سيضيق البعض ، إن لم يكن الأغلب ، ذرعاً بالسطور القادمة ، فالتفكير ومحاولة الفهم والبحث عن حلول كلها أمور توشك أن تتحول في الوقت الحالي إلى جرائم ، وأصبح التجرؤ على سؤال أي فصيل سياسي عن "دماغه" وتصوره لمصر تعليماً واقتصاداً وسياسة سفالة وقلة أدب ، فالثورة من وجهة نظر فصائل كثيرة منها الحزبي ومنها الشارعي ومنها الثوري ومنها غير الثوري قامت ليصل س أو ص أو ع إلى السلطة ، شخصاً أو حزباً أو حركة ، وعليه فيجب أن تتوقف عقولنا عن التفكير بما أننا الأدبسيس الخرسيس الهمج الرعاع الذين لا قيمة لهم إلا سيراً في مظاهرة أو وقوفاً في اعتصام أو حتى تصويتاً في انتخاب.. وأن نترك مهمة التفكير للأصفياء الأخيار الذين حملوا عنا عبء التفكير كما لو كنا لسنا شركاء في هذا البلد ، وهم يختارون لنا من يروه الأصلح وذا الرؤية الثاقبة للرصاص وصاحب المعجزات والكرامات والقدرات الخارقة..
سأكتفي بتوجيه عدة أسئلة إلى كل فصيل وحركة وحزب في مصر ، فيما يخص منطقة التعليم فقط ، وأعتقد أن هذا من حقي ، ومن حقي أيضاً أن أحصل على إجابة كمواطن مصري مستقل غير ذي انتماء ، ولا يشرفني أن أنتمي إلى أي اتجاه يحجر على حقي في التفكير والفهم أيا كان وأيا كان ما يتمسح به والشرعية التي يدعيها..
0-كيف ترون التعليم عموماً؟ بعين الناشط أم بعين السياسي أم بعين رجل الاقتصاد أم بعين رجل الشارع؟ ما هو ترتيبه الحقيقي في سلم أولوياتكم؟
هل الهدف من التعليم إنتاج مواطن حر مستقل مستنير قادر على اتخاذ قراره بحرية؟
هل الهدف إنتاج قوى عاملة تستطيع الاعتماد على نفسها ويستطيع القطاع الخاص الاعتماد عليها ، أم تكرار الاسطوانة الهابطة التي اعتدنا على حفظها عن "رخص تكلفة العامل المصري" (نتيجة قلة تعليمه وسوء إعداده) وبالتالي يتم إهمال التعليم في مصر من أجل الحصول على قوى عاملة رخيصة و"زي الرز" لا تطالب بحقوق ولا تتعلم وتربطها في المكان الذي يريده لها صاحبها ، بينما يتم استيراد العمالة الماهرة المدربة من الخارج لكي تشرف عليها"؟ هل ستحدد نوعية النشاط الاقتصادي الذي ستفرضونه علينا بشكل كبير شكل التعليم في الفترة القادمة (زراعة – صناعة – اقتصاد مختلط – سياحة وخدمات وعقارات ...الخ)؟ هل ستنجحون في فرض القوى العاملة المصرية بعد إعدادها وتطويرها على المستثمر الأجنبي كي تعمل في مصر (بما إن المستثمر الهندي مثلا حيجيب معاه عمال هنود ودي حصلت بالمناسبة) أم سيحصل الأجانب على كل الكعكة ويفقد الناس ثقتهم من جديد في التعليم الذي يؤدي بهم إلى الشارع؟
أي الأشياء ستكون أهم لديكم : القيم أم المهارات ؟ البعد السياسي أم الاجتماعي أم التقني في التعليم؟ كيف ستحققون التوازن المطلوب إن كنتم تتحدثون عن توازن؟
هل ستعملون على وصول ميزانيات التعليم إلى التعليم ، أم إلى العاملين على التعليم ليصبح كما البحث العلمي الآن؟
1-بالنسبة لمجانية التعليم ، هل ترون ضرورة استمرارها ، أم ترشيدها ، أم إلغائها؟ أي سيناريو ترونه لمجانية التعليم بمعنى أصح : السيناريو الأربعيني الذي يقرن المجانية بالجدارة ، يصبح الاجتهاد الدراسي ثمناً لمجانية التعليم ، أم التصور الناصري الذي يعتبر مجانية التعليم حقاً للجميع؟ ما الذي ترونه الأصلح في ظل ظروف المجتمع الحالي وتوزيع الدخل بين أفراده وقدرتهم على "توليد الدخل" إن صح التعبير؟
