Friday, August 01, 2008

الحصان لازم يموت

من المكونات المؤسسة لـ"هويتنا الثقافية" هي فكرة أن نضع العربة أمام الحصان ، والتي تطورت في ظل الثقافة البيروقراطية-السياسية لدينا خاصةً في مملكة رابسو إلى وضع العربة فوق الحصان من أجل تحقيق النتائج المطلوبة.. دة إن عرف الحصان يقوم من تحت العربية.. ربنا يدينا ويديكم ويديله طولة العمر..

فمنذ عشرين عاماً استقر العقل الرابسوماتيكي على "التعليم الأساسي" دون النظر للظروف الاقتصادية السيئة التي كانت تعيشها مصر في الثمانينيات والتي كانت تمنع من توفير ميزانية "آدمية" للتعليم تجعل من "التعليم الأساسي" "يجيب نتيجة" مش بنزين 80 ، ودون الاهتمام بتدريب وتكوين معلمين قادرين على تنفيذ النظام كما ينبغي ..والنتيجة معروفة..

وعندما فكروا فيما بعد في تطوير الثانوية العامة دمجوا الكتب دون النظر لـ"الحمل" المفروض على التلميذ.. كونترول سي وكونترول في وسلطاتك وعيش وحيدخل الواد كليات "الكمة" وحيدعيلك.. وعندما فكروا في صياغة معايير للجودة نسوا ما علمونا إياه أن أي معايير يجب أن تصاغ بلغة مفهومة وواضحة ..

وقد تفتق ذهنهم مؤخراً عن "أتمتة" النظام الثانوي وما بعد الثانوي .. أي أنه يتم التقدم للامتحان على إنترنت ، والحصول على النتيجة على إنترنت ، والتقديم لتنسيق القبول وملء الاستمارات على إنترنت.. وكذلك الكادر الخاص للمعلمين وبياناته ونتائجه وامتحاناته.. تكنولوبيا يا معلم!

وقد نسي هؤلاء كعادتهم عدة أشياء تافهة:

1-أولها هو أن المستوى التدريبي لنسبة -أقل ما توصف به أنها "كبيرة"-من العاملين بالحقل التدريسي والعاملين على تجميع البيانات وإدارة المواقع "مريع".. رغم أن وعي المستخدم وتدريب جامعي البيانات والمتعاملين معها من أهم وأخطر ما يمكن لكي تنجح إدارة نظام ما إلكترونياً.. وما اكتشفته عن نفسي أن المشكلة ليست مشكلة كمبيوتر فقط بل مشكلة لغة أيضاً.. في كادر المعلم بالذات عايشت مآسٍ في هذا الصدد سواء على مستوى كتابة البيانات أو إدخالها أو التعامل معها.. وفي السايبرات بح أصوات العاملين فيها في محاولات يائسة لتوضيح مفاهيم مثل "السايت واقع" .. "مش حيقبل بيانات إلا إذا عدلتها من الموقع الرئيسي"..

2-ثانيها هو الرداءة القاتلة في تصميم تلك المواقع.. لا يعقل أن تصمم مواقع يدخل عليها الملايين وتكون بهذه الهشاشة التي تجعل "السايت" "يقع" إذا ما دخل عليه ألف شخص في نفس التوقيت (وهو رقم "حقير" في عالم إدارة المواقع).. لاحظوا شكاوى الناس - ولهم حق- من بطء وتوقف مواقع النتائج والتنسيق بالتحديد..

3-وثالثة الأثافي أنهم نسوا أنه وبرغم الرخص النسبي لأسعار أجهزة الكمبيوتر حالياً ، إلا أن عدد مستخدمي الكمبيوتر في مصر عامة ، وعدد من يستخدمون إنترنت في مصر بشكل خاص ليس بالضخامة التي توجب تعميم نظام إلكتروني ، وأدعياء التطوير - ولله الحمد على الحلو والوحش- يقنعوننا بأنهم يعلمون الجيل الحالي السبيل الأمثل للتعامل مع الشبكة العنكبوتية في حين أن نسبة من طلاب المدارس الحاليين لا تجيد البحث على محرك بحث مثل جوجل أو ياهوو رغم أنهم مطالبون عن طريق "الأبحاث"- تقليعة رابسوماتيكية على طريقة "العربة فوق الحصان"- بالبحث عن معلومات على النت بأنفسهم دون الاستعانة بـ"صديق".. وأن النسبة التي تجيد وتتقن تلك المسألة حصلت على ثقافتها من خارج النظام التعليمي الرابسوماتيكي بأكمله!

تكنولوجيا بلا إعداد ، سياسات بلا استعداد ، وتكاليف تهدر في الفريش إير.. لو كان قتل الحصان ضرورياً كما يرون لضُرِبَ طلقتين "بتلات تعريفة" على طريقة الأفلام القديمة ، لا أن توضع فوقه عربة .. فوقها عربة .. فوقها عربة..تذكروا قصة الدولة الآسيوية التي اشترت أغلى وأعقد مصفاة للنفط في العالم قبل أن تدرب عمالة على استخدامها ، وكانت النتيجة فضيحة.. ولا تسألوا عن التفكير العلمي في وزارة التربية والتعليم .. ويحيا رابسو واحنا والحصان مش مهم.. وسلمولي على "نجلا"!

2 comments:

saso said...

تعبير الحكومة الألكترونية -الله يجازيه اللي ابتكره بقي
مجرش وراه غير تعبير مستحدث تاني " السيستم واقع" بقت جملة مشهورة ف المكاتب الحكومية

كل شهر سيستم البنك بيقع يوم 10 -يوم المعاشات الاشهر- من الساعة 10 الصبح تقريبا والشغل بيبقي يدوي ف الغالب وحاجة تكسف

التنسيق موقعه بيقع كل شوية تروح تطلع شهادة ميلاد ...الخ

لما انتوا مش قد الالكتروني بتستعملوه ليه
ثم احنا ليه محدش بياخد رأينا، لا طلبه ولا مدرسين قبل مايغيروا اي سياسة
النهاردة المدرسين منهم اللي معترض علي امتحانات الكادر الخاص، بغض النظر عن الملحة اللي شايفينها الأوصياء علينا

مش من حقهم يخوفونا بخصم 10 ايام من المرتب، مادام القرار ده اتاخد من غير مناقشة ولا موافقة نقابات فعلية

قلم جاف said...

أتفق معاكي إن الأصل في الأشياء إن الناس لازم يتاخد رأيها في مشروع زي دة .. وإن كنت شايف إن دة لازم يتعمل في حالات كتير باحتراس..

ليه؟

1-أولا: حالة تضارب المصالح..

conflict of interest

خدي رأي سواقين الميكروباظ في قانون للمرور ، حيقولوا احنا بقى عايزين نركن في الحتة اللي احنا عايزينها مش شرط موقف ، ونحط التعريفة اللي احنا عايزينها ، ونكبر الجي على أي كشف يتعمل دوري يتعمل على العربيات ، وياريت كمان تسيبكوا بقى من حكاية فحص الكحوليات والمخدرات و....

دة ممكن يسبب تضارب في المصالح بين السواقين والجمهور لو تم الاسترشاد بيه ، وعليه السواقين حيتبسطوا والجمهور حيغضب .. والعكس بالعكس..

2-حالة النفسنة الرهيبة اللي بتسود وزارة التعليم.. ولنعترف:

وزارة التعليم دايماً بييجي فيها الوزير من برة ، راجل أكاديمي جامعي ما سبقلهوش اشتغل في الوزارة .. أما أقصى طموحات اللي شغالين في الوزارة من سنين السنين هو منصب مساعد أول الوزير لكنه لا يمكن يتولى الوزارة بعكس وزارات أخرى..

وعليه.. رجال التربية والتعليم الأكارم بيشوفوا كل وزير على إنه الوالي العثملِّي اللي جاي من الآستانة علشان يجبي الضرايب ويشغل عليهم الكرباج ، أما الوزير على الناحية التانية فبيشوف نفسه الضابط النوبتشي اللي اتنقل لمكان ما كله "لَبَش" ومليان مراكز قوى وعليه وآخره "يعدي الليلة" مع الناس اللي هناك لحسن يعملوا فيه زي اللي اتعمل مع اللي قبليه!

وضع زي دة ممكن يتسبب في حساسيات لا أول لها من آخر .. وقد يتسبب في شبه حرب صامتة بين الطرفين.. وهو ما وصل إلى ذروته في عهد يسري الجمل.. اللي أصبح فيه في بعض المواقف وكلاء الوزارات أقوى من الوزير..

المدرسين عايزين "كادر" "خاص".. مش كادر بس لأ كمان خاص وبلا مقابل ، والتاني اللي بقى موقفه بشع عايز يشرط الموضوع بتحسين أداء المعلم وضمان مشاركته في "البرنامج" اللي هو حاططه.. وهو ما يعرفش إنه حتى لو اتدفع ضعف الكادر وبلا أدنى مقابل محدش حيساعده في مشاريعه.. مراكز القوى في الوزارة حتقرف أي وزير قوي.. فما بالك لو كان الوزير دة "رابسو" من عينة فتحي سرور ويسري الجمل..

ولو كان يسري الجمل قوي كان اتجه أولاً للتعامل بجدية مع اللي بيعوقوا التغيير- إن كان جاي يعمل تغيير فعلاً مش زي اللي العشرمية اللي قبليه- بدلاً من أن يحنجر ويحنجر ثم يحنجر.. لكن بالطريقة دي انتظري السنة اللي جاية سيرك منصوب ومباراة بين توم وجيري .. الوزير ومراكز القوى في الوزارة.. المباراة اللي محدش حيخسر فيها غيرنا طبعاً .. سواء طفش الوزير أو فضل قاعد على قلبهم لطالون.. والله أعلم..