تنحيس تختفي معه حمرة الخجل عندما يسأله شخص سؤالاً تافهاً عن مدينة أو قرية بجانب مدينته أو قريته فلا يجد إجابة.. يذهلني وجود أشخاص يرفضون التعلم ويرفضون العلم ولو من باب العلم بالشيء..قلة اهتمام.. قلة انتماء .. شعور فاضح بتضخم الأنا وعيش دور "عم الكومندا المهم بالقوي".. الله أعلم..

صدقوني.. لن يجد هؤلاء أي إجابة مقنعة عن هذا السؤال : لماذا يعرف الأمريكي أسماء ولايات بلده الخمسين ، بينما يعجز بعض المصريين عن تسميع أسماء المحافظات التي درسوها في مناهج تعليمهم وامتحنوا فيها وتقدموا في تعليمهم سنة بحفظها غيباً؟..تذكروا.. كل هذا الكلام عن أسماء المحافظات المصرية.. لم أطمع حتى في الحد الأدنى من المعرفة العامة بالشخصيات المصرية أو حتى بالتاريخ المصري!

أتمنى من هؤلاء -إعلاميين وعامة ناس- ألا يثيروا غضبي بمصمصة الشفاة على حال بلد لا يعرفون عنه أي شيء .. وأتمنى من القائمين على التعليم ، ومن يهمهم أمره ، أن يفكروا في إيجاد حل يجعل الطلاب الحاليين - اللي يمكن توسيع مداركهم بعد الفشل مع السابقين- أكثر اهتماماً بمعرفة بلادهم.. لا لرزع معلومات في امتحان يتم الاستغناء عنها بعده .. ولكن كشيء يشبه مهارة القراءة والكتابة تبقى مع المواطن حتى وفاته..وسمعني سلام : ماشربتش من نيلها! :(
* نشرت ويكيبيديا أن "منى الشاذلي" أصلاً من "ميت غمر".. لو فرضنا صحة المعلومة فسيصبح الخبر مسخرةً مضاعفة.. وإن كانت معلوماتي تؤكد أن معظم الشاذليين منايفة ، ويقال أن هناك صلة قرابة مع البرلماني الحزبوطني المخضرم جداً "كمال الشاذلي"..والله أعلم..

No comments: