أعتقد أن برنامج "القاهرة اليوم" مدين باستفاقته الأخيرة إلى حد كبير إلى موقع طلاسم دوت كوم والذي دلني عليه صديقي شريف نجيب فضلاً عن مواقع أخرى .. الموقع يتضمن عدداً من الصور الطريفة والغريبة في العالم العربي ومنها بالتأكيد في مصر.. ومن أكثر الصور طرافة على الإطلاق هي الصور التي تتعلق باللغات الأجنبية في مصر..وبخاصة الإنجليزية..
من أطرف ما شاهدت من تلك الصور في القاهرة اليوم صورة لعبقري قرر وضع لافتة بعنوان "موقف صيدلية" ، وبأسفل منها كتب "Pharmacy Situation" على أساس أن شخصاً أكثر عبقرية قد أقنعه بأن ترجمة كلمة "موقَف" بفتح القاف هي "situation" !..
وما يمكنك أن تراه بعينيك في الشارع لا يقل غرابة عن ما نقله القاهرة اليوم عن طلاسم وأخواته ، أنا شخصياً شاهدت مطعماً للوجبات السريعة في طلخا مكتوب عليه بالإنجليزية "الفصحى المعدلة" كلمة naw بدلاً من now!
ويبدو أن الجيل الصاعد قرر في لاوعيه الانتقام من انجلترا التي احتلتنا لمدة اثنتين وسبعين سنة وأخرجتنا من كأس العالم ، فقرر اختراع إنجليزية جديدة يصعب على الإنجليز أنفسهم فهمها ، وقرر "البعبرة" عن نفسه بهذا الـ"Modern English" !
في الواقع ، هؤلاء يكتبون تلك الأشياء كما تعلموها تماماً .. نظرية "اسمع واكتب" ، كأنما لا توجد مناهج ولا يوجد مدرسون ولا يوجد تعليم بالمرة..
وفي التعليم المصري وربما في الثقافة المصرية حالة مستفزة من التساهل مع الخطأ الإملائي في تعليم أي لغة كانت حتى ولو كانت اللغة العربية ، اعتماداً على المقولة المصرية الشهيرة "هوة حد واخد باله" ، والنتيجة "الباهرة" هي ما نشاهده من أشياء عجيبة في الامتحانات وفي السير الذاتية وفي الجامعات وفي الأماكن السياحية ولافتات المحلات..
والطريف جداً أنه أمام هذا التساهل والاستهتار مع الخطأ الإملائي في أي لغة يتم تدريسها في مصر يتم التشدد وبشكل خانق مع القواعد النحوية ، فالـ grammar في الإنجليزية كابوس ويحتاج لخطة تتطلب حفظاً صاماً وتنفيذاً حرفياً دقيقاً كأنك في عملية انتحارية ، قواعد if والأزمنة المختلفة و...و...ويصاحب ذلك كله تجاهل حتى لاستخدام تلك الكلمات كلاماً ونطقاً ، فيصبح لدينا - ما شاء الله ما شاء الله - طلاب - ما شاء الله ما شاء الله - يعرفون كل أزمنة الإنجليزية - ما شاء الله ما شاء الله - ويحفظون آلاف الكلمات - ما شاء الله ما شاء الله - ولا يستطيعون نطقها ولا كتابتها بشكل صحيح - ما شاء الله ما شاء الله!
عن نفسي ، ومن أهم ما تعلمته في سنواتي التسع والعشرين أن التشدد في الأشياء الأقل أهمية بغرض منع الأخطاء الصغيرة من الحدوث يتسبب في حدوث الكوارث الكبرى .. كلمة تكتب بطريقة خاطئة في لافتة يقرأها الناس في الشوارع ليل نهار وربما يقرأها الأجانب بطريقة أو بأخرى .. أليست مسخرة؟
أتمنى أن يتعلم الناس اللغة لتعلم اللغة وليس لتخطي حاجز في سباق 100 كيلو تعليم حواجز ، وكذلك أن يعي القائمون على تدريس اللغة ووضع مناهجها شيئاً مما يفعلون وأن يعطوا لتعليم الطلاب الكتابة والقراءة والكلام باللغة اهتماماً كما يعطى لقواعد وتصاريف الأفعال ، قبل أن تخرج فضائح الـ Modern English عن السيطرة!
1 comment:
جميلة جدا فكرة ربط الجهل بالكلمات الانجليزية بالانتقام من الاستعمار البريطاني
موضوع جميل
Post a Comment