"تطوير التعليم" يجب أن يحمل لمسة مسرحية ، مثلما كان التمثيل في السينما في العقدين الأولين من تاريخها في مصر.. ويبدو أنه لا وسط لدى الفكر الرابسوماتيكي تجاه هذه المسألة التي يؤدونها كواجب منزلي سخيف.. فإما أن يتم تمرير التشريعات والقواعد التعليمية بليل فيفيق عليها الشعب المصري كله في صباح اليوم التالي، أو أن يتم نصب "فرح العمدة" باسم المشاركة المجتمعية.. المشاركة في الفرجة طبعاً.. إذ أنه يجب أن نتفرج ، وبإعجاب على المسرحية الحضارية الذي تقوم بها الوزارة الرابسوماتيكية بالتعاون مع صبية الحزبوطني.. وزغرطي يا اللي ما انتيش غرمانة..
دعوكم من مسألة التركيز الشديد على عملية "تطوير" الثانوية السامة ، فلا أظن أن أي أحد منهم على استعداد بالاقتناع بأن التطوير يبدأ من تحت ، وأنه يجب أن يكون تطويراً بحق وحقيق(مش شيل سنة وحط شهرين مكانها).. وليس تمجيداً في خطوات ضعيفة وشكلانية كما هي العادة في ظل ثقافة الفشل والخذلان.. لكن دعونا نتحدث عن "نكتة" الأبحاث التي سيطلبها المطورون من الطلاب فيما بعد ، بما أن المجموع لم يعد - أخيراً- المعيار الوحيد لدخول الكلية.. الأمر البديهي الذي تنازلوا أخيراً وقبلوه بعد مراجعات فكرية إجبارية..(وعقبال ما نحضر دفنة مكتب التنسيق.. قولوا يا رب)..
يبدو أن هؤلاء الضعاف بيروقراطياً وفكرياً انضموا إلى حزب "لماذا تنسى حين تلقاني نصف الكلام".. بمعنى أنك إذا سألتهم عن الكيفية التي سيجري بها الطلبة تلك الأبحاث اللازمة لعبورهم إلى الكلية -خاصةً في غياب الكتب والمكتبات وشعار "لا صوت يعلو فوق صوت الكتاب المدرسي" فلن تجد إجابة.. وهذا السؤال "سهل" بالنسبة لأسئلة أخرى أكثر "غلاسة" من عينة:
1-هل علمتم الطلاب في مراحل سنية سابقة كيفية عمل بحث بشكل جاد، أعني : ألا يكون كوبي وبيست من النت؟
2-هل علمتم الطلاب في مراحل سنية سابقة مهارة البحث؟ أن يقوم به الطلب بـ"شغف" و بـ"اهتمام" و بـ"جدية"؟ أم أن الأمر سيتحول إلى مجرد نشاط روتيني سمج يجبر عليه الطالب ابتغاء وجه الدرجة وتحسين المجموع (وما أسهل التحايل على أمور كهذه)؟
بفضل هذه العشوائية في التخطيط ستضاف سبوبة الأبحاث في التعليم قبل الجامعي إلى طائفة كبيرة من "السبوبات" التي يعج بها سلوكنا.. اعمل بحث تاكل ملبن.. وتحت ستار التطوير أضفت خصلة سوداء أخرى إلى جانب خصال سوداء كثر زرعها التعليم في أجيال من المصريين..
الناس "قرفت" من أفراح العمدة التي يتم نصبها بهذه الطريقة كما لو كان العمدة هو "الحاج متولي".. ولن يثقوا بالرابسوماتيك إلا إذا تمردوا على رابسوماتيكيتهم.. إذا قل كلامهم وقرروا التوقف عن ترديد الرطانة المترجمة بركاكة عن الثقافة الأمريكية ، إذا ما أحس الشارع بأنهم يريدون التحرك للأمام وليس الجري في المكان..
كل مؤتمر ثانوية عامة ونحن طيبون.. وخلوا العمدة يتبسط..