شر البلية ما يضحك..
بما أننا على أبواب موسم الكادر الخاص ، كل عام أنتم جميعاً بخير ، كان لزاماً على الوزارة الرشيدة أن تجمع البيانات عمن يستحقون الكادر الخاص من عدمه .. كل مدرسة تسجل بيانات العاملين فيها بدءاً من مدير المدرسة وحتى أصغر فراش ، وهكذا تجمع البيانات على مستوى الإدارات فالمديريات فالقطر كله..
كلام جميييل ، كلام معقول .. مقدرش أقول حاجة عنه .. إلا أنني لا أتردد في تحسس مسدسي (إن وجد) عندما يستخدم البيروقراط التكنولوجيا!
بحكم عملي المؤقت ذهبت لملء تلك الاستمارات في خدمة لصاحب المكتب الذي أعمل به .. ولفت نظري -قبل كل شيء- الشعارات الجدارية التطويرية على جدران المدرسة من الخارج من عينة "مدرستي نظيفة متطورة ...الخ" ، ومن ضمن ما كتب عبارة "لا تلقوا القمامة أمام المدرسة" .. وتحتها كومة من القمامة يبدو أنها ملقاة في تحدٍ سافر للعبارة ولمن كتبها..
التقيل جاي ورا..
أولاً.. قاعدة البيانات ، ولله الحمد ، مصممة ببرنامج access.. أي شخص مهما بلغت قلة خبرته بالكمبيوتر يعرف أن هذا البرنامج شديد الضعف فيما يتعلق بقواعد البيانات الضخمة (15 ألف شخص على الأقل في الإدارة وحدها.. تخيلوا على مستوى المديرية على الأقل)..
ثانياً .. تصميم البرنامج نفسه مثير للغضب ..رسائل الخطأ تظهر على الفاضي والمليان .. لا تعرف أي نوع من البيانات مطلوب في كل خانة .. هل رأيتم سوفتويراً مصمماً فيما يبدو لإصابة كل من يعمل عليه بالانهيار العصبي؟
ثالثاً وهو الأغرب : العديد من البيانات في الاستمارات الورقية نفسها غير موجود .. والمفترض أن إدارة شئون العاملين والتي تجمع البيانات ومعهم الموظفين والعمال أصحاب تلك البيانات على الحد الأدنى من الوعي بأهميتها ، وبأهمية وجود قاعدة بيانات إلكترونية..لكن فيما يبدو أن الجميع يتعامل بلامبالاة مع الوضع ، كما تم التعامل بكل لامبالاة مع موضوع بيانات الطلبة في الحكومة الإلكترونية ، والتي تم تخزينها على شبه برنامج كمبيوتر مشابه تماماً للعاهة الذي عملت عليه!
قِس على ذلك رؤية الوزارة الرابسوماتيكية للعملية التعليمية والمشاركة المجتمعية وضرورة إلمام المدرسة الحديثة بالمتغيرات "العالمية" وإحداث حالة من المشاركة المجتمعية (إلى آخر الرطانة المترجمة بركاكة فائقة من كتب الإدارة الأجنبية).. هذه الرؤية تتطلب إجراء العديد من البحوث والدراسات ، وطريقة عمل الدراسات المذكورة سهلة جداً ولا تتطلب أي مجهود ، فقط كوبي وبيست من النت وكبر دماغك!
بالبلدي : فيه ناس مش واخدة المواضيع دي كلها جد.. من المدرسة النظيفة للسوفتوير للداتا بيس..
من الذي يمزح إذن؟ هل سيادة الوزير المحترم وإخوته الأكارم واضعي السياسات والشعارات أم من يطبقونها من صغار الموظفين في المدارس وغير المدارس أم الاثنان معاً؟.. وهل يمزح أولئك مع بعضهم البعض أم معنا؟
والسؤال الأهم : كيف يتصور كل هؤلاء أن نشارك في العملية التعليمية والعملية السياسية والعملية في النملية إذا كان من يطالبوننا بذلك يفتقدون للجدية؟
أطالب هؤلاء المازحين بمشاهدة برنامج "إديني عقلك" .. ليصدق أن "أرواح الناس بقت في مناخيرها" .. ولم تعد تطِق الهزار السمج .. حتى ولو جاء من الحكومة .. كبارها وصغارها أيضاً!