رحل رابسو .. وجاء آخر..
لكن ربما في الطريقة التي جاء بها الوجه الجديد بارقة أمل ، محاولة لإصلاح الماكينة من الداخل ، أخفقت أو نجحت ليس ذلك الموضوع ، فعلينا أن نحمد العلي القدير على أن هناك من فطن أخيراً لأن العطب الحقيقي يكمن في قلب الماكينة ، وليس فيما يُدْخَل إليها أو يخرج منها.. احنا كنا فين يا شيخ!
حتى "يسري الجمل" .. كان وزير التعليم أشبه بالوالي "العثماللي" .. شخص ظريف لطيف يأتي إلى مصر بفرمان من الباب العالي ، ليقضي وقتاً ما يعلم بيه إلا ربنا مع المماليك .. ومشكلة المماليك أنهم أقدم في مصر ، ويعرفون عنها الشاردة والواردة ، بعكس الحبظلم الذي لا يعرف سوى "حظرتنا" و "أفانظيم" وغيرها من إكليشيهات الأتراك في الدراما المصرية.. وبالتالي بدأ الأمر بـ"عمل شغل" مع الباشا التركي طوال فترة إقامته في المحروسة ، وانتهى إلى "عمل شوربة" على الباشا التركي حتى وصل الأمر إلى إزاحته تماماً كما فعل ذات يوم "علي بك الكبير"..
حتى "يسري الجمل" ، بل في عهد الرجل ، لم يكن الوزير سوى "باشا".. "باشا" مصري وليس تركياً ، مع الإسقاط الذي لازم العبارة بعد غياب شمس الألقاب ، يجلس "زي الباشا" ، ويتكلم "زي الباشا" ، لا يفعل شيئاً يذكر ، سوى تصريحات هنا وهناك ، وحديث عن "تجربة الإسكندرية" التي أقحمها في موقع الوزارة ، وأصبحت شيئاً شبيهاً بنياشين "أحمد مظهر" في "الأيدي الناعمة".. مع الفرق أن الأمير وصل به الأمر إلى بيع نياشينه بشكل مباشر لكي يتعيش منها قبيل نهاية الفيلم.. أما مماليك الوزارة فكانوا يفعلون كل شيء .. بل وصل فرق القوة بين المماليك والباشا إلى درجة تقترب من ذلك الذي كان بين "علي بك الكبير" والباشا التركي الذي نسي التاريخ اسمه..فذاكرة التاريخ تحتفظ فقط بأسماء الأسود .. ولم نسمع أن خلد التاريخ يوماً أرنوباً إلا الأرنب الصغير المرافق لـ"أليس" في رائعة "لويس كارول"!
هناك الكثير من التحفظات على شخص الوزير القادم والذي أتى من عالم الجامعات كسابقيه ، رئيساً هذه المرة ، ومثل تلك التحفظات ما أثارته جريدة "الدستور" قبل كتابة هذه التدوينة بيوم.. ومنها تاريخه في قمع المظاهرات والتصدي للاعتصامات و..و .. و ... الخ.. لكن ربما كانت نظرة من اختاروه ببساطة الحاجة إلى أي شخص "قوي" يخبر المماليك في الوزارة بأن كوكو الضعيف قد مات .. وسيأتي مكانه شخص آخر .. مخيف .. عنيف.. يا لطيف.. يعيد ميزان القوى إلى نصابه الذي كان عليه في يوم لم نره وربما لم يره آباؤنا من قبل..
هل سينجح الرجل الجديد فيما فشل فيه سابقوه ويحاول تطوير التعليم في مصر بحق وحقيق؟ أم أن الهدف في هذه المرحلة هو إسقاط نظرية "كوكو الضعيف" ، حتى يأتي بعد الرجل الجديد وزير يطور التعليم .. "على نضيف"؟..
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً .. ويأتيك بالأنباء ما لم تزود.. والله أعلى وأعلم..