2-هل ترون ضرورة "تقليد" – نجيب م الآخر – نماذج تعليمية في دول أخرى سبقتنا في هذا المجال بنظام الكوبي والبيست ، أم يجب أن يكون لنا نموذجنا الخاص في ظل 1)توزيع سكاني وجغرافي خاص ، 2)كثافة سكانية عالية يمكن أن تكون عوناً للتنمية لا معوقاً لها إن أحسن استغلالها تتوزع على مساحة صغيرة نسبياً من الأرض ، 3)تشكيلة الأنشطة الاقتصادية في المجتمع وتوزيعها ووزنها النسبي (ما بين زراعة وصناعة وخدمات وأنشطة إنتاجية أخرى كالصيد والرعي في مناطق معينة) باعتبار أنه من أهداف التعليم أن يحصل المواطن على عمل يكفل له حياة كريمة؟
وما هو دور "الغير" في التعليم كما ترونه؟ اعتماد دائم على الـ know-how المستورد أم تربية كوادر تتعلم في الخارج وتستفيد من خبرته لتطبقها في مصر ويصبح لها تلامذة يستطيع معها هذا البلد الاعتماد على نفسه دون تبعية سياسية أو ثقافية لأي بلد مهما كان تقدمه السياسي والاقتصادي؟
3-كيف ستطورون تعليم اللغات في مصر بما يتناسب مع أهميتها في التواصل مع علوم ومعارف وثقافة الآخر؟ كيف ستنتشلونه من الهوة السحيقة التي لطالما بح صوتنا وصوت غيرنا في الشكوى منها؟
4-كيف ستتعاملون مع الثانوية العامة كشهادة وكامتحان وكتقييم لما حصله الطالب من مهارات على مدى ما سبقها من سنوات ، وبوصفها محدداً مبدئياً لكمية من يدخل إلى سوق العمل وفي أي اتجاه؟ هل لديك تصور لحل عادل يوزع الطلبة على مساراتهم بعيداً عن مكتب التنسيق الذي كان وبالاً على مصر بكل ما تحمل الكلمة من معنى؟
5-هل ستبقون على امتيازات الأستاذ الجامعي الذي تحول على مدى سنوات لأداة استبداد وقهر واستغلال للنفوذ على نحو يعيد للذاكرة فكرة دكتور الجامعة المورث المستغل لسلطانه ونفوذه على الطلاب سواء طلبة السنوات الأربع أو الخمس أو طلبة تمهيدي الماجستير والدكتوراه؟
6-كيف ستغيرون من طريقة الحصول على الدرجات العلمية من عمل نظري صرف إلى خبرات وتجارب عملية كما يحدث في دول متقدمة وغير متقدمة سبقتنا؟
7-ما هو وضع التدريب في سياسات التعليم عندكم؟ هل ترونه كما أراه عن نفسي ضرورة وطنية وأمن قومي ، أم "فنظزية" ورفاهية؟ هل يكون من اختصاص الدولة تمويلاً وإدارة ، أم سيصبح الأمر نظام مقاولات كما كان في النظام السابق ، أسيبك للقطاع الخاص وانت حر معاه تصطفلوا زي ما انتو عايزين أو تتحرقوا بجاز مش نضيف؟
8-كيف ستطورون من التعليم الفني في مصر؟ وكيف ستغيرون من صورته وسمعته لدى الشارع المصري؟
هذه كانت بعض الأسئلة ، حقي ، وحق أي مواطن خارج المشهد ، ومن حقي ومن حق أي مواطن أن يجد إجابات صريحة وواضحة عن تلك الأسئلة ، كلها أو بعضها ، مش ح أكون طماع ، قد يسمعها "المعنيون" بها مني بهذه الطريقة ، وقد تسمعوا ما هو أقوى منها من مواطن بسيط أقل مني تعليماً وخبرة ، حقي وحقه وحقك إجابة ، إن أجاب الساسة والحركيون والائتلافيون والأحزاب والقوى السياسية أياً كان شكلها ولونها عن تلك الأسئلة بوضوح أهلاً وسهلاً ، إن أخذوني وأخذوك على قدر عقولنا أيضاً أهلاً وسهلاً..وساعتها سيكون لكل حادث حديث ، لن يعجبهم ..زمن "لما تبقى تكبر أبقى أقول لك" انتهى إلى غير رجعة ، وليست هذه الطريقة التي يتم بها التعامل مع عامة الناس الذين يريدون أن يفهموا ويعرفوا إلى أين ستتجه بلادهم ، فهذه البلاد لهم فيها نصيب وحصة ، مثلهم مثل من يتحدث و"يناضل" باسمهم..