أولى الملاحظات التي خرجت بها من مشاهدتي لمسلسل حضرة المتهم أبي أن المسلسل دارت أحداثه في مدرسة ثانوي مشتركة..
بالمناسبة .. لا شك أن مصر كلها منقسمة على ضرورة الاختلاط من عدمه في المرحلة الثانوية بالذات دوناً عن بقية المراحل .. انقسام له ما يبرره بحكم تركيبتنا المحافظة - وليس عيباً أن تكون محافظاً - لكن أنتهز هذه الفرصة لنفكر ، مع من لهم تحفظاتهم على الاختلاط بين الجنسين في هذه المرحلة السنية بصوت عال..
لا أنكر أن المدارس المنفصلة (مدارس البنات ومدارس البنين) - على سوء إدارتها وإهمالها وتفرغ مدرسيها لـ"ما هو أهم"- كانت توفر هامشاً مؤقتاً من الطمأنينة لأولياء الأمور .. على أساس أن الطالب سيذهب من البيت إلى المدرسة وبالعكس .. لكن اليوم ليس كله المدرسة.. هناك الدروس الخصوصية أيضاً ، وما هو ممنوع في المدرسة مسموح في الدروس الخصوصية..
صحيح وقت أن تاب الله علي من الثانوية السامة منذ أحد عشر عاماً كانت الدروس الخصوصية "محافظة".. وكان الشباب قبل الفتيات يحرصون على الجلوس بشكل منفصل عن الفتيات إن اضطروا للدخول معهم في نفس المجموعة .. لكن الوضع الآن لم يعد كذلك .. هل لأن الدروس صارت "مفتوحة" أم المجتمع كله؟
عايزين رأيي : الاتنين!
معايير المجتمع بالكامل تغيرت ، فبعد أن كانت النظرة دونية للغاية لأي شاب تسول له نفسه أن يطلب من زميلته في الدرس أي شيء يذكر(مفيش أحسن من قعدة الرجالة) .. أما الآن فأصبحت كلمة انطوائي وفي حاله أقرب إلى الشتيمة ، .. وينظر لصاحبها على أنه عقد ومكلكع وغير قادر على التواصل مع مجتمعه!
ربما لا يرى البعض في ذلك ضرراً ، بعد عام واحد من الصف الثالث الثانوي سيجد الجميع نفسه دون حواجز في قلب الجامعة.. وربما يقلق البعض الآخر من ذلك .. ولو .. حتى لو انفتح المجتمع كله على البحري..
والمسخرة أن نسبة كبيرة من أصحاب بوتيكات الدروس الخصوصية مدرسون في مدارس للبنين أو للبنات صباحاً ، محافظ الصبح ، متحرر بعد الضهر.. هم صاروا جزءاً من التعليم شئنا أم أبينا - في ظل الدلع الرابسوي التاريخي للدروس الخصوصية رغم زعم محاربتها- لكن ماذا عن ولي الأمر؟ هل يقبل على نفسه أن يكون فصامياً هو الآخر؟
من الآخر : اللي عايز يبقى محافظ يبقى محافظ للآخر ، واللي عايز يبقى متحرر يبقى متحرر للآخر..الاتساق مع النفس مفيش أحسن منه.. ولا إيه؟