مائة عام تمر على إنشاء جامعة القاهرة .. وعلى هامش هذه الاحتفالية يحلو للعديد من قادتها التذكير بأنها -تحت إدارتهم طبعاً- على "أعلى مستوى" .. بدليل أنها ضمن أفضل خمسمائة جامعة على مستوى العالم .. والتصريح لرئيس الجامعة كما نشر بعدة وسائل إعلام..
وعبارة "أعلى مستوى" صارت تصيبني بالقرف ، فهي تطلق في كل قطاع تحدث فيه كارثة ، وصارت تستخدم اعتباطاً من قبل الفشلة والفاسدين واللصوص لإظهار أنفسهم بمظهر البطولة الزائفة .. ولم يعد يصدقها "عمياني" إلا السذج.. وعادة ترتبط بإكليشيهات مجاذيب الحسين من عينة "مصر مستهدفة" و "اتقوا الله في مصر"و "أيدي خبيثة" و...و....
سواء قالها مسئولو الجامعة صراحةً أو ضمناً ، المشكلة أعمق من ذلك .. فناهيك عن أن هذه الشهادة لأعرق الجامعات المصرية في العصر الحديث "فشنك"..لماذا يصر هؤلاء على استجداء أي شهادة من الخارج للتأكيد على جودة الخدمة الجامعية من عدمها؟
ربما لتذكيرنا أن الجامعة "على أعلى مستوى" .. وان احنا "اللي مبنعرفش نتعلم".. قد يكون النصف الأخير من العبارة صحيحاً بسبب معتقدات مجتمعية وجدت من يستفيد من إثرائها في الشارع وحتى في دوائر صنع القرار .. لكن من الصعب جداً في نفس الوقت أن أقتنع بنصف العبارة الأول..أبناء جامعة القاهرة يستطيعون توضيح تلك الجزئية بشكل أفضل مني بحكم كوني -حيالله- خريج لجامعة إقليمية تتبع الجامعة المصون!
يا فرحتي بجامعة تحتل ترتيباً متقدماً ضمن أحسن عشر جامعات في العالم (لو فرضنا) .. بينما تخرج إلى سوق العمل - كمثيلاتها في هذا البلد المسكين- آلافاً يضافون إلى طوابير العاطلين بسبب سوء التعليم والتأهيل والانشغال بانتخابات اتحاد الطلبة وانتخابات اتحاد الكرة وتسييس التعليم الجامعي وحزبوطنته..وتعيش في عزلة عن المجتمع المحيط لا تتناسب مع حجم النفقات التي تنفق عليها .. لا وإيه .. حالها يعتبر أفضل نسبياً من حال جامعات الأقاليم البعيدة عن عين الحكومة وعين العفريت حتى..
جلد الذات مرفوض ، وخداع الرأي العام مرفوض أيضاً وبشكل أشد.. وننتظر من هؤلاء ومن غيرهم فعل شيء يحرك المياه الراكدة ويجعل الناس تثق فيهم وفي تصريحاتهم قبل انتظار شهادة من هنا أو من هناك.. دمتم بألف خير..