من القواسم المشتركة التي تجمع الفيلم الرديء ،والمسرحية الرديئة ، والمسلسل الرديء هو ارتكان كل ما سبق للنص فقط.. كلام كلام كلام وبس ، لا تفاصيل ولا حركات ولا أي شيء.. مجرد كلام يصمه الممثلون وهم واقفون من وضع الثبات أمام الكاميرا أو على خشبة المسرح على طريقة "آه آه.. 51 51"!
على العكس .. نجد في الأعمال الفنية الجيدة أن النص المكتوب يشكل نسبة محدودة من السيناريو ، ونسبة التفاصيل والحركات أعلى ، ثم يضيف إليها المخرج بعد ذلك أشياء لم تكن موجودة في النص الأصلي من باب رؤيته لطريقة تنفيذ السيناريو..
لهذا يبدو القول بأن التعليم في مصر مسرحية رديئة ذا وجاهة..فـ"سي الكتاب" هو النص ولا نص غيره.. وأنه يجب على الممثلين - الطلبة يعني- حفظ أدوارهم بالحرف الواحد لـ"بَعّها" جملةً واحدة في ورقة الامتحان وكان الله بالسر عليماً.. ثم نسأل بعضنا البعض في سنتحة منقطعة الشبيه : هوة احنا اتعلمنا إيه؟
يلقي الرابسوهات وبهاليلهم ومناديبهم في الصحف بكل اللوم على الأهالي "التقليديين" الذين يريدون فقط المجموع والكلية ولا يهم أي شيء آخر، كلام هو حق يراد به باطل.. فإذا كان الأهالي تقليديين ،فماذا عن الرابسوماتيك مبعوثي العناية الإلهية لتنوير المجتمع "التقليدي"؟ ماذا فعلوا لانتشالنا مما نحن فيه؟ ولا حاجة..
إبان عهد "إياه" استيقظ المصريون على الكتاب المدرسي وقد "تكلبظ" بقدرة قادر.. الحل العبقري كان في حشو الكتاب بكل ما يعتقد أصحابه أنه مهارات تلزم الطالب أو التلميذ .. بل وصلت الصياعة والانتهازية بالبعض باقتراح بعض المواضيع كمقررات دراسية من أجل زيادة الوعي لا أكثر! يعني بالبلدي الفصيح الأهالي تقليديين علشان بيعتمدوا على الكتاب وعلشان نخلصهم من الموضوع دة نحطلهم الحاجة اللي احنا عايزينها في الكتاب.. يا حلاوة المولد!
والنتيجة : حفظ الكتاب ، صم الكتاب ، الامتحان في الكتاب ، كي لا يقول أحد أن الامتحان من خارج الكتاب ، وإلا عد ذلك خروجاً على النص!
ليس من المقبول عقلاً أصلاً أن تكون كل علاقتي كطالب بالتعليم المصري هي مجرد كتاب ومجرد امتحان يتم فيه اجترار الكتاب.. من الممكن أن أتعلم داخل المدرسة أموراً ليست موجودة في أي كتاب ولن أدخل بسببها امتحاناً.. أتعلم أموراً قد تفيدني في حياتي العملية فيما بعد دون أن أقوم بتسميعها..بل يمكن القول بأن الكثير من كلام الكتب يشبه كلام الليل المطلي بزبد منتهي الصلاحية بينما من الممكن لتلك الأمور أن تستقر.. أمور كان يحكي لنا آباؤنا وأجدادنا عنها ويبدو أن زمن تعليمها لنا قد ولى ..كما ولت أزمنتهم تماماً..
الفرق رهيب بين ما ندرسه .. وما نتعلمه.. فقط أطلب من كل من "أنهى المدة" في "أوبرج" التعليم أن يتذكر بينه وبين نفسه أشياءاً تعلمها.. لا أشياءاً درسها.. عذراً للإطالة..
No comments:
Post a Comment