عدنا بعد توقف..
ما يحدث حول بدء الدراسة هذا العام يسيء للتهريج ، إن وصف بأنه تهريج..
1-فالإصرار الرابسوماتيكي في رأيي على تحويل مسألة بدء الدراسة ، ومن قبله مكتب التنسيق ، على ثابت من الثوابت القومية الوطنية التي لا يجوز المساس بها أضحى لغزاً يستعصي على الحل ، حتى والبلد مقبل على مشكلة كبيرة بسبب أنفلونزا الخنازير ، كأن الرجل يقول للمسئولين الحكوميين "اعملوا أي حاجة بس ابعدوا عن بدء الدراسة.. كله إلا بدء الدراسة"..
2-ويبدو أن أحداً من موظفي الوزارة وحكامها الحقيقيين لم يخبره أن الدراسة لا تبدأ إذ أراد لها الوزير ، فإلى الآن لا تزال الكتب المدرسية لا تصل إلى المدارس في الوقت المحدد ، ولا يكون عدد من المدرسين قد عادوا من إجازاتهم.. هذا لمن لم يتفرغ منهم لمعركة الكادر المقدسة والتي تطير من دونها الرقاب..
3-الحقيقة السابقة لم تصل بعد إلى الصحافة "المحترمة" التي قررت المزايدة على قرار التأجيل بدورها ، مستعينةً بمن يتم تسميتهم بـ"الخبراء".. الذين يؤكدون أن العملية التعليمية ستنهار إن لم تبدأ الدراسة في الموعد المحدد رابسوماتيكياً ، دون التساؤل عن كيفية جعل الدراسة تبدأ في الوقت المحدد سواء في الظروف الطبيعية أو في ظرف استثنائي.. ولا تسألني عن "الخبراء" فجميعنا أصبح منهم والحمد لله ..
4-لكن اثنين منهم ، أحدهم كان مرشحاً للجلوس على الكرسي الرابسوماتيكي ويزعم أنه زهد الترشيح ، وأصبح على دم الصحافة -المحترمة ..مانتو عارفين- زي العسل بعد تصريحات سياسية شبه معارضة -رغم كونه حزبوطني متعصب ، والآخر رئيس لجنة التعليم في المجلس إياه ، خرجا بتصريح يفوق العبارة التاريخية للسيد "عباس فهمي" على قناة "فتافيت" : "لما تيجي القاهرة يبقى لازم تزورها" .. مفاد التصريح أن قرار تأجيل الدراسة جاء دون استشارتهما أو عرض الموضوع عليهما!
ياختشي عليه!
أين كانت آراء هؤلاء في البرامج "الغامضة" وغير الواضحة لتطوير التعليم؟ ولماذا لم نسمع حساً لأحد منهما وقت عرض تلك الأشياء على المجلس؟ ولماذا لم يتطوع أحد منهم لتقديم رؤية واضحة للوزارة أو للرأي العام ورجل الشارع العادي لجعل التعليم أفضل؟
5-ثم أين هؤلاء الذين يتشدقون بالتفكير العلمي من واقع المدارس الحالية ، والتي تجعلها ملقفاً على حق لانتشار أي مرض؟ وهل من التفكير العلمي أن أنتظر حدوث كارثة أو خطر محدق داهم كي أبدأ في إعادة النظر للواقع؟ أليس التطوير عملية مستمرة كما يصدعون بها آذاننا؟
بعد زلزال 1992 بدأ مسلسل بناء أكبر عدد ممكن من المدارس ، وكأي مسلسل رمضاني ناقص الحبكة لم يتطرق صناعه إلى تدارك أخطاء تخص مواقع تلك المدارس ، ومساحاتها ، ومنافذ الدخول والخروج ، وأماكن التهوية ، ونضع تحت الأخيرة ألف خط خاصةً فيما يتعلق بأنفلونزا الخنازير ، ولا في جعل المدرسة مكاناً صحياً لا تزرع حول سورها الملطخ بعبارة "مدرستي نظيفة منتجة حلوة مش عارف إيه" أكوام القمامة.. أين كان الخبير الأول والثاني وكلاهما - للأسف - طبيب من كل ما كان يحدث؟
تماماً كالطالب البليد ، الرابسوماتيك وخبراؤهم والصحافة "المحترمة" .. حيث المذاكرة في الأسبوع الأخير قبل الامتحان ، وحيث الرعب الذي ينقل إلى رجل الشارع العادي الذي لا يريد إلا أن يتعلم أبناؤه في بيئة صحية..هم يموت من الضحك..