Saturday, October 28, 2006

نفتح الشباك ولا نقفله؟

أولى الملاحظات التي خرجت بها من مشاهدتي لمسلسل حضرة المتهم أبي أن المسلسل دارت أحداثه في مدرسة ثانوي مشتركة..

بالمناسبة .. لا شك أن مصر كلها منقسمة على ضرورة الاختلاط من عدمه في المرحلة الثانوية بالذات دوناً عن بقية المراحل .. انقسام له ما يبرره بحكم تركيبتنا المحافظة - وليس عيباً أن تكون محافظاً - لكن أنتهز هذه الفرصة لنفكر ، مع من لهم تحفظاتهم على الاختلاط بين الجنسين في هذه المرحلة السنية بصوت عال..

لا أنكر أن المدارس المنفصلة (مدارس البنات ومدارس البنين) - على سوء إدارتها وإهمالها وتفرغ مدرسيها لـ"ما هو أهم"- كانت توفر هامشاً مؤقتاً من الطمأنينة لأولياء الأمور .. على أساس أن الطالب سيذهب من البيت إلى المدرسة وبالعكس .. لكن اليوم ليس كله المدرسة.. هناك الدروس الخصوصية أيضاً ، وما هو ممنوع في المدرسة مسموح في الدروس الخصوصية..

صحيح وقت أن تاب الله علي من الثانوية السامة منذ أحد عشر عاماً كانت الدروس الخصوصية "محافظة".. وكان الشباب قبل الفتيات يحرصون على الجلوس بشكل منفصل عن الفتيات إن اضطروا للدخول معهم في نفس المجموعة .. لكن الوضع الآن لم يعد كذلك .. هل لأن الدروس صارت "مفتوحة" أم المجتمع كله؟

عايزين رأيي : الاتنين!

معايير المجتمع بالكامل تغيرت ، فبعد أن كانت النظرة دونية للغاية لأي شاب تسول له نفسه أن يطلب من زميلته في الدرس أي شيء يذكر(مفيش أحسن من قعدة الرجالة) .. أما الآن فأصبحت كلمة انطوائي وفي حاله أقرب إلى الشتيمة ، .. وينظر لصاحبها على أنه عقد ومكلكع وغير قادر على التواصل مع مجتمعه!

ربما لا يرى البعض في ذلك ضرراً ، بعد عام واحد من الصف الثالث الثانوي سيجد الجميع نفسه دون حواجز في قلب الجامعة.. وربما يقلق البعض الآخر من ذلك .. ولو .. حتى لو انفتح المجتمع كله على البحري..

والمسخرة أن نسبة كبيرة من أصحاب بوتيكات الدروس الخصوصية مدرسون في مدارس للبنين أو للبنات صباحاً ، محافظ الصبح ، متحرر بعد الضهر.. هم صاروا جزءاً من التعليم شئنا أم أبينا - في ظل الدلع الرابسوي التاريخي للدروس الخصوصية رغم زعم محاربتها- لكن ماذا عن ولي الأمر؟ هل يقبل على نفسه أن يكون فصامياً هو الآخر؟

من الآخر : اللي عايز يبقى محافظ يبقى محافظ للآخر ، واللي عايز يبقى متحرر يبقى متحرر للآخر..الاتساق مع النفس مفيش أحسن منه.. ولا إيه؟

4 comments:

زمان الوصل said...

قبيل نهاية رمضان استضافت المذيعة "بوسى -إيد عمّك- شلبى" على قناة إيه آر تي ابطال مسلسل حضرة المتّهم ابى .. و سألت نور الشريف سؤالا حول النهاية المأساوية لأبطال عمله وعلاقة هذا بالطبقة الوسطي .. فرد نور لا فض فوه بأن الخطأ فى سلوك الأب كان أنّه أرسل ابنه لمدرسة راقية و نادى محترم فتطلّع الى ما فى يد غيره و لم يرض بنصيبه أو وضعه الاجتماعى

باختصار يعنى ينبغى علي الطبقه الوسطى الاّ يتطلّع افرادها لتحسين مستواهم .. فيظلوا فى مراكز الشباب البيئه او ليذهبوا لمدارس الميت راس فى الفصل .. لنا الله

قلم جاف said...

تعليق في محله ، وإن كنت لأناقش مقصد نور الشريف من العبارة قريباً بإذن الله في تدوينة مستقلة ضمن "فرجة" عن مسلسل "حضرة المتهم أبي"..

وإن كان مقصدي هنا على الفصل على أساس النوع ، وليس "الكانتونات الطبقية".. مدارس فقراء ومدارس أغنياء ونحو ذلك.. فأياً كانت الطبقة تبقى المشكلة والحساسية الأكبر - بالنسبة لمجتمع محافظ أو هكذا يبدو - هي المتعلقة باختلاط الشباب مع الفتيات في تلك المرحلة العمرية..

saso said...

المشكلة تبدا من الاعدادي من ناحية مرحلة نضوج.. وكل ولد وبنت معتقد انه كبر الملفت ان غالبا دارسي المدارس المشتركة اقل تحسسا سواء بالرفض الشديد او الترحيب الشديد بانفتاح اليوم الاول في الجامعة يمكن الاعتياد بيقلل من التخيل الديناصوري ليوم الجامعي الاول

عموما انت عارف ان المجتمع بيتغير بنفس لهاث ونفس قسوة الثمانينات.. حيث لا فواصل لا بين النوعين ولا بين معتنقي الدينين نفس الفصل ونفس الدراسة ماعلينا
يمكن لما يعتادوا وجود النوع الاخر في الفصل.. يبطلوا اهتمام بنفسهم وانتقاء كلماتهم المكشوف وتخشين اصواتهم للاولاد وسرسعة اصواتهم للبنات في الدروس الخصوصية
طبعا ده هيحتاج استحداث انواع جديدة من المناهج ومن اسلوب التدريس تفهمهم ان ده الوضع الطبيعي خارج سور المدرسة هيحتكوا ببعض كده كده في الشغل والجامعة من غير تفكير نوعي .. لكن طبعا ده مش هيحصل لمعرفتك باسلوب النقاش والتدريس عندنا

قلم جاف said...

وجهة نظر لها وجاهتها ..

وأتفق معك على أن المناهج الدراسية غير مؤهلة للتعامل مع هذا التغير المجتمعي ولا مع غيره ، وربما تعتبره "كارثة طبيعية" كما يريد بيروقراط الميديا في مصر أن يوهمونا..وأضيف بأنه لا تزال تعتري العديد من الطبقات في مجتمعنا بمن فيهم أهل الوسط المحافظون الذين منهم كاتب هذه السطور حالة من "الذهول" ستستمر معنا لفترة طويلة من أن المجتمع صار مفتوحاً على البحري بهذا الشكل ، ولم يعد كالمدرج الذي أصر أحد أساتذتي في سنة من السنوات في الجامعة أن يبقى نصفه الأمامي للطالبات والخلفي للطلبة! وطالما أن حالة الذهول تلك مستمرة ، فإن إعداد الطلبة والطالبات المراهقين لذلك الواقع بشكل صحيح سيستغرق بعض الوقت..