لا زال التعليم خارج نطاق الخدمة لدى أرزقية السياسة والصحافة والإعلام بشكل عام ، ولا زال الكلام عنه إلى الآن فض مجالس .. ويدخل في نطاق الظاهرة الجديدة : الكلام "حول" الموضوع ، وليس "في" الموضوع..لا تقييم ولا تقويم ولا مناقشة ولا استفهام .. وصارت بعض السياسات والنظم والمفاهيم بقوة الاستمرار تابوهات لا يجوز الاقتراب منها ولا السؤال عنها .. فلخلخة الهرم الأكبر أسهل بكثير من الكلام عن مكتب التنسيق.. على سبيل المثال..
ولا زال التعليم لدينا شكل بلا مضمون ، حفظ مقررات و"تعبئة ليلة"، وكتب تنوء بحملها العصبة أولو القوة .. وأنشطة يتم تفريغها من مضمونها .. ينتج متعصبين ومتشنجين كثر بعقليات ترفض أن تتعلم وفي الوقت نفسه تبقى عقولهم "سافنجاية" تمتص بلا تفكير لتتحول إما إلى "عادي بيه العادي".. أو إلى طوبة في يد حزب ما ، أو جماعة ما ، أو مذهب ما .. والكثير من عيوب التفكير لدينا - ولا أستثني نفسي - ترجع في كثير إلى التعليم وطرقه وأساليبه..
ولا زال الرابسوماتيك مسليين و"لذاذ".. يدعوننا إلى المشاركة المجتمعية في صياغة السياسات التعليمية كما لو كانت عزومة مراكبية على كرسي دخان .. ويأمروننا بكثير من البر وينسون أنفسهم..لا يعترفون بخطأ ارتكبوه .. ولا يتحركون لتصحيحه إلا فيما ندر .. يختصرون الأمور لأبسط صورة على طريقة "ربح الزبون"- مع الاعتذار لزميلنا العزيز "ابن عبد العزيز" صاحب مدونة "العدالة للجميع"- سيربح المعلمون بالكادر ، وسيربح أولياء الأمور بالغش والمجاميع العالية ، وسيربح الرابسوماتيك بالهلولة والشو الإعلامي.. أما من سيربح الصابونة في النهاية فيعرف نفسه جيداً!
ولا زال المدرسون مشغولين بلعبة الكادر الخاص ، التي تحولت إلى النسخة المصرية من ألعاب Gladiatus و Ikariam.. بل إني أشك أنها صارت أعقد من اللعبتين المذكورتين (فلا يوجد امتحان للعبة Gladiatus)، حتى وإن كان المعنى "النفسي" للكادر ، ولكلمة "خاص" المضاف إلى كلمة "كادر" أهم بكثير من مبلغ الكادر..صاروا نسخة من طلابهم الذين ينتقدونهم بحجة التفرغ للعب على حساب المذاكرة .. إلا قليل القليل..
ولا زلنا نحن ندور في الحلقة المفرغة ، نؤمن بأشياء ونفعل عكسها ، خاصةً في أمور التعليم ، والكليات ، والتنسيق ، والمؤهل ، ونظرتنا المجتمعية لتخصصات بعينها ، وكليات بعينها ، ووظائف بعينها.. الكلية والبرستيج ثم المجموع وتأتي الأمور التافهة الأخرى بعد ما سبق في الترتيب ، إن وجدت لها ترتيباً..
لا زلنا كمعضلة السجين ، "بنتعازم" على صناع السياسات ، وصناع السياسات "يتعازمون" علينا..
إن لم يكن هؤلاء الجالسون في مكاتبهم على استعداد للتحرك في سياساتهم وأفكارهم ، لنكن نحن الكبار ، لنكن من يفكر ويغير نظرته.. وإن حدث .. فسيكون هذا هو المكسب الحقيقي لهذه المدونة ، ولكل الزملاء الذين لهم مدونات مستقلة تهتم بالتعليم على اختلاف مشاربهم ، أو من يكتبون عن التعليم في تدوينات داخل مدوناتهم